اليمن يواجه العدوان بالزراعة

جهود وطنية لتحقيق الأمن الغذائي وصولاً إلى اكتفاء اليمن ذاتياً من الحبوب

الثورة / محمد شرف الروحاني
منذ بداية العدوان على اليمن استخدم العدوان الورقة الاقتصادية والحصار المطبق ومنع دخول الواردات والمواد الغذائية كسلاح في محاولة لإركاع الشعب اليمني عن طريق تجويعه ومن هنا أتى إنشاء المؤسسة العامة للحبوب كضرورة فرضها العدوان القائم على اليمن ومحاصيل الحبوب هي محاصيل استراتيجية مرتبطة بسيادة البلدان وتحرر قراراتها فلن يتمكن اليمن من نيل حريته وامتلاك قراره السيادي إلا إذا تمكن من إنتاج احتياجاته من الغذاء .
كل هذه العوامل مثلت ضرورة لأن تقوم الحكومة ممثلة بوزارة الزراعة والري بالمبادرة إلى إنشاء مؤسسة إنتاج وتنمية الحبوب بهدف رفع نسب الاكتفاء الذاتي لتأمين الغذاء الذي يرتبط ارتباطاً أساسياً باستقلالية القرار اليمني وتحرير الإرادة اليمنية .
وتم إنشاء المؤسسة العامة لإنتاج وتنمية الحبوب بقرار من اللجنة الثورية العليا بالقرار رقم (366) لسنة 2016م وتمت إجراءات إنشاء المؤسسة لأهمية موضوع زراعة الحبوب في مواجهة العدوان كخيار لا بد منه في توفير الغذاء لنمتلك القوة كسلاح لا يقل أهمية عن السلاح العسكري .
أهداف مرسومة
ومنذ اليوم الأول من إنشاء المؤسسة العامة لإنتاج الحبوب وضعت المؤسسة لها أهدافاً تسعى إلى تحقيقها على المدى القريب والمتوسط والبعيد وأهم هذه الأهداف التوسع في المساحات الزراعية وتنمية المجتمعات المنتجة للحبوب والمساهمة في توفير وتطوير مستلزمات الإنتاج ونقل التقنيات , إضافة إلى رفع نسبة الاكتفاء الذاتي من الحبوب بصورة تدريجية بما سيتم إنتاجه محلياً وصولاً لتحقيق الأمن الغذائي من محاصيل الحبوب .
أما الهدف الثاني فيتمثل بزيادة إنتاج الحبوب وزيادة نسبة الاكتفاء الذاتي بصورة تدريجية وصولاً إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب بشكل عام والقمح بشكل خاص إلى جانب تعزيز وتطوير إنتاج الحبوب وتخفيض تكاليف الإنتاج وحماية إنتاج محاصيل الحبوب المحلية ودعم وتشجيع المزارعين في مناطق الزراعات المطرية على زراعة المدرجات والأراضي الزراعية في تلك المناطق وإدخال التقنيات الزراعية الحديثة.
أما الهدف الثالث فيتمثل في تحسين التسويق وتطوير السعة التخزينية للمحاصيل وعمل مخزون استراتيجي من الحبوب بشكل عام والقمح بشكل خاص وتشجيع ودعم البحوث الزراعية الهادفة إلى تطوير الإنتاجية للزراعات المطرية والمروية.
الأراضي المزروعة
ركزت المؤسسة العامة لإنتاج وتنمية الحبوب على مناطق الإنتاج الرئيسية في تهامة والجوف وبدرجة أساسية وكذلك المرتفعات الشمالية والوسطى وعملت في اتجاهين عن طريق استئجار أراض مناسبة تقوم باستصلاحها وزراعتها، وهدف المؤسسة هنا هو تقديم أنموذج لمزارع نموذجية باستخدام وسائل الميكنة الزراعية الحديثة الذي تساعد المزارع في تحسين الإنتاج وتقليل التكاليف ، ومن ثم يتم تعميمها على المزارعين لتطبيقها على مزارعهم .. والجانب الآخر تنفيذ عدد من المشاريع لخفض تكاليف الإنتاج عن طريق دعم المزارعين بالغطاسات وتمويل ودعم المزارعين بالبذور المحسنة وعملية الحراثة حيث تقوم بتمويل ودعم المزارعين بالبذور المحسنة وفي نهاية الموسم يتم الاسترداد مقابل التمويل المقدم حبوباً ونفذت المؤسسة ذلك في محافظة الجوف بمديريات المطمة والزاهر والمتون وكذا “تهامة “محافظة الحديدة بمديريات زبيد والجراحي وبيت الفقيه وباجل، والمنيرة والضحي والقناوص ومحافظة حجة بمديريات (عبس، بني قيس، مستبأ وحرض، وبكيل المير) وكذلك المرتفعات الشمالية بمحافظات صنعاء وذمار والمحويت وعمران والمرتفعات الوسطى بمحافظتي إب والبيضاء ومحافظة تعز .
البحوث الزراعية وأهميتها
وفي 21 من الشهر الحالي نظمت المؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب، بصنعاء فعالية الورشة الوطنية (تعزيز دور البحوث الزراعية في تنمية وإنتاج الحبوب) بمشاركة أكثر من 32 أكاديمياً زراعياً.
