أخفقت مساعي حماية الإجرام الصهيوني بسبب الحقائق التي لم تعد خافية إلّا على المجرمين والمدافعين عنهم فقط.
بدأت التهديدات بوزيرة خارجية جنوب أفريقيا واتهامها بالإرهاب ودعم المقاومة الفلسطينية وانتقلت إلى ممارسة كل أشكال الضغط والتهديد والوعيد لأعضاء المحكمة الجنائية الدولية وهو ما أدى إلى تحقيق نتيجة بالغة الخطورة في قصر التهم على رئيس الوزراء (نتن ياهو) ووزير الدفاع (جالانت) الذي قُدم كضحية، لكن تم استبداله بمجرم أكثر احترافا وجرأة على سفك دماء الأبرياء؛ ورغم ذلك اعتبر الحكم إنجازا لصالح العدالة .
صدر الحكم وحررت مذكرات الاعتقال بحق المجرمين الدوليين، لكن لم يجرؤ أحد على المساس بهما، ولما تحرك المدعي العام، تحركت القوى العُظمى في الإجرام وأمريكا وبريطانيا والمجر وغيرها من الدول الداعمة والمؤيدة للجرائم واستمرارها لمعاقبة المدعي العام (كريم خان) ووصل التهديد إلى الاتهام له بارتكاب جريمة التحرش الجنسي والاغتصاب، وسبق ذلك فرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات عليه وعلى المحكمة وعلى مقررة حقوق الأنسان في الأراضي المحتلة (البانيز) وهي الأساليب التي اعتاد عليها اللوبي اليهودي والغرب عموما في إسقاط الخصوم أو المعارضين لهم من خلالها.
المجرم والظالم دائما ذليل حتى وإن حاول التظاهر بعكس ذلك وهو ما فعله المجرم (نتن ياهو) عندما خرج مهددا ومتوعدا المدعي العام ووصفه بأنه (مارق عن العدالة ويحاول إنقاذ نفسه من تهم التحرش الجنسي)، مجرم أياديه ملطخة بدماء الأبرياء من الأطفال والنساء وتدمير فلسطين والعدوان على سوريا وإيران ولبنان واليمن ولازال يواصل الإجرام .
الإجرام دائما يستطيع قلب الحقائق وتصوير نفسه للآخرين على أنه ضحية و(نتنياهو) ونظامه الاستيطاني قاما على هذا الأساس، ففي حين يشكو أنه ضحية للإجرام المسيحي ودول الغرب عموما وألمانيا خصوصا، لكن الانتقام والإجرام والتسلط يمارسه ضد المسلمين والعرب ولذلك فقد بعث (نتن ياهو) برسالة تهديد بواسطة محاميه (كوفمان) إلى المدعي العام إن لم يتم سحب مذكرة الاعتقال وإصدار مذكرة جديدة ضد وزراء إسرائيليين سيتم تدميره والمحكمة.
السجال القانوني في مواجهه الإجرام الذي لا يحترم غير القوة، لا يجد نفعا والتحالف الصهيوني الصليبي يمارس جرائم الإبادة والتهجير القسري والجرائم ضد الإنسانية وبذات القدر من الإجرام يحاول تدمير العدالة مستخدما كل الأساليب القذرة والهمجية والظلم والطغيان.
منعوا دخول وسائل الإعلام وقتلوا كل من يحاول فضح بعض من جرائمهم وكشفها للعالم وذات الأمر يقترحون على المدعي العام اعتبار مذكرات التوقيف ومستنداتها سرية وتمكين إسرائيل من الرد عليها بعيدا عن وسائل الإعلام وأصول المحاكمات الجنائية، بالإضافة إلى الامتناع عن إصدار مذكرات توقيف بحق المجرمين (سموترش وبن غفير).
مذكرات الاعتقال بعد حكم الإدانة بارتكاب جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية والتهجير والقسري، يريدون التخلص منها ولكن بأساليب المافيا التي يجيدونها، فلديهم القدرات الخارقة على تحويل الحق إلى باطل والباطل إلى حق والمجرم إلى حمامة سلام والبريء إلى مُدان يجب القضاء عليه.
الأمم المتحدة ومؤسساتها أصبحت متهمة ومطلوب محاكمتها أمام العدالة الإجرامية للتحالف، فقد تم فرض عقوبات على المُقررة الأممية لحقوق الإنسان واتهمها وزير الخارجية الأمريكي (ربيو) بانها شاركت في حرب سياسية واقتصادية ضد إسرائيل والعقوبات المفروضة عليها ردا على جهودها لاتخاذ إجراءات ضد مسؤولين أمريكيين وإسرائيلية؛ وهو ما يؤكد شراكة أمريكا مع كيان الاحتلال في كل جرائمه.
