> المرأة اليمنية تحتل المرتبة قبل الأخيرة من بين 147 دولة في النشاط الاقتصادي
> سيدات أعمال دخلن السوق بأسماء مستعارة خوفا من العيب المجتمعي
تعددت مناشط العمل التي يمكن أن تمارسها المرأة في السوق ولم تكن قد برزت على السطح ضغوطات اقتصادية قوية على أبناء المجتمع تدفع بهم إلى تقبل فكرة خروج النساء لممارسة وإدارة أعمال كتلك التي ظهرت مؤخرا ودفعت أو أغرت بعض السيدات للمغامرة في دخول هذا السوق والإبحار فيه بنجاح وهو النجاح النسبي لسيدات الأعمال اليمنيات في مجال المال والاستثمار ,, إلا أن غياب التثقيف المجتمعي بأهمية عمل المرأة جعل العديد منهن يلجأن إلى الشراكة مع أقاربهن أو استثمار هذه الأموال باسم أحد اقاربهن نتيجة لثقافة العيب المجتمعية المغلوطة وانحسار دور المرأة في المنزل وعدم تقبل فكرة عمل المرأة لدى العديد من الأسر الامر الذي أفرز هيمنة ذكورته على الساحة الاقتصادية..
سيدة الأعمال أروى الصمدي تاجرة في الملبوسات الجاهزة على المستوى المحلي والدولي تسرد لنا قصتها الناجحة في عالم المال والاستثمار : والدي كان تاجرا في عدن وله نشاطاته وتعاملاته الناجحة مع مختلف التجار من داخل وخارج اليمن , كون اسمه ومركزه وثقته في مجال المال والأعمال , فورثت هذه المهنة وحبها من والدي واستغليت صيت الوالد تجاريا ومشيت بنفس مشواره لكن صادفتني معوقات شتى أبرزها عدم تقبل المجتمع خوض المرأة اليمنية مجال التنمية والاستثمار وعزوف عدد من التجار عن مواصلة التعاون معنا وتمويلنا لعدم ثقتهم بقيادة المرأة وحنكتها نتيجة غياب التثقيف المجتمعي والتوعية بعمل المرأة ومكانتها , فبذلت قصارى جهدي لتوطيد اسمي التجاري رغم الخسائر التي تكبدتها على مختلف المستويات حتى تمكنت من فتح عدد من الفروع للملابس الجاهزة في عدد من محافظات الجمهورية واستيرادها من تركيا والصين .
الجهات الممولة
سيدة الأعمال سهيلة العزي تاجرة في الأقمشة والعطور تقول عن واقعها : ورثت مبلغا كبيرا عن والدي فأحببت استثماره في تجارة السيارات إلا أن اقاربي منعوني من ذلك بحجة العيب وأن المرأة لا يصونها إلا منزلها وبعد إلحاح وتصميم شديد قبلوا بأن أدخل في مجال التجارة ولكن كشريكة لهم ..
أم رايان هو الاسم المستعار لسميرة محمد التاجرة في الإكسسوارات وأدوات التجميل في شارع هايل وفروعه في بقية المحافظات , حدثتنا عن قصة مشوارها الاستثماري بالقول : بدأت في شراء بعض من أنواع العطور بالجملة وبيعها في المناسبات النسائية كالأعراس والحفلات والتجمعات وبدأت في الشهرة رويدا رويدا , حتى أسست أول محل خاص بي عام 1999 م , إلا أن البيئة المجتمعية آنذاك كانت غير مشجعة ومتقبلة فكرة أن أعمل وأدخر وأنتج , فاضطررت أن أدخل هذا المجال باسم أم رايان تجنبا للمضايقات والعوائق وبحثت عن تمويل لمشروعي الاستثماري وفعلا نجحت في كسب العديد من الجهات الممولة للمشاريع الصغيرة فالأصغر , وحققت نجاحات متعددة على مستوى محافظات الجمهورية .
البيئة الاقتصادية
يرى الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الحميري أن ندرة تواجد سيدات الأعمال في اليمن ظاهرة يمكن تفسيرها من خلال عدة جوانب ثقافية واجتماعية واقتصادية فمن حيث بعدها الثقافي والاجتماعي نجد أن الموروث الاجتماعي والثقافي وخاصة في جانبه الديني لم يكن موروثا يحث المرأة على الخروج من البيت للعمل وبالتالي ظلت مجتمعاتنا بسبب هذه الثقافة الموروثة تضع القيود التي تكاد تحرم عمل المرأة خارج البيت واستثنى من ذلك الظروف الاستثنائية أو القاهرة التي تدفع المرأة للخروج والعمل خارج البيت وممارسة أنشطة التجارة والصناعة وغيرها سواء بمحرم أو بدون محرم فتجذر هذا الواقع الذي يتنافى وغايات ومقاصد ديننا الحنيف.
أما البعد الاقتصادي من وجهة نظر الدكتور الحميري فأنه يكمن في ضعف الإنتاج الصناعي والزراعي وضعف الأسواق وحركة التجارة وكلها أسباب لم تكن تستلزم دفع الرجال والنساء من أبناء المجتمع للانخراط جميعهم في هذا النوع من الأنشطة باعتبار أن فرصة العمل في مجال الأعمال لم تكن واسعة جدا لتسمح للمرأة بمزاحمة الرجل فيها أو لقيام منافسة بينهما في هذا المجال , وتابع بالقول: إلى حوالي عقدين من الزمن لم تكن قد تعددت مناشط العمل التي يمكن أن تمارسها المرأة في السوق ولم تكن قد برزت على السطح ضغوطات اقتصادية قوية على أبناء المجتمع تدفع بهم إلى تقبل فكرة خروج النساء لممارسة وإدارة أعمال كتلك التي ظهرت مؤخرا ودفعت أو أغرت بعض السيدات للمغامرة في دخول هذا السوق والإبحار فيه بنجاح وهو النجاح النسبي الذي كان قد ساعد على تحقيقه البيئة الأمنية والاقتصادية والثقافية التي كانت قد بدأت تسود في اليمن عقب إعادة تحقيق الوحدة اليمنية وكانت قد بدأت تعد بيئة محفزة ومشجعة للنساء على الدخول في هذا الميدان .
