حــــرب مـــع الخجــــل

وأنا ألف الحبل حول عنقي وقد قررت الانتحار مع سابق الإصرار تذكرت أني رأيت في التلفاز أنهم يكتبون رسالة انتحار لم أكن أعلم ماذا أكتب لكن ما أن أمسكت قلمي حتى أجلت الانتحار إلى أن أنتهي من كتابة مأساتي لعل الناس تتذكرني كروميو أو جميل أو حتى لا يكرر أحد غلطتي أو لعل أحدهم يتعض منها (البداية( بدأت كأي شاب يمني عاطل عن العمل ويائس وعديم الشعور حتى أني لا أتذكر آخر ابتسامة دامت أكتر من لحظات أو فرحة دامت أكثر من دقائق لأنه كان شعوراٍ لم أختبره يوماٍ ولم أكن أتوقع أنني سأعيش ما عشته –بدأت حياتي بالفعل في صباح يوم وأنا ذاهب إلى المدينة وعلى متن الحافلة وأنا أفكر كعادتي فيما سأفعل اليوم انقطع تفكيري فجأة وألتفت إلى من لا أصدق أنه جلس بجانبي ثم أعدت النظر مرة ثانية فرأيت فتاة …. لا أعرف كيف أصفها ¿¿ إنها كوكتيل من كل الأوصاف الجميلة التي تحبها في الفتاة ولأول مرة راودني شعور لم أعرف ما هو و لا كيف أتى وأنا أفكر فيها إذا بها تلتفت إلي وتبتسم وكانها تقرأ أفكاري وعندئذ تأكدت أنه ذلك الشعور الذي يسمونه …. الحب …. كل ما كنت أفكر فيه تلك الليلة ماذا سأفعل غداٍ لو ألتقي بها هل سأتحدث إليها أم سأكتفي بالنظر إلى عينيها مهلا ولكن ماذا سأفعل إن لم أرها كيف سأنتظر ولكني آمنت أن من جعلني ألتقي هذا الملاك سيعيده إلي من جديد. وفي الصباح وفي نفس المكان أمام موقف الحافلات كنت أنتظرها وأنتظر فبدأت التساؤلات تستولي علي هل هي مجرد حلم ¿ وهل من المعقول أن تكون فتاة بتلك الجمال حقيقة¿ أظن أنه مجرد سراب وعندئذُ يئست منها وقررت ركوب الحافلة وبعد أن ركبت ويئست سمعت صوتا ناعما يصيح : انتظر فتوقفت الحافلة وإذا هي نفس الفتاة بكل تفاصيلها تركب الحافلة فتأكدت أنها حقيقة وأنها بشر من لحم ودم وما زاد من دقات قلبي وتعلقه بها أنها ظلت تبتسم إلي طوال الطريق. ولليلة التالية لم أستطع التفكير إلا بها ماذا تريد مني ¿¿ وما الشيء الذي دفعها إلي ¿ لم أكن أعرف إلا أن حياتي ستتغير تغيراٍ جذرياٍ منذ ذلك اليوم… كانت السبب الذي يدفعني إلى النهوض كل يوم باكرا والاغتسال بالماء البارد ورغم هذا لم أكن أستطيع أن أنطق بحرف أمامها أو حتى أن أوجه عيني في عينيها أو حتى مبادلتها الابتسامة. ولأول مرة خلال حياتي كاملة كرهت أجمل صفة كانت تعجبني في نفسي وهي (الخجل (وبدأت أشجع نفسي بالتحدث أمام المرآة مع نفسي وأمام صورة فتاة كانت معلقة بالحائط في غرفة أخي وبدأت أجري حوار التكلم مع الجنس الآخر وأشجع نفسي مع الاحتفاظ بجانب الأدب واللباقة. مر أكثر من شهر وهي تنظر إلي بالحافلة وأنا أتجاهلها خجلا وما إن تغض بصرها حتى أتمعن فيها ويوم بعد يوم بدأت نظراتها تتحول من إعجاب إلى يأس وخيبة أمل ولم أستطع تحمل نظراتها فقررت أني سأبدأ بالتحدث معها بأول فرصة ممكنة … وفي يوم ونحن في آخر موقف نزلنا من الحافلة وأخرجت من جيبي ورقة نقدية (ألف ريال ( ولم يكن لدي صرف وبالصدفة لم يكن لدى السائق صرف فإذا بها تأتي