حكم الاخوان والقاعدة في مارب.. حواجز تفتيش وخطف وتشليح للمسافرين وتوطين للارهاب

تتصاعد وتيرة الانتهاكات التي يمارسها عناصر حزب الإصلاح في محافظة مارب على كافة المستويات يوما بعد آخر، في ظل سيطرته الخانقة على ما تبقى من المديريات غير المحررة، مستندا على القوة العسكرية التي تعمل لصالح دول العدوان في المحافظة وتحت إدارة الحزب، ومعتمدا على الدعاية الكاذبة والفتاوى الباطلة.

الثورة / عبد القادر عثمان

قبل أيام، أفادت مصادر محلية لوسائل الإعلام أن مليشيا الإصلاح (الإخوان اليمن) شنت قصفاً مدفعياً مكثفاً على عدد من القرى السكنية في منطقة وادي عبيدة أسفرت عن سقوط جرحى في صفوف المدنيين.
هذا الهجوم جاء على خلفية الاشتباكات بين مسلحين من قبيلة عبيدة والمليشيا، والتي أسفرت عن سقوط عدد من القتلى والجرحى بينهم القيادي البارز بحزب الإصلاح عبد الواحد دوكر، وبعد إعلان قبائل عبيدة الاحتشاد ورص الصفوف لمواجهة جرائم المليشيات ووقف استهداف القرى والمناطق السكنية بالدبابات والأسلحة الثقيلة.
ليست هذه المرة الأولى التي يمارس فيها عناصر الحزب الانتهاكات بحق أبناء مارب من مدنيين ومسافرين وقبائل، ففي يوليو من العام الماضي أقدمت مليشيات الإصلاح على اقتحام منزل الشيخ محسن سبيعيان ونفذت بحق أسرته جريمة تصفية جماعية، ليلقى بالتهمة على قبيلة عبيدة ومن ثم يتم احتسابها كعملية أمنية ناجحة تستهدف خلية تتبع أنصار الله، ليعقبها عمليات انتهاك بحق السكان في المدينة ومخيمات النازحين بالذريعة ذاتها.
من بين أولئك الشابة صفاء الأمير التي توفيت في يناير الماضي تحت التعذيب في سجن الاستخبارات التابع للجماعة في مدينة مارب، بتهمة انتماء والدها لأنصار الله، حيث تشير مصادر حقوقية إلى أن الشابة صفاء توفيت تحت التعذيب في سجن تديره الاستخبارات بمارب، بعد نحو شهر من اعتقالها بتهم منسوبة لوالدها العميد خالد الأمير.
وفي يناير أيضا، أقدم المرتزقة على بيع ثمان فتيات من المدينة لقيادة العدوان، الأمر الذي تحول إلى قضية رأي عام، لتظهر بعد ذلك وثيقة يطالب فيها المرتزقة من ضباط سعوديين إعادتهن لتخفيف الضغط المجتمعي.
أفعال تتنافى مع القيم الإنسانية والأخلاق الإسلامية والأعراف القبلية، ما كان لها أن تحصل في مارب التاريخ والقبيلة لولا سيطرة الجماعة المتطرفة على المحافظة وقيام مضللوها بتجريف الهوية اليمنية من خلال المنابر والأبواق الإعلامية وفرض القوة والاستناد إلى التنظيم الإرهابي.
بالعودة إلى التاريخ القريب، فقد سيطر الإخوان المسلمين على المحافظة التاريخية في العام 2014، ليحولها إلى وكر للجماعات المتطرفة بما فيها التنظيم الإرهابي، وحين أعلن من أمريكا تحالفا عدوانيا على اليمن في مارس من العام 2015 أعلنت الجماعة التي تسيطر على مارب موقفاً مؤيداً للعدوان وانخرط مقاتلوها كجنود في صف التحالف.
خلال ست سنوات من العدوان عمل الحزب المحسوب على تنظيم الإخوان المسلمين، على نشر أفكاره المتطرفة والإشاعات المغرضة في كل أرجاء المدينة وبقية المناطق التي يسيطر عليها، ما أسهم في تجريف ذلك التاريخ الموروث من القيم والمبادئ والعادات التي تعرف بها مارب، ليتمكن الحزب من فرض سيطرته الفكرية إلى جانب سيطرة مليشياته بقوة السلاح، حتى وصل به الحال إلى تحويل المدينة إلى أكبر معتقل للساكنين والمسافرين وزوار المدينة.