اختلالات أمنية
وقال: الوضع الحالي الذي يوصف بندرة وجود سيدات أعمال بل وربما تراجع ميل السيدات للمشاركة في إقامة وممارسة مثل هذه الأعمال الجديدة يعيد أسبابه إلى الاختلالات الأمنية وحالة الفوضى التي عمت مجال وبيئة الأعمال لكنه توقع أن تختفي هذه الأسباب قريبا وأن تظهر بدلا منها ظروفا اجتماعية وأمنية واقتصادية ستهيئ الفرصة أمام السيدات للتنافس والنجاح في هذا الاتجاه.
فيما تقول الخبيرة الاقتصادية جميلة العثماني : يمكن القول إن بيئة الاستثمار في اليمن بيئة منفرة بشكل عام للرجال والنساء ومن ذلك إن النساء لا يساهمن بالنشاط الاقتصادي والحياة العملية بشكل عام فكيف بهن سيدات أعمال ولفتت إلى أن ثقافة الادخار السائدة بين النساء اللاتي يقمن من خلالها بحفظ أموالهن إن وجدت بشكل ذهب أو عقارات قد تكون واحدة من بين أسباب عزوف النساء عن دخول الأعمال التجارية.
شريكة لأقاربها
الدكتور عبدالرحمن صلاح – جامعة صنعاء يعيد سبب ندرة وجود سيدات في اليمن إلى صعوبة البيئة الاستثمارية في اليمن والتي هي بيئة صعبة حد قوله لوجود رجال أعمال جدد فضلاٍ عن وجود سيدات أعمال وقال : إن ذلك يرجع إلى المستثمر الناجح في اليمن الذي لا يعتمد على ذكائه وماله فقط وإنما يحتاج إلى القوة لحماية استثماراته ويحتاج إلى العلاقات والنفوذ وهو الأمر الذي لا يتاح للمرأة في ظل ظروفها الاجتماعية , ويرى سببا آخر يعيده إلى الظروف الاجتماعية التي تعيشها المرأة في اليمن و التي تربي في معظم الأحيان كعائل لا معيل للآخرين ويعيب عليها النزول إلى الاسواق إلا كزبونة لا بائعة . ومع ذلك يلاحظ أن البعض من النساء تمارس الأعمال التجارية كشريكة لأقاربها و هو ما يمكنها من التحرك بسهولة أكثر .
غياب القوانين
خبير التنمية مهدي الغيثي ينظر للقضية من زاوية تردي الأوضاع الأمنية وعدم تطبيق النظام والقانون وبالتالي خضوع الكل لسيادة القانون وقال: المرأة اليمنية التي تملك السيولة وإن أرادت أن تستثمرها فهي لا تستطيع تشغيلها لتخوفها من عدم وجود أمن واستقرار وعدم وجود بيئة مناسبة للعمل كون الوضع غير مناسب وتوجد العديد من المشاكل التي لا تقدر المرأة على تحملها بمفردها.
الثقافة المجتمعية
اخصائية علم الاجتماع الدكتورة آمنة الشريف توضح بأن مجتمعنا اليمني مقيد بكثير من العوائق التي تحد من نشاط سيدات الأعمال وخاصة من قبل أقاربهن مما يجعلهن يلجأن إلى الشراكة مع أقاربهن أو استثمار هذه الأموال باسم أحد اقاربهن نتيجة لثقافة العيب المجتمعية المغلوطة وانحسار دور المرأة في المنزل وعدم تقبل فكرة عمل المرأة لدى العديد من الأسر والهيمنة الذكورية على الساحة الاقتصادية والجهل والأمية المنتشرة والزواج المبكر وغياب مرافق البنية التحتية لاستثمار المرأة , وضعف الانتاجية , وغياب الأنظمة المحفزة لمشاركة النساء في المجال الاستثماري والاقتصادي .
وتؤكد على ضرورة تعزيز وسائل وسبل التوعية المجتمعية بضرورة وأهمية عمل المرأة ودورها في التنمية والاقتصاد الوطني من خلال وسائل الاعلام المرئية والمقروءة والمسموعة وإقامة الندوات التوعوية والمؤتمرات التثقيفية ودعم مكانة المرأة وتمكينها اقتصاديا.
ولفتت الشريف إلى أنه في المجال الاقتصادي يدعم القانون اليمني حق المرأة اليمنية في التمتع باستقلالية اقتصادية ويحق لها أن توقع عقودا وتدير ممتلكاتها الخاصة.
في ذيل القائمة
وفي السياق أظهرت دراسات اقتصادية أن معدل المساهمة الاقتصادية للمرأة اليمنية يقل عن معدل المساهمة الاقتصادية للرجل بنحو 74.1 في المئة أي بثمانية أضعاف تقريباٍ و تؤكد التقارير البشرية والعلمية الصادرة عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة عن أداء المرأة اليمنية في المجال الاقتصادي مقارنة بالمرأة في العالم أن المرأة اليمنية تحتل المرتبة قبل الأخيرة من بين ( 147 ) دولة بسبب انعدام المساواة حيث بلغ 76 ألفاٍ فقط مجموع النساء العاملات بمعدل 10 آلاف سنوياٍ .