الانسحاب الفرنسي الغربي فتح أسئلة الماضي والمستقبل

جمهورية مالي.. مرحلة جديدة للسلام أم بؤرة صراع دولي على النفوذ؟

 

تقدم الاضطرابات السياسية والأمنية التي تعيشها جمهورية مالي منذ الانقلاب العسكري على نظام الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا 2020 ثم الرئيس الانتقالي باه نداو 2021، نموذجا آخر في التداعي الدراماتيكي للنفوذ الفرنسي في دول الساحل الأفريقي، في مقابل التوغل الروسي في دول القارة السمراء، والذي يأتي في خضم أزمة عالمية خلفها الصراع المحموم على النفوذ، بين الولايات المتحدة والغرب من جهة وروسيا والصين من جهة ثانية.
تحليل / أبو بكر عبدالله

لم يكن إعلان فرنسا سحب قواتها وشركائها الأوروبيين من جمهورية مالي، غداة توقيع المجلس العسكري الحاكم في باماكو اتفاقات تعاون عسكري مع روسيا، سوى حلقة من حلقات الصراع الدولي على النفوذ الحاصل بمناطق عدة من العالم وانتقل إلى مالي الدولة التابعة للنفوذ الفرنسي، بعدما فتح المجلس العسكري الحاكم نوافذ للتعاون مع روسيا الحالمة بنفوذ في منطقة الساحل الأفريقي ، بما أثاره ذلك من مواقف أوروبية مناهضة للتوغل الروسي في دول الساحل في وقت تشهد فيه القارة الأفريقية انحسارا للنفوذ الأميركي الغربي مقابل توسع للنفوذ الروسي الصيني.
ظلت جمهورية مالي لعقود موضع تنافس في النفوذ الفرنسي الأميركي، انتهى بترسيخ فرنسا أقدامها بهذه المستعمرة السابقة التي تمثل قلب منطقة الساحل ونقطة التقاء الدول الفرنكوفونية الناطقة بالفرنسية، وطالما اعتبرتها باريس دعامة أساسية في مشروعها بأن تكون قوة دولية فاعلة في أفريقيا، تؤمن مصالحها في أفريقيا والغرب والعالم.
والطموح الفرنسي في مالي تنامي في السنوات الأخيرة في ظل التسابق الأميركي الصيني الروسي التركي المتصاعد في القارة الأفريقية، فمالي رغم أنها من أفقر دول القارة الأفريقي إلا أنها تمتلك ثروة طبيعية هائلة إذ تحتل المرتبة الثالثة لأكثر دول القارة إنتاجًا للذهب، كما تختزن بأراضيها كميات هائلة من اليورانيوم الذي تتسابق عليه الدول العظمي بصورة محمومة لتشغيل مفاعلاتها النووية.
زاد من ذلك قرب مالي من قاعدة كامب لمون العسكرية الفرنسية في جيبوتي ما جعل باريس تسارع في العام 2012 لإرسال قوات إلى مالي لموجهة انهيار الحكومة رغم وصول 15 ألف جندي من قوات الأمم المتحدة، ناهيك بالقمم الفرنسية الأفريقية التي تعقد بشكل دوري منذ العام 1973.
لكن ماهي العلاقة بين الانقلابات العسكرية الأخيرة في مالي وقرار فرنسا سحب قواتها وشركائها الأوروبيين منها.. ولماذا قوبل هذا الانسحاب بترحيب من الشارع المالي.. وما الذي ينتظره الماليون بعد هذه الخطوة.. وما هي آفاق المستقبل لهذه الدولة الأفريقية في ظل التوغل الروسي الجديد والصراع الدولي المحتدم على النفوذ؟

