خطوة إنسانية في مواجهة العدوان والحصار..صنعاء تدفع بملف الأسرى لفرض استحقاقات إنهاء الحرب

في تطور إنساني وسياسي بالغ الدلالة، أعلنت صنعاء التوصل إلى اتفاق واسع لتنفيذ صفقة تبادل أسرى وانتشال الجثامين من مختلف الجبهات، في خطوة تعكس بوضوح حرص القيادة الثورية والسياسية على وضع حد للعدوان والحصار السعودي الأمريكي الإماراتي المفروض على بلادنا، ومساعيها الجادة لتخفيف معاناة الشعب اليمني التي راكمها تحالف العدوان على مدى أثني عشر عامًا من الحرب والحصار والتجويع.

الثورة / مصطفى المنتصر

وتأتي هذه الخطوة في إطار رؤية وطنية ثابتة تتبناها القيادة الثورية والسياسية، تقوم على تحييد الملفات الإنسانية عن مسار الصراع، وتحويلها إلى ورقة ضغط أخلاقية وقانونية في مواجهة قوى العدوان، وفي مقدمتها ملف الأسرى والمفقودين، الذي شكل أحد أكثر وجوه الحرب قسوة وإيلامًا للأسر اليمنية.

ويقضي الاتفاق بتنفيذ صفقة تبادل واسعة تشمل الإفراج عن 1700 من أسرى الجيش واللجان الشعبية مقابل 1200 من أسرى الطرف الآخر، في واحدة من أكبر عمليات التبادل منذ بدء العدوان، ضمن مقاربة لا تتوقف عند حدود التبادل الآني، بل تمتد إلى صفقة رقمية شاملة تضم نحو 2900 أسير من الطرفين، تمهيدًا لمعالجة هذا الملف بصورة كاملة، وبما يخفف من معاناة آلاف الأسر التي عاشت سنوات طويلة على وقع الغياب والانتظار.

وفي بعد إنساني لا يقل أهمية، شمل الاتفاق انتشال وتسليم الجثامين من مختلف الجبهات والمناطق اليمنية دون استثناء، في خطوة غير مسبوقة في سياق الحرب، تنهي فصلًا من أكثر فصول العدوان وحشية، وتمنح آلاف العائلات حقها الإنساني في معرفة مصير أبنائها، بعد أن حولهم تحالف العدوان إلى أرقام مجهولة في ساحات القتال.

كما نص الاتفاق على تشكيل لجان ميدانية مشتركة لزيارة السجون وحصر من تبقى من الأسرى، تمهيدًا لإطلاقهم، في إطار مسار متكامل يهدف إلى إغلاق هذا الملف الإنساني بشكل نهائي، ويؤكد أن صنعاء تتعامل مع قضية الأسرى بوصفها قضية إنسانية ووطنية، لا ورقة ابتزاز سياسي أو عسكري.

ويأتي هذا التقدم في ظل المباحثات الجارية في العاصمة العمانية مسقط، والتي شهدت خلال الفترة الأخيرة اختراقات مهمة في عدد من الملفات الإنسانية، برعاية دولية وإشراف أممي، وبجهود أخوية صادقة لسلطنة عمان، في وقت تؤكد فيه صنعاء أن أي مسار إنساني جاد لا يمكن فصله عن الاستحقاقات الكبرى المتمثلة في انهاء العدوان ورفع الحصار.

وتؤكد صنعاء، من خلال هذه الخطوة، أنها ماضية في نهجها المسؤول، وتسعى إلى إجبار النظام السعودي والإماراتي على الوفاء بالتزاماته تجاه معاناة الشعب اليمني، التي صنعتها السياسة العدوانية للنظام السعودي والحصار على مدى أكثر من عقد، في مقابل استمرار قوى العدوان في التهرب من استحقاقات السلام، والتنصل من المسؤولية القانونية والإنسانية عن الجرائم التي ارتكبت بحق اليمنيين.

ويرى متابعون أن هذا الاتفاق يشكل اختبارًا حقيقيًا لمدى جدية الرياض وابوظبي ومن ورائهما النظام الأمريكي في التعاطي مع الملفات الإنسانية، ويضع تحالف العدوان أمام مسؤولياته الأخلاقية والسياسية، ويكشف في الوقت ذاته زيف الشعارات الإنسانية التي يرفعها في المحافل الدولية، بينما يواصل فرض الحصار وعرقلة الحلول الشاملة.

وتبقى هذه الخطوة شاهدًا جديدًا على أن القيادة الثورية والسياسية في صنعاء ، وبرغم العدوان والحصار، تضع معاناة الشعب اليمني في صدارة أولوياتها، وتواصل العمل على تفكيك تداعيات الحرب، وصولًا إلى سلام عادل ومشرف، يضع حدًا نهائيًا للعدوان السعودي الأمريكي الإماراتي، ويعيد لليمن سيادته وكرامته وحقوقه كاملة.

قد يعجبك ايضا