عقيد / عبدالغني الوجيه –
المتأمل في قرارات منع الدراجات النارية من الحركة في العاصمة صنعاء مذ بدأت في العام 2005م وحتى اليوم يدرك حالة التخبط التي كنا ولا زلنا نعيشها والتي تسببت في عدم فعالية أي من تلك القرارات المتعددة في المنع النهائي للدراجات النارية من الحركة في العاصمة صنعاء.
بدأت القرارات بقرار المنع الذي كان ينظر إلى عاصمة خالية من الدراجات النارية لأنها ( أي الدراجات )
مصدر إزعاج نتيجة ما يصدر عنها من صوت مزعج خاصة التي تنزع منها كواتم الصوت ( الخوصة )
مصدر تلوث للبيئة ومؤثر سلبا على الصحة العامة لسكان العاصمة .
أحد أهم أسباب الحوادث المرورية التي ينتج عنها كثير من حالات الوفاة وحالات العاهات المستديمة .
وبالتأكيد فإن الحالة اليوم تطورت إلى ما هو أكثر بكثير من تلك المخاوف جمعاء حيث أصبحت الدراجات النارية هي الوسيلة الرئيسية للقتل والتخريب وعاملا من العوامل المساعدة للإجرام والإرهاب في العاصمة صنعاء !!
لن أسهب في الحديث عن القرارات التي ( فشلت ) في منع الدراجات النارية من الحركة في العاصمة وباختصار شديد فإن السبب الرئيس ( من وجهة نظري ) في ذلك الإخفاق يعود إلى الارتجالية في تنفيذ تلك القرارات وانعدام الخطة السليمة التي تكفل تنفيذها.
مررنا بتجربة في العام 2007م حين قرر كل من وزير الدولة أمين العاصمة و وزير الداخلية منع حركتها وتم تكليفي حينها وكنت قائدا لشرطة الدوريات الراجلة فقمنا بحصر كافة الدراجات النارية في العاصمة وتحديد المجمركة منها والمهربة وعمل الحلول التي كان منها :
منع استيراد الدراجات إلى العاصمة صنعاء وإلزام التجار الذين في مخازنهم دراجات جديدة إخراجها من العاصمة .
منح فرصة زمنية لمن يملك دراجة غير مرخصة لإخراجها من العاصمة صنعاء وبيعها أو التصرف بها
تعويض مالكي الدراجات النارية المجمركة وكل من يسلم دراجته النارية إلى اللجنة المختصة ماليا بقيمتها.
ضمان توفير فرصة عمل ومصدر دخل لمن ثبت اعتمادهم في مصدر عيشهم وأسرهم على هذه الدراجات إضافة إلى التعويض.
وكان عدد الدراجات النارية حينها محدودا والحل ممكنا وحضر إلى مبنى الشرطة الراجلة مالكو الدراجات وبدأنا الإجراءات وهم راغبون بتنفيذها لكن السياسة تدخلت وحرفت القضية إلى المسار السياسي الذي كان سببا في عدم تنفيذ الحلول حينها بل وسببا في ازدياد عدد الدراجات حيث قام بعض مالكي السيارات الأجرة ببيع سياراتهم وشراء دراجات نارية جشعا وطمعا وكانت قيمة السيارة الواحدة تكفي لشراء عدد كبير من الدراجات النارية تسلم لمن يقودها من صغار السن والمستأجرين لها حتى وصلت الى الأعداد التي نراها اليوم والتي تجعل من محاولة تنفيذ ذلك الحل أمر فيه صعوبة فعددها بالآلاف الآن !!!
توالت قرارات منع حركة الدراجات في العاصمة لكن أي من تلك القرارات لم يدم تنفيذه وقتا طويلا فما أن يمر زمن على بدء التنفيذ بحزم من قبل أجهزة الشرطة المكلفة بالتنفيذ حتى يسري عليها مبدأ التقادم بالمدة حتى يعود الحال إلى ماهو عليه وتعود الدراجات النارية إلى العمل أداة للنقل و القتل في الوقت ذاته .
في هذه الأيام ورغم الحزم في الأوامر التي تقضي بمنعها نهائيا نجد المنع يطال ضعفاء الناس ممن يقتاتون على عمل الدراجة النارية وهم المتضرر أصلا من قرار المنع , بينما نجد الدراجات التي يقودها بعض من يرتدي الزي الرسمي للجيش والشرطة تمر في كثير من الأحياء والشوارع وهكذا فإن القرار لم يخدم الهدف الذي صدر من أجله بمنع استخدام تلك الدراجات النارية في أعمال القتل حيث أن كثيرا من تلك الجرائم لازالت تنفذ على الدراجات النارية التي يتخفى القتلة أثناء تنفيذ جرائمهم بارتدائهم للزي العسكري أو الأمني !!!!