حكمة القيادة وحسن التخطيط ضاعف من رصيد الجيش ورفع سمعته محلياً ودولياً
تطهير الجيش واللجان الشعبية لاوكار الإرهاب في مختلف المحافظات ساهم في تحقيق الأمن والاستقرار
شكلت ثورة الــ21من سبتمبر انطلاقة جديدة لعهد حقق العديد من الإنجازات أبرزها الجانب الأمني وكانت ابرز التحديات التي واجهتها الثورة، مكافحة التنظيمات الإرهابية، حيث خاض الجيش واللجان الشعبية معارك عديدة قضوا فيها على حركات التطرف والإرهاب والعناصر التخريبية التي عاثت خلال العقود الماضية فساداً و لزعزعة أمن واستقرار الوطن بتواطؤ من الأنظمة السابقة، وبرعاية إقليمية ودولية.
الثورة / قاسم الشاوش
فمنذ الشهور الأولى لثورة الــ 21 سبتمبر، تحققت الكثير من الانجازات والنجاحات، وكانت البداية تطهير اليمن من التنظيمات والخلايا الإرهابية ، التي كانت ولاتزال تهدد حياة المواطنين والسكينة العامة للمجتمع، واستطاع الجيش واللجان الشعبية بالقضاء على جيوب هذا التنظيم الظلامي في أمانة العاصمة، ودك أوكاره في أرحب والبيضاء والحديدة، وصولاً إلى المناطق الجنوبية المحتلة، فأمن المواطن واطمأن التاجر والمسافر، وبدأت تختفي عناصر القاعدة و داعش من الوجود إلى أن عادت من جديد على ظهور دبابات دول تحالف العدوان لتصبح مكونات وفصائل أساسية في هذا التحالف البغيض كما هو معروف.
ظهور تنظيمات الإرهاب في اليمن
يعود ظهور جذور تنظيم القاعدة في اليمن إلى أواخر ثمانينات القرن الماضي مع عودة آلاف اليمنيين الذين كانوا يقاتلون في أفغانستان ضد الجيش السوفيتي إلى بلدهم وهم مُتشبعون بالفكر الجهادي المتطرف الذي كان يدعمه الغرب آنذاك كسلاح في مواجهة الاتحاد السوفيتي؛ غير أن التنظيم لم يكن له حتى عام 2009، هيكلاً تنظيمياً واضحاً أو موحداً، وإنما كان يضم مجموعة من الجماعات والخلايا المنفصلة عن بعضها البعض – وإن كانت جميعها تتحرك بالفكر القاعدي نفسه، مثل: “جيش عدن أبْيَن الإسلامي” الذي تشكل على يد الإرهابي “زين العابدين المحضار”، في منتصف تسعينيات القرن الماضي؛ وكتائب “جند اليمن”؛ وتنظيم “الجهاد الإسلامي” وغيرها من التنظيمات التي كانت تُظهر انقسام القاعدة وتشرذمها في ذلك الوقت وفي مطلع التسعينات تم فتح الباب على مصراعيه أمام الآلاف ممن عرفوا بالأفغان العرب وفتحت لهم مراكز في بعض المحافظات وبالأخص في الجوف وصعدة ومارب- لما تتمتع به تلك المحافظات من طبيعة جغرافية وعرة من الجبال والصحاري ليتحصنوا فيها، إضافة إلى وجود علاقات مباشرة لبعض مشائخ تلك المحافظات مع النظام السعودي الداعم الرئيسي لتلك التنظيمات الإرهابية ، ولم يقتصر الأمر على احتوائهم في تلك المحافظات كعائدين من أفغانستان فقط، وإنما قدمت لهم الأنظمة السابقة كافة التسهيلات.
