الآلاف فقدوا أعمالهم ليجدوا أنفسهم بين فكي الفقر والحاجة

عمال اليمن.. العدوان يسرق العيد والعمل

عمال: متفائلون بالحل السياسي.. والعودة إلى مواقع العمل التي أغلقت

الغرفة التجارية:80 % بطالة   في القطاع الخاص بسبب العدوان

تحقيق/ عبدالله كمال

عام آخر من البطالة، وعيد جديد لعمال بلا أعمال.. وذلك هو ما يعني عاما آخر من العوز والحاجة وقلة ذات اليد، وسنة أخرى من الفاقة للكثيرين ممن فقدوا أعمالهم، جراء الأحداث التي مرت بها البلاد خلال العام المنصرم، والتي كان على رأسها العدوان الغاشم على البلاد، والحرب الداخلية، ما جعل الأوضاع تشهد تدهورا في جميع القطاعات، دفع عمال اليمن ضريبة باهظة، إذ خسر الآلاف أعمالهم وانتبذوا رصيف البطالة، عاجزين عن مواجهة الحياة التي زادت قسوتها وثقلت وطأة متطلباتها.

شعور مرير
للعام الثاني يستقبل عزيز يوسف عيد العمال عاطلا بعد أن فقد عمله لدى أحد الفنادق السياحية التي أقفلت أبوابها وسرحت عمالها لعجزها عن توفير أبسط متطلبات العمل ومنها رواتب العمال.. يقول عزيز: كانت صدمة كبيرة بالنسبة لي أن أفقد مصدر رزقي المتمثل بوظيفتي، سيما وأنني درست الفندقة في مصر، وعدت لأعمل في وطني، حيث لا قيمة للإنسان إلا في وطنه، ولا كرامة له إلا في بلاده، فإذا بحلمي يتبخر، وكرامتي تهدر جراء فقدان وظيفتي ووقوعي بين فكي الفقر والحاجة، عاجزا عن توفير الضروري من متطلبات الحياة لأسرتي.
ليس أسوأ من الشعور بالعجز، يضيف عزيز، فرغم محاولاتي في البحث عن عمل إلا أن الظروف كانت أقسى مما تصورت، حيث وجدت نفسي أسبح عكس التيار، ففي مجال تخصصي السياحة والفندقة، أصبح الحصول على وظيفة في حكم المستحيل، ما زاد من إحباطي، وجعلني أبحث عن عمل آخر، غير أن شبح البطالة لا يزال هو المسيطر.
على رصيف البطالة
أسامة غالب هو الآخر لا يزال عاطلا عن العمل، ماجستير محاسبة، بعد أن فقد وظيفته في بداية العدوان، نتيجة استغناء إحدى الشركات عنه وعن زملاء آخرين له.
يقول أسامة إن العمل الذي فقده كان مصدر دخله الوحيد، الذي من خلاله يساعد والده المسن في إعالة أسرتهم. وأكد أسامة أنه ظل عدة سنوات يبحث عن عمل ليساعد في إعالة أسرتهم، وعندما وجد هذا العمل جاء العدوان ليعيده مرة أخرى كما كان بطالة.
يضيف أسامة: لم أكن أظن أن يأتي يوم عليَّ فأجد نفسي بلا وظيفة.. كنت أظن البطالة مجرد عذر لدى الفاشلين العاجزين الكسالى، لكنني الآن تيقنت بأن الإنسان قد لا يكون له ذنب في ما تؤول إليه حياته، فالمسؤولية هي مسؤولية من أوصلوا البلاد إلى هذا الحال، وعليهم أن يتحملوا هذه النتيجة ويبحثوا عن حلول ومخارج تعيد الأمور إلى نصابها، وتزيح المعاناة عن كواهل المواطنين.
ثمة تفاؤل
ليس أسوأ من أن تمضي سنوات من عمر إنسان اعتاد العمل والدأب، فقذفت به الأيام على رصيف البطالة، ذلك هو ما عبر عنه علي يحيى الغانمي، الذي كان يعمل سائقا لدى إحدى المنظمات الدولية، بعد أن وجد عاما آخر يكاد ينتصف من أن فقد عمله منذ اندلاع العدوان على بلادنا، يقول علي يحيى: اضطررت بعد أن غادرت المنظمة البلاد لاستئجار باص متوسط أحاول من خلال العمل عليه أن أعوض عن فقدان وظيفتي، إلا أن أزمات المشتقات النفطية التي مرت بها البلاد كانت عائقا لي ما جعلني غير قادر على الاستمرار فعدت للبطالة مرة أخرى، وها أنا ذا الآن أستأنف رحلة البحث عن عمل.
