أكاديميون لـ”الثورة”: مبادرة القيادة السياسية للسلام والمصالحة الوطنية فرصة ذهبية قد لا تعود مستقبلاً

 

د.حميدالدين:
الدعوة تعكس حرص القيادة العليا على تجنيب اليمنيين المزيد من المآسي والدماء التي ترهقهم منذ خمس سنوات من العدوان
د. الغيش:
تجسيد عالٍ للشعور بالمسؤولية تجاه الوطن والمواطن

تمثل دعوة المجلس السياسي الأعلى للمصالحة الوطنية الشاملة الفرصة الذهبية والوقتية الأمثل لأدوات العدوان لاستغلالها والعودة إلى صوابهم وإلى أحضان الوطن وتسوية الأزمة داخلياً وطي صفحة التدخل الخارجي للابد.. ولن تعود هذا الفرصة مستقبلا أو تتكرر فمن لم يعد اليوم لن يقبله أحد بعد فوات الأوان، وتأتي أهمية المصالحة الوطنية في الوقت الراهن بعد سلسة احداث تكشفت فيها نوايا تحالف العدوان ومشروعه التخريبي في اليمن، وبدأت بتمرير مشروع مليشيات الانتقالي للانقلاب على ملبشيات هادي وحصد ارواح العشرات منهم بالطيران في نقطة العلم وأعقب ذلك استهداف الطيران السعودي أكثر من 200 أسير تابعين لهم في ذمار، وقد كانت دعوة المجلس السياسي للمصالحة الوطنية صادقة وعملية بتشكيل لجنة المصالحة الوطنية والنظر في أوضاع السجناء السياسيين وإيقاف العمليات العسكرية على الحدود السعودية والتي يروح ضحيتها عشرات اليمنيين الذين يقاتلون بالنيابة عن الجيش السعودي..
اكاديميون تحدثوا لـ”الثورة” عن أهمية هذه الدعوة في الوقت الراهن والخطوات العملية التي قدمتها القيادة السياسية لإثبات حسن النية..
الثورة / أحمد السعيدي

