ناطق العدوان والمشروع الجديد
يكتبها اليوم / عبد الرحمن مراد
العالم أصبح على يقين مطلق بأن الحرب التي تدور رحاها في اليمن ليست بين يمنيين بل بين السعودية وأهل اليمن، وإن كانت جندت بعض أهل اليمن لخوض المعركة إلا أن ذلك لا ينفي حقائق الواقع ولا يلغي جوهر الحقيقة، ولعل الواقع أفصح عن هذه الحقيقة بكل وضوح وبما لا يدع مجالا للشك، حين حرص ناطق العدوان تركي المالكي على التواجد في شبوة خلال الأيام المنصرمة في المؤتمر الصحفي الذي أعلن من خلاله إطلاق مشروع ” حرية اليمن السعيد”.
نحن في اليمن ندرك إدراكا كاملا أن السعودية تشن عدوانا علينا بالنيابة عن أمريكا وعن ربيبة أمريكا إسرائيل، وما يفصح عنه الواقع اليوم في الجزر اليمنية، وفي مضيق باب المندب، وفي الموانئ والمنافذ البحرية ليس بخاف على كل ذي لب سواء من أهل اليمن أو من غيرهم، إذ لا مصلحة للسعودية في هذا العدوان ولا للإمارات أو من لف لفهم، كل المصالح المرسلة والمصالح المحققة من نتائج العدوان هي لأمريكا في صراعها مع الصين، وهي لإسرائيل في صراعها مع العرب، ولذلك كان التطبيع ثمرة من ثمار حركة الاضطرابات في اليمن وفي المنطقة العربية على وجه العموم .
اليوم تعلن السعودية هزيمتها الأخلاقية، وعدم قدرتها على قيادة العالم الإسلامي وهي تنساق كالبقرة الحلوب لتبلغ من العرب ومن المسلمين الغايات التي تعذرت على اليهود وعلى أمريكا في الزمن القديم، ونحن نعلم كم أنفقت أمريكا حتى تصل لتلك الغايات، وها هي تصل اليوم دون أن تنفق سنتا واحدا بل تتباهى أنها استطاعت أن تجعل أعداءها يقتلون بعضهم بعضا ويديرون حربها بالوكالة عنها ..أليس ذلك هو الغباء المطلق حين تصبح مطية يصل من خلالها عدوك إلى غاياته وتحسب حينها أنك تحسن صنعا؟!
لقد خضنا معركتنا المصيرية ونحن نعي أهدافنا تماما وهي لا تقل عن الحرية والسيادة والاستقلال، ولذلك فالتضحيات لن تكون هباء منثورا بل حرية واستقلالا وسيادة على كامل الأراضي اليمنية، وعلى السعودية أن تعي حجم التحول في هذا المسار، فلم يعد الأمر قابلاً للنقاش، كما أن المقايضة بالملف الإنساني مقابل الملف العسكري هو – في حد ذاته – إعلان بالهزيمة وإن جاءت مغلفة تحت لافتات السلام، فالسلام قيمة في ذاته، والانتصار لا يكون بالصغائر بل بالقدرات التي تفرضه ونحن أصبحنا نملك تلك القدرات وقادرون على فرضه، بما يحقق استقرارنا وأمننا واستقلالنا وسيادتنا على كامل أراضينا .
ما يحدث اليوم من نشاط متصاعد لطيران العدوان في عموم الجغرافيا اليمنية دال على حركة تبدل وتناقص في القوة على الأرض، ولذلك تسد العجز حتى لا تفقد شعورها بالسيطرة على مقاليد الأمور على الأرض، ولعل قيام ناطق التحالف بإعلان ” مشروع حرية اليمن السعيد ” يعيدنا إلى نقطة البداية ويعلن عن فشل “عاصفة الحزم” وفشل مشروع” عودة الأمل “، وفشل كل المشاريع التي سبق الإعلان عنها من أمريكا أو من غير أمريكا، ويبدو أن الخطاب بدأ يتغير أو يمهد للخروج من المأزق اليمني من خلال الخطاب المصاحب، فالمفردات خلت من العنتريات والبطولات ومال كثيرا إلى التنمية والسعادة والحرية والسكينة وهدأت العواصف التي كانت تثير زوبعة في المكان .
يبدو أن السعودية بدأت تعي – وهي تعلن بيانها – أن مفردات الواقع قد تغيرت ويبدو لي أنها لو أدركت ذلك في سوالف أيامها لما أقدمت على ذلك الإعلان الهزيل الذي نعرف أهدافه وغاياته، ولما أنفقت على شركات العلاقات العامة الدولية المبالغ الكبيرة في الترويج لعواصفها – وهي بالمشروع الجديد – تحاول أن تعيد ترميم ما تصدع في بنيان التصورات الجمعية بصيغة أقل ما يمكن أن يقال عنها هو الغباء القاتل الذي يتجاوز حقائق الواقع ليعيش وهما غير مبرر ولم يعد الواقع يقبله بعد أن تكشفت الكثير من الحقائق ونشطت حركة التطبيع مع الكيان الصهيوني .
ومن المفارقات الغريبة، أن يفخر شذاذ الآفاق من تلك المطايا التي رغبت بالهوان وتعيش في فنادق الرياض ولا تحسن سوى التغريد على منصات التواصل الاجتماعي، عجبت لأخلاقها كيف استساغت مفردة المباركة وهي تدرك أنها خارج المعادلة وعلاقتها بالتحالف لا تتجاوز المال الذي ينفقه عليها وهي تمسح أحذية الأمراء وخدام قصر اليمامة بالرياض، ألم تشعر بالخجل تلك الوجوه والمالكي في شبوة يعلن مشروعا جديدا يستهدف اليمن دون تمثيل لهم – من باب حفظ ماء الوجه أمام الناس – ؟ كبرت علينا أن نراهم بذلك الهوان وذلك الصَغار وقد صغروا وذلوا أمام الناس والتاريخ ولا عزاء لهم سوى إعلان التوبة ومغادرة الحياة السياسية، فقد ترمدوا ولا قيمة لهم في قابل الأيام، أما نحن في اليمن فطريقنا واضح جلي منذ بدأ العدوان إلى اللحظة فقد اخترنا السلة على الذلة، وسنظل كما يتحدث تاريخنا كراماً أحراراص أعزاء .
حرية اليمن السعيد مسؤوليتنا ونحن منذ سنوات العدوان نجاهد لبلوغها، ولذلك خاب وخسر من يحاول حرف المسار والتضليل علينا، لقد سقينا اليمن دما عزيزا حرا كريما من أجل كرامة وعزة وحرية اليمن السعيد .