العدوان يفشل في تعكير أجواء استقبال اليمنيين لشهر رمضان

إدارة الازمات تفوت الفرصة على أدوات العدوان في الداخل
تقرير / محمد الفائق
ما ان يواجه الوطن مزيدا من التحديات والصعاب حتى يتعرض لحملات مضادة تحاول الكيل بمكيالين وتسعى لهدمه قوى العدوان من حيث تدري ومن حيث لا تدري ايضا .. مثال ذلك ما حدث من اضطراب مالي في السوق المالية وارتفاع سعر صرف العملة الصعبة بشكل مفاجئ ارتفعت معه الاسعار في كل شيء اقلق الناس وزاد من توترهم وسخطهم واستغلال البعض لمثل هذا الخلل لكيل الاتهامات في اشخاص بعينهم وتصوير الوضع بالكارثي والمتأزم وتناسي الاسباب الحقيقية في مثل هذه الاختلالات ومن يقف وراءها وما الهدف منها .. ولأننا شعب عاطفي تجتاحنا الشائعات سريعا وتحتوينا ونصدقها من دون تريث ولكنا في ذات الوقت شعب كريم وعظيم يأبى أن يخضع أو يركع لقوى العدوان ومرتزقته وأدواته الذي يواصل حصاره منذ اكثر من عام وثلاثة اشهر ويمارس في عدوانه أبشع واقذر الأساليب وبعد ان اثبت فشله في تحقيق اي انتصار في جبهات القتال ومني بهزائم وخسائر كبيرة, هاهو يعاود الكرة من جديد في محاولة لاخضاع الشعب اليمني من خلال تضييق الخناق على اقتصاده وموارده وتدمير استقراره التمويني.
ارتفاع سعر الصرف
فوجئ الجميع بالارتفاع غير المسبوق للدولار الامريكي مقابل الريال قبل ايام ووصوله الى 350 وما رافقه من ارتفاع لاسعار المشتقات النفطية والغاز المنزلي والمواد الغذائية الاساسية والذي تسبب في خلق حالة من الفوضى والقلق والسخط لدى المواطنين خصوصا مع اقتراب شهر رمضان ..
لم يكن ذلك الارتفاع كما يقول خبراء اقتصاد ناتجاً عن سوء ادارة او ناتجاً عن سحب وديعة وانما استمرار للحصار الاقتصادي على اليمن من قبل قوات العدوان ومنع البنوك العالمية التعامل مع البنوك المحلية .. الى جانب احتياجات التجار الى توفير  متطلبات شهر رمضان من المواد الغذائية المستوردة التي تحتاج ما يقارب 100مليون دولار كحد ادنى وهو ما تسبب باختفاء العملة الصعبة من السوق المالية وخلق حالة ارباك واقلاق للمواطنين.
إجراءات سريعة ولا رفع للأسعار
ادارة الازمات في مثل هذه الظروف كان لا بد من العمل بها وبصورة سريعة لتفادي الاشكاليات ومواجهة التحديات والحد من الاستغلال الجشع الذي ابداه بعض التجار في هذه المحنة التي يمر بها الوطن .. فكانت الخطوات الاولى تكمن في توحيد كلمة البيوت التجارية والتي ابدت هي الاخرى استعدادها التام والكامل على اعادة الاوضاع الى ما كانت عليه والحفاظ على الاستقرار التمويني .. وطمأنت المواطنين بعدم الخوف أو القلق .. وهو ما أكده أيضا الاجتماع الموسع  الذي عقد بالعاصمة صنعاء برئاسة رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي وضم ممثلي الجانب الحكومي والبيوت التجارية والاقتصادية وسوق الصرافة المحلية وتشكيل ادارة ازمات اقتصادية للحد من أي تلاعب بالاستقرار التمويني أو استغلال حاجيات الناس وتفويت الفرصة على المتربصين من قوى العدوان وادواته في الداخل.
