حروق أسلحة العدوان.. شهادات لا تمحى

مركز الحروق بالحديدة يكشف عن استخدام أسلحة تحوي مواد كيميائية محرمة في استهداف المدنيين

 أحمد السعيدي
المعاناة واحدة داخل مركز الحروق بهيئة مستشفى الثورة العام بالحديدة، فالآلام لا تعترف بالسن، والحروق التي تسببها أسلحة العدوان المحرمة لا تفرق بين جسد صبي وطاعن في السن، “مصطفى” شاب في مقتبل العمر من أبناء مدينة الحديدة تسببت الحروق في تيبس قدماه وسيطرت على معظم جسده.. أجريت له نصف عملية في صنعاء ولم يجدوا لبقية جسمه ليعوضوا له ما تلف من جلده بسبب الحروق التي تعرض لها بقصف للمنطقة التي كان يعمل فيه بمحافظة الحديدة.. تكاد عيناك تتحجران عندما تشاهده بينما حالته النفسية جعلته في حالة تشبه الإضراب عن الطعام .
كثيرة هي الحالات التي استقبلها مركز الحروق بمحافظة الحديدة نتيجة استخدام العدوان أسلحة محرمة دولياً وإلقائها على الأحياء السكنية في كثير من المناطق اليمنية.
في هذه السطور نسلط الضوء على مركز الحروق بالحديدة الذي كشف عن جرائم العدوان لإبادة اليمنيين ..إلى التفاصيل:

كشف مدير مركز الحروق بمستشفى الثورة العام بالحديدة الدكتور عادل قطقط عن استخدام العدوان السعودي لمواد كيميائية في استهدافه الأبرياء في اليمن.
وأضاف: إن مركز الحروق استقبل الشهر الماضي أحد ضحايا قصف الطيران السعودي الأمريكي لسيارتهم في منطقة الوازعية بتعز وهو الأخ علوان الصغير الهودلي مصاب بحروق في الرجل اليسرى كاملة والرجل اليمنى واليد اليمنى واليد اليسرى من الدرجة الثالثة بنسبة 40%.
وأوضح قطقط أن الحروق عميقة وصلت إلى العظم أدت إلى تحلل الأنسجة والجلد مع جزء من العضلات مع حدوث غرغرينة للقدم اليسرى وهي حروق مختلفة تمام عن الحروق التي تصل إلى المركز.. مشيراً إلى أن المريض خضع لعملية بتر الأصبع الكبرى مع عمل مجارحة يومية للتخفيف من التعفن الناتج عن حروق كيميائية غير معروفة مع احتمال إجراء عملية أخرى الأسبوع القادم لبتر القدم إذا لم تتحسن حالته.
وأكد قطقط أن مركز الحروق يبذل ما في استطاعته لإنقاذ المريض باستخدام أقوى المضادات الحيوية والمجارحة اليومية للتقليل من آثار الحروق وتعفنها ولكن حالته في تدهور مستمر لعدم استجابته للمضادات وكذلك عدم معرفتنا لنوع المواد الكيميائية المستخدمة.
جرحى هنود
يقول الدكتور وليد عبدربه – مسؤول التخدير بمركز الحروق في بالحديدة :”وصل قبل أسابيع إلى مستشفى الثورة قسم الحروق أربعة أشخاص يحملون الجنسية الهندية بعد تعرض قواربهم لقصف طائرات العدوان قبالة ميناء الخوخة وهم يعملون لكسب لقمة عيشهم مما أسفر عن مقتل 22 مدنياً وتعرض أربعة آخرين لجروح وحروق بليغة.
وأضاف الدكتور عبدربه: هذه ليست الحالة الأولى التي تصل إلينا، فكثير من حالات الحروق التي تخلفها صواريخ وأسلحة محرمة دولياً وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عجز دول العدوان وضعفها في تحقيق أي مكاسب في اليمن وأيضاً يعكس الحقد الهمجي التي يحمله التحالف لإبادة الشعب اليمني فحجم الكوارث التي تنتج عن تلك الأسلحة المحرمة لم تستخدم سابقاً إلا في إبادة الشعوب والحروب العالمية الكبرى لكن الأيام القادمة كفيلة بأن يعرف العالم حجم دمار العدوان وانتهاكاته على بلادنا.
أسلحة محرمة
فيما قال أخصائي الحروق في المركز الدكتور عبدالباسط نافع: إن إصابات الحروق الناجمة عن القصف الجوي والبري والبحري للعدوان على اليمن، أظهرت حالات منها بحسب التقارير الطبية أنها ناجمة عن استخدام أسلحة (قذائف وقنابل) محرمة ومحظورة دولياً، ومنها حالة خالد الكحلاني الذي يرفض الجلد الالتئام أو الاستجابة للأدوية وغيرها من الحالات المشابهة والموثقة لدى منظمات محلية ودولية، طبية وحقوقية، أبرزها منظمتا “أطباء بلا حدود” و”هيومن رايتس ووتش” اللتان زارتا المركز في الفترة الماضية واستعرضنا لهما بعض الحالات التي لم نستطع التعامل معها.
وحول مدى تأثير هذه الأسلحة المحرمة يقول الدكتور نافع: إن الأسلحة الكيميائية تعتمد على خروج مواد غازية أو سوائل تهاجم “الأعصاب- الدم- الجلد- أو الرئتين” فتؤدي إلى سيلان دموع أو قيء أو حروق بالجلد أو هستيريا وربما تؤدي إلى فقدان السيطرة على الأعصاب.. كما يخلق استخدامها بحسب التقارير الدولية مشاكل تنشأ من الحالات الكثيرة التي تجلب للمؤسسات الصحية مما قد يؤدي إلى شلل تام في الحياة في المنطقة المصابة، بالإضافة إلى أنها تحتاج إلى كثير من المواد الواقية وإلى كثير من الأشخاص للعمل من أجل السيطرة عليها.
خطورة
وعن مدى خطورة المواد التي تنتج من الأسلحة المحرمة التي يستخدمها العدوان السعودي في قصف بلادنا أوضح الدكتور محمد الكمالي -أخصائي في طب الطوارئ والكوارث- أن استخدام السعودية لقنابل عنقودية وفراغية أقل ما يوصف بأنه إبادة جماعية لكل مناحي الحياة.. مشيرا إلى أنه حتى لو تمت إزالة هذه النفايات فإن آثارها السلبية ستبقى لعشرات السنين القادمة، وفي مقدمتها (الزئبق، والرصاص، والكاديوم)، وهي معادن ثقيلة ذات تأثير سام ومسرطن، وتتراكم في الأنسجة الحية والبيئة المحيطة بها.
وأضاف الدكتور الكمالي: إن خطورة هذه المواد تكمن في نقلها من مكان إلى آخر، أو في تسربها إلى المياه الجوفية، إضافة إلى خطورة صغر الجسيمات التي تخلفها القنابل العنقودية أو الفراغية، كونها لا ترى بالعين المجردة ولا حتى تحت المجهر، موضحاً أن كل جسيم بمثابة شظية إذا اخترقت الجسم لا يشعر الإنسان بوجودها، وغالباً ما تؤدي للإصابة بالسرطان أو الموت في ما بعد.

قد يعجبك ايضا