الترويج للأفكار الإرهابية
لم يقتصر أعمال التنظميات الإرهابية على الأنشطة الإجرامية، بل السيطرة على مدن ومعسكرات ففي يناير ٢٠١٥ بدأ انتشار تنظيمي القاعدة وداعش على هيئة مجاميع مسلحة موزعة على أكثر من محافظة ليشكلا حضوراً ميدانياً فاعلاً شمل تجنيد أنصار التنظيمين في عدة محافظات في جنوب ووسط اليمن ، وذلك بعد أن عملا على استقطاب وتجنيـد الشـبـاب مـن خـلال الترويج لأفكارهم التدميريـة ومناهجهم التكفيرية عبر المساجد والمدارس واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة تحت مسمى إقامة دولة الخلافة الإسلامية التي أفصح عن إنشائها وتأسيسها زعيم تلك التنظيمات في اليمن عبدالمجيد الزنداني أثناء إحدى كلماته في ساحة التغيير بصنعاء إبان ثورة ٢٠١١م ونقله البشارة للثوار –آنذاك- بسيطرة الخلافة الإسلامية عام ٢٠٢٠م على الجزيرة العربية برمتها، وفي مطلع ابريل ٢٠١٥م مع الأسابيع الأولى للعدوان على اليمن أعلنت مجموعة إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب سيطرتها على مدينة حضرموت، حيث ظهـر زعيم ما يسمى بالقاعدة خالد باطري بمبنى السلطة المحلية وهـو يدوس على العلم اليمني بقدميه ليظهر مرة أخرى ويعلن أن تنظيم القاعدة يقاتل مع دول العدوان في إحدى عشرة جبهة -حسب تصريحه، وفي مطلع فبراير ٢٠١٦م أعلنت القاعدة كذلك سيطرتها على مناطق ومحافظات أبين جنـوب اليمن الخاضع لدول الاحتلال، وفي العام ٢٠١٦م زاد تنظیم داعش مـن حجم نشاطه في اليمن، حيـث كشفت التقارير عن تنفيذ ۳۲ عملية اغتيال وأربع هجمات بسيارات مفخخة خلفت 34 قتيلاً و34 مصاباً في مدينة عدن الخاضعة للاحتلال وحدها، ومثلت تلك العمليات البداية الأولى لتنظيم داعش في اليمن وظهورهـا بشكل علني وانتقالها من سـوريا والعـراق بعـد ارتكـاب أبشع المجازر والذبح للشعبين السوري والعراقـي بعـد تقـديم التسهيلات لهم ونقلهم مـن سـوريا والعراق للقتال في اليمن عن طريـق رحلات جوية بطائرات دول التحالف إلى المحافظات الجنوبية التي تخضع للاحتلال الأمريكي السعودي الإماراتي الإسرائيلي.
إثارة الخوف والذعر
ومنـذ وصول داعش إلى اليمن عمل على إثارة الخوف والذعر في أوساط السكان في جنوب الوطن من خلال استخدامه استراتيجية تنظيم القاعدة في تنفيذ هجمات انتحارية كبرى واستهداف كبار المسؤولين إضافة إلى سيطرة التنظيم الإرهابي على مدينة تعز وتحويلها إلى معسكر كبير لتأهيل وتدريب جيش ما يسمى “الخلافة الإسلامية” مستعرضاً المدرعات الإماراتية والأطقم العسكرية التي ترفرف عليها رايات داعش الإرهابية لتوضيح وكشف مدى الدعم المادي والعسكري لذلك التنظيم من دول العدوان، كما قام تنظيم داعش بارتكاب جرائم حرب كبرى من إعدام لبعض أسرى الجيش واللجان الشعبية بأساليب وحشية إجرامية عبر تعليق قنابل على أعناق الأسرى وتفجيرها وإلقاء بعض منهم في زورق بحـري وتفجيره بمن فيه، وذبـح مجموعـة أخـرى بـنفس الأسلوب المستخدم في العراق وسوريا وإظهار الأسـرى ببدلات برتقالية اللون كـرمـز معـروف لتنظيم داعش الإرهابي ووضع بعضهم في، مرتفع جبلي وإطلاق الصواريخ عليهم مباشرة وتوثيق تلك الجرائم بالصوت والصورة ونشرها للعالم دون أن نسمع أي إدانة أو استنكار من أمريكا و أدواتها في المنطقة لتلك الأعمال الإجرامية البشعة المنافية لكافة الشرائع والقوانين والاتفاقيات الدولية بما في ذلك اتفاقيات جنيف الأربع المجرمة لتك الأعمال وتصنيفها بجرائم حرب كبرى لمن يسئ معاملة أسرى الحرب، ما يكشف بجلاء أن داعش هي أداة بين تحالف العدوان الأمريكي السعودي.
