المشتقات النفطية.. تقلبات سعرية تقصم ظهر المواطن
تحقيق / رجاء عاطف
تمر أسعار المشتقات النفطية من فترة إلى أخرى بتقلبات غير طبيعية استغلها المتاجرون لحاجة الناس لها عبر محطاتهم وبيعها بسعر السوق السوداء وبأسعار مضاعفة .. وان ما تشهده بلادنا اليوم من تقلبات متضاربة ومتسارعة في الأسعار يعد مشكلة كبيرة وعبئاً كبيراً يقع على كاهل المواطن ولا شك أن الأوضاع التي تمر بها البلاد هي أحد أسباب هذه التقلبات ولكن ليس هناك من مبررات تعفي الدولة ممثلة بشركة النفط من مسئولياتها إلى جانب جهات الاختصاص وأن يقوم الجميع بواجبهم ومسئولياتهم على أكمل وجه والقيام بأعمال الضبط والرقابة والإشراف على عمليات بيع وشراء المشتقات النفطية ..
صحيفة “الثورة” بحثت في هذا التحقيق حول أسباب هذه التقلبات السعرية القاصمة خصوصاً بعد رفع السعر الرسمي للمشتقات النفطية في محطات الشركة وهو ما لم يكن متوقعاً.. إلى التفاصيل:
السوق السوداء والمحطات التجارية الخيار البديل مهما اختلفت أسعارها في زمن الانتظار وضياع الوقت، هكذا بدأ المواطن محمد غيلان – موظف- حديثه، وأضاف: أتوجه دائماً لشراء المشتقات النفطية من السوق السوداء أو المحطات الأهلية التي تبيع بأسعار السوق السوداء ونضطر للشراء منها؛ لأن هناك ازدحاماً شديداً على المحطات التابعة لشركة النفط اليمنية وقد ننتظر لمدة يومين أو أكثر حتى نستطيع تعبئة دبة بترول ونتعطل عن أعمالنا وكلا الأمرين يكلف المواطن الكثير من الأعباء..
ويوافقه الرأي مجد السروري: في أنه ليس أمام المواطن المغلوب على أمره إلا الاستسلام للواقع وللتقلبات الحاصلة لأسعار الكثير من السلع الضرورية بسبب جشع التجار واستغلال حاجة المواطن لها، وقال: إن قرار زيادة أسعار المشتقات النفطية هو ما لم نتوقعه كمواطنين وكان قراراً مفاجئاً جاء ضدنا بدلاً من التخفيف عنا وضبط المستغلين من التجار.
تقصير واضح
فيما يقول عبد الوهاب العلفي – مستشار وزارة الأوقاف لشؤون التدريب والتأهيل: إن اختلاف أسعار المشتقات النفطية غير الطبيعية من وقت إلى آخر هو نتيجة لغياب دور الدولة وشركة النفط المختصة بالاستيراد والتخزين والتوزيع للمحطات وترك ذلك لتجار السوق السوداء عبر الاستيراد من الموانئ اليمنية واستلام عمولات التخزين فقط وتوزيعها بين موظفيها أو ترك المهربين والناقلين من موانئ المكلا وغيرها دون اخذ رسوم للدولة أو مصادرة هذه الكميات وبيعها في المحطات بالسعر الرسمي .
ويضيف: لم تعلن الدولة ممثلة بشركة النفط تحرير كامل لأسعاره والسماح لجميع التجار بالاستيراد وتقديم التسهيلات واخذ رسوم رمزية للتخزين وتحديد هامش معقول للربح للتجار الموردين والذين يملكون العملة الصعبة في ظل عجز البنك المركزي وشركة النفط عن توفير السيولة النقدية بالدولار لتغطية عملية الاستيراد، وبذلك فان ترك الاختصاص للسوق السوداء فيه تقصير وتسهيل للمتاجرين الفاسدين ونهب لموارد الدولة وزيادة الأعباء على المواطنين ومنح المتاجرين أرباحاً كبيرة.
ومن جانبه يقول خالد محمد إسماعيل – موظف: إن 90% من المحطات المتواجدة في العاصمة صنعاء تقوم بالبيع بسعر السوق السوداء وربما جميعها ولا يوجد بالسعر الرسمي وكانت تبيع قبل أسابيع بسعر 7500 ريال ونقص سعرها بعد أيام العيد إلى 5000 و4500 ريال، ولكن يعتبر ذلك مع تقلبات واختلاف أسعار المشتقات النفطية عبئاً على الموظف والمزارع وصاحب التاكسي وكل أصحاب الدخل المحدود، ويرى أن تقوم الدولة ممثلة بشركة النفط اليمنية وكل جهات الاختصاص بواجبها على أكمل وجه من خلال الضبط والرقابة والإشراف على عمليات شراء وبيع المشتقات النفطية؛ لأن غياب هذا الدور يعد كارثة حقيقية على المواطن، حيث والمستفيد من هذا الانفلات هم فقط تجار السوق السوداء وأصحاب رؤوس الأموال الذين ماتت ضمائرهم هذه الأيام، ويضيف: إن كان قد تم تعويم سعر المشتقات النفطية فهذا لا يبرر لها ترك الحبل على الغارب ويجب أن تضع حداً أدنى للتعويم تسمح فيه بالتقلبات صعودا وهبوطًا للأسعار، وكذلك أن تتدخل بغرض إعادة التوازن في الأسعار بكافة إمكانياتها المتاحة لمنع هذا الخلل.
