الإفراط في تناول اللحوم سبب رئيسي لكثير من المشاكل الصحية



■ المصابون بأمراض القلب والسكري والكبد والضغط هم الأكثر تضرراٍ

■ انعدام الثقافة الصحية يضاعف المخاطر

بحكم العادة ونتيجة للجهل بما يمكن أن تقود إليه تلك العادة وما قد ينجم عنها من أضرار صحية يكثر الإقبال على تناول اللحوم بشراهة خلال أيام عيد الأضحى المبارك إذ يتوفر اللحم لدى غالبية الناس فهم ينحرون الأضاحي التزاما بالسنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام وتحرص الأسر على تقديم اللحم بشكل وفير على المائدة وقد يصل أحيانا حد التبذير الأمر الذي قد يجعل البعض يفرط في تناول اللحم غير منتبه إلى ما قد يتسبب به ذلك الإفراط من أضرار ومخاطر صحية متعددة.. لذا فإن من المهم التنبه إلى هذا الأمر ومحاولة الاحتراز من تلك المخاطر من خلال معرفتها أولا ثم اتباع العادات الصحية التي تساعد على تجنب آثارها.التحقيق الصحفي التالي يناقش المشكلة.
مع اقتراب عيد الأضحى المبارك يسارع الناس إلى شراء الأضاحي حيث تكتظ أسواق الماشية التي حرص التجار فيها الذين يعد الأمر بالنسبة لهم موسما مثالياٍ على توفير متطلبات هذا الموسم من الأضاحي بمختلف أنواعها ولا تكاد تجد أسرة إلا وقد استعدت بشراء أضحيتها إلا ما ندر ممن منعتهم فاقتهم من شراء أضحية العيد الأمر الذي يعني توفر اللحم لدى جميع الناس تقريباٍ وبالإضافة إلى أن من الموسرين من يقوم بشراء اللحم في العيد بشكل مبالغ فيه فإن الكثيرين من محدودي الدخل يحرصون على شراء اللحم فمع كونها سنة دينية فإن الأمر من ناحية أخرى يمثل بالنسبة لهم موسما للتنعم بما حْرموا منه طوال العام لا سيما وأن البعض لا يكون بمقدورهم شراء حاجتهم الكافية من اللحم بانتظام.. وفي مثل هذه الحالة فإن الموائد التي تزخر باللحوم التي تعددت طرق إعدادها وتحضيرها تمثل إغراء لتناولها بشكل مفرط حيث يلتهم الناس كمية اللحوم التي اشتروها في وقت قياسي غير مبالين بما يمكن أن يكون لذلك من آثار سلبية على الصحة.
فوائد غذائية
لا خلاف حول ما للحم من فوائد وعناصر غذائية يحتاج إليها جسم الإنسان حيث أن اللحم غنيَ بالمواد المقوِية للمناعة والعظام ومقاومة الأورام كمادة اللينوليك ومادة الكارنتين المسؤولة عن تحويل الدهون إلى طاقة داخل الجسم بالفوائد الغذائية والعناصر الهامة لتكوين الدم ونمو كرات الدم الحمراء كالبروتينات والفيتامينات والمعادن كالحديد والفوسفور والنحاس وغيرها من العناصر الغذائية غير أن جميع ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال أن لا أضرار صحية ينطوي عليها الإفراط في تناول اللحوم حيث يؤكد الأطباء على جملة من الأضرار التي تترتب على ذلك والتي يجب التنبه لها واتباع الطرق الصحية لتجنبها.
انعدام الثقافة الصحية
يسهم انعدام الثقافة الصحية لدى الكثير من أفراد المجتمع في مضاعفة المتاعب والأضرار الناتجة عن الإفراط في تناول اللحم فالناس يركزون اهتمامهم على فوائد تناول اللحوم وما تحتويه من عناصر غذائية مفيدة للجسم ويهملون في المقابل أن “ما زاد عن حده انقلب إلى ضده” يقول الدكتور محمد شمهان طبيب باطنية: كثيرون لا يلقون بالاٍ لما قد يؤدي إليه الإفراط في تناول اللحوم خلال عيد الأضحى المبارك وذلك نتيجة لجهلهم بما لهذا الأمر من أضرار على الصحة وذلك لأن كل ما يعرفونه عن اللحم هو أنه غني بالبروتين وغيره من العناصر الغذائية المفيدة للجسم وهذا لا خلاف فيه غير أن المسألة بحاجة إلى بعض الوعي بأنه من الضروري مراعاة أن يكون تناول اللحم بالقدر الذي يحتاج إليه الجسم وأن الإفراط يقود إلى مشاكل صحية كثيرة بدءا من حدوث الاضطرابات المعوية مثل الإسهال أو الإمساك أو الحموضة وغيرها من مشاكل الجهاز الهضمي وقد يصل الأمر في بعض الحالات إلى مخاطر كبيرة منها أنه قد يتسبب في رفع نسبة الكولسترول في الدم الأمر الذي يؤثر على جدار الشرايين ويؤدي إلى تصلبها.
دراسات تحذر
كثيرة هي الدراسات الطبية التي تحدثت عن أضرار الإفراط في تناول اللحوم وبالذات اللحوم الحمراء كلحوم الأبقار والأغنام والماعز وغيرها من المواشي حيث تحتوي على نسبة عالية من الدهون وتذهب تلك الدراسات إلى الأضرار الصحية الخطيرة المترتبة على الإفراط بأكل اللحوم تبدأ بالحموضة والانتفاخ خاصةٍ لحوم الضأن الغنية بالدهون والتي ترفع من دهون الدم والكولسترول بالذات الذي يترسب في جدار الشرايين ويتسبِب في تصلبها.
