قراءة في حاضر ومستقبل قطاع السياحة الواعد

 

سياحة وتراث / محمد السياغي
تشهد المقاصد السياحية في الأمانة والمحافظات، إقبالا واسعا من قبل الزوار، مع بداية الأجواء الصيفية الدافئة، وهطول الأمطار، وتدفق الشلالات، وامتلاء الحواجز والسدود، وانتشار المساحات الخضراء.
وتختلف المقاصد السياحية المنتشرة على امتداد ربوع الوطن، بحسب طبيعة ما يرغب الزائر ممارسته فيها من نشاط، وتشمل كافة الأماكن التي تجذب وتستقطب الزوار على المستوى المحلي والخارجي، بما في ذلك المعالم الطبيعية، والتراثية، والثقافية، والترفيهية.
وتشمل المعالم الطبيعية، الجبال، والصحاري، والشواطئ ومراكز الغوص، والبحيرات، والوديان، والكهوف، والشلالات والعيون، والمزارع، والسدود، وغيرها مما يدفع الزوار إلى السفر اليها من أماكن مختلفة.
في حين تضم المعالم التراثية والثقافية، المدن، القرى، ودور العبادة، والقلاع والحصون القصور. الدور، والمواقع الأثرية، والمتاحف وكل ما يختزل تاريخ وثقافة وهوية المجتمع، ورصيده الحضاري والتاريخي الضارب بجذوره في اعماق التاريخ، ويستخلص خصائص وجماليات البناء المعماري الفريد.
وتتضمن المعالم الترفيهية، المنتزهات، والحدائق الترفيهية والملاهي والمراكز التجارية والمطاعم، والمقاهي والكافيهات، والنوادي الصحية والرياضية، وغيرها مما يصور السياحية الحديثة، ويعكس أنماط مختلفة للحياة الحضرية والثقافة الحديثة، والتي تستقطب العديد من الزوار ممن يرغبون في الاستمتاع بالحياة الليلية والتسوق والترفية.
ويزخر اليمن بالعديد من هذه المقاصد السياحية، إن لم يكن يمثل برمته متحفا سياحيا مفتوحا لممارسة الكثير من الأنماط السياحية، بما فيها ما يندرج ضمن أنماط السياحة الجديدة والمعاصرة، وينفرد بتنوع واختلاف المنتجات السياحية من محافظة إلى أخرى، حيث تتميز كل منها بمواقعها ومناظرها وتقاليدها وعاداتها ومعالمها الأثرية.
* بواقع مليار 161 مليون دولار، كانت بلغته عام 2010م قدرت الخسائر المباشرة لقطاع السياحة الدولية نتيجة العدوان والحصار بـ10 مليارات ، 449 مليون دولار
ورغم ما يتمتع به اليمن من مقومات سياحية تجعله من أفضل الوجهات السياحية على مستوى المنطقة، إلا أن قطاع السياحة تكبد خسائر فادحة نتيجة استمرار العدوان والحصار السعودي الأمريكي للعام التاسع على التوالي، تقدر بـ10 مليارات و449 مليون دولار، وهي تمثل خسائر مباشرة لعائدات السياحة اليمنية السنوية فقط من السياحة الدولية الوافدة، التي توقفت تماما، وذلك بواقع مليار 161 مليون دولار، كانت بلغته عائدات السياحة اليمنية في عام 2010م .
بالإضافة إلى تعمد استهداف العدوان وتدميره لعدد كبير من البنى التحتية المرتبطة بقطاع السياحة وقاعدة الخدمات الأساسية، بما فيها استهداف وتدمير المنشآت السياحية والمواقع التاريخية والاثارية، وفقدان 95 ٪ لعملهم في قطاع السياحة، يعولون أكثر من 500 الف نسمة.