جذور الأزمة
في 18 أغسطس الماضي أفاقت مالي على عملية انقلابية قادها عسكريون أطاحت بنظام الرئيس الانتقالي باه نداو حيث تم اعتقال الرئيس ورئيس الحكومة من قبل قادة الانقلاب الذين أعلنوا تشكيل لجنة وطنية للسيطرة على الأوضاع، وفرضوا حظر التجول، كما أُغلقوا الحدود مع دول الجوار بشكل كامل.
هذا الانقلاب لم يكن مفاجئا للماليين، فقد كان نسخة مكررة من انقلاب شهدته مالي عام 2020 أطاح بنظام الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا وحكومته وقبله انقلاب في عام 2012 اطاح بنظام الرئيس أمادو توماني توري، ما جعل الانقلاب الأخير تحصيل حاصل في بلد يعاني من عدم استقرار سياسي واضطرابات اقتصادية واجتماعية عميقة.
والانقلابات المتتالية في مالي كانت كلها توابع للحرب الأهلية بين الإقليمين الشمالي والجنوبي والتي اشتعلت بصورة كبيرة بعد انتفاضة رابعة للطوارق في الشمال أفلحت بمساعدة من تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من السيطرة على شمال البلاد وأدت إلى الإطاحة بالرئيس أمادو توماني توري، بعد إعلان المجموعات المسلحة الحكم الذاتي بشمال البلاد، وسط اضطرابات وحالة من الإحباط العام عمت المواطنين والجيش المالي على السواء وقادت الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا إلى سدة الحكم.
لكن السبع السنوات في حكم الرئيس كيتا فشلت في تطويق الازمات ولا سيما في المناطق الشمالية وزاد منها تصاعد الاحتجاجات الشعبية المناهضة لسياسات الرئيس كيتا، وخصوصا بعد الانتخابات البرلمانية التي اتهم فيها بالتزوير، بالتزامن مع تصاعد اعمال القمع والتعامل بشكل عنيف من المتظاهرين، واعتقال العديد من قادة المعارضة بعد مطالبتهم الرئيس كيتا بالاستقالة.
هذه التداعيات كانت في الواقع نتائج لأزمات عميقة عاشتها مالي منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960، في ظل انقسام النخب السياسية في الشمال والجنوب، بع قرار النخبة الحاكمة في الجنوب، تركيز جهودها السياسية والاقتصادية على الجنوب المجدي من الناحية الاقتصادية بمقابل تهميش الشمال وفرض حكم عسكري عليه، ما أدى إلى 4 انتفاضات للطوارق والعرب القاطنين في مناطق الشمالي في أعوام 1963 و1991 و2006 و2012.
ورغم لجوء السلطة المركزية في باماكو إلى توقيع اتفاقيات السلام وتنفيذ برامج تسريح وإدماج المتمردين، لم ينجح أي منها في تطبيع العلاقة بين الشمال المضطرب والسلطة المركزية في الجنوب، في ظل انقسام ومشاعر عداء عميق بين الجانبين، استغلته التنظيمات الجهادية المسلحة في تحشيد مليشيات ضد الحكومة المركزية بعد التحالف مع الطوارق المطالبين بالاستقلال عن الحكومة المركزية والذين تمكنوا من السيطرة على مناطق شمال مالي وبدأوا التحرك للسيطرة على كامل الدولة المالية، قبل أن تسارع فرنسا بإرسال قوات تمكنت من وقف زحف المتمردين على العاصمة.