بترول تجاري
وعن سبب تفاوت الأسعار للمشتقات النفطية في المحطات أوضح أنور العامري –المتحدث الرسمي باسم شركة النفط اليمنية: أن ما يباع في المحطات من بترول هو تجاري وان البنزين الذي يتواجد في المحطات التابعة لشركة النفط هو فقط الذي يباع بالسعر الرسمي ، مؤكداً على استمرار البيع في المحطات التابعة لفرع العاصمة ومحطات فرع صنعاء وهي المحطة النموذجية الموجودة على خط الصباحة خط صنعاء الحديدة والمحطة النموذجية الموجودة في قاع القيضي على خط صنعاء تعز والمحطة رقم واحد الموجودة في صرف خط صنعاء مارب، وأشار إلى وجود رقابة على المحطات التجارية والتجار وإلزامهم بالبيع بسعر معين ،وقال:كانت هناك جهود من قبل بعض المنتفعين وممن لهم مصلحة بالاضرار بمصالح المواطن مباشرة ويحاولون إيقاف عمل ونشاط شركة النفط بشكل متكامل وقاموا بعرقلة جهود إدخال السفن الخاصة بالشركة بينما يسمح للناقلات الخاصة بالتجار الدخول والتفريغ والبيع، وهناك متنفذون يبحثون عن مصالحهم في الداخل والخارج ولهم مصلحة بمنع استيراد النفط ولا يريدون للشركة أن تُدخل النفط كونها تابعة للدولة وعندما تكون تابعة لشركة النفط لا يستفيد هؤلاء المبتزون، ولكن عندما تدخل للتجار دائماً يتم التسهيل والسماح لهم وإعطاؤهم العملة الصعبة وتوفيرها لهم؛ لأن لديهم عمولات من التجار بينما يتم إيقافها على الشركة ولا تستطيع شراء أي كميات من الخارج.
آلية جديدة
ونوه المتحدث الرسمي باسم شركة النفط بأنه وخلال الفترة السابقة عملت الشركة على آلية جديدة وقامت بتشكيل لجنة خاصة بالاستيراد وتم اتخاذ إجراءات وسياسة خاصة بالشركة حيث فرضت نسبة ??? على كل كمية أو ناقلة تصل إلى الميناء يجب أن تباع للشركة ويكون لشركة النفط نصيب منها ويتم بيعها بيعاً مباشراً للمواطنين، ما لم لن تفرغ أبدا في منشآت ومخازن الشركة، ويقول: إن التجار يحصلون على العملة الصعبة بسهولة من البنوك ويتم توفيرها لهم ولديهم من يقوم بالشراء والتنسيق داخليا وخارجيا ويستخدمون ناقلات خاصة بهم ويدفعون عمولاتها الخارجية والداخلية ويقومون ببيعها مباشرة في محطاتهم، بينما شركة النفط لا تستطيع الحصول على العملة كدولة وكشركة وعندما نطالب البنك المركزي بتوفير العملة الصعبة فيبرر بعدم وجود الدولار لديهم وعلينا بشرائها من السوق السوداء وبهذا ستكون الشركة ساهمت برفع الدولار لفوق مستوى الـ300 أو الـ 400ريال إذا توجهت لشراء الدولار من السوق السوداء وهذا بحد ذاته يشكل كارثة على المواطن وعلى البلد بالكامل.
مبررات رفع الأسعار
يُبرر العامري أسباب رفع السعر الرسمي على المواطن بالقول: إن السعر الجديد لم يتم تحديده من شركة النفط وحدها بل إنه تم التأكيد أيضاً من قبل الجهات المختصة، وبعد التواصل قامت شركة النفط بتعميمه فكان رفع السعر في هذه الفترة ضروري إلى مبلغ 3600 ريال خاصة وأن هناك كميات كانت متواجدة منذ فترة وأشهر عديدة في غاطس الميناء وعليها بعض الخلافات لم تتمكن الشركة من إدخالها وتحملت غرامات كبيرة جداً في هذه الأسعار، وأضاف أنه تم التواصل مع اللجنة الثورية العليا وبعض الجهات ودخلت لجنة وساطة بين شركة النفط وبين الشركات الموردة ووجدوا أن الحل الوحيد بأن يرفعوا الأسعار لتتمكن الدولة من إدخال هذه الكميات وبيعها مباشرة للمواطنين أو ستبقى متوقفة في البحر وسيظل الخلاف والمبالغ تتضاعف يوماً بعد يوم ولذلك رأوا أنه من الأفضل رفع الأسعار والذي ربما يكون لفترة مؤقتة حتى تنتهي هذه الأزمة إن شاء الله ويعود السعر كما كان أو أقل..
وختاماً أكد العامري أن الدفعة قبل الأخيرة التي تم إنزالها في محطة شركة النفط تم بيعها بمبلغ3000 آلاف ريال للدبة سعة 20 لتراً، ولكن لم يكن حينها تم اتخاذ قرار الرفع رغم أنها كلفت الشركة أكثر من 3200 ريال، والكمية الأخيرة لم تتمكن الدولة من التوقف أو الاستمرار في دعم المشتقات النفطية فاضطرت إلى اتخاذ قرار رفع سعر البنزين والديزل إلى 3600 ريال لسعر الدبة الواحدة.