رحلة البحث عن الحياة.. الهجرة غير الشرعية

د. جابر يحيى البواب

بسم الله الرحمن الرحيم (وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) صدق الله العظيم سورة النساء الآية 100.
هجرة البشر عبر التاريخ من منطقة إلى أخرى هي ظاهرة إنسانية قديمة وإحدى القوى المحركة للتطور الإنساني، حيث شهدت المنطقة العربية منذ فجر التاريخ موجات متعاقبة من الهجرات والتنقل من الجزيرة العربية إلى المناطق المحيطة، من كنعانية وأشورية وغيرها؛ ولعل الفتح الإسلامي شكل الهجرة الأخيرة في هذا الإطار، وإذا كان دافعه دينياً، فإن دافع الهجرات السابقة اقتصادي بامتياز، إذ كلما ضاقت سبل العيش في منطقة ما يسعى أبناؤها نحو آفاق جديدة؛ وإذا كانت الظروف الحياتية والمناخية تفرض في أحيان كثيرة على الإنسان الانتقال المستمر من مكان إلى آخر، فإن المجاعة والفقر والزلازل والفيضانات وانتشار الأمراض والحروب وبالأخص الحروب الأهلية، كلها عوامل فرضت على الإنسان الهجرة من موطنه إلى دول ومناطق أخرى.
تشكل قضية الهجرة غير الشرعية أخطر القضايا الاجتماعية التي لا تزال تؤرق المجتمع الدولي، وهي مشكلة شديدة الحساسية كونها تمس جميع شرائح المجتمع الدولي، بحيث أصبحت الظاهرة لا تقتصر على الشباب وخاصة الذكور منهم، بل ارتفع خط بيانها إلى فئة الإناث، وتعد الهجرة غير الشرعية ظاهرة عالمية موجودة في الدول المتقدمة كالولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول الاتحاد الأوروبي، أو الدول النامية في آسيا كدول الخليج العربي ودول المشرق العربي، وفي أمريكا اللاتينية، وفي أفريقيا.
إن الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا زاد من تفاقمها الواقع المرير الذي تعانيه شعوب القارة من عدم استقرار سياسي، وعدم استتباب الأمن، ومعاناة الفقر في أغلب بلدان الدول النامية، وشعب اليمن أحد الشعوب التي تعاني من الفقر والبطالة نتيجة للحصار والعدوان الظالم الذي فرضه تحالف الشر على يمن الإيمان والحكمة، حيث يستخدم المهاجرون غير الشرعيين سواحل بلدان المغرب العربي -المغرب وتونس وليبيا والجزائر وموريتانيا – مناطق عبور إلى سواحل جنوب أوروبا.
لقد أخذت الصواريخ والقنابل المحرمة دوليا والتي أرسلتها طائرات تحالف الشر والعدوان إلى شعب الإيمان والحكمة.. أخذت أرواح الكثير من الأطفال والشباب والنساء والشيوخ الأبرياء، كما أخذت البحار والمحيطات أرواح شباب متطلع باحث عن الحياة عبر رحلة الموت فوق أمواج الهجرة غير الشرعية هروبا من الحال الاقتصادي السيء الذي وصلت إليه اليمن نتيجة للحصار الاقتصادي وهروبا من انتظار الموت تحت أنقاض المنازل والمؤسسات والمستشفيات والمدارس والجامعات المدمرة بصواريخ آل سعود وآل زايد المرسلة كذبا لاستعادة ما يسمونها الشرعية التي حوَّلت أبناء اليمن السعيد إلى لمهاجرين غير شرعيين وقدمتهم قربانا لرحلة البحث عن الحياة.
لا أعتقد أن الكارثة التي حدثت لمجموعة من الشباب الهاربين من عدن عام 2016م نتيجة للحالة الأمنية السيئة ووقوعهم في الأسر لدى جماعة ليبية مسلحة وكذا هجرة العديد من العوائل من مدنهم ونزوحهم هربا من الحرب والعدوان، أيضا غرق الإعلامي الشاب الشهيد محمد الأهدل في البحر الأبيض المتوسط وعثور خفر السواحل الجزائري على جثته في 28 من فبراير 2019م، أو غرق الرياضي الاولمبي نجم رياضة الكونغ فو هلال علي محمد الحاج في المحيط يوم التاسع عشر من شهر سبتمبر 2019م أو غيرهم ممن راحوا ضحايا للهجرة غير الشرعية طلبا للرزق أو هروبا من وضع البلاد المتدهور.. لا أعتقد أنها ستكون آخر الأحزان طالما استمر العدوان واستمرت العمالة والارتزاق والارتهان للخارج واستمر الفساد والاتجار غير المشروع الذي يديره تجار الحروب وأصبح ضحيته شعب مغلوب على أمره ينتظر الفرج من الله والانتصار على أيدي رجال الرجال الوطنيين الأحرار.. “تحيا الجمهورية اليمنية”.

قد يعجبك ايضا