عدو للشعب وللوطن
ليس هناك أشد وأسوأ ممن يقتل الناس ويسفك الدماء سوى ذلك المحتكر والمتاجر بالأزمات والمستغل للأوضاع من اجل الارتزاق والكسب السريع غير المشروع .. وهو ما اتفق عليه الجميع من جهات حكومية وتجار ومصرفيين, معتبرين  أي متلاعب بأسعار السلع والعملة عدوا للشعب من منطلق التكامل والحرص الجماعي على أمن واستقرار البيئة الاقتصادية اليمنية التي تمثل وطن الجميع في الواقع الاقتصادي وبما يعود بالفائدة الحقيقية على القطاع الخاص الذي يخسر كل شيء في حال فسدت البيئة الاقتصادية أو أصابها الاضطراب.
الالتقاء بممثلي القطاع الخاص كان مثمرا جدا في اطار اجراءات الحد من أي عوامل انهيار للاقتصاد الوطني خصوصا وان الجميع يعمل بتوافق وانسجام تام وايمانهم المطلق ان الوطن هو البيت الكبير وان الدفاع عنه بمختلف الوسائل هو مسؤولية الجميع.. ولعل ما خلص اليه الاجتماع من  تشكيل لجنة مشتركة تكاملية بين الجميع تعمل على إيجاد غرفة عمليات مشتركة من أجهزة الدولة والقطاع الخاص والبنوك وقطاع الصرافة يمثل خطوات جادة  للمساهمة في اتخاذ القرار وتسهيل المهام والحد من أعمال التلاعب بأسعار السلع والصرف وتهريب العملة والرقابة على البنوك.
إعلان الأسعار في الصحف
وزارة الصناعة والتجارة بدورها وضعت عدداً من الاجراءات والمقترحات لمنع أي تلاعب بأسعار المواد الغذائية فضلا عن تنفيذ حملات واسعة شملت التجار ومحطات الغاز والبترول ..
وكيل الوزارة عبد الله نعمان اكد اتخاذ  جملة من الاجراءات لضمان استقرار حالة السوق والحد من أبعاد ارتفاع أسعار الصرف وتراجعها نتيجة الارتفاع الوهمي واستغلال البعض لذلك .. مشيرا إلى أنه تم الاتفاق على إنزال التجار والبيوت التجارية لإعلانات صحفية وإعلامية بأسعار السلع والالتزام بها.
ضبط مخالفين
كما نفذت مكاتب الصناعة والتجارة في عدد من المحافظات حملات ضبط للمخالفين والمتلاعبين بالاسعار التموينية .. حيث ضبط مكتب محافظة صنعاء 15 شخصا من تجار المشتقات النفطية والمواد الغذائية الذين خالفوا التسعيرة الرسمية.
ووفقا لمدير المكتب عبدالكافي الحيمي فإن عملية الضبط تمت في مركز المحافظة ومديريتي همدان وسنحان وان العمل جار لتشمل كل المتلاعبين في مختلف المديريات .. مؤكدا عدم التهاون ابدا في مثل هذه الجرائم والاعمال التي تخلق الفوضى في البلاد.  وفي المحويت ايضا نفذ مكتب الصناعة والتجارة فيها بالتعاون مع الاجهزة الامنية حملة ضبطية شملت التجار واصحاب المحطات واخذت منهم تعهدات بعدم مخالفة التسعيرة الرسمية والالتزام بها.
تفاعل أمني وضبط ميداني
منذ الساعات الاولى التي شهدت حالة من الارباك والقلق العام والاستغلال والمضاربة بالأسعار .. لم تقف قيادة وزارة الداخلية ممثلة باللواء جلال الرويشان مكتوفة الايدي ولم تقف موقف المتفرج إزاء الاضطراب الاقتصادي بل سارعت الى اصدار توجيهاتها السريعة لمختلف اجهزتها ووحداتها في العاصمة والمحافظات بملاحقة ومتابعة وضبط المتلاعبين بأسعار العملات الصعبة والمتلاعبين بأسعار المشتقات النفطية واحالتهم للاجراءات القانونية.
الوزير أكد في توجيهاته على ضرورة ضبط هؤلاء المتاجرين المتاجرون بأقوات الناس وبحاجياتهم والذين يحاولون خلق الازمات الاقتصادية واحداث الاختناقات التموينية التي تجعل الأوضاع تزداد سوءا.