يضيف علي: لا أخفيك أنني متفائل بأن الحل قريب وخصوصا ونحن نؤمل خيرا في المفاوضات الجارية في الكويت بين الأطراف السياسية، ونتمنى أن يصلوا لحلول في أقرب وقت وتعود الأمور إلى طبيعتها ونعود لأعمالنا.
لقد كان العمال من أكثر الفئات المجتمعية تضررا من الأحداث المؤلمة التي مرت بها البلاد، ولا تزال مستمرة وقد تبقى آثارها في المستقبل، فمع فقدان الكثيرين لأعمالهم وارتفاع معدل البطالة، اتسعت رقعة الفقر وزادت نسبة المحتاجين، وهو ما يجب أن لا يغيب عن جميع الأطراف والقوى الوطنية، ويجب أن يمثل لهم دافعا للبحث عن حلول تخرج البلاد من محنتها، وتعيد الحياة إلى طبيعتها، فالقضية قضية إنسانية في المقام الأول.
مناسبة غير سعيدة
يقول محمد المرغمي، مقاول بناء وأعمال إنشائية: منذ بداية العام المنصرم توقفت عن العمل، وسرحت جميع العمال الذين كانوا يعملون معي، فالوضع الذي مرت به البلاد طوال هذه الفترة كان سببا في توقف كثيرا من الأعمال والمشاريع سواء الحكومية أو الخاصة، نتيجة لظروف الحرب والعدوان.. وهو ما مثل بالنسبة للعمال نكبة وكارثة لا تقل عن نكبة من فقدوا أحباءهم أو أصيبوا نتيجة العدوان، ففقدان العمل معناه الوقوع في براثن الفقر والعوز والحاجة لأسر بكاملها.
ويضيف المرغمي: بالنسبة لعيد العمال، فهي مناسبة كان العمال يستقبلونها بسعادة كبيرة، حيث يشعرون أنها بمثابة تكريم لهم لما يبذلونه من جهود خلال عام، إلا أننا منذ السنة الماضية نستقبل هذا اليوم بحسرة كبيرة، وذلك لأنه أصبح يمثل غصة للعمال الذين فقدوا أعمالهم، إذ يذكرهم بمأساتهم، وبما آلت إليه أوضاعهم، بعد أن غدوا عاطلين وطالتهم يد الفقر والحاجة دون ذنب لهم اقترفوه.
نفس النظرة ونفس الشعور، قابلنا به فواز مهيوب، مهندس شبكات، بعد أن سرحته الشركة التي كان يعمل فيها، هو وكثير من زملائه، لعجزها عن توفير مرتباتهم، قبل أن تغلق أبوابها نهائيا، إذ يرى أن عيد العمال أصبح بالنسبة للعمال الذين فقدوا وظائفهم مناسبة غير سعيدة، إذ أن هذا اليوم الذي كانوا يلقون فيه التكريم نظير جهودهم وتفانيهم في العمل، أصبح يوما تملأه الحسرة، فليس أصعب من أن يفقد الإنسان مصدر رزقه.
يقول فواز: لم يعد عيد العمال كما كان بالنسبة لنا، فعيدنا سيكون يوم تعود الحياة إلى طبيعتها ونعود لأعمالنا، فذلك هو التكريم لكل العمال الذين يعانون البطالة والفقر.
أرقام
في عيدهم، يقف عمال اليمن ليتحسروا على ما آلت إليه أوضاعهم وأحوالهم هم وأسرهم، بعد فقدانهم لوظائفهم التي تمثل مصدر الرزق لهم ولأسرهم التي يعولونها.
مراقبون ومختصون أكدوا أن معدلات البطالة في اليمن ارتفعت إلى مستويات قياسية، في ظل العدوان والصراع الداخلي. موضحين أنه تسبب بفقدان 350 ألف يمني من أعمالهم في مؤسسات القطاع الخاص.
وأشاروا إلى أن الحروب والنزاعات تساهم بشكل كبير في اتساع رقعة البطالة في البلدان.
فبحسب نائب رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة محمد محمد صلاح، فإن نسبة البطالة في القطاع الخاص ارتفعت بعد مرور أكثر من عام على العدوان إلى نحو 80 % فضلا عن تدهور الحالة المعيشية لمعظم المواطنين.

قد يعجبك ايضا