وبحسب مهتمين في المجال السياحي فإن السياحة في اليمن من القطاعات الواعدة، فاليمن مهد الحضارات ويمتلك مقومات سياحية متنوعة وفريدة تاريخية وثقافية وطبيعية تجعله بلداً سياحياً من الطراز الاول، فضلا عن تنوع العمارة وما تقدم من نماذج رائعة لفنون معمارية ليس لها نظير في العالم، وامتلاكها لشريط ساحلي متنوع يضم أماكن للاستجمام ورياضة الغطس ويمتد على البحرين العربي والأحمر، كما تمتلك اليمن جزراً وأرخبيلات تتمتع بمقومات الطبيعة الساحرة .
ويرى المهتمون أن اليمن يتمتع بتضاريس متنوعة ترسم لزائرها لوحة خلابة وخارطة طبيعة شاملة، تجمع بين السهول والجبال الشاهقة والقيعان والأودية الخصبة والتلال والهضاب والشواطئ والصحاري، وبمناخ متنوع ساحلي وصحراوي وجبلي، بالإضافة إلى تنوع ثقافي شمل عادات الناس الاجتماعية وأزياءهم وموروثاتهم الشعبية، بالإضافة إلى تنوع في المخزون الأثري لكل منطقة والناتج عن عراقة التاريخ والحضارة الممتدة في أعماق الزمن، مما يضفي على اليمن تميز أو خصوصية لا تمتلكه كثير من البلدان.
وإذا كانت هذه المقومات تعطي اليمن فرصة كبيرة لتكون أحد البلدان الرئيسية في الصناعة السياحية بالمنطقة العربية بحسب المهتين فأن ذلك يظل مرهوناً بتدفق الاستثمارات الكبيرة لهذا القطاع وإقامة مقومات صناعة سياحية تكون أحد المصادر الرئيسية للدخل وأداة من أدوات تحقيق التنمية المتوازنة وتدعيم أسس التكامل الاقتصادي بين مناطق البلاد المختلفة .
ويؤكد مراقبون دوليون أن السياحة لها دور أساسي في إنعاش الاقتصاد الوطني، فهي إحدى أدوات تحقيق التنمية المتوازنة ومعالجة الاختلالات التي يعاني منها الاقتصاد الوطني كالتضخم والبطالة والفقر.
ويعتبر القطاع السياحي في اليمن -حسب المراقبون- أحد القطاعات التي يمكن له المساهمة في تحقيق نمو مطرد في الناتج المحلي الإجمالي، وإيجاد فرص عمل وأحد مصادر الدخل للبلاد من العملات الصعبة، كما أنه أداة جذب للاستثمارات الخاصة المحلية والخارجية عربياً ودولياً.
كما يؤكد المراقبون على أهمية ان يكون للقطاع الخاص دور بارز في احداث التنمية السياحية والتوجه نحو استثمارات جريئة تحدث نقلة نوعية في قطاع السياحة مشيرين إلى أن الاستثمار في التنمية السياحية سيؤدي حتماً إلى زيادة في الطلب علي المنتج السياحي مما يعني ازدهاراً مؤكداً لقطاع السياحة في اليمن، وزيادة في حجم الحركة السياحية التي تؤدي بدورها إلي زيادة مماثلة في الإنفاق السياحي الذي يحقق الهدف الرئيسي والمتمثل في زيادة دخل البلاد من النقد الأجنبي نتيجة إنفاق السائحين.
ورغم أهمية قطاع السياحة وفرص نجاحه الكبيرة إلا أنه مازال قطاعاً بكراً لم يعطِ ثماره المرجوة للاقتصاد الوطني وفقاً لما يمتلكه من مقومات – حسب المراقبين – حيث تمثل نسبة إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي متدنية كما أن حجم ما يستوعبه من القوى العاملة منخفض.
ورغم المساعي الحكومية لتحقيق تطور فعال في هذا القطاع من خلال خططها المختلفة التي تتجه لتوفير البيئة الاستثمارية الملائمة لنمو هذا القطاع وتنفيذ برامج الترويج السياحي وزيادة حجم أنشطته إلا أن ثمة الكثير من التحديات التي ما تزال تواجه القطاع السياحي، ومن أبرزها استمرار العدوان والحصار والسعودي الأمريكي، وما فرضه من متغيرات على الصعيد السياسي والأمني والاقتصادي.