العلاقة مع فرنسا
منذ العام 2011 شهدت التنظيمات الجهادية في غرب أفريقيا توسعا كبيرا، وأدى تحالفهم من حركة الطوارق الانفصالية القاطنة شمالي مالي إلى فرضهم سيطرة كاملة على الشمال والتحرك للسيطرة على كامل الدولة المالية، لتسارع فرنسا بعدها إلى مساعدة الحكومة المالية لمواجهة خطر زحف الجماعات الجهادية حيث أرسلت 5 آلاف جندي من قواتها إلى مالي فضلا عن وحدات أوروبية وكندية، لوقف تقدم الجماعات الجهادية التي حاولت اجتياح العاصمة.
ورغم الترحيب الذي لقيته القوات الفرنسية عند وصولها إلى مالي قبل تسع سنوات، إلا أن العلاقات بين القوات الفرنسية وبعض الجماعات المعارضة والقادة العسكريين الماليين توترت، سيما مع تصاعد الهجمات الإرهابية وتصاعد عدد الماليين المنضمين إلى الجماعات المتمردة، وتنامي ظاهرة العنف العرقي.
هذه التداعيات دفعت بعض قادة الجيش إلى الانقلاب على نظام الرئيس المنتخب إبراهيم كيتا في أغسطس 2020 بعد اتهامه بالتراخي في التعامل مع التنظيمات الإرهابية ومحاولة تزوير انتخابات 2020 لينتهي الانقلاب بتنصيب باه نداو رئيسا انتقاليا في ظل تعهدات بتنظيم انتخابات جديدة في مطلع العام 2021.
لكن المجلس العسكري لم يف بتعهداته، في ظل تنامي الفساد وانعدام الأمن، وكذلك الحكم الديكتاتوري الذي اقصى الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، ما شجع العقيد اسيمي غويتا لقيادة انقلاب ثان في 24 مايو 2021، اعتقل فيه الرئيس الانتقالي باه نداو ورئيس الوزراء ووزير الدفاع ونصب نفسه نائبا للرئيس متهما الرئيس الانتقالي بالفشل وتخريب العملية الانتقالية في البلاد.
بعد انقلابين عسكريين، كانت العلاقة بين المجلس العسكري الانقلابي والقوات الفرنسية قد بلغت حدا كبيرا من التدهور وتفاقمت مع قرار المجلس العسكري الحاكم طرد السفير الفرنسي من مالي على خلفية ما اعتبروه تدخلا في الشؤون الداخلية، ولا سيما بعد اعتراض السفير الفرنسي على قرارات للمجلس العسكري سمحت بنشر مقاتلين من شركة «فاغنر» الأمنية الروسية، ما أثار اعتراضات شديدة لدى فرنسا عبّر عنها الرئيس ايمانويل ماكرون الذي اتهم المجلس العسكري الذي وصل إلى السلطة بعد انقلابين بالتعامل مع المرتزقة لحماية سلطته وليس لمحاربة الإرهاب.

احتقانات عميقة
يمكن رصد مؤشرات داخلية أخرى ساهمت في التحولات التي شهدتها مالي بالانتقال من القارب الفرنسي إلى الروسي في توقيت حساس للغاية جعل فرنسا وشركائها الأوروبيين يغادرون مالي وتركها لتواجه مصيرها بعد عقود من محاولاتها رعاية تجربة ديموقراطية فاشلة برعاية فرنسية كما يعتقد الماليون.
يتصدر ذلك أن الوجود العسكري الفرنسي في مالي ظل خلال السنوات التسع الماضية غير مرغوب به لدى القوى السياسية المعارضة والمتمردين وقطاعات واسعة من الشعب المالي، عبرت عنه بوضوح التظاهرات التي شهدتها العاصمة المالية في الشهور الماضية، والتي طالبت برحيل القوات الفرنسية باعتبارها قوات احتلال ناهيك بمواقف العسكريين التي اعتبرت أن التدخل الفرنسي الدموي في مالي لم يحقق أي نجاحات طوال السنوات التسع الماضية.
على المستويين السياسي والعسكري ثمة تيار واسع في مالي، يرى أن السياسة التي اتبعتها فرنسا، منذ بداية حكم الرئيس كيتا، أدت إلى خسائر فادحة تكبدها الجيش المالي الذي لم يعد يسيطر سوى على ثلث أراضي البلاد، كما تكبدها مئات الآلاف من السكان المدنيين، حتى صار كثيرين يرون أن استمرار تواجد القوات الفرنسية امرا يهدد بانهيار الدولة والجيش على السواء، خصوصا في ظل الضغوط الدولية التي يواجهها المجلس العسكري الحاكم والعقوبات السياسية والاقتصادية المفروضة عليه من قبل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا.
يشار في ذلك إلى السياسة الفرنسية التي طالما أعاقت أي تفاهمات أو اتفاقات سلام مع القوى المتمردة في الشمال خلال السنوات التسع الماضية حيث ظلت فرنسا تعتبرها خط أحمر لا يمكن تجاوزه، في حين كان الكثير من السياسيين والعسكريين الماليين يرون أن فتح قنوات حوار مع الجماعات المتمردة المتواجدة في شمال ووسط مالي يمكن ان يكون خيارا جيدا للوصول إلى وقف لإطلاق نار وتقليص حدة العنف وتنظيم الانتخابات، استنادا إلى التوصيات التي تم الاتفاق عليها خلال المؤتمر الوطني للمصالحة عام 2017.
ومن جانب آخر لم يعد الماليون يكترثون للحديث الفرنسي الأوروبي عن الديموقراطية والحوكمة، فخلال السنوات التي أعقبت استقلال مالي حافظت باريس على شبكة مكثفة من العلاقات بنُخب مالية وقيادات عسكرية بل وتحالفات غير مشروطة مع أنظمة ديكتاتورية بما في ذلك بيع الأسلحة لأنظمة قمعية أو لأطراف ضالعة في حروب أهلية في علاقات استهدفت حماية مصالحهما المشتركة، دون الاكتراث بملفات الديموقراطية وحقوق الإنسان، وهي السياسة ذاتها المطبقة في العديد من دول الساحل الافريقي.