وتعطي السائق حسابنا الاثنين و قالت لي : لقد حاسبت عنك ومضت في طريقها عندئذ استجمعت كل طاقتي وقلت بصوت عال: انتظري لأجد لك صرفاٍ فردت يصوت خافت وخجل : المرة القادمة المرة القادمة… ظلت تطن هذه الكلمة بأذني … هل كان هذا موعداٍ ¿¿ أم كان مجرد لقاء ¿¿ لا يهم المهم أن هناك مرة قادمة كانت تلك أول مرة نتكلم فيها وكانت البداية لعلاقة معقدة جدا… وفي صباح اليوم التالي كنت قد دبرت فكرة جهنمية للتحدث معها فقلت لسائق الحافلة: هل تعرف المكان الفلاني ¿¿ رد علي :لا . فقلت له: لكني مستعجل وأريد الوصول باكرا. فقالت لي: تعال معي وسأوصلك إليها بطريق مختصر فعملي قريب منها. وفي الطريق بدأت الحديث فسألتني : أين تعمل¿ أجبتها :أني أعمل بالصحيفة . فردت علي مبتسمة :فكيف لا تعرف أين هي¿ ولم أجب عليها ثم تبسمت وسألت :ماذا تعمل هناك ¿¿ فقلت لها: أعمل مترجماٍ للصحيفة وأنت ما عملك ¿ فقالت :أنها طالبة في المعهد المجاور . وعندئذ اقترحت عليها أن نتشارك تاكسي يأتي لها للبيت ويوصلها للبيت حتى لا يؤذيها أحد ويتحرش بها فوافقت بشرط أن نتشارك بالأجر . وبدأت بالذهاب والعودة معها وبدأت العلاقة بيننا تتخذ طورا أكبر هذا بالنسبة لها أما بالنسبة لي فلم يتغير شيء من علاقتي بها منذ أول يوم إنه (الحب من أول نظرة) أعلم أني أخبرتكم بأني سأكتب قصة حياتي ولكني حتى الآن لم أتكلم إلا عنها وذلك لأنها الشيء الوحيد الذي أتذكره من حياتي أتذكر تفاصيلها الخاتم الذي تضعه في إبهامها كتبها التي تحملها معها وحتى أطراف خصائل شعرها الأمامية حتى أني كنت أعلم عندما تغير قلما أو تنسى أحد كتبها. وتطورت علاقتنا يوما بعد يوم فكنت أواسيها بأحزانها وأفرح لفرحها وأساعدها في كتابة واجباتها ومع هذا كله ورغم أن الخجل انزاح عني قليلا مازلت لم أستطع أن أصارحها بحبي وما زاد من الموقف صعوبة أنها أخبرتني ذات يوم أنها لا تعتبرني صديقا فقط بل كأخ أيضا وقد أجبتها أنني أكن لها نفس المشاعر فكيف أخبرها أنني أحبها ¿¿ لا أستطيع . أتمنى إن تدرك هذا مع الأيام أن كانت تفهمني مثل ما كنت أظن ويوماٍ بعد يوم كانت تصعب علي الموقف وفي الحقيقة لم أكن أرد مصارحتها خوفا من أن تغضب وتتركني ولم أرد أن أخبرها وأنا بجانبها كل يوم وأنا أراها وتراني لم أكن أفكر بعواقب التسهيل والتأخير.حتى أتى ذلك اليوم الكئيب عندما أتت إلي فرحة وتخبرني أن هناك شاباٍ أعجب بها ويريد طلب يدها لم أصدق ما سمعت فطلبت منها إعادة كلامها فقالت نفس الكلام لا أصدق أنها حقيقة لقد أتت لتخبرني عن خطيبها أصابني شيء من الحيرة وتصبب العرق من كل مكان ونشف ريقي وتصلبت قدماي ولم أستطع الوقوف عليها ولكني قاومت لأن ألم قلبي كان أقوى من ألم ساقي وكنت أفكر لو أني صارحتها بحبي منذ البداية لما وقعت في هذا الموقف ولكن لا ينفع الندم الآن وكل ما يمكنني فعله الآن هو ….. لم تخبرني رأيك قالت لي ولا أعلم بما كنت أفكر أو أن كنت أفكر حينها عندما قلت لها:
