بن هُمام وبن دغر شخصيتان حضرميتان ،

 مَن مِنهما يستحق احترام الشعب اليمني؟  

أ.د/عبدالعزيز صالح بن حبتور

بن هُمام وبن دغر شخصيتان حضرميتان بارزتان في الساحة اليمنية ، وينتميان لجغرافيا واحدة ولكنهما ينتميان لمدرستين مختلفتين بالحياة والممارسة السياسية ، فالاول ( بن هُمام ) ينتمي لمدرسةٍ  وطنية مهنية تؤمن بأن الوطن اليمني أبقى من كل السياسات الحزبية والتحالفات المؤقتة وان المسؤولية تعد أمانة بحتة يجب السهر عليها ، وهذه جوهر مدرسة حضرموت التي اتصفت بها لقرون من الزمان :
*** اتصفت بالاعتدال في الدين والسياسة.
*** تميزت بالموضوعية في تحديد المواقف الوطنية.
***  ورثت عبر الأجيال المتعاقبة الأمانة والصدق في ممارسة الأنشطة التجارية والاقتصادية.
وكانت هذه المميزات شاهدة في تجارب اليمنيين الحضارم من أقصى الشرق الآسيوي ، مروراً بالشرق الأوسط الكبير ، ووصولاً  إلى غابات ومجاهل إفريقيا ، وهذه صفات ما يزيد عن نسبة 95% من النخب الفاعلة  من الحضارم .
إما الثاني فهو ( بن دغر ) فينتمي للتربية الحزبية المتطرفة ( النزقة )  التي لم تنبت في الأرض إلا ( أشجار السُمر والقتاد والشوك فحسب ) وهي من صنف نوع المدرسة السياسية ( اللعوب ) التي تركت نُدبا ونتوءات محزنة في تجارب جنوب الوطن ، وهؤلاء لا يشكلون إلا نسبة متواضعة بالمقارنة مع الحضور الطاغي لأقرانهم الحضارم .
أعود إلى شخصية الأستاذ / محمد عوض بن هُمام التي جمعت بين مفهومي ( الضرورة والصدفة ) كما يشير أصحاب الفلسفة بشقيها المادي والميتافيزيقي ، وحضوره في لحظة سياسية استثنائية في موقعه كمحافظ  للبنك المركزي اليمني هي بمثابة رحمة من عند الله وهدية من السماء ، لأن حجم التكالب الشرس الذي واجهه شعبنا اليمني منذ ما سُمي بأكذوبة الربيع العربي إلى لحظة عدوان الأَعْرَاب عليه كان كبيراً ، وان المؤامرة كانت ولا زالت شرسة ، وان شخصيته الإدارية ذات السمعة العالمية في المؤسسات المالية الدولية هي إحدى الضمانات لثبات الاقتصاد والعملة اليمنية معاً ، ولعبت شخصيته المُقنعة للمؤسسات المالية العالمية دوراً محورياً في جعل الجانب الاقتصادي محايداً بين فرقاء النزاع السياسي الداخلي ، ووضع التزامه الضامن للأمم المتحدة بان يكون والبنك المركزي محايدين في هذا الصراع ونجح إلى حدٍ بعيد في تأمين الحد الجيد المقبول في زمن الحرب في تسيير شؤون البنك المركزي لخدمة المواطن اليمني البسيط .
إذاً ما هو دور ومهام البنك المركزي في أي بلد من بلدان العالم واليمن بضمنها ؟ :
أولاً : البنك ملزم أن يكون بنك البنوك وضامنا أساسيا ومراقبا ومحاسبا لأية جهة بنكية لا تقوم بمسؤوليتها النقدية.
ثانياً : ينفذ بمهنية عالية السياسات العامة للدول ، أي تنفيذ سياساته الاقتصادية ، والمالية والنقدية دون إنحراف.
ثالثاً :  يؤمن التوازن النقدي بين كل العملات ومنها العملة الصعبة ، ويغطي ميزان المدفوعات بالعملة المطلوبة.
رابعاً : يؤمن السيولة المالية الوطنية بالصك والطباعة والإتلاف ويحافظ على عدم انفلات التضخم النقدي بسياسات وبمعايير نقدية يتبعها في سياساته.
واستطاع الأستاذ /  بن هُمام مع طاقمه المحترم إنقاذ الوطن من الانهيار النقدي والاقتصادي طيلة زمن العدوان.