التوغل الروسي
يصعب القول إن القوات الفرنسية والأوروبية فشلت في مواجهة خطر التنظيمات المتطرفة في مالي، فقد حققت نجاحات كبيرة ليس اقلها منع حدوث انهيار كامل للحكومة المالية عندما كان مسلحو التنظيمات الجهادية على مشارف العاصمة عام 2012 فضلا عن تمكنها من اصطياد أمير تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في يونيو 2020 والذي شكل ضربة قوية للتنظيمات المتشددة المنتشرة في دول الساحل الافريقي عموما.
لكن القوات الفرنسية رغم نجاحها بالتصدي لمسلحي التنظيمات المتشددة إلا أنها برأي الماليين لم تحدث فارقا كبيرا في مواجهتهم، خصوصا وأن السلطات المالية لم تتمكن مطلقا من بسط سلطتها في المناطق الصحراوية التي مشطتها القوات الفرنسية المشاركة في عملية «برخان» حيث بقى الجيش المحلي ضعيفا للغاية في ظل فشل فرنسا في تأهيله.
هذا الوضع كان سببا ضمن أسباب أخرى، في اتجاه المجلس العسكري الحاكم نحو روسيا ممثلة بمجموعة « فاغنر» أملا في أن يحدث التواجد الروسي، فارقا في الحرب على الإرهاب أفضل من القوات الفرنسية التي يرون أنها كانت تضعف الجيش المالي بعدما ظلت لسنوت تدير الصراع وفقاً لمصالحها الاقتصادية والسياسية.
وقد وجد المجلس العسكري العلاقات التي ظلت قائمة بين روسيا ومالي على خلفية اتفاقية التعاون الدفاعي بين البلدين عام 1994، والتي أعيد مراجعتها عام 2019، أفضل سند يمكن الاتكاء عليه في الوقت الراهن خصوصا في ظل المزايا التي قدمتها روسيا للعسكريين الماليين في مجال التدريب العسكري .
ومن جانب آخر فقد وجد المجلس العسكري الحاكم في الحضور الروسي، أفضل ذريعة لتمديد ولايته إلى أجل غير مسمى وتجاوز المطالب السياسية التي تطالبه بتنفيذ تعهداته بتنظيم استفتاء على الدستور في نهاية أكتوبر المقبل، والعدول عن قراراته إرجاء الانتخابات.
ومثلما فعلت أميركا والغرب بقيادة تحالف دولي للحرب على الإرهاب في دول أخرى، حاولت روسيا استخدام الورقة ذاتها في مالي على غرار ما فعلته في سوريا، ما كشف عن مساع روسية خفية لبناء موطئ قدم في مالي كما هو حالها مع بلدان افريقية أخرى كموزمبيق والسودان وجمهورية إفريقيا الوسطى.
وقبل اندلاع الأزمة الأوكرانية عززت روسيا حضورها في مالي بصورة كبيرة، بمنحها المجلس العسكري الحاكم أربع مروحيات عسكرية، ما جعل وزير الدفاع ساديو كامارا يصف روسيا بـ «البلد الصديق» في حين أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، رسميا أن السلطة في مالي طلبت من مجموعة «فاغنر» الروسية المساعدة في محاربة المجموعات الجهادية ما اعتبر مباركة رسمية من السلطات الروسية للتعاقدات المالية التي أبرمها المجلس العسكري مع الشركة الروسية.
جوبه التوغل الروسي في مالي منذ الأيام الأولى برفض أميركي أوروبي واسع عزاه البعض إلى مخاوف دول الاتحاد الأوروبي من أن يقود ذلك إلى توسع النفوذ الروسي في القارة الأفريقية، خصوصا بعد التوغل الذي حققته موسكو في جمهورية أفريقيا الوسطى منذ العام 2017 وقبلها في ليبيا، وهو الموقف الذي أعلنته دول أخرى بما في ذلك بريطانيا التي وصفت مجموعة «فاغنر» بأنها أداة روسية لإشعال الصراعات.