في مبادرة اطلقها الرئيس مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى دعا فيها جميع الفرقاء من مختلف الأطراف إلى الانخراط الجاد في مفاوضات جادة وحقيقية تفضي إلى مصالحة وطنية شاملة لا تستثني أي طرف من الأطراف، وقد أطلق فكرة تشكيل فريق وطني مفتوح العضوية للراغبين من المكونات المخدوعة بالعدوان الأجنبي حقناً للدم اليمني وحرصاً على ما تبقى من أواصر الإخاء وتغليباً للمصالح الوطنية العليا، وشد على يد الفريق في مواصلة ومضاعفة جهود التواصل مع مختلف الأطراف اليمنية، كما جدد العفو العام ودعا كل المخدوعين من أفراد وقيادات إلى استغلال هذه الفرصة والعودة إلى حضن الوطن وجادة الصواب ودعا في المبادرة دول العدوان وعلى نحو فوري إلى رفع الحظر عن مطار صنعاء الدولي ووقف اعتراض السفن المتجهة إلى ميناء الحديدة واحترام معاناة الشعب اليمني .. وقطعاً للذريعة المثارة حول إيرادات ميناء الحديدة وحول ما يتوهمه تحالف العدوان من تهريب السلاح عبر الميناء أكد الاستعداد لتوريد الإيرادات إلى فرع البنك المركزي، ودعا في مقابل ذلك إلى القيام بتغطية العجز وبما يحقق الوفاء بتسليم مرتبات الموظفين في عموم محافظات الجمهورية اليمنية، كما خاطب آلية التحقق والتفتيش التابعة للأمم المتحدة إلى الالتحاق بعملها في الميناء، وذكّر بأننا سبق أن أصدرنا قرارات ومطالبات متكررة بذلك حرصاً منا على السلام والتخفيف من معاناة الشعب اليمني.. وفي ختام المبادرة وجه الرئيس المشاط الجهات المعنية بفحص قضايا وملفات نزلاء سجون الجمهورية اليمنية الواقعة في إطار سلطة المجلس الأعلى وإطلاق سجناء الرأي وكل سجين لم تثبت بحقه تهمة ما لم يكونوا أسرى أو مسجونين على ذمة التورط في جرائم تمس حقوق المواطنين أو متورطين في خيانة البلد، ودعا دول العدوان إلى الكف عن عرقلة اطلاق الأسرى والانخراط بإيجابية في عملية تبادل شامل وكامل لجميع الأسرى من الجانبين سواء دفعة واحدة أو على مراحل.
الدكتور احمد عبدالملك حميدالدين- عضو هيئة مكافحة الفaساد ومستشار الرئيس الشهيد صالح الصماد للشؤون القانونية سابقاً – تحدث عن اهمية هذه المصالحة قائلًا :
” التوجه العام للدولة هو أن تقي الشعب اليمني المآسي والدماء التي يعانيها منذ خمس سنوات من العدوان، وحينما وصلت الدولة الى مصدر القوة وتوازن الردع ومن منطلق القوة اتجهت يد الدولة الى جميع الاطراف في الداخل والخارج وخصوصاً أن العدوان السعودي الاماراتي كلف الشعبين العربيين السعودي واليمني مزيداً من الخسائر والدماء ومزيداً من الضعف الذي يخدم العدو الصهيوني الذي يعتبر المستفيد الأول من إضعاف الشعوب العربية والاسلامية التي تواجهه.. ومن منطلق القوة نحن الآن بحمد الله تعالى في موقف الدفاع عن طريق الهجوم والردع ولهذا تمد الدولة يدها لهؤلاء وتقول لهم يكفي فقط أن تتوقفوا عن العدوان مع أن المتطلبات كثيرة والمتمثلة في التعويض ومسؤولية هذه الدماء، ولكننا نطالبهم فقط بالتوقف عن العدوان على ارضنا وعلى هذا البلد الذي من أول يوم اتخذ الحرب الدفاعية ثم وصلنا الى المستوى الذي يجعل من قولي هذا قولاً منطقياً عادلاً وهذه الخطوة للقيادة السياسية في حيز محدد، بمعنى اننا سنتوقف عن ضربكم في ما وراء الحدود لكنكم تستمرون في دعم المرتزقة الذين ليس لهم أي مبرر في مواصلة رفع لواء المعتدي، لذا عليهم ان يستغلوا مبادرة الرئيس المشاط الواضحة كل الوضوح وأصبح لها صدى واسع في الداخل والخارج والمجتمع الدولي وتناولتها الصحف الغربية وهذه المبادرة سبق أن طرحها الرئيس المشاط قبل عامين وقد كنا وصلنا إلى مشارف جيزان ونجران، ولذلك ليفهم الجميع أن هذه المبادرة ومد هذه اليد لحقن دماء الجميع والحفاظ على مقدرات البلدين ونحن نعلم انهم ليسوا سوى اداة تنفذ مشاريع خارجية ”
مصالحة من موقف قوة
فيما تحدث الدكتور امين الغيش- أستاذ النظم السياسية في جامعة صنعاء- عن هذه المبادرة قائلا:
