أراضي الدولة بالحديدة.. الملف الأسود يتضخم..!!

*نافذون يستغلون ظروف العدوان على اليمن بالبسط على ممتلكات الدولة

تحقيق/ وائل شرحة
بينما آلة الحرب السعودية تمارس أبشع صنوف تدميرها..وتذهب إلى تدمير البنية التحتية اليمنية.. منشآت دولة خدمية وقطاع خاص صناعي وتجاري.. يمارس آخرون في الداخل نوعا آخر من العدوان من خلال قضم بعض ممتلكات الدولة بسطا ونهبا.. وبتواطؤ واضح من بعض منتسبي هذه الجهات..!!.
وفي هذه الأثناء يحقق وبشكل رسمي الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد ونيابة الأموال العامة بالحديدة في قضايا تفريط بأراضي الدولة والمال العام في محافظة الحديدة..
ويستند التحقيق إلى وثائق تكشف نوعا صارخا من العبث والفساد بالاستيلاء على مساحات وأراضٍ شاسعة تعود ملكيتها للدولة يقدر ثمنها بـ “9” مليارات ريال..
وتقول المعلومات المتوفرة إن بعض الحالات تمت خلال الشهرين الماضيين والبعض الآخر تجرى محاولة تمرير البسط عليها حاليا من قبل متنفذين وبالتعاون مع عناصر في مكتب الأراضي بالحديدة..
ويستغل هؤلاء المتنفذون دخول البلد في مواجهة العدوان السعودي الغاشم وغياب رقابة صارمة تمنع مثل هذه الممارسات الخطيرة تجاه أراضي الدولة..
* منذ سبعينيات القرن الماضي، لم تسجل الجهات الآنف ذكرها والهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني، جرائم فساد وتفريط وتغاض في أراضي وأملاك للدولة، كما حدث ويحدث خلال العام المنصرم 2015م، لا سيما الشهرين الأخيرين من العام ذاته والذي تم خلالهما توقيع وتسجيل عقود التعويضات وتسجيل عقود بالسجل العقاري بأسماء شخصيات وهي في الأصل ملكية للدولة.
في الوثائق التي حصل عليها معد التحقيق تبين أن المخالفات تكمن في قضايا: تعويضات مخالفة للقوانين النافذة ( الاستملاك، الأراضي، التخطيط) ومخالفة للإجراءات المتبعة في فحص الملكيات وإقرار الاستحقاق والتثمين والتعويض، وتقدير مبالغ تعويضات خيالية والتعويض عنها عيناً من قبل فرع هيئة الأرضي والمساحة والتخطيط العمراني دون وجه حق أو اختصاص بالتعويض.
تعويضات..!!
* أصدر مكتب أراضي الحديدة في 20 أكتوبر 2015م عقد تعويض بمبلغ (مليار و470 مليون ريال) باسم “م.د” كتعويض عن أرض مساحتها (65340) م2 .. سبقها إصدار عقد تعويض من قبل المكتب ذاته في 6 سبتمبر 2015 بمبلغ (652912000) ريال باسم “م. س” واصدار أربعة عقود كتعويض عيني جزئية لاحقة كتعويض عن جزء من أرض مساحتها (8484) م2..
وضمن مسلسل الاستيلاء على أراضي الدولة أصدر مكتب الأراضي بالحديدة في 8 يونيو 2015 عقد تعويض عيني بمساحة (87120) م2 في مواقع متفرقة بمدينة الحديدة تقدر قيمتها بأكثر من (700) مليون ريال باسم المدعو “م.ط”.
ولا يتوقف سيناريو النهب والاستيلاء عند ما سبق ذكره وإنما تواصلت جرائم الفساد والتواطؤ بتسهيل الاستيلاء على أراضي مملوكة للدولة بحكم القانون، إذ سجل المكتب بالسجل العقاري ملكية خاصة بأسماء أشخاص اعتدوا عليها مسبقا.. منها تسجيل أرض تابعة للدولة بمساحة ( 247 ألف )م2 تقدر قيمتها بأكثر من 450 مليون ريال.
مسلسل القضم
* في المنوال ذاته مرر مكتب أراضي الدولة معاملتين تسجيل أرض مملوكة للدولة بمساحة تزيد عن2 مليون م2 وتتجاوز قيمتها “ملياري ” ريال بأسماء أشخاص ومؤسسات تجارية.. بينما يحاول حاليا تمرير معاملتين تسجيل أرض للملك العام كملكية خاصة يبلغ مساحتهما (875556) م2 يتجاوز ثمنها المليار ريال.
ويتم في الوقت الراهن السير في إجراءات تسجيل مساحات شاسعة من أراضي الدولة في منطقة الدريهمي ومنطقة العنترية وحرم مطار الحديدة بعدد ثلاث حالات باسم المعتدين عليها وتقدر قيمتها بالمليارات.
ضمن تلك القضايا تفريط واضح بأرض “المنطقة الصناعية المحجوزة منذ 2002 عبر تسجيل مساحة (653400)م2 تتجاوز قيمتها 450 مليوناً لصالح مؤسسة تجارية خاصة، رغم اعتراض وزارة الصناعة على الاعتداء خلال 2014م..