إن كان يستحقك فما المانع¿ يالساني ماذا تفعلي لم آمرك بأن تقولي هذا ولكن أنتظر لما أشعر بأن هناك شعورا بالإحباط يراودها أنها تبدو مصدومة ماذا كانت تتوقع الإجابة لا يهم فقد قلت ما قلت وهناك مشاكل أكبر الآن فإن صارت مخطوبة فكيف سنلتقي مجددا وكيف يرضى لي ضميري أن أقابلها أأقابلها بصفتي صديقها أم بصفتي أخوها الذي لم يكن أخوها قط ¿¿ فقررت في تلك اللحظة أن أتركها للقدر وأن أرضى بمشيئة الله فإن كانت تحبني سترفضه وستتصل بي عاجلا أم آجلا وعندئذ سأخبرها بكل شيء وبأني أحبها “بداية النهاية” مر يومان كاملان 48 ساعة 2880 دقيقة منذ آخر لقاء لنا لم تعد تذهب إلى المعهد أو ترد على مكالماتي الهاتفية لم تغب يوما عن المعهد أبدا حتى الجمعة كانت تتصل بي وتسأل عني ما السبب يا ترى هل تمت خطوبتها ولم تعد تريد صحبتي والتسكع معي يا رب أرجوك أعطني فرصة ثانية إن لم تكن تريدني أن أتزوجها وأقضى حياتي معها فلم جمعت بيننا كنت أعلم أن النهاية ستكون قاسية لأنها أكبر من أن تتحقق إنها مجرد أمنية ولكني لم أكن أتوقع أن تكون بهذه القسوة . مر أسبوعاٍ كاملاٍ ولم تذهب إلى المعهد إذا فقد تزوجت لم أعد احتمل كثرة الأفكار التي كانت تراودني ولم تكن منها حتى فكرة واحدة جيدة فقررت أن أذهب لزيارتها إلى بيتها ولكن ماذا إذا فتح لي الباب زوجها ¿ ماذا سأقول له¿ من أنا وماذا أريد¿¿ أريد أن أقابلها هذا ما أريده ذهبت مباشرة إلى منزلها على عجلة من أمري يا ليتني لم أذهب ولم أعرف السبب ولم أعرف قصتها . لقد وصلت أمام الباب سأطرقه ولكن لم أنا مترددلا أعرف لم يراودني هذا الشعور لماذا هناك جزء مني لا يريدني أن أطرق الباب بدأت أطرق الباب طرقة واحدة خفيفة وما أن طرقت حتى انفتح الباب بسرعة وخرجت امرأة عجوز وقالت لي: من أنت ¿أجبت : أنا صديق. فقالت لي : أنت هو إذا .وأغلقت الباب بوجهي . استغربت من تلك العبارةما قصدها¿ وإذا بالباب ينفتح وتقول لي العجوز وعيناها تذرفان كالسيل : ادخل .دخلت المنزل وإذا بي أنظر إلى جوانب البيت وأبحث عنها ولكني لا أراها أين هي¿ سألت العجوز . ردت علي بصوت خافت :غير موجودة ماذا تريد منها كتباٍ أم ملازم¿ فقلت لها وأنا متردد: أريد أن أخبرها شيئا مهما أخفيته عنها مدة طويلة . فقالت لي بلهفة وقد قامت من الكرسي :ماذا كنت تريد أن تقول لها أرجوك يا بني أخبرني ¿ فقلت :أولا أخبريني هل تزوجت أم لا¿ فقالت : لم توافق. فتعجبت وسألتها :لم ألم يعجبها¿ فقالت لي :لم يكن يعجبها من البداية فقد كانت تحب شخصا آخر ولكنه لم يكن يبادلها الشعور. سألتها:من هو¿ فرفضت الإجابة قبل أن أخبرها ماذا أريد أن أقول لها وبعد إلحاح منها وبصوت خجل قلت لها : أردت أن أخبرها بأني أحببتها من اليوم الأول الذي رأيتها فيه ولكني لم أستطع أن أخبرها بذلك بعد أن أخبرتني أنها تحبني كأخ لها فأرجوك أن تخبريها بذلك . أخذت تضرب صدري بيديها العاريتين وعيونها تذرف الدموع وتنوح نوحات لم أفهم منها إلا لم تخبرها لم لم تخبرها .