وتصلِب الشرايين له خطورته التي تكمن في انسداد شرايين القلب محدثاٍ الذبحة الصدرية وجلطة القلب وانسداد شرايين المخ مسبِباٍ جلطات المخ والسكتة الدماغية وانسداد شرايين الكلى.
كما أن الإفراط بأكل اللحوم يؤدي إلى الإصابة بمرض النقرس عند الأشخاص المهيئين له وهو مرضَ يتسبب في الآم المفاصل ومتاعب الكلى ويْنصح بالاعتدال في أكل اللحوم والابتعاد عن الدهون الموجودة في اللحم وإزالتها قبل طهيها خاصةٍ لمرضى السكري والقلب وتصلِب الشرايين.
المرضى هم الأكثر تضررا
المصابون بأمراض مختلفة كالسكري وارتفاع ضغط الدم والكبد والكلى وغيرها من الأمراض هم الأكثر تضررا من تناول اللحوم بإفراط بل إن من بين الأمراض ما يستوجب الحرص على الاعتدال في تناول اللحوم وبقدر محدد كما هو الحال بالنسبة لمرضى السكري والكبد بشكل خاص.
فبالنسبة لمرضى السكري والذين – بحسب أطباء اختصاصيين- يسود لديهم اعتقاد خاطئ بأن تناول اللحوم لا يرفع السكر بالدم لأنها لا تحتوي على نشويات أو سكريات, حيث يدحضون هذا الاعتقاد الخاطئ موضحين أن اللحم على الرغم من عدم احتوائه على مواد نشوية, إلا أن تركيز الأحماض البروتينية في مصل الدم عن طريق تناول اللحم بكثرة يؤدي إلى عدم قدرة الكبد على تنظيم السكر وبالتالي يستمر الارتفاع في نسبة السكري ويؤكد هؤلاء الأطباء على أن كثرة تناول اللحوم يؤثر سلباٍ على قدرة البنكرياس على تنظيم السكر بالدم. وينصحون مرضى السكر بالاعتدال في تناول اللحوم وبطريقة صحية وأن تكون مطهية جيداٍ سواء أكانت مسلوقة أو مشوية.
ويؤكد استشاري أمراض الباطنة والقلب الدكتور نصر النميري أن أكبر مشكلة تواجه مريض القلب في عيد الأضحى هو الإفراط في تناول اللحوم الحمراء المحتوية على الكثير من الدهون والملح, وهي أيضاٍ ترفع الكولسترول حيث تساهم في تكوين ترسبات دهنية على جدران الشرايين مما يؤدي إلى تصلبها.
أما بالنسبة لمرضى الضغط فيضيف النميري أن تناول كميات كبيرة من اللحوم يستخدم فيها الكثير من التوابل والملح يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم بشكل كبير ومفاجئ. ويجب أن يراعي هؤلاء المرضى تقليل تناول الدهون في اللحوم لأن الأغذية الدهنية بشكل عام وخاصة المجهزة بطرق غير صحية تحتوي على كميات كبيرة من الدهون التي لها أثر كبير في ارتفاع ضغط الدم.
ولا تقل خطورة تناول اللحوم عمِا سبق بالنسبة لمرضى الكبد والتليف الكبدي حيث يحذر الدكتور محمد سالم نعمان استشاري أمراض الكبد من إفراط مريض الكبد في تناول اللحوم الحمراء حيث أن اللحم الأحمر يحتوي على كميات كبيرة من الدهون حتى بعد إزالة الدهون منه, وهو أمر يؤدي إلى ارهاق الكبد ويصيبه بالخلل ويمكن أن يصاحبه الإصابة بالغيبوبة الكبدية.
نصائح طبية
يقدم الأطباء بعض النصائح لتجنب أضرار اللحوم والحصول على فوائدها ومن بين تلك النصائح أنه وعلى رأسها الاعتدال في كمية اللحوم وأن تكون مطبوخة مع الخضراوات مثل البصل والثوم والجزر كما يجب عدم التركيز على اكلها طوال ايام عيد الأضحى بمعنى أن يكون هناك وجبة في اليوم يتم فيها استبدال اللحوم الحمراء بلحوم بيضاء كالدجاج والسمك وكذا الإكثار من أكل الوجبات المحتوية على ألياف بنسبة كبيرة مثل الحبوب الكاملة والخضار حيث تساعد على الوقاية من بعض الأمراض مثل عسر الهضم والانتفاخ بالإضافة إلى ممارسة بعض التمارين الرياضية والمشي إلى جانب الإكثار من شرب الماء.
كما يْنصح بإزالة جميع الدهون العالقة باللحم الأحمر قبل طهيه, وإضافة الليمون إلى الحساء أو اللحم. ويفضل أيضاٍ إضافة البقدونس إلى قطع اللحم حيث أن له قدرة فائقة في امتصاص نسبة من الدهون. مع تقطيع قطع من فصوص الثوم الطازج إلى اللحم وتقليل نسبة الملح في اللحم والسلطة واستبداله بالليمون والتوابل. مع ضرورة إعداد اللحم بطريقة صحية مثل الشواء أو السلق وعدم تحمير اللحوم. ويفضل خبراء الغذاء شي اللحم مصحوباٍ بالكثير من الخضروات مثل البطاطس والبروكلي والفلفل وغيرها حيث أن هذه الأغذية لا تتكون فيها الأمينات المسرطنة وتقلل من تكونها في الشواء.

قد يعجبك ايضا