جرائم لا تحصى
وخلال 3 أعوام بين ٢٠١1 – ٢٠١٤م، ارتكبت التنظيمات الإرهابية الكثير من المجازر والأعمال الإجرامية التي لا تعد ولا تحصى كان أبرز هذه الأنشطة اغتيال أكثر من ٢٦٤ شخصية عسكرية وأمنية وسياسية وأكاديمية وإعلامية، مما حدا بمعظم العسكريين من ضباط وجنود إلى تغيير زيهم العسكري الرسمي والخروج من المعسكرات بالزي المدني خوفاً من اغتيالهم، وحتى لا يكونوا هدفاً للتصفية من قبل التنظيمات الإرهابية والتكفيرية وهي أعمال تخدم مصالح وأهداف الأمريكية لاحتلال اليمن، ما أتاح للأمريكيين إنشاء قواعد عسكرية في اليمن وشركات أمنية أمريكية تحت مسمى حفظ الأمن والاستقرار في اليمن بعد إفشال المؤسسة العسكرية والأمنية عن السيطرة على الوضع وعجزها عن حماية المشاريع الخدمية والاستثمارية وحتى عن حماية قياداتها -حسب وصف الأمريكيين آنذاك.
كشف المخططات الخبيثة
بعد ثورة الـ٢١ من سبتمبر ٢٠١٤م المباركة، تم الكشف عن المهام الموكلة لجامعة الإيمان، حيث كانت عبارة عن مأوى وسكن للعناصر التكفيرية الذين يتم تدريبهم على عمليات الاغتيال والأعمال الإجرامية، كما كشفت الوسائل الإعلامية عن وجود أنفاق وخنادق داخل الجامعة، إضافة إلى وجود وسائل الاغتيالات من أقنعة لإخفاء ملامح الوجه ومصنع عبوات متفجرة ودروع واقية من الرصاص مصنعة محلياً، وكشوفات ووثائق للمخططات العسكرية التي كانت تديرها ما يسمى بجامعة الإيمان، وقد ظهر جلياً أن عناصر داعش لم تكن سوى أداة من أدوات أمريكا تستخدمها لتنفيذ أجندتها الاستعمارية من خلال مكالمة هاتفية بثتها وسائل الإعلام اليمنية يوم الثلاثاء16 /3 /2021م، بين رأس النظام السابق ومدير الاستخبارات الأمريكية وبعد قيام ثورة الـ ٢١ من سبتمبر ٢٠١٤م المباركة وفرار الخائن علي محسن صالح، المسؤول الأول عن حماية التنظيمات التكفيرية والإرهابية وفرار الخائن عبدالمجيد الزنداني زعيم هذه التنظيمات في اليمن تمكن الجيش اليمني وبمساعدة اللجان الشعبية من القضاء على تلك التنظيمات في العاصمة صنعاء وبعض المحافظات أهمها محافظة البيضاء التي أنشأت القاعدة لها ولاية فيها، بمنطقة المناسح، وفي غيرها من المناطق فتم قتل الكثير من تلك العناصر التي ترعرعت في ظل هيمنة السفير الأمريكي على اليمن بشكل مباشر وفرار البعض منهم لمناطق ومحافظات أخرى.