لقد تابع الرأي المحلي والإقليمي والدولي باهتمام وقلق شديدين من بعض التصريحات غير المسؤولة التي أطلقها عددٍ من مَن يسمون أنفسهم  (بالحكومة الشرعية ) وبضمنهم الدكتور/ أحمد عبيد بن دغر الذين طالبوا ببيع النفط والغاز وتجنيب عائدات مبيعاتها بالإضافة الى العائدات من الرسوم والجمارك والضرائب المحصلة من موانئ عدن وحضرموت ومارب لتجنيبها في حسابات خاصة ، وزادوا عليها بالمطالبة الوقحة بتغيير العملة اليمنية ، أو طلب نقل مقر البنك المركزي اليمني الى مدينة عدن بدلاً من العاصمة صنعاء ، واختتم الأخ احمد بن دغر سلوكه غير السوي بان وجه رسالة حديثة للسيدة / كرستينا لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي بواشنطن محررة بتاريخ 30يوليو2016م ، يطلب في مذكرته سيئة الصيت بتجميد حسابات البنك المركزي اليمني لديهم إلى إشعارٍ آخر ، وكذلك إلغاء وشطب توقيعات الأستاذ / محمد بن هُمام ونائبه الأستاذ / محمد السياني ، ويرجو الصندوق استلام الرد منهم عبر مراسليه وموظفيه في العاصمة الأمريكية واشنطن.
ماذا تعني تلك التصرفات غير المسؤولة من ( شخصيات مكروهة ) وجدت نفسها قانعة وراضية في الارتماء في حُضن العدو الدافئ وتقتات من فُتات موائده ، وتعيش على حساب معاناة الملايين من المواطنين اليمنيين :
أولاً :
يريدون نقل البنك المركزي اليمني إلى مدينة عدن ، في الوقت الذي يعرف الجميع بأنهم لم يستطيعوا تأمين المدينة أمنياً ، وان خطر العصابات والتنظيمات الإرهابية منتشر بالمدينة ، ونتذكر جميعاً بان معظم محتويات البنوك من العملات المحلية والصعبة قد نهبتها هذه العصابات في عدن ولحج وأبين وحضرموت ، أي أن تأمين البنوك أصبحت معدومة ، ناهيكم بأن مقر إقامة الحكومة ( الشرعية ) كلها تقع في حماية وحدات عسكرية  من السعودية والإمارات المتحدة ، بكلمات أخرى أن من لم يستطع حماية منزله لا يستطيع حماية منزل جاره.
ثانياً :
منع توريد المبالغ من المؤسسات الإيرادية معناه عدم تغذية الموازنة العامة للدولة بالموارد النقدية وبالمبالغ الشهرية والسنوية ، وهذا معناه لن يتمكن البنك المركزي من الإيفاء بالتزاماته كالرواتب وخلافه ، وبالتالي سيلحق الضرر المباشر برواتب قطاع الجهاز الحكومي في تلك المحافظات التي لم تلتزم بالتوريد .
ثالثاً :
الحكومة ( الشرعية ) القابعة بجبل المعاشيق في ضاحية كريتر ، متهمة بالتقصير المباشر في أداء مهامها ، وفي تأمين احتياجات المشتقات النفطية والوقود لكهرباء محافظة عدن مع أنها تتصرف بكل إيرادات ميناء عدن بشكل مباشر ، لحل قضايا وموضوعات تافهة لاتخدم المواطن العدني مباشرةً ، وما ظهر على السطح من توجيهات  ،  ومراسلات الأخ / أحمد بن دغر والقباطي والحالمي شاهد حي على ذلك التصرف غير المسؤول حيال المال العام ، فكيف لو استلمتم أمر خزينة الوطن بكامله ، وعلى هذا السلوك ستتركون المواطنين بغير مرتبات ولا معاشات ولا مستحقات ، ولا شراء لأبسط المستلزمات الخدماتية لعدن والمحافظات المجاورة لها ، نعم هذه ( الطغمة أو الزمرة ) تريد أن تتحكم بالقرار النقدي ولكن بدون مساءلة قانونية ، ويكفي أن الرأي العام اليمني يقرأ ويستغرب من ما ينشر بوسائل الإعلام  عن تصرفاتكم غير المسؤولة ، وانتم تذكرون القارئ الكريم بسلوككم هذا بالمثل اليمني ذائع الصيت ( أشتي لحمه من كبشي وأشتي كبشي يمشي ) أي أن الرواتب تريدوها من محمد بن هُمام لكل موظفي الجهاز الحكومي للدولة ، والتصرف والصرف من المال العام السائب على الأشغال الغامضة  تريدوها من أحمد بن دغر ، لا لا يا هؤلاء أن خراب البيوت وتدمير الأسر ليست من صنع بن هُمام ولا حكومة ودولة الأخ محمد علي الحوثي في صنعاء ولن تكون كذلك من دولة الرئيس صالح الصماد ونائبه قاسم لبوزه المُستقبلية بإذن الله.