ذهلت وقفت ساكنا واجما أحاول فهم ما يحدث وما تقوله فتركتها حتى تهدأ وبعد أن استعادت عافيتها بدأت بالكلام وسألتها: ماذا جرى¿ويإليتني ما سألت بدأت تحكي لي القصة كاملة .. قبل حوالي أشهر عادت من المعهد وهي فرحة وأخبرتني أنها تعرفت على شاب لطيف كانت تراه كل يوم في الحافلة وأنها ذات يوم أوصلته إلى مقر عمله الذي نسيه فحذرتها منه ولكنها لم تصغ إلي وكانت تأتي يوميا تحكي لي حكايتها وما فعلته وأين ذهبوافقلت لها لما لا تخبريه بحبك له¿ قالت لي أنها ستنتظر إلى أن يبادلها الشعور وأنها ستبدأ بالتلميحات وتنتظر الرد .ولكنها عادت اليوم التالي كئيبة وقالت بأنها أخبرته أنها تعتبره كصديق وأخ لها فرد عليها بأنه يبادلها نفس الشعور تماما فأشرت عليها أن تصارحه ولكنها لم تستطع . وبعد أسبوع أخبرها والدها أن ابن عمها تقدم طالبا يدها وقد رفضت بحجة الدراسة ولكنه رفض وأمرها أن توقف دراستها فأتت إلي باكية فأخبرت والدها بأن هناك شاباٍ يريد التقدم لها فأمهلها ثلاثة أيام ليأتي خاطبا أو أنه سيزوجها ابن عمها غصبا عنها . فقلت لها اذهبي إليه وأخبريه أن يتقدم إن كان يحبك ردت: وإن لم يكن¿ كيف سأعيش بدونه¿ لا أستطيع..لا أستطيع..سأحاول غدا أن أتأكد إن كان يحبني أو سا……ولم تكمل. ذهبت اليوم التالي بعد أن ظلت تصلي طوال الليل وعندما عادت كانت تذرف الدموع وظلت تذرف حتى تنتهي دموعها ثم تعاود البكاء وكانت تأن وتقول أخي إنه ليس أخي لماذا لم يحبني ¿ لماذا لم أقل له وأصارحه بحبي¿ ياليتني … ياليتني… وأخبرتني أنها تأكدت أنه لا يحبها وقد بارك زواجها . ودخلت غرفتها . وبعد مرور يوم ولم تخرج من غرفتها قلقت عليها وأخبرت والدها فذهب إليها وأخذ يطرق الباب قائلا: افتحي ستتزوجين ابن عمك .ولكنها لم ترد فأعاد كلامه بصوت أعلى ولكنها لم ترد فبدأ القلق يراود والدها وظن أنها هربت من النافذة فكسر الباب بقوته.
)النهاية)
دخلنا رأيت سيلاٍ خفيفاٍ من الدماء يبدو جافاٍ حاولت إغماض عيني وإقناع نفسي بأن شيئا لم يحدث ولكني أرى جسدها قد ذبل وقد بدت عليه ملامح التعب وتصلب والدها من هول الحدث ظللنا ننظر إليها بدون حركة عاجزين عن فعل أي شيء حتى البكاء لم نستطع. ذهبت بهدوء ولم تأخذ معها شيئاٍ وقد كان بجوارها قلم فأخذت أبحث وأبحث حتى وجدت ورقة صغيرة مكتوب فيها يا بنت حواء إذا أحبيت أحدا فأرجوك أرجوك أن تعلميه بحبك له كان هذا آخر ما سمعته من كلام الأم مع أنها ظلت تتكلم لساعات ولكن عبارتها ظلت ترن في أذني ساعات ولم أحس بشيء ولم أدرك شيء إلا وأنا في بيتي مستلق على فراشي أفكر ما فعلت وماذا فعلت هي وما فعل بنا (القدر) أو بالأحرى (الخجل) وظللت أفكر ساعات أين هي الآن هل من المعقول أن تذهب فتاة بجمالها وأخلاقها إلى) المجهول) فأنا ذاهب إليها إلى أي مكان هي فيه ربما كان مقدرا لنا أن نعيش بجانب بعض إلى الأبد خالدين في الجحيم ها أنا قادم إليك أميرتي أينما كنت وإن كنت قد أجلت الانتحار بضعة أيام حتى أنتهي من كتابة حكايتنا. وأما وصيتي “يا بن آدم إذا أحببت إحداهن فأرجوك أرجوك أن تخبرها بأنك تحبها ”

قد يعجبك ايضا