وزير الداخلية وجه الأجهزة الأمنية بالتحرك المسؤول لإيقاف العبث بمتطلبات المواطن وحاجاته اليومية وممارسة دور اكبر في الرقابة وضبط المتلاعبين.
قصور لدى الجهات المعنية
عملية ضبط الاسعار تحتاج الى تكاتف الجميع وتعاون مختلف الجهات غير ان القصور لدى بعض الجهات المختصة يساعد على تفاقم الاشكالية .. ويؤكد   العقيد ركن محمد محمد حزام نائب مدير عام التوجيه والعلاقات العامة بوزارة الداخلية مساعد الناطق الرسمي للقوات المسلحة والأمن ان رجال الشرطة هم رجال الضبط القضائي وتقع على عاتقهم مهمة تنفيذ كل ما يصدر عن السلطة القضائية بشأن الأسعار أو احتكار السلع بالإضافة إلى مساعدة الجهات المعنية مثل التجارة والصناعية ممثلة بالإدارة العامة لحماية المستهلك التي من واجبها القيام بالنزول الميداني لضبط مثل هذه الاختلالات التي حدثت مؤخرا ولن تتأخر الأجهزة الأمنية في ضبط المخالفين والمتلاعبين وقد وجه معالي وزير الداخلية اللواء جلال الرويشان  الأجهزة الأمنية للقيام بهذا الواجب.. لكن كما نعلم ليس هناك تسعيرات محددة للسلع الغذائية أو غيرها من السلع حتى تتمكن الأجهزة الأمنية من ضبط المخالفين للتسعيرة  نتيجة القصور من قبل الجهات المعنية عن أداء دورها في هذا الجانب واصبح الأمر خاضعا لمزاجيات المصنعين والمستوردين وتجار الجملة ثم التجزئة ويفترض في مثل هذه الظروف الاستثنائية اصدار تسعيرات لكل المواد ويتم نشرها عبر وسائل الإعلام حتى يتمكن المواطن والمستهلك من معرفتها ثم يساعد الجهات المعنية ومن بينها اجهزة الشرطة في ضبط المخالفين للتسعيرة وتلامس هموم المواطن وتطلعاته في الشعور بالأمن والامان في حياته المعيشية وقد تنفذ تلك الجهود نتيجة لصمود وبسالة أبناء المؤسسة الأمنية رغم  العدوان وتعمده قصف المنشآت والنقاط الأمنية ليحول دون حصد هكذا نتائج.
وادعو التجار إلى ان يتقوا الله في هذا الشعب الذي خذله العالم وتركه عرضة للعدوان والحصار  وألا يكونوا هم الوجه الآخر للعدوان وعليهم ان يعاملوا الآخرين بمثل ما يحبوا ان يعاملهم ابناء الشعب ومن يعمل خيرا يجزى به ، “ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره “كما قال الخالق سبحانه وتعالى الذي حرم التطفيف والمغالاة بالأسعار واحتكار السلع والغش.
وهنا لا يسعني إلا أن أشكر أولئك التجار الأوفياء لوطنهم ولأبناء وطنهم الذين اعلنوا عن تخفيض أسعار السلع أو عدم رفع الأسعار,  كما اطالب بتشديد الرقابة على العاملين في المنظمات الاغاثية الذين يتاجرون بالمساعدات المقدمة لأبناء اليمن وحرمان من يستحقها ويؤثرون اسرهم ثم يبيعون تلك المساعدات في الاسواق وغيرها من الممارسات غير اللائقة بحق ابناء شعبنا اليمني الصابر .
ضبط متلاعبين
وتواصل الأجهزة الأمنية مهامها في تنفيذ توجيهات وزير الداخلية بضبط المتلاعبين حيث ضبطت اجهزة الشرطة في محافظة الحديدة 40متلاعبا بأسعار المشتقات النفطية كما ضبطت. شرطة رداع محافظة البيضاء 5 من اصحاب محطات الوقود وتمت احالتهم للإجراءات القانونية .. وفي العاصمة صنعاء ضبطت شرطة الدوريات 14 برميلا من مادة الديزل على متن سيارة دينا  كانت في طريقها الى السوق السوداء.
