علم النفس يفند: بعض العبارات تعكس ملامح شخصيات مضادة للمجتمع


»عضة أسد ولا نظرة حسد يا جبل ما يهزك ريح«
من الجمل التي تكتب على سيارات الأجرة
لا تسرع فالموت أسرع , الثقة بحر الغزاة , لو خفنا العصافير ما زرعنا الحب .. عبارات نلاحظها مكتوبة على زجاجات نوافذ الباصات وتاكسي الأجرة, وبعض المركبات حيث لا تكاد تخلو وسيلة من وسائل المواصلات المختلفة من عبارة أو عبارتين في مؤخرتها أو على جانبيها , تختلف الأذواق وتختلف الأسباب , وكذلك تختلف الدلالات البعض يعتبرها ظاهرة مرضية تحتاج إلى معالجة والبعض الآخر اعتبرها حرية شخصية فيما يرى آخرون أنها تعكس ثقافة معينة.
* فما الدوافع التي تقف وراء هذه الظاهرة¿ وما هو التحليل النفسي لهذه الظاهرة ¿
تفاصيل أكثر في التحقيق التالي:

يعتبر خالد صالح وهو سائق باص كتب على واجهته “عضة أسد ولا نظرة حسد”, وزاد عبارات أخرى من نوع “السواقة فن وذوق وأخلاق “و “ما شاء الله” وحين سألناه ما الذي دفعه لكتابة تلك العبارات قال: إن كل الناس تنظر إليك , وفيهم الحسود والحاقد, ونظرة العين مصيبة والسواقة بصنعاء بالذات مخاطرة وخاصة سواقة الباصات وأضاف خالد قد يعمل صاحب باص حادثاٍ من أجل الوصول إلى راكب قبل غيره, ولذلك كتبت هذه العبارات.
ويشاركه في الرأي محمد الحميدي سائق تاكسي اختار عبارة ” لوطحت يا صاحبي ما يرحموك الناس” مضيفاٍ: تكون من الفائزين حين يمر عليك اليوم من دون أن تقع في حادث أو يقع حادث عليك القيادة في صنعاء مخاطرة جداٍ.
تعكس تجربة شخصية
فيما اختار أبو خالد سائق آخر العبارات التالية “العصافير ماتلعب على النسور و”يا جبل ما يهزك ريح” و قال عن الدافع من وراء كتابته لهذه العبارات: الحياة مليئة بالناس الطيبين وعيال الحرام , ومن كثرة مالقيت من عيال الحرام تعلمت الكثير, وأصبحت عندي خبرة بالناس وهذه العبارات تعبر شخصياٍ عن تجربتي ومعاناتي.
مصدر دخل إضافي
في حين يقول خالد المريسي سائق تاكسي أنه يستخدم في جانبي سيارته عبارات لكن كواجهة إعلانية وذلك لإضافة مصدر دخل شهري ثابت يعينه على تجاوز الوضع المعيشي الصعب الذي يعيشه .
ظاهره غير صحية
لطف عبدالله – ماجستير تربية يقول في تفسير الظاهرة : لا يمكن أن تكون ظاهرة صحية لأنها تشوه جمال المركبة وتكتب في الأماكن الخاصة والعامة ونحن نرى أثر التشويه الحاصل أيضاٍ على الجدران في الشوارع.. وعن أسبابها يقول عبدالله : هي عملية تفريغ لشحنة من الكبت الداخلي لدى السائق فيسقطها على شكل عبارات, وأحياناٍ تكون مصدر دخل للسائق حينما يستخدم مؤخرة الباص أو التاكسي كلوحات إعلانية لسلع أو خدمات… وغيرها.
أما بالنسبة لدور العامل النفسي يضيف لطف: هذا موجود في ثقافة المجتمع الذي يشكك في كل شيء ويرمي مشاكله على الغير مما يدفع بالبعض إلى أن يختار عبارات معينة خاصة العبارات الدافعة للحسد حسب اعتقاد هؤلاء السائقين, وكذلك هي تعكس نوع ثقافة الشخص تجاه الواقع المعاش.
في حين ترى الدكتورة أمة الرزاق الوشلي أن هذه الظاهرة تعكس ثقافة معينة لدى السائق تدفعه لاختيار عبارات معينة قد تعكس شيئاٍ مكبوتاٍ بداخله.
من المشكلات السلوكية
الدكتور عبدالخالق حنذة نائب مدير مركز الإرشاد التربوي والنفسي بجامعة صنعاء يقول عن هذه الظاهرة : تعتبر هذه الظاهرة من المشكلات السلوكية العدوانية, وأحياناٍ تصبح نمطاٍ من السلوك التخريبي المتعمد وعندما تصل هذه الظاهرة إلى درجة من التكرار والشدة, لدى هؤلاء الأفراد, نستطيع القول بأنهم أفراد سيكوباتيين (مضادين للمجتمع) لذا فإن للعامل النفسي دوراٍ كبيراٍ في التعبير عن مشاعرهم السلبية تجاه البيئة والمجتمع المحيط بهم.
أسباب الظاهرة
وفي تحليله لأسباب الظاهرة يقول الدكتور عبدالخالق حنذة : تعود الأسباب والدوافع لظاهرة الكتابة على الواجهات المختلفة , التي تعتبر سلوكيات عدوانية إلى سوء التربية الأسرية والمدرسية وعدم توفير بيئة اجتماعية سليمة , وكذلك عدم توفير البدائل الترفيهية أو العملية لهم وإعطائهم فرص حياة أخرى مناسبة.
حرية شخصية
عبدالسلام اليمني أخصائي نفسي يقول عن الظاهرة: إذا جاز لنا أن نطلق عليها ظاهرة فيمكننا أن نسميها ظاهرة الكتابة على الجدران والباصات , وهي حرية شخصية في الباصات وتكون غير صحية لأنها تحمل إيحاءات سلبية كالعبارات التي توحي بعدم الثقة بالآخرين , وبعضها تكون عبارات رائعة مثلاٍ: كـ( رضا الله من رضا الوالدين).
وعن شيوع العبارات المتعلقة بالحسد يجيب اليمني: إن المجتمع اليمني يولي قضية الحسد أكبر من قيمة العناية بأن الله هو الحافظ , فنحن نخاف من الحسد أكثر من خوفنا من صنع شيء نستحق أن نحسد عليه.
ويرجع عبد السلام اليمني شيوع العبارات في المواصلات العامة – ويرجع إلى أن أغلب سائقي الباصات والمركبات إما غير متعلمين فهم يواجهون صعوبة في إدارة حياتهم أما المتعلمون منهم ولم يجدوا فرص عمل فيصطدمون بالواقع لأنهم ينتقلون إلى قيادة الباصات , وتابع وكذلك لا ننسى الجو الذي يعيش فيه الشباب اليمني والذي يجعلهم يسقطون ما في داخلهم إلى الخارج على شكل عبارات مكتوبة على واجهة الباصات.
وعن اختيار السائق لعبارة دون غيرها يقول اليمني:
إن اختيار العبارة ينبع من ثقافة الشخص أولاٍ ومن المواقف الحياتية ثانياٍ , وأحياناٍ تكون العبارة للفت الانتباه له والمفاخرة بين السائقين بالعبارة الرائعة أو الجديدة حتى لو أنها لا تعبر عن ثقافة الشخص ولا تربطه بموقف ما وما بين التقليد والثقافة تظل هذه الظاهرة بحاجة إلى دراسة نصل من خلالها إلى نتائج واضحة تؤكد أو تنفي وجود أسباب تقف وراءها.

قد يعجبك ايضا