ما يطرحه وزير خارجية أمريكا (ربيو)، عبارة عن كذب مفضوح يحاول به خداع نفسه، أما العالم فقد أصبح يعرف الحقيقة تماما وهو كما قال وزير خارجية أمريكا الأسبق بامبيو “المسؤولون الأمريكيون يجيدون ممارسة الكذب لأنهم يتعلمون ذلك في الأكاديميات المخصصة”.
أمريكا وصهاينة العرب والغرب شركاء في كل الإجرام الصهيوني من البداية وحتى الآن وإلى أن ينتهي الاحتلال .
ولا عجب إن مارست أمريكا وبريطانيا والمجر دعم الإجرام علانية وتستر صهاينة العرب في مساعيهم لعرقلة جهود المحكمة، فتصريحاتهم وجهودهم ودعمهم للإجرام الصهيوني لم يعد مكتوما، بل فاحت رائحة قذارته في أرجاء العالم.
أمريكا أمدت الكيان المُحتل في حرب العاشر من رمضان بجسر جوي قلب موازين المعركة لصالحه، بعد أن كانت المبادرة للجيش المصري وحوّلت النصر إلى هزيمة لولا تدارك الأمر بالتوصل إلى اتفاق “كامب ديفيد” الذي أخرج مصر من معادلة الصراع إلى حماية الكيان المحتل؛ وأمريكا والغرب وصهاينة العرب هم من أنقذوا الكيان بعد عدوانه على إيران التي دمرت كل الأماكن الاستراتيجية للكيان في فلسطين المحتلة ولولا الهدنة لتحولت المستوطنات في الأراضي المحتلة إلى نفس الدمار الذي شنه الإجرام الصهيوني على غزة.
مارسوا التهديدات وفرضوا العقوبات وشنوا الحملات الإجرامية لتشويه صورة كل من يقف مع العدالة، ولذلك يعتبر ما أقرته المحكمة الجنائية نوعا من العدالة لا كل العدالة التي من المفترض الوصول إليها، فقد رفضت المحكمة الاعتراضات الإسرائيلية على مذكرتي التوقيف بحق المجرمين (نتن ياهو وجالانت) ورفضت الطعون فيما يتعلق باختصاص المحكمة بالحرب على غزة؛ لكن أمريكا فرضت عقوبات على أربع قاضيات من اللجنة القضائية للطعون.
العالم يشهد اليوم إجراما يقتل ويبيد ويسن القوانين من أجل مواصلة الإجرام ويعاقب من يعترض على إجرامه، احتل العراق ودمره بمزاعم كاذبة ومارس نفس الإجرام مع العديد من الدول لحماية مصالحه وفرض رؤيته وأيديولوجيته، لأنه يملك القوة ولديه استعداد لاستخدام كل الأسلحة التقليدية والمحرمة.
حُكم الإدانة يعتبر وثيقة تاريخية في مواجهة التحالف الصهيوني الصليبي، لأول مرة يحدث أن يمثل قادة العدو أمام العدالة الدولية منذ احتلاله أرض فلسطين، فهو كيان إجرامي متطرف إرهابي يرتكب أبشع الجرائم في حق الإنسانية وجرائم الحرب والتهجير القسري وجرائم الإبادة، لكن يكفي أن العالم أصبح يعلم حقيقته وتتحرك الجماهير منددة به.
ما حدث في المحاكمة وما ترتب عليها يؤكد أن الحق لا يضيع وأن المقاومة هي الرهان لاستعادة الحرية والاستقلال فقد ظلت الزعامات العربية تتعلق بمناشدة أمريكا في كل مرة، يرتكب الإجرام الصهيوني عدوانا على الدول العربية والإسلامية أو على الأبرياء في غزة، ليتضح الأمر أنهم يعملون معا ويخدمون الإجرام الصهيوني، لكن يخفون ذلك، أما الآن فقد كشفت حقائقهم وظهرت للعالم أجمع.
لقد حولوا اهتماماتهم إلى محاربة شعوبهم وأمتهم، ولذلك جعلوا كلمة الجهاد مرادفاً للإرهاب إرضاءً لأمريكا والتحالف الصهيوني الصليبي واستبدلوها بكلمة النضال وسارعوا في التطبيع وقبلوا أن يكونوا تحت إمرة اليهود والنصارى، على أمل أن يحظوا برضاهم وهم غالبية زعماء ورؤساء وسياسيي الأمة، لكن المقاومة مازالت تمثل رأي الشعوب العربية والإسلامية ولم تقل بعد كلمتها الأخيرة. t