ماهي الخطوة التالية؟
أكثر ما يتحدث عنه الماليون اليوم أن إنهاء التواجد العسكري الفرنسي في مالي قد يمنح المجلس العسكري الحاكم فرصا مواتية لمحادثات مباشرة مع الجهاديين المسيطرين على أجزاء واسعة من شمال ووسط مالي، قد تقود لوقف نار شامل والانخراط الكامل في جهود السلام.
وثمة توافق بين أعضاء المجلس العسكري الحاكم بأن لغة السلاح لن تنهي وحدها دوامة العنف الذي تتسبب فيه الجماعات الجهادية كما ان السلطات المالية السابقة أسست لهذا التوجه خلال السنوات لماضية ولم تتوقف عن التفاوض مع جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» على الأقل للتوصل إلى اتفاقات على المستوى المحلي».
لكن البعض يفصحون عن عدم ثقتهم بإمكان أن تتخلى فرنسا عن مستعمرتها السابقة بسهولة وترك المجلس العسكري ينفذ قراراته وفق رؤاه الجديدة بالتعاون مع موسكو.
ولا يستبعد هؤلاء مفاجآت قد تخلط أوراق المعادلة السياسية المالية من الداخل، ومنها على سبيل المثال أن تدير فرنسا استنادا على شبكة علاقاتها الواسعة في صفوف الجيش المالي، انقلابا عسكريا يطيح بالمجموعة العسكرية الحاكمة حاليا، ويعيد مالي إلى وضعها السابق، أو انتاج أوضاع عسكرية مرتبكة تساعد في انهيار عاجل للحكومة الانقلابية بما يفسح لها العودة من جديد إلى الساحة المالية بصورة أكثر قوة.
وأكثر ما يمكن استبعاده في المعادلة السياسية المالية حاليا هو حصول وساطة تعيد العلاقات الودية بين المجلس العسكري الحاكم وباريس، خصوصا وأن الدخول الروسي إلى مالي تأسس على عقود واتفاقيات يصعب على المجلس العسكري الفكاك منها، بل يتوقع أن تتوسع أكثر في ظل ضغوط وعقوبات تركت المجلس العسكري الحاكم وحيدا دون سند سوى من روسيا التي تحول حضورها بفعل عوامل عدة إلى قارب للنجاة أكثر من سبب للسقوط.
ومع ذلك فإن المرجح أن التوغل الروسي في مالي، لن يمضي على بساط اخضر، في ظل السباق الدولي على النفوذ الذي يعصف بأكثر دول الساحل الغربي الأفريقي الغارقة بالأزمات.
وجمهورية مالي التي شهدت انقلابين عسكريين خلال أشهر قليلة وتعاني من أزمات داخلية عميقة، لن تكون استثناءً فما يجمع هذه الدول هو الأزمات التي جعلتها اليوم بؤراً ساخنة بمعادلة صراع دولي على النفوذ بين أميركا وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي مسرحه الأول دول الأزمات.

قد يعجبك ايضا