رغم استحواذها على إيرادات مبيعات النفط

حكومة المرتزقة تتخذ الرواتب وأعباء طبعات العملة ذرائع لرفع سعر الدولار الجمركي

 

الثورة / يحيى محمد

تمارس حكومة الفنادق الخداع الإعلامي والسياسي كغطاء لتمرير حربها الاقتصادية وفرض سياسة التجويع الممنهج على الشعب اليمني، ضاربة عرض الحائط بكل حتميات التشريعات وحيثيات المنطق لتستمر في ممارساتها الإجرامية واللاإنسانية عن معرفة أكيدة بأن ما تقوم به كعصابة تسمي نفسها زيفا بالحكومة هي جرائم حرب كاملة الأركان تقف عقبة رئيسية أمام أي مساعٍ لتخفيف المعاناة عن كاهل المواطن اليمني.
ففي تصريح خال من الإحساس بأي قدر من المعاناة التي سترمى على كاهل المواطن، تبجح مؤخرا مصدر لا مسؤول في حكومة الفنادق بأن إجراءات رفع تسعيرة الدولار الجمركي، شملت المواد الكمالية فقط، وليست المواد الأساسية من أغذية ودواء وغيرها، مبرراً بأن الإجراء سيرفع الإيرادات الجمركية من حوالي 350 مليار ريال يمني في العام إلى 700 مليار ريال.
وبرر المصدر في استخفاف “أن عملية الرفع نسبتها ضئيلة مقارنة بما يتم فرضه في عدد من الدول، مؤكدًا أن الجمارك لا تزال تتعامل بواقع صرف للدولار وهو 250 ريالاً يمنيًا؛ الأمر الذي يعني فعليًا أن الزيادة لا تتجاوز 6% من الواقع الفعلي للبضاعة المباعة بالسوق”.
وتابع في استهتار “إن السلع الأساسية مثل القمح والأرز والدواء وحليب الأطفال معفية أصلاً من الرسوم الجمركية، أما باقي السلع الأساسية كالدقيق والسكر وزيت الطعام سيتم استثناؤها من الزيادة”.
وادعى المصدر أن الجمارك اليمنية تفرض 5% على أكثر من 80% من السلع، مبررا بسخرية أن العمل بتسعيرة الدولار الجمركي الجديدة سيرفع إيرادات ميناء عدن إلى الضعف؛ مما يعني ضمان استلام مرتبات موظفي الدولة نهاية كل شهر، كما يوفر سيولة نقدية بدون أعباء طباعة فئات جديدة من العملة.
المصدر غير المسؤول حاول هنا أن يحجب ضوء الشمس بغربال، متناسيا أن الحكومة الذي يدعي في تصريحه شرعيتها تستحوذ على إيرادات مبيعات النفط اليمني بأكملها، وهي الإيرادات التي تمثل 70 % من إجمالي دخل الجمهورية اليمنية بالإضافة إلى ما تتحصل عليه من الإيرادات الضريبية والجمركية وقائمة طويلة من الإيرادات الخدمية والرسوم، وهي ذاتها الإيرادات التي كانت تغطي ميزانية صرف كل التزامات الدولة من الرواتب والدفاع والأمن والصحة والتعليم…إلخ، ويريد بهذه الأكذوبة أن يذر رماد الرواتب على أعين الناس، وهو يعلم سلفا أن هذه الرواتب منهوبة أصلا حتى وإن صرفت، في القيمة الشرائية لها لم تعد تغطي شيئا من احتياجات الموظف الآخذة في التصاعد مع جرعات الارتفاع الجنوني في الأسعار بسبب ما تقدم على اتخاذه عصاباته اللاشرعية المسماة زيفا بالحكومة من إجراءات ارتجالية في طباعة الأوراق المالية أشكال وأجناس، وما يتبعها من عمليات فساد واسعة النطاق، عمليات فساد جعلت من البنوك والمصارف التابعة عبارة عن صناديق فارغة، ونقاط غسيل الأموال وتمويل الإرهاب و المضاربة بالعملات.
كان جديرا بهذا المصدر أن يقف قليلا مع نفسه ثوان معدودة يجري فيها بعضا من المراجعات السريعة لما ألحقته حكومته بنفسها من الهزائم الاقتصادية، وما تجرعته من سوء العاقبة حينما قررت اللعب بالنار من خلال طبعات الأوراق النقدية وإغراق السوق بالنقد غير القانوني. بل كان جديرا بهذا المصدر غير المسؤول أن يراجع حكومته اللاشرعية فيما اتخذته من إجراءات تجاوزت فيها كل معايير تحمل الإحساس بالمسؤولية تجاه هذا المواطن الذي تتباكى بأنها اتخذت تلك الإجراءات الكارثية من أجل أن موارد كي تصرف رواتب.