رابعاً :
عدم الإيفاء برواتب المواطنين سيشكل ضغطاً إنسانياً مُؤلماً على المواطنين بشكل مباشر ، وسيشكل عليكم ضغطا ثوريا وحتى قد يصل إلى حد التمرد المسلح ، ولو أنكم لا تحسبون لذلك أي حساب ، على اعتبار أن خزائن المال التابعة لآل سعود وآل نهيان وآل ثاني وآل وآل كلها مفتوحة لكم في شكل توريد السلاح والعتاد والمال السائل النقدي المدنس ، لكن ذلك لن يشفع لكم لأنكم ستواجهون إملاق وجوع المواطنين من مدرسين وعمال وموظفين وأساتذة الجامعات وكذلك الجنود ، تخيلوا أن هؤلاء لن يجدوا رواتب في الأشهر القادمة ؟
ما ذا سيحل بكم في جبل المعاشيق ؟
أما المندوب السامي الخليجي فقد اختبره المواطن العدني وعرف مقاصده ، فبعد عام كامل من ( التحرير ) أذاقه فيها صنوف العذاب المُر ، من انقطاع خدمات الكهرباء والمياه وبقية الخدمات التي كانت موجودة ومتاحة قبل يوليو عام 2015م ، أما انعدام الأمن والأمان فحدث ولا حرج  !!!
خامساً :
سافر الأستاذ / محمد بن عوض بن هُمام ومساعدوه إلى الخارج لحضور عدد من المؤتمرات والاجتماعات المالية الدولية  ليشرح ويدافع عن سياسات النقد اليمنية في زمن الحرب ، وكان مدافعاً صلباً عن الوطن كله ، بينما أحمد عبيد بن دغر ومراسلوه المنتشرون في السفارات اليمنية بالخارج يتآمرون على اليمن ويحاولون هدم المعبد على رؤوس من فيه من المواطنين لتفتك الحاجة والمجاعة بأرواح البقية الباقية من البسطاء الذين لم يموتوا بقصف طيران العدوان ووحشيته ، بل أنهم تحولوا وعبر القنوات الفضائية ومن دون حياء أو خجل لتبرير جرائم العدوان وبطرق فجة وساذجة وكأنهم ( دواشن العصر ) ، وهم يقومون بهذا العمل الدنيء والرخيص مقابل أجر زهيد لا يساوي قطرة دمٍ واحدة تسال من هؤلاء الضحايا من الأطفال والنساء والشيوخ ، هنا فحسب ينبري السؤال الجريء: من يستحق الاحترام والتقدير من هؤلاء الرجلين الحضرميين ؟؟؟
الخلاصة :
لتأكيد تفعيل القاعدة البديهية ، والتي لا يحسّن بعض القادة استغلالها ، هي أننا جميعنا كبشر سنغادر هذه الحياة الفانية اليوم أو غداً ، كما غادرها أسلافنا الأوائل ، لكن هم القلائل من القادة الذين ستتحدث عنهم كُتب التاريخ بشيء من الإجلال والزهو والإكبار ، ولا نملك نحن البشر سوى توجيه بوصلة مسلكنا باتجاه أن نُذكَّر ذات يوم ونحن في صف البسطاء من الشعب اليمني ، هل سيفعلها الدكتور أحمد عُبَيْد بن دغر ومن على شاكلته قريباً ، إن الله لقادر بين لحظة وأخرى أن يهدينا جميعاً إلى سواء السبيل ، والله أعلم منا جميعاً.
( وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ )
محافظ محافظة عدن

قد يعجبك ايضا