انتصارات كبيرة
ورغم ذلك التآمر المفضوح، إلا أن الجيش واللجان الشعبية لم يتركوا فرصة لتنظيم الإرهاب لتحقيق إطماعه القذرة في اليمن، وحققوا انتصارات كبيرة في القضاء على أهم وأكبر تجمع للتنظيمات الإرهابية في محافظة البيضاء منذ ١٩ عاماً وفي مناطق واسعة جداً بلغت آلاف الكيلو مترات، فرغم التضاريس الجبليـة الوعـرة جداً والتحصينات الجبليـة والدعم المادي والعسكري بأحدث الأسلحة المتطورة من قبل دول العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي، إلا أن الرعاية الإلهية وإصرار وعزيمة وثبات قادة وأفراد الجيش واللجان الشعبية والخطـة العسكرية المحكمـة مـن القيادة السياسية والعسكرية، التي استطاعت بفضل من الله تعالى وعونه وتأييده الحاق أكبر هزيمة لتلك التنظيمات التكفيرية ففي شهر أغسطس من عام ٢٠٢٠م، تم تحرير مساحة تقدر بألف كيلومتر مربع كانت تحت سيطرة عناصر تابعة للقاعدة وداعـش، حيث بلغ عدد المعسكرات التي تم السيطرة عليهـا أربعـة عشـر معسكرا منهـا سـتة معسكرات لـداعش والبقيـة تابعة لتنظيم القاعـدة وحسمت المعركـة لصالح الجيش واللجـان الشعبية بالقضاء على تلك الجبهة التي عول عليها العدوان في تنفيذ مخططاته الإجرامية للنيل من عزة وكبرياء واستقلال الشعب اليمني وقد سقط خلال تلك العملية ما لا يقل عن ٢٥٠ فرداً من تلك العناصر ما بين أسير وقتيل وجريح ، ومن بين القتلى عناصر من جنسيات عربية وأجنبية و كان ضمن القتلى زعيم داعش في اليمن المدعو رضوان محمد حسين قنـان المكنى ( أبو الوليد المدني ) والمسمى بـوالـي داعش في اليمن ومعه عدد من قيادات التنظيم الإجرامي في منطقة قيفه بمحافظة البيضاء، وقـد رصـدت الأجهـزة الكثير من العمليـات الإجرامية الـتي نفذتها عناصـر داعـش والقاعدة في محافظة البيضاء لوحدها وذلك خلال الفترة من يناير ٢٠١٥م إلى مايو ٢٠٢٠م بأكثر من ۲۲۷ عملية إجرامية تنوعت بين كمائن مسلحة واغتيالات وتفجير عبوات ناسفة كما عثرت الأجهزة الأمنية على معمل لتصنيع العبوات الناسفة والمتفجرات في مديرية ردمان محافظة البيضاء تابع لتعظيم القاعدة، وقد كان ذلك المعمل داخل مبنى مكتب الشباب والرياضة وهذا يدل دلالة قاطعة على أن التنظيم يعمل تحت غطاء ما يسمى بالحكومة الشرعية.
حكمة القيادة و حسن التخطيط
وكل تلك الانتصارات لم تكن لتتحقق لولا حكمة القيادة وحسن التخطيط ودقة التنفيذ الذي ضاعف من رصيد الجيش والأمن واللجان الشعبية ورفع سمعتهم القتالية العالية على مستوى المنطقة والعالم، فالانتصارات على الإرهاب المتمثل في التنظيمات التكفيرية عمل على تحقيق الأمن والاسقرار والسلام لكافة المجتمعات وأنهى مسلسلات التفجيرات الجماعية والهجمات الإرهابية بالأحزمة الناسفة والمفخخات التي كانت تنفذ تحت مرأى ومسمع من قيادة النظام السابق من سياسيين وعسكريين وتغطيتهم لكل تلك الجرائم الوحشية المذكورة، ولا شك أن فرار الكثير من أفراد تلك التنظيمات الإرهابية بعد هزيمتهم في محافظة البيضاء وغيرها من المحافظات المحررة وانتقالهم للمحافظات الواقعة تحت سيطرة الاحتلال خاصة مدينة مارب التي أصحبت مطوقة من قبل أبطال الجيش واللجان الشعبية وقد فرّ الكثير منهم صوب شبوة وحضرموت، ونظراً لتلك الخطورة يؤكد الجيش واللجان الشعبية على ضرورة تطهير اليمن بأكمله من تنظيمات الإرهاب والإجرام، التي باتت اليوم في الخطوط الأمامية للمعركة الكبرى على اليمن وتمثل أحد المطارق الأميركية الأساسية إلى جانب بعض الدول الإقليمية في المنطقة للقيام بالعمليات المطلوبة، لإعادة تشكيل الجغرافيا الإستراتيجية للإقليم، بما يتوافق مع مطامع قوى العدوان والاحتلال وفي مقدمتها راعية الإرهاب أمريكا وأدواتها في الخليج.