تحذيرات جدية
* وأمام هذا الكم المهول من المخالفات حذر الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني وفروعها بعموم محافظات الجمهورية من التسيب والتساهل في أراضي وأملاك الدولة وعدم التقيد والتصرف وفقا للوائح والقوانين..
مشددا على ضرورة وقف إجراءات التصرف في عقارات الدولة وتسجيلها باسم الغير في السجل العقاري.
وفي مذكرة رسمية حصلت “الثورة” على نسخة منها، تحمل رقم 1307 وبتاريخ 13ديسمبر 2015م وجهها الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة للهيئة ومكاتبها بالمحافظات حملها المسؤولية القانونية في أي أضرار لحقت أو ستلحق بمصالح الدولة وممتلكاتها.
وجاءت توجيهات الجهاز بعد أن اطلع على عدد من الوثائق الصادرة من فرع هيئة الأراضي بالحديدة وتبين العديد من المخالفات والتصرفات غير القانونية في حق أراضي وعقارات الدولة منها بحسب مذكرة الجهاز المركزي: ” إصدار عدد من عقود التعويضات العينية بمساحات كبيرة بالمخالفة لأحكام القانون رقم 21 لسنة 1995م بشأن أراضي وعقارات الدولة ولائحته التنفيذية والقانون رقم 1 لسنة 1995م بشأن الاستملاك للمنفعة العامة”.
وأكد الجهاز احتفاظه بحقه القانوني في مراجعة كافة التصرفات والإجراءات الصادر بشان أراضي وعقارات الدولة في كافة فروع الهيئة وفقا لقانون الجهاز رقم 32 لسنة 1992م ولائحته التنفيذية.
مكافحة الفساد
* الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد أصدرت قرارا بتاريخ 10 مايو2015، قضى باستعادة أراضي الدولة المستولى عليها في ميناء “رأس عيسى” من قبل متنفذين وبتساهل من قيادة مكتب أراضي الحديدة ولصالح شخصيات ورجال أعمال.. إلا أن ذلك القرار لم يلق أي استجابة من قبل الهيئة العامة للأراضي والمساحة، حسب تأكيدات مسئولين في هيئة مكافحة الفساد.
هذا التغاضي الفج استدعى الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد توجيه انتقادات لاذعة لرئيس الهيئة العامة للأراضي الدكتور عبدالله الفضلي بشأن الأضرار والعبث بأرض الدولة والسعي لتوثيق وتقييد عقود تمليك مجانية لتجار وشخصيات دون وجه حق وبالمخالفات القانونية، كما جاء ذلك في مذكرة وجهتها الهيئة الوطنية العليا لرئيس هيئة أراضي الدولة برقم 784 وبتاريخ 8 ديسمبر 2015.
رئيس الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني الدكتور عبدالله الفضلي، عرضنا ما ورد في الوثائق التي حصلت الصحيفة عليها بهدف معرفة الإجراءات التي اتخذتها الهيئة حيال تلك القضايا.
يؤكد الدكتور عبدالله الفضلي تلقي الهيئة بلاغات عن تعرض أراض وأملاك تعود ملكيتها للدولة بمحافظة الحديدة للاعتداء والتسجيل في السجل العقاري بمكتب الهيئة بالمحافظة وبشكل مخالف للقوانين واللوائح.
ويضيف ” بناء على تلك البلاغات، شكلنا لجنة متخصصة من مدراء العموم بالهيئة وبرئاسة الوكيل المساعد لشؤون التخطيط وتوجهت اللجنة إلى محافظة الحديدة وحققت وتقصت من صحة البلاغات التي تلقيتها واستكملت اللجنة عملها، ورفعت إلينا تقريرا أكدت فيه على وجود ثلاث قضايا مخالفة في حق املاك الدولة بالحديدة”.
وأشار الدكتور الفضلي إلى أن الهيئة وبموجب تقرير اللجنة المكلفة بالتحقيق جمعت الاستدلالات والوثائق التي تثبت صحة المخالفات في حق أراضي الدولة، وستتم إحالتها إلى النيابات المتخصصة لينال المعتدون والمتساهلون معهم العقاب القانوني.. لافتا إلى أنه لن يسمح – كرجل أول بالهيئة – بأي إضرار بأراضي وعقارات الدولة.
نهاية المطاف ..وقفة
* وفي ظل استمرار العدوان وتقصير الجهات الضبطية وتخاذل مكاتب الهيئة ستظل أملاك الدولة عرضة للنهب وهو ما يتطلب وقفه جادة للجهات المختصة بوضع حد لمثل هذه الجرائم والانتهاكات في الحق العام، لأن مرور هذه القضايا سيدفع أصحاب النفوذ والأعمال إلى مصادرة أكبر قدر من الأملاك العامة، وبالتالي تكون الدولة عاجزة عن حتى إقامة مشاريع البنى التحتية.

قد يعجبك ايضا