أشهرها وأكبرها باب اليمن بعمر يزيد عن ألف عام: أبواب صنعاء القديمة شاهد حي على واحدة من أعظم الحضارات الإنسانية في العالم
الثورة/ كتبت/ زهور عبدالله
ما ان تُذكر صنعاء القديمة حتى يتبادر إلى الذهن المساجد التاريخية والمعالم الأثرية والأسوار العتيقة والأسواق الشعبية التي بقيت حية بطابعها ومنتجاتها رغم مرور مئات السنين.
يؤكد باحثون ومهتمون ان صنعاء القديمة تمثل بكل محتوياتها ومفرداتها متحفا إنسانيا نابضا بالحياة وهو أحد أسباب إدراجها في قائمة التراث الإنساني العالمي من قبل اليونسكو.
لكن أسوار صنعاء القديمة وبواباتها الشهيرة المندثرة منها والباقية إلى يومنا تبقى من أهم معالم المدينة
وتعددت الروايات التاريخية حول عدد أبواب صنعاء القديمة فمنهم من يذكر انها أربعة وآخرون يؤكدون انها أكثر من ذلك غير ان ما بقي حيا إلى يومنا هو باب اليمن أكبر وأشهر تلك المعالم الصامدة أمام عوامل الزمن.
أبواب عتيقة
وتشير المصادر التاريخية إلى ان باب اليمن يعود بناؤه إلى ما قبل الف عام حيث يعد المدخل الأساسي لمدينة صنعاء القديمة من الجهة الجنوبية والوحيد المتبقى بكامله من بين أربعة أبواب أخرى عُرفت في السابق كمداخل للمدينة وهى باب شعوب وباب السبح وباب سترات إلى جانب بابين أخرين أضيفا في فترة لاحقة هما باب خزيمة وباب الشقاريف وكل هذه الأبواب اندثرت وبقى باب اليمن كشاهد على جملة من الأحداث التاريخية والسياسية فعبره دخلت جيوش الغزاة ومن خلاله انطلقت جيوش الفاتحين إلى انحاء مختلفة من الدنيا.
كان باب اليمن والأبواب الأخرى تُغلق بحلول المساء ولا تُفتح إلا بعد صلاة الفجر حتى عهد قريب، الأمر الذي كان يعرض من يتأخر خارج المدينة في الحقول أو المزارع إلى المبيت في الخارج مواجها خطر الحيوانات المفترسة، وذلك لأن الناس كانوا لا يغادرون أسوار المدينة الا للزراعة أو الاحتطاب من الغابات.
وباب اليمن بطابعه المعمارى والهندسى الفريد هو جزء من سور صنعاء القديمة يزينه من الناحية الجنوبية ويمتد السور بطول 6200 متر وارتفاع 8 أمتار ليلف المدينة بشكل متعرج ويأخذ شكل الرقم 8 بالغة الإنجليزية.
السور القديم
وتشير المصادر التاريخية إلى أن سور صنعاء القديمة بأبوابه الأربعة وأبرزها باب اليمن وجد في عهد الدولة اليعفرية (439هـ-532هـ) فيما تشير مصادر أخرى إلى انه بنى في عهد الدولة الصليحية في القرنين الخامس والسادس الهجرى وان سلاطين الدولة الأيوبية قاموا بتكملته عقب سيطرتهم على اليمن سنة 569هـ.
ويوضح المؤرخون ان الأسوار كانت من أساسيات البناء المعماري القديم لجملة من الأسباب منها ما يتعلق بإكساب المدينة مظهراً جمالياً خارجياً، ومنها ما يتصل بالوقوف في وجه متغيرات العوامل الطبيعية كالكوارث من فيضانات وسيول وعواصف، وكذلك حماية المدن عند تعرضها للغزو والعدوان حيث تعد الأسوار حائطاً دفاعياً صلداً للوقوف بثبات في وجه المعتدين وتعزيز الصمود والمقاومة.
وبالنسبة لسور صنعاء القديمة توضح المصادر التاريخية انه يعود بناؤه لأزمنة موغلة في القدم، حيث يتبين أن أول من أقام السور هو الملك السبئي ” شعرم أوتر” الذي حكم خلال (الربع الأخير من القرن الثاني الميلادي إلى الربع الأول من القرن الثالث الميلادي) حيث أورد مؤرخ اليمن” الهمداني ” في موسوعته كتاب ” الإكليل ” إنه هو أول من أحاط صنعاء بحائط، ويؤيد صحة ذلك العثور على نقش خاص بالملك ” شعرم أوتر ” ذكرت فيه مدينة صنعاء كالتالي (جنأ / صنعاء) وكلمة ” جنأ ” في النقوش القديمة المسندية معناها السور، وللسور القديم أربعة أبواب رئيسية فإلى جانب باب اليمن هناك باب شعوب من الجهة الشمالية وباب ستران المؤدي إلى الجهة الشرقية باتجاه القلعة وجبل نقم وعُرف باسم آخر هو (باب القصر) .
وكذلك باب السبحة باتجاه الحقل وحي بئر العزب، وسمى ـ أيضاً ـ (باب السبح) كما ان هناك عدداً من الأبواب الأخرى غير الرئيسية مثل باب خزيمة وباب البلقة وباب الروم وباب القاع، وكلها مندثرة، ولم يعد منها غير أسمائها وقليل من الآثار الحية الدالة على انها كانت موجودة وشهدت على واحدة من أعظم الحضارات الإنسانية على كوكب الأرض.