55 ألف عنصر أمني و600 نقطة أمنية.. أرقام تكشف حجم الجهود الأمنية التي حققت معجزة الأمن في صنعاء

بأرقام مليونية وتنظيم أمني محكم..أضخم احتفال ديني يتوج بنجاح استثنائي منقطع النظير

تحولت شوارع العاصمة اليمنية صنعاء مساء أمس إلى نسيج بشري متجانس، يموج بمشاعر الفرح والابتهاج، حيث انسابت الحشود البشرية، التي تقدر بالملايين، كالأنهار نحو ساحة الاحتفال الرئيسية في ميدان السبعين، للاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف، على صاحبه وآله أفضل الصلاة وأزكى التسليم، لكن خلف هذا المشهد البهيج، والزخم المليوني العاصف كان هناك مشهد آخر، أكثر تعقيداً وإتقاناً، يشبه بأداء المبهر آلة ضخمة تعمل بدقة متناهية.

الثورة / مصطفى المنتصر

خطة أمنية وتنظيمية هي الأضخم من نوعها، نسجت خيوطها الأجهزة الأمنية على مدى أسابيع، وبلغت ذروتها بتأمين الفعالية دون وقوع أي حادث أمني أو مروري جسيم، في إنجاز لافت سلط الضوء على قدرة تنظيمية استثنائية تمكنت من خلالها الأجهزة الأمنية وتشكيلاتها المختلفة إلى جانب اللجان المنظمة متعددة المهام والاختصاصات من تحقيق إنجاز أمني وتنظيمي اقل ما يمكن وصفه بالمعجزة في ظروف بالغة الحساسية.

 الاستعدادات.. حيث تبدأ المعجزة قبل موعدها

لم تكن الاستعدادات لهذه المناسبة وليدة اللحظة، بل كانت عملاً مؤسسياً منهجياً بدأ قبل أكثر من شهر نسجت بداياته في غرف العمليات المغلقة، اجتمعت القيادات الأمنية من مختلف التشكيلات لوضع اللمسات الأخيرة على «الخريطة الأمنية الشاملة». لم تكن الخطة مجرد نشر عناصر، بل كانت بمثابة «نظام عصبي» رقمي وبشري متكامل يغطي كل شبر من ارض العاصمة صنعاء كما كانت أيضا في كل المحافظات اليمنية الحرة التي شملتها الخطة الأمنية.

واعتمدت الخطة على بيانات تحليلية دقيقة للحشود المتوقعة بناءً على احتفالات السنوات السابقة، مع وضع سيناريوهات للطوارئ لكل احتمال، من

حالات الدهس إلى الاحتياجات الطبية الطارئة بالإضافة إلى تشكيل غرف عمليات فرعية لكل مديرية، ترتبط بغرفة عمليات مركزية، مما سمح باتخاذ قرارات سريعة ومتزامنة في الميدان.

 يوم الحسم .. آلة التنظيم العملاقة تدور بعبقريتها

مع شروق شمس يوم الثاني عشر من ربيع الأول وهو يوم المولد النبوي أي يوم الاختبار الحقيقي الذي ينتظر الأبطال الأشاوس، بدأت «الآلة» بالدوران. بحلول الساعة العاشرة صباحاً، كان 50 ألف عنصر أمني وأفراد وتنظيمي قد انتشروا في مواقعهم المحددة مسبقاً في 520 نقطة، مثل قطع الشطرنج في لوحة عملاقة وبدأ العمل بوتيرة جبارة وتنظيم متقن توج بنجاح منفرد النظير وإنجاز حقيقي يباهى به الأمم.

البداية كانت من الحلقة الخارجية وعلى مداخل العاصمة البعيدة، قامت نقاط التفتيش الثابتة بعملية فلترة أولية للمركبات، مع توجيه الحافلات القادمة من المحافظات مباشرة إلى المواقف المخصصة لها، مما منع اختناق القلب المركزي للمدينة وسهل من انسياب الحركة المرورية بكل دقة وإتقان.

الدائرة الوسطى وفي المحيط القريب للساحة، حيث قامت وحدات المرور بتنفيذ المخطط المروري بدقة متفانية الجهد والتنظيم والأداء، حيث كانت المدينة على موعد مع إغلاق 35 طريقاً فرعياً بشكل متدرج، وتحويل حركة السير إلى طرق بديلة كانت شبه خالية بسبب الخطة المسبقة.

الحلقة الداخلية هي الامتحان الأبرز للفرق الأمنية والتنظيمية وهي التحدي الأكبر للجان المكلفة بإدارة الكثافة البشرية في نقاط الدخول الضيقة. لكن التعاون المذهل من المواطنين جعل المهمة ممكنة. بالإضافة إلى الوعي غير المسبوق، الذي تحلى به ضيوف رسول الله حيث كانوا جزءاً من الخطة الأمنية وليسوا ضدها وهو ما حول دور رجال الأمن من دورهم التقليدي إلى «ميسرين» للحدث وتركز دورهم الأساسي في توجيه الحشود بلطف، ومساعدة كبار السن والأطفال على العبور بكل أريحيه وانسجام، كما تولت اللجان المنظمة الرقابة عن كثب لأي بوادر إعياء أو حالة طارئة.

 دروس تتجاوز الاحتفال

ما حدث من نجاح مبهر للأجهزة الأمنية واللجان التنظيمية للفعالية المركزية بصنعاء يتجاوز كونه مجرد احتفال ناجح، لقد قدمت الأجهزة الأمنية واللجان المنظمة نموذجاً دراسياً حول كيفية إدارة التجمعات البشرية الهائلة في بيئات معقدة كما ان هذا الإنجاز برهان على أن الإرادة التنظيمية والقدرة على التخطيط التفصيلي يمكن أن يحولا حتى التحديات الأمنية الأكثر صعوبة إلى قصص نجاح تروى للأجيال، تاركاً رسالة مفادها أن تحقيق المستحيل ولاسيما عندما يتحول المواطن من متلق للأوامر إلى شريك فعال في صناعة الأمن والاستقرار.

 

 

 

قد يعجبك ايضا