وكانت “الثورة” قد نشرت سلسلة من التحقيقات المستندة إلى الوثائق وشهادات الأسرى المفرج عنهم، تبين أن الجماعة تمارس الاعتقالات بحق المدنيين المسافرين عبر مارب اضطراريا بعد إغلاق تحالف العدوان لمطار صنعاء الدولي، بناء على أسباب عنصرية ومناطقية، كما تقوم باقتيادهم إلى سجون الأسرى ونهب ما بحوزتهم من أموال.
وبحسب ما يرويه معتقلون سابقون لـ “الثورة” فإن نقطة الفلج على مدخل مارب تمثل محطة لاصطياد المسافرين والزج بهم في سجون غير صالحة للاستخدام الآدمي من كافة الجوانب، ومن ثم ممارسة التعذيب بحقهم بشكل متواصل، ما قد يؤدي إلى الوفاة في بعض الأحيان.
تقارير سابقة أشارت إلى انتشار سجون سرية خاصة بالإخوان ولا تتبع داخلية المرتزقة في المحافظة؛ إذ يتمّ الإشراف على تلك السجون من قبل عناصر أمنية في الجهاز السري لجماعة الإخوان أو قيادات قبلية وأمنية نافذة.
وفي وقت سابق ذكرت تقارير إعلامية وحقوقية تعرض صحفيين وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي للخطف والإخفاء أو الملاحقات بتهم كيدية في مارب نتيجة انتقادهم أداء المؤسسات الأمنية في المحافظة أو قيادات تابعة لميليشيات الإصلاح، أو الإشارة إلى قضايا فساد مالي وإداري وسياسي.
وخلال ست سنوات خلقت جماعة الإصلاح صورة قاتمة عن مدينة مارب، فإلى جانب تحويلها المدينة إلى سجن مظلم يعكس التاريخ الأسود للجماعة، أحالتها أيضا إلى معقل رئيسي للتنظيم الإرهابي، الذي يقاتل إلى جانب المرتزقة وقوات الاحتلال ضد الجيش واللجان الشعبية، كما تؤكد ذلك تحقيق سابق للثورة، وبحسب تصريحات التنظيم نفسه.
ويأتي استهداف مارب من خلال التنظيم الإرهابي الممنهج، يسعى من خلاله تحالف العدوان وحزب الإصلاح إلى إيجاد قوة عقائدية وعسكرية تفرض سيطرتها على المحافظة وتمارس الإذلال والتنكيل بقبائل عبيدة اليمنية التي تمتاز بالشيم والمبادئ.
ولعل ما يؤكد ذلك هو الإصرار الكبير من قبل الحزب على تركيع القبيلة الماربية بشتى الطرق، إذ لطالما لجأت المليشيات الإخوانية إلى الترهيب والقتل وإحراق المنازل والمزارع وإحداث الصراعات والعداوات بين المكونات القبلية في مارب من خلال تأليب القبائل ضد بعضها، كما تعمد إلى توزيع قوة القبائل وإشغالها بمحاور قتالية في كافة الجبهات المحيطة بالمدينة، وكذا الزج بأبناء قبائل مارب في محارق وحروب خاسرة، ليس ثمة هدف من خلالها سوى أن يبقى مسيطرا على ثروات مارب التي ينهبها.
لقد عمدت قيادة المليشيات الإصلاحية إلى إضعاف وإخضاع قبائل مارب، من خلال الاستيلاء على أراضٍ شاسعة في المدينة، بعد انتزاعها ونهبها من أبناء المحافظة بالقوة العسكرية والأمنية، ولم تكتف بذلك بل استخدمت الترهيب والتنكيل كأساليب للإخضاع والسيطرة؛ حيث زجت بأعداد كبيرة من أبناء مارب في السجون.
وإضافة إلى ذلك يسعى الإصلاح إلى نهب الثروات النفطية والغازية والموارد المحلية الأخرى، ليجعل من مارب بقرة حلوب لكافة فروعه المنتشرة في مناطق الاحتلال أو المنفى.