رفض واستنكار
كان جديرا بذلك المصدر غير المسؤول أن يراجع حثيثات إعلان الغرفة التجارية في عدن رفضها بأشد العبارات قرار رفع تقييم سعر الدولار الخاص بالجمارك في عدن بسعر 500 ريال للدولار، وهو القرار الذي وصفته الغرفة في بيانا لها بالأحادي، نافية استشارتها فيه، محذرة من أنه “سينتج عنه استيراد بضائع أقل جودة لتقليل التكلفة، كما سيرفع أسعار المواد المستوردة الآن إلى قرابة الضعف، مما سيثقل على كاهل المواطن”؟
أو أن يراجع لماذا مضت الغرفة التجارية الصناعية في صنعاء حيث عبرت عن استنكارها للقرار، وأعلنت في بيان لها تضامنها مع غرفة التجارة والصناعة في عدن برفض القرار الذي قالت بأن له آثارا مباشرة على المواطنين وحركة التجارة الداخلية والإمداد السلعي لكافة المحافظات؟
لماذا حذرت جمعيات البنوك واتحادات عمالية من تداعيات القرار الكارثي الذي اتخذته أدوات العدوان في عدن برفع سعر الدولار الجمركي، وعبرت الغرفة التجارية في صنعاء وجمعية البنوك والصرافين، واتحاد نقابات عمال اليمن، وكذا الغرفة التجارية ونقابات عمالية في عدن عن إدانتها للقرار ورفضها وطالبت مرتزقة العدوان بإلغائه فورا؟
أو أن يبحث عن تفسير منطقي لموجات ارتفاع الأسعار بشكلها الجنوني في عدن إثر الانخفاض المخيف للريال أمام الدولار الذي تسببت به إجراءات حكومة المرتزقة، فقد وصلت قيمة كيس القمح إلى 25 ألف ريال ، بينما في صنعاء يتراوح بين 14 ألف ريال- 15 ألف ريال ، وسجلت بقية السلع والمواد الغذائية ارتفاعات كبيرة خلال الشهرين الماضيين.