” أبدأ بخالص الشكر وعظيم التقدير لجيشنا ولجاننا الشعبية وأجهزتنا الامنية وقبائلنا الشريفة الحرة وشعبنا اليمني العظيم وهي موصولة لقيادتينا الثورية والسياسية.. وبالانتقال إلى موضوع المصالحة الوطنية فهي تحتل اهمية كبيرة وبالذات في فترات الانتقال عندما نكون في عملية انتقال من وضعية الى وضعية أو من نظام إلى نظام، وتحتل اهمية كبرى عندما تتعرض الدولة لعدوان مثل ما يحدث في اليمن وهناك متعاونون مع هذا العدوان، وتحتل ايضاً اهمية كبيرة في حالة الصراعات المسلحة والنزاعات الاهلية وبالتالي يقال “ليس من الضروري أن تكون ديمقراطياً لكن من المهم أن تكون عقلانيا” وهذا في فترات الانتقال.. وصحيح أن المصالحة في حد ذاتها تتناقض مع آلية الديمقراطية، فهي ليست على اساس انها عملية انتخابات او ما شابه لكنها- المصالحة- تسمح بالحد من الصراعات القائمة وتؤكد في نفس الوقت احترام حقوق بقية الفئات في المجتمع، وبالتالي فإن المصالحة بهذا المعنى ليست مجرد تعبير عن مرحلة وإنما مشروع طويل الأمد يعبّر عن استشعار اهمية الحد من الصراعات واعتماد آلية مسالمة بدلاً من منهجية العنف وطبعاً هذه المصالحة هي مدخل لبناء الدولة، وتأتي اهمية المصالحة ايضاً في انها تضمن الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة التي اقرها المجلس السياسي الأعلى وأصدرها الرئيس مهدي المشاط وأحد عناصرها الاساسية والمتقدمة هو موضوع المصالحة الوطنية التي تضمنتها مبادرة الرئيس المشاط السياسية التي دعا فيها دول العدوان إلى وقف عدوانهم على اليمن وكانت مبادرة أحادية الجانب اعلنا فيها وقف الهجمات على المنشآت والاهداف في العمق السعودي مقابل أن ترد السعودية التحية بمثلها، كما تتضمن المبادرة دعوة جميع الفاعلين السياسيين في الجمهورية اليمنية ومنهم المنخرطون في هذا العدوان إلى مفاوضات جادة وحقيقية تفضي الى مصالحة وطنية شاملة.. وصحيح وحسب ما نفهم أن المصالحة الوطنية تكون مع المظلومين وليس مع الظلمة بمعنى أن هؤلاء هم ادوات العدوان على اليمن، وأنا شخصياً لا اقتنع بأن تكون هناك مصالحة وممكن أن تكون مع الصف الثاني أو الثالث الذي لا يؤيد العدوان او له رأي مختلف عما سارت عليه قياداته لأني في الحقيقة اعتقد أن الخونة والعملاء لا تصالح معهم ولا تفاوض معهم فمن اراد منهم أن يتوب ويعود الى الوطن فما عليه إلا أن يعيد توجيه بندقيته وهو في الجبهة ولا يحتاج العودة الى صنعاء او إلى تعز او ذمار فهو الآن في جبهة يقاتل مع العدوان ضد الفصيل الوطني اليمني فإذا اراد إلا أن يُكّفر عن ذنبه او يصالح نفسه مع الله ثم مع نفسه والوطن والشعب فما عليه إلا أن يعيد توجيه بندقيته الى دول العدوان والواقفين في صف العدوان ويخلق جبهة متقدمة للجيش واللجان الشعبية، فنحن اكثر معاناتنا في القتال في الجبهات الحدودية نجران وجيزان وعسير وللأسف أن المرتزقة والعملاء اليمنيين هم من يقاتلون مع السعودية ولولاهم لكنا استعدنا مناطقنا المنهوبة باسم اتفاقية الطائف وما تلاها باسم اتفاقية جدة .. هذا هو تصوري للمصالحة الوطنية بأن تكون مع المظلومين مثل انصار الله الذين شنت عليهم ست حروب فهناك ظلم وقع عليهم من السلطة وبالتالي عندما نتكلم عن المصالحة الوطنية فمشروعيتها وجود الظلم والازمات ولكن من شروط نجاحها قبول جميع الاطراف بعضها ببعض بمعنى ما دمت سأدخل معك في تفاوض فلا يجوز أن نقصي أحداً والشرط الثاني رفض استخدام العنف كما نرفض الاقصاء والشرط الثالث لنجاح هذه المبادرة والمصالحة لابد أن تتقدم فيها السلطة والسلطة في وقتنا الحاضر هي سلطة المجلس السياسي الأعلى وقد تقدم المجلس السياسي بالمبادرة على الرغم من انهم كانوا من المظلومين سابقاً وكان يفترض التصالح معهم ورد الاعتبار لهم لكن الآن باعتبارهم السلطة وأن يبادروا بهذا الشكل فمعنى ذلك أنهم اناس يتحلون بشعور عال جداً من المسؤولية تجاه الوطن والمواطن وتجنيب اليمن مزيداً من الدماء والخراب و الدمار، ونحن نلاحظ ان هذا العدوان لم يستثن احداً لا الذين هم ضد العدوان ولا الذين هم معه الكل في ميزان واحد ، وبالتالي هذه المبادرة التي تقدم بها رئيس المجلس السياسي تصب في عدة عدة جوانب لدرجة أن هذه المبادرة شملت بعض القضايا في الجانب الاقتصادي والاجتماعي وجانب الأسرى وغيرها، وتحدثت عن تسوية سياسية بين اليمنيين وهذه نقطة هامة جدا ولكنها في اطار المصالحة الوطنية ووفق مبادئ العدل والقانون الدولي لأن أي تسوية سياسية لا تكون تحت هذا المبدأ فإن القانون الدولي يرفضها تماماً ” .

قد يعجبك ايضا