ويعد توجه الحكومة نحو تشجيع السياحية الداخلية كحل بديل أمام السياحة الخارجية المتوقفة نتيجة استمرار العدوان والحصار، أحد الحلول والخيارات الممكنة خصوصا وإن السياحة الداخلية هي الأخرى اتسعت وزاد حجمها باطراد، ويبدو ذلك جلياً في الازدحام والاختناقات التي تشهدها المناطق السياحية والمنتجعات السياحية في المدن الساحلية وفي المحافظات التي تتواجد فيها أماكن للسياحة الطبيعية والتي يرتادها المواطنون بصورة مكثفة أثناء المناسبات الرسمية والأعياد وخلال فترة الصيف.
وفيما يتعلق بمقومات وإمكانات البنية التحتية لقطاع السياحة، فأنها ما تزال متواضعة مقارنة مع تنوع وتعدد مقومات النشاط السياحي المتاح في البلد وحجم الأقبال والطلب المتزايد، ومازال هذا القطاع يحتاج لإقامة العديد من المنشآت السياحية العملاقة والمتنوعة وفي مختلف المناطق السياحية التي يرتادها السياح.
وتأتي من بين أهم المنشآت المطلوب توفرها حسب المقومات السياحية في المناطق المختلفة، القرى السياحية، منشآت خدمات الشواطئ ورياضة الغوص، والمنشآت المتعلقة بسياحة الآثار، الصناعات الحرفية، ومؤسسات العرض والترويج الحضاري مثل، المتاحف الأثرية، ومتاحف المخطوطات، المعارض الدائمة للتراث والموروث الشعبي اليمني وغيرها من المنشآت السياحية ذات البعد الحضاري والثقافي، بالإضافة إلى مؤسسات تقديم الخدمات السياحية والترويج لها.
وحسب مهتمين بالشأن السياحي فأن هذا القطاع مازال فيه العديد من المقومات التي لم تُستثمر والأماكن التي لم تكتشف، ويحتاج إلى بنية واسعة من خلال تحقيق شراكة فاعلة بين القطاع العام والخاص، ومن المؤسسات والمنظمات السياحية وخدمات السياحة المتنوعة، وذلك باعتبار أن فرص نجاح الاستثمار في هذا المشروعات كبيرة إذا ما رافق ذلك تطوراً وتوسعاً في قطاعات الخدمات المساندة للسياحة مثل، النقل، والاتصالات، وتنفيذ برامج الترويج السياحي سواء كنشاط سياحي أو بين فئات المستثمرين لتحفيزهم على الاستثمار في هذا القطاع البكر والواعد.
ووفق المهتمين بقطاع السياحية فأنه لا بد لهذا القطاع من تجاوز الكثير من المعوقات التي يواجها وتقف حجر عثرة في طريق تطوره وإسهامه الفاعل في التنمية الاقتصادية للبلد، سواء في الوقت الحاضر أو المستقبلي، والتي من ابرزها عدم توفر المنشآت السياحية ذات المستوى الملائم وعلى كافة المستويات.
بالإضافة إلى ضعف البنية التحتية الداعمة كالطرق والاتصالات والخدمات التكميلية الأخرى، ونوعية المرشدين السياحيين غير ملائمة لعدم توفر برامج تدريبية تأهيلية لكوادر العاملين في الهيئات السياحية الحكومية.
يضاف الى ذلك انخفاض حجم الاستثمارات الموجه نحو هذا القطاع، وضعف برامج الترويج للسياحة والاستثمار السياحي، وتوسع البناء العشوائي والسطو على المواقع والمحميات السياحية والأثرية.
ويظل تطور قطاع السياحة في نظر المهتمين مرهوناً بضرورة توفر استراتيجية وطنية متكاملة وواضحة لتطوير قطاع السياحة باعتباره من القطاعات الهامة التي يجب تنميتها وتطويرها.

قد يعجبك ايضا