المتوعكون نفسيا يدمöرون بيئة العمل

عندما يسيطر الضجيج والصخب المتصاعد من بيئة مضطربة وغير مستقرة على كل مفاصل الحياة في مجتمع مثل ما هو حاصل لدينا في بلد نام ويعاني من مشكلات عديدة تكون بيئة العمل أكبر المتضررين نتيجة تسرب تأثيرات كل ذلك ليصيبها بالتوتر الحاد المدمر للأداء والإنتاجية.
أبرز هذه المؤثرات تتمثل في الاضطراب النفسي وطبيعة الموظف والعامل نتيجة للبيئة الاجتماعية التي يستمد منها بعض الأعراض المرتبطة بالقلق والتوتر والهموم المعيشية والضجيج والصخب الذي يملئ حياة المواطن ومختلف الشرائح في المجتمع.
وكما هو معروف فإن التمتع بصحة نفسية جيدة في العمل مهم جدا في مؤسسات الأعمال على اختلاف أحجامها بدءا من الأفراد الذين يعملون بمفردهم وانتهاء بالمؤسسات الضخمة التي توظف آلاف الأشخاص.

بحسب متخصصين في هذا المجال فإن واحدا من بين 4 أشخاص معرض للمشكلات النفسية في مرحلة ما من مراحل حياته.
وبدأت العديد من المؤسسات والمنظمات وأنشطة الأعمال تعترف بتأثير الصحة النفسية على العمل فهناك 60% من الأمراض التي تستمر لفترة طويلة لها علاقة بالصحة النفسية.
كما تقر المؤسسات ومنظمات الأعمال بمنافع توظيف عاملين يتمتعون بصحة نفسية جيدة لكونهم أكثر إنتاجية من غيرهم.
لكن لا تزال ثقافة التغاضي عن المشكلات النفسية بحسب خبراء في هذا المجال” منتشرة في مؤسسات الأعمال بشكل عام و إذا لم يتحدث الشخص عنها أولا فلن تتمكن المؤسسة ومنظمة الأعمال من خلق بيئة عمل توفر المساعدة لموظفيها.
أهمية
يؤكد الخبير التدريبي عبدالباري نعمان أهمية الحفاظ على الصحة النفسية في العمل لأن ذلك يرضي الجميع من الموظفين وأصحاب العمل والزبائن والمتعاملين.
ويرى أن المتوعكين نفسيا يلحقون أضرارا جسيمة في بيئة العمل التي يتواجدون فيها قد تؤدي إلى تدميرها وتوقف الأداء وانعدام الإنتاجية.
ينصح نعمان بالعديد من الأشياء أهمها الابتعاد عن تشتيت الذهن في أكثر من عمل في الوظيفة نفسها وترك كل القضايا الاجتماعية أول ما يصل الموظف إلى عملة وكذا وهو الأهم الاهتمام بالصحة والابتعاد عن السهر وقلة النوم والابتعاد عن تعاطي القات أو تخفيفة وممارسة الرياضة والاهتمام بالتنزهة بعد انتهاء العمل وإنجاز المهام كل على حدة وعدم الانشغال بأكثر من مهمة في نفس الوقت.
تأثير
توصلت العديد من الدراسات والأبحاث في هذا المجال إلى أن الناس السعداء أكثر إنتاجية بنسبة 12% لاسيما في الشركات والمنظمات التي تقع في مراكز المدن وفي عدد من المهن مثل المحاماة والمحاسبة والبرمجة.
ويرى خبراء أن بيئة العمل الصحية تؤدي إلى خلق ميزات تنافسية أخرى فالحفاظ على بيئة تسهم في نجاح المواهب يعمل على تحسين العمل. كما أن أصحاب الأعمال الذين يتبعون خدمات تحافظ على صحة العاملين النفسية يلاحظون أن نسبة ترك الموظفين لأعمالهم قد انخفضت بشكل ملحوظ.
ولهذا يشدد الخبراء على حاجة المؤسسات إلى التعامل مع صحة الموظفين النفسية على نحو جدي.
يظهر تأثير ذلك في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فإذا كنت تمتلك مؤسسة فيها 20 أو 30 أو 40 موظفا فلن تتوافر لك الموارد الكافية التي تمكنك من تقليل مستوى التقصير.
وتعاني هذه المؤسسات من هذا الأمر بشكل أكبر من المؤسسات الضخمة لكونها تتمتع بهيكلية أقل كثافة ورسمية لكن هذه المؤسسات بحسب خبراء” قادرة على التعامل مع مواضيع الصحة النفسية بشكل أفضل وهي تميل إلى فعل ذلك من ناحية تجارية بحتة.
ثقافة التغاضي
يقول خبراء علم النفس : ليس من المهم تحديد من يعاني من هذه المشكلات بل يجب أن تعترف الشركة أو المؤسسة بأن لديها موظفين يتمتعون بنقاط قوة وضعف من الناحية النفسية والجسدية وأن عليها دعمهم.
ويجب أن يشعر الموظف طبقا لهؤلاء الخبراء” بإمكانية التعبير عن مشكلته لمديره المباشر وأن بإمكانه أن يأخذ إجازة من العمل عند الضرورة فقد أثبتت بعض الدراسات أن واحدا من بين 6 موظفين سيعانون من القلق أو الاكتئاب أو التوتر في أي سنة من سنوات خدمتهم.
مؤكدين أن المشكلات المتعلقة بالصحة النفسية غير مقيدة فهي لا تتعلق بكمية المال الذي تكسبه أو برتبتك الوظيفية ولهذا يتطلب الأمر تقبل فكرة وجود أشخاص يحتاجون إلى المساعدة في مرحلة من مراحل حياتهم الوظيفية حيث يعتبر ذلك خطوة في الطريق الصحيح.

قد يعجبك ايضا