شرطة الدوريات بدورها سلمت المضبوطات مع السيارة لمركز شرطة الاحمر لاتخاذ الاجراءات القانونية حيال ذلك.
مواطنون يطالبون بالمزيد من الضبط
من جانبهم وهو الجانب الاهم والمحوري في هذا الموضوع ابدى مواطنون تخوفهم من ضعف الأداء والرقابة على التجار واصحاب المحطات خصوصا محطات تعبئة الغاز المنزلي في العاصمة صنعاء الذين لا يزالون حتى أمس الأول يفرضون سعرا جديدا على العشرين كيلو بمقدار 3200 ريال وهو ما يؤكد ان الجهات المعنية لا تزال تغرد خارج السرب ولم تستطع إلزام محطات تعبئة الغاز بالتسعيرة الرسمية المقررة بـ1200ريال للعشرين لتراً من الغاز.
وبخصوص حصص الغاز والاسطوانات الموزعة على الاهالي والمواطنين من قبل عقال الحارات واعضاء المجالس المحلية بالتسعيرة الرسمية شكا مواطنون غياب عملية التوزيع التي توارت تماما عن الانظار.
حيث يقول لطف المطري أحد أبناء حي مدينة سعوان السكنية بمديرية شعوب :إن سعر الغاز مرتفع جدا ولا نقوى على دفع 3200ريال لتعبئة الاسطوانة في المحطات .. مؤكدا انه والعشرات من جيرانه لم يستلموا حصصهم من اسطوانات الغاز بالتسعيرة الرسمية 1200ريال منذ اكثر من عشرة اشهر ولا يعلم لمن يقوم عقال الحارات واعضاء المجلس المحلي بتوزيعها ..داعيا الجهات المعنية الى وضع ضوابط واجراءات رقابية على عقال الحارات والمجالس المحلية, متهما اياهم بالاتجار باسطوانات الغاز والحصص المقررة للأهالي في حال ثبت أنهم يستلمونها من شركة الغاز بشكل مستمر  ..
لا قلق ولا خوف فقط صبر وصمود
يبقى الثابت والجلي أن الشعب اليمني اثبت قدرة كبيرة على الصبر والصمود في وجه المحن والمصائب والتحديات واثبت رباطة جأش كبيرة وبأساً شديداً وقوة وعزيمة أمام عدوان غاشم يحاول تركيعه وتجويعه منذ اكثر من اربعمائة يوم .. الامر الذي يستدعي من الجميع حكومة ومجتمعاً وقطاعاً خاصاً ان يكونوا عند مستوى المسؤولية والثقة وان يكونوا على كلمة سواء وتوحيد جبهتهم في وجه الغطرسة السعودية وفي وجه المرتزقة وان لا يتساهلوا أو يتخاذلوا في ضبط المتلاعبين بحقوق المواطنين واحتياجاتهم  .. وان يكونوا عند هذا الثبات والوفاء الذي يبديه هذا الشعب العظيم.. وكلمة شكر نرسلها لقيادة البنك المركزي التي تعمل جاهدة على استقرار الوضع المالي رغم العدوان والحصار .. ونرسلها ايضا للبيوت التجارية العملاقة التي اعلنت عن تخفيض 30 % من اسعار سلعها ومنتوجاتها وأكدت عدم وجود أية زيادة في اسعارها.  كذلك الشكر لرجال الاعمال الذين رأيناهم في مقدمة الصفوف يطمئنون الناس,  حيث سارعوا الى اجتماع للاتفاق على انقاذ اقتصاد البلاد من الانهيار مهما كان الامر مكلفا .. وايضا هي لجمعية الصرافين التي اكدت ايضا ان احتياجات السوق المحلية من العملة الصعبة في حدودها الآمنة وانه لا خوف ولا قلق .
فلسان حال المواطن البسيط.. نريد أفعالاً لا أقوالا .. نريد أن نلمس هذه الاجراءات على الواقع.

قد يعجبك ايضا