ضغط اقتصادي
في إشارة منهم إلى أن ثمة خيارات حرب اقتصادية تديرها الإدارة الأمريكية وتستخدم فيها مرتزقة العدوان كأدوات تنفيذ، سعيا منها إلى إحداث مجاعة هائلة في أوساط اليمنيين ضمن سياسة عقاب جماعي وحرب إخضاع، أكد محللون في الشأن الاقتصادي بأن رفع سعر الدولار الجمركي هو في الأصل قرار برفع أسعار السلع والمواد والبضائع في عموم مناطق الجمهورية الغرض من ورائه و تحقيق هدف غير معلن في إحداث اضطرابات في المناطق الحرة، مستغلة حقيقة أن تحقيق هدف كهذا هو ما سيفرح سذاجة عقول المرتزقة وأن أدى الأمر، من وجهة نظرهم، إلى تعميم حالة البؤس والحرمان على العالم بأسره.
وفي ذلك يرى الخبير الاقتصادي ووكيل قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية بوزارة التخطيط والتنمية، الدكتور عادل الحوبشي، أن هذا القرار يأتي في إطار الحرب الاقتصادية الشرسة التي تحتدم من وقت لآخر تبعاً للتطورات الجارية في الميدان، منوِّهًا بأن هذه الخطوة تأتي كذلك رداً على تقدم أبطال الجيش واللجان الشعبيّة في جبهتي البيضاء ومأرب؛ بهَدفِ تحقيق أقصى ضغط اقتصادي، وما لها من تداعيات اجتماعية ومعيشية وإنسانية على الشعب اليمني، سعياً لمنع استعادة مدينة مارب.
وأكد أن الغرض من هذا القرار هو مفاقمة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في مختلف أرجاء اليمن بشكل عام وفي مناطق سيطرة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني على وجه الخصوص، كورقة ضغط في إطار الحرب الاقتصادية التي يشنها تحالف العدوان على المناطق الحاضنة للتيارات الوطنية في مناطق سيطرة الجيش واللجان الشعبيّة، ومن أهمها أنصار الله، سعيا لإثارة المجتمعات المحلية المتضررة، وزعزعة الاستقرار الأمني والاجتماعي، ونشر الاستياء ومظاهر الفوضى.
ولفت إلى أن من أبرز الأضرار المتوقعة عن القرار هو توقف الكثير من وسائل الإنتاج والأنشطة الاقتصادية والتجارية العامة والخَاصَّة وانخفاض جدواها؛ بسَببِ تأثير القرار على ارتفاع الأسعار للسلع والخدمات المقدمة للمواطن الذي عانى من ارتفاع أسعارها من قبل، ويحد أكثر من قدرته على الشراء حَـاليًّا، إلى جانب إرباك الحياة الاقتصادية والاجتماعية في عموم مناطق اليمن وخَاصَّة مناطق سيطرة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ وإشغالها بمعالجات جديدة للقضايا والأزمات الجديدة كنوع من الابتزاز الرخيص والضغوط الدنيئة، لتخفيف الضغوطات عليهم من جميع الجوانب.
اقذر السياسات وفي السياق، يرى وكيل وزارة المالية لقطاع التخطيط والإحصاء والمتابعة، الدكتور أحمد حجر أن تزامن هذه الإجراءات مع تراجع مستويات الدخول الحقيقية وارتفاع معدلات البطالة سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاستثمار، مما يترتب عليه انخفاضه إن لم يتوقف، وهذا ما يساهم في ضعف جهود إنعاش الاقتصاد القومي بل ربما يؤدي إلى استمرار تراجع مستويات الأنشطة الاقتصادية، مُشيراً إلى أن دولَ العدوان وعبر حكومتِها العميلة تلجأ إلى استخدام أقذر السياسات وأكثرها إيلاماً للشعب وإضراراً بالاقتصاد القومي؛ كي يصبح المجتمعُ وبالأخص الفقراء ورجال المال والأعمال أدَاةً ضاغطةً على القوى السياسية الوطنية المقاومة للعدوان، سواء في ظل استمرار العدوان أَو حدوث مفاوضات.
ويشدّد الدكتور حجر أنه لا بُـدَّ من جهود مشتركة في مواجهة مثل هذا الإجراء من خلال رفض هذا القرار من قبل حكومة الإنقاذ والتنسيق مع رجال المال والأعمال لإدخَال وارداتهم عبر المنافذ الجمركية خارج سيطرة دول العدوان وتكثيف الجهود لإنعاش مختلف الأنشطة الاقتصادية والحد من الاستيراد قدرَ المستطاع وتكثيف جهود التوعية المجتمعية بضرورة ترشيد الاستهلاك، خاصة من السلع المستوردة وغير الضرورية، وأخيرًا تكثيف الجهود الرسمية وغير الرسمية (منظمات المجتمع المدني) للتواصل مع المنظمات الدولية والإقليمية والحقوقية.