وأكد مدير العام التنفيذي لمؤسسة تنمية وإنتاج الحبوب المهندس أحمد الخالد، أن الورشة أتت في إطار العمل المشترك لتحقيق الاكتفاء الذاتي في تنمية وإنتاج الحبوب ومن اجل الاستفادة من خبرات الباحثين في تحديد أولويات العمل على في تطوير وتحسين إنتاج الحبوب والبقوليات بما يضمن الوصول لتحقيق زيادة في الإنتاجية عملاً لمبادئ الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة .. مشيراً إلى أن المرحلة الراهنة تتطلب تعزيز التكامل والجهود الوطنية للاتجاه الفعلي نحو تحقيق الأمن الغذائي لشعبنا اليمني الذي يعاني من وطأة العدوان والحصار لأكثر من أربعة أعوام على التوالي .
من جانبه أكد رئيس الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي الدكتور منصور العاقل، على أهمية الورشة في الخروج بتصورات هامة جداً تضيء الطريق للوصول الى مرحلة متقدمة من مراحل الاكتفاء الذاتي.
وقال العاقل: إن البحوث الزراعية تمثل أساس التنمية الزراعية ولا يمكن لأي بلد النهوض في مجال الأمن الغذائي إلا من خلال الاهتمام بالبحوث وتطوير التقنيات البحثية في المجال الزراعي.
مرحلة جديدة
المتخصص في جودة وإنتاج القمح الدكتور حسن عامر وأحد المشاركين في الورشة أكد أن اليمن أمام مرحلة مهمة جداً تتطلب الاتجاه نحو تحقيق الأمن الغذائي عن طريق عوامل رفع الإنتاجية عبر التوسع الزراعي الأفقي والرأسي والتي تعتمد على الأصناف الموجودة، وتحديد الفجوة في إنتاجيتها من حيث الأصناف أو الزراعة والمستلزمات الأخرى.
وأضاف عامر: الوقت الراهن في التوسع الأفقي في زراعة القمح، يتطلب استصلاح الأراضي، وأن تكون الأصناف مرتكزة على الزراعة المطرية التي نحتاجها للحصول على كميات إنتاج اقتصادية .. مشيراً إلى أن هناك تدنياً في الإنتاج، ولكن نستطيع رفع الإنتاجية عبر استغلال المساحة الزراعية التي تشكل 70 % من مساحة اليمن.
مضيفاً إنه يجب أن تتركز الزراعة على الأراضي المطرية والأصناف المقاومة للجفاف، وأيضا الاهتمام بالمحاصيل المحلية التي يجب أن تغير الأنماط الغذائية.
اتجاه فعلي نحو تحقيق الأمن الغذائي
مدير عام التخطيط والسياسات في الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي والمتخصص في مجال التقنيات الحيوية الزراعية الدكتور حسان علي محمد الخولاني يتحدث قائلاً : في ظل هذه الظروف من العدوان وانعدام المدخلات الزراعية جراء الحصار المفروض على مختلف المنافذ البرية والبحرية والجوية لبلادنا علينا الاتجاه الفعلي نحو استخدام التقنيات الزراعية الموجودة لدى المؤسسات الزراعية وإخراجها إلى حيز الوجود، مع ضرورة إيجاد التمويلات المطلوبة بالحد الأدنى وتكييف الإمكانيات والتقنيات على ظروف المزارعين في الوقت الراهن، من حيث البذرة المحسنة والتسميد من المخلفات الحيوانية، واستخدام المقننات المائية للمحاصيل باستخدام شبكة الري الحديثة والتوسع نحو الطاقة البديلة في رفع المياه.
وأوضح الخولاني أن هذه المنظومة ستعمل على تقليل التكاليف، وبالتالي سوف تعمل على تشجيع المزارع في رفع إنتاج الحبوب، حينها نستطيع الاتجاه الفعلي نحو تحقيق الأمن الغذائي وصولا للاكتفاء الذاتي 100 %.
ويضيف: نحن ننتج اليوم في حدود 7 % من احتياجنا للحبوب، ولو استطعنا تحقيق 30 % من زراعة القمح، سنستطيع فعلا التقليل من فاتورة الاستيراد بدلا من الاعتماد على الغير في توفير الغذاء.
جودة وقيمة غذائية
مدير عام البحوث في الهيئة العامة للبحوث الدكتور عبدالله سيلان أشار إلى أن مسألة الاكتفاء الذاتي تحتاج إلى فترة زمنية كبيرة، ولكن ما يهم الجميع حالياً في اليمن هو تحقيق الأمن الغذائي، الذي كلما اتجهنا لتحقيقه أكثر كلما حققنا تقدماً نحو الوصول للاكتفاء الذاتي.
وأكد سيلان ان تقليل فاتورة الاستيراد من الغذاء مسألة مهمة في ظل ما تتعرض له بلادنا من عدوان وحصار غاشم، وضرورة ملحة في توفير الدعم المادي والمعنوي للمزارعين في زيادة إنتاج الحبوب المستهلكة محليا.
وأضاف : نحن نتجه نحو زيادة المساحات الزراعية وتطبيق التقنيات الحديثة التي تؤدي إلى زيادة الإنتاج عبر الاتجاه “الرأسي والأفقي” بما يجعلنا نحقق نجاحات كبيرة خلال المرحلة الأولى.
وبين أن إنتاج الحبوب محلياً يضمن إنتاج أصناف جيدة ومناسبة للنظامين المطري والمروي، بالإضافة إلى وصولها للمستهلك بطريقة صحيحة، وضمان جودة وقيمة غذائية أفضل بكثير من القمح المستورد الذي يعتبر من الدرجة الخامسة.

قد يعجبك ايضا