باعث على السخرية
أما رئيس جمعية حماية المستهلك، فضل مقبل منصور، فيؤكد أن القرار له تأثيرات مباشرة على الأسعار النهائية للمستهلك، ورفع التكلفة والتأثير على اقتصاديات المستهلك والاقتصاد الوطني بشكل عام، مؤكدا أن التأثير سيلحق بكل السلع والخدمات ومستلزمات الإنتاج بشكل عام، ويتأثر الإنتاج المحلي والحركة التجارية، وستزيد مساحة الفقر، كما أن هذا التأثير سيلحق بجميع المستهلكين حوالي 30 مليوناً والتأثيرُ سيكون عاماً على جميع اليمنيين ففي المحافظات الجنوبية والشرقية والتي تشهد انهياراً متسارعاً في قيمة الريال والذي تجاوز ألف ريال أمام الدولار، وبالتالي تأثر سكان هذه المحافظات، مُضيفاً أن من شأن العمل بمثل هذه القرارات أن تؤدي إلى زيادة التهريب لكل السلع والغش والتقليد والتهرب ومحاربة القطاع التجاري والاقتصاد الوطني وكذلك العزوف عن الاستثمار في كُـلّ القطاعات.
من جانبه، يرى رئيس لجنة الصناعة بالاتّحاد العام للغرف التجارية، أنور جار الله، أن هذا القرار سيسبب تضاعف في تكلفة المنتجات المختلفة مما سيضعف قدرة المنتجات على المنافسة، ويقلل من حجم معدل المبيعات لدى المنشآت المختلفة، لافتاً إلى أن ما يبعثُ على السخرية في هذا القرار هو استثناء المواد الغذائية الأَسَاسية، رغم معرفتهم أن هذه المواد تحتاج إلى نقل وتسويق وعمالة وتشغيل وكل هذه العوامل ترفع تكلفة المواد الأَسَاسية وغير الأَسَاسية وبالتالي فَـإنَّ ما تم استثناؤه من القرار سيرتفع سعره لا محالة، لنصلَ إلى نتيجة أخيرة أن هذا القرار كارثي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

جاهزية عالية
الجدير ذكره أن الحكومة اللاشرعية المتمركزة في (الرياض) وتصف نفسها زيفا بحكومة شرعية تسيطر على ثاني أكبر موانئ اليمن عدن، وهو الميناء الذي تثبت العديد من التقارير الفنية فقدانها لأكثر من 57 % من جاهزية استقبال الحاويات، وأن أكثر ما يورد إلى اليمن يتم عبر موانئ دبي وأبو ظبي، ومن هناك يتم نقل أغلب البضائع على متن شاحنات برية بتكاليف نقل باهظة في حين أن نقطة الدخول الرئيسية للسلع إلى البلاد، وهي ميناء الحديدة غربي البلاد، تخضع لسيطرة حكومة المجلس السياسي الأعلى صنعاء، وهي الحكومة التي أكد فيها وزير النقل عامر المراني جاهزية ميناء الحديدة لاستقبال السفن والحاويات التجارية والبضائع والمواد الغذائية .
ولفت الوزير في حكومة الإنقاذ إلى الميزات التي يمتلكها ميناء الحديدة وأهميته في التخفيف من معاناة الشعب اليمني وتوفير احتياجاته الأساسية من المواد الغذائية بالقول: “يكتسب ميناء الحديدة موقعاً استراتيجياُ طبيعياً ليخدم ثلثي سكان الجمهورية اليمنية و يمتاز من ناحية القرب وسهولة نقل البضائع و المواد الغذائية من الميناء الى العاصمة صنعاء وبقية المحافظات بأقل تكلفة وأسرع وقت”.
من ناحيته جدد رئيس مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية القبطان محمد إسحاق تأكيد جاهزية ميناء الحديدة لاستقبال السفن والحاويات المحملة بالبضائع والسلع الغذائية وفقا للمعايير الدولية، مبديا استعداد المؤسسة تقديم التسهيلات للقطاع الخاص والتجاري وتبسيط إجراءات استقبال البضائع والسلع، والوقوف إلى جانب القطاع الخاص والتجاري وحل أي إشكاليات تخفف معاناة الشعب اليمني.
وقال إسحاق: “ميناء الحديدة محدد لخدمة المواطن والتجار بشكل عام ويعمل بطاقة استيعابية تؤهله لاستقبال السفن والحاويات التجارية بمهنية عالية”. وأوضح أن تحالف العدوان منذ بدايته يمنع دخول أكثر من 400 صنف إلى ميناء الحديدة وجميعها متطلب أساسي لحياة اليمنيين.
واعتبر إسحاق ما يفرضه العدوان من حصار على الميناء جريمة في حق الإنسانية ومخالفة لجميع القوانين والاتفاقيات الدولية.

قد يعجبك ايضا