الثورة / قاسم الشاوش
جرائم لا تعد ولا تحصى ترتكبها الغطرسة الأمريكية العدائية ضد شعوب العالم عامة وشعوب منطقة الشرق الأوسط خاصة، حيث نشهد يوما بعد يوم أفظع الجرائم التي ترتكب ضد البشرية من اجل بناء إمبراطورية على حساب دماء الأبرياء وزعزعة أمن واستقرار الدول ونهب ثروات الشعوب.. كل ذلك تقوم به السياسة الأمريكية المتغطرسة وشركاؤها في المنطقة تحت ذرائع واهية أبرزها حماية مصالحها .
فعلى مر التاريخ يلاحظ أنه ما من قانون تبنته الحكومات الأمريكية الحالية أو السابقة إلا وجلب الويلات لشعوب ودول العالم خاصة دول محور المقاومة المناهضة لهذه الغطرسة والهيمنة من خلال شنها المزيد من الحروب وسفك الدماء.. هذا ما ترتكبه هذه الإمبراطورية المخادعة في طور صعودها ووصولها إلى أوج القوة .
لم تَعُد جرائم أمريكا مخفية بل أصبحت ترتكبها علناً، متحديةً العالم أجمع.. إنها غارقة في الجرائم والأخطاء.. وهناك العديد من التقارير والوثائق والصور التي تفضح أفعالها الشنيعة وتثبت حقيقتها، فضلاً عن الاعترافات الصادرة عنها.. إنها ترتكب الكثير من الجرائم بحق الإنسانية، وتمارس نشاطات تلزم إجلاسها على كرسي المتّهم أمام محكمة جرائم الحرب الدولية.
فملف أمريكا الجنائي ممتلئ بالجرائم الإنسانية إلى أبعد الحدود، فهي لم تكتف بما قامت به مسبقاً، بل تصر على ارتكاب جرائمها حتى اليوم، والشاهد ما يحدث في العراق واليمن وسوريا وغيرها من دول العالم.. تقوم بذلك بتهوّر ودون ملل زاعمه أنها تحاول إرساء النظام والتنظيم في العالم.
حجج ومبررات مصطنعة
ففي العراق تعود بنا الذاكرة إلى مارس من العام 2003م حينما احتلت القوات الأمريكية بغداد بذريعةِ السلاح الكيماوي، وظن العراقيون حينها أن الفرجَ قد أتى، لكن أمراً مرعباً كان بانتظار العراقيين الذين قدَّموا ورودهم ورياحينهم للقوات الأمريكية ترحيباً بهم.
كانت الحججُ والمبرراتُ والتهم التي اصطنعتها وأطلقتها الولاياتُ المتحدةُ على العراق كثيرة، وهكذا تعملُ مع كُلِّ دولة تريد احتلالها وأَكْبَر ذريعة لهم هي الأحداث المصطنعة في 11 من سبتمبر 2001م والتي تمثّلت في استهداف الأبراج العالمية في نيويورك، وحينها قال جورج بوش الابن “نحن سنحارب الإرْهَاب ومن لم يكن معنا فهو ضدنا”.
جرائم لا تخطر على البال
وما فعله المحتلون الأمريكيون من انتهاك للحرمات وهتك للأعراض والشنق وتقطيع البدن والتعليق والتعذيب بكل أشكاله التي تخطر على البال والتي لا تخطر على البال إلا في قاموس القتلة الصهاينة بحق الأسرى الفلسطينيين النجباء، فضلاً عن ارتكاب المحتلين الأمريكان جرائمَ كثيرةً بحق البلاد والعباد وهي معروفة للقاصي والداني.. لكن جرائم الاغتصاب والقتل بحق الأسرى العراقيين ستظل شواهد على عفن الحضارة الغربية.
إطالة أمد العدوان على اليمن
وفي اليمن ساهمت الأسلحة المتدفقة من الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية في إطالة أمد العدوان المستمر منذ أكثر من 5 سنوات، وتسبب في دمار هائل وسقوط آلاف الضحايا من المدنيين، وكان الفريق الأممي المعني بالانتهاكات في اليمن قد أكد في تقرير أن أمريكا وفرنسا وبريطانيا شاركتاً في جرائم حرب ضد اليمن؛ من خلال تقديم العتاد والمعلومات والدعم اللوجستي للتحالف العسكري التي تفوده السعودية.
واتهم التقرير التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات بقتل مدنيين في ضربات جوية، وحرمانهم من الطعام عن عمد في بلد يواجه خطر المجاعة.
ومن خلال جمع الأرقام من الصفقات الحكومية والتجارية فإنَّ الأرقام الإجمالية تظهر أنَّ الولايات المتحدة قد وافقت على بيع أسلحة وتدريب إلى السعودية تزيد قيمتها عن 54.1 مليار دولار، وما تفوق قيمته 14 مليار دولار إلى الإمارات، منذ تدخل التحالف في العدوان على اليمن.
تورط أمريكا في اليمن
وبحسب موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، فإن المبلغ الهائل السابق ذكره، يشمل للمرة الأولى صفقات أسلحة تجارية وحكومية، ويشير إلى أنَّ تورط الولايات المتحدة في هذا العدوان الكارثي قد يكون أكبر من المتوقع.
في حين نقل الموقع عن مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية قوله “إنَّ القيمة الإجمالية لمبيعات الأسلحة الأمريكية للتحالف الذي تقوده السعودية ضد اليمن منذ شهر مارس 2015م، بلغت نحو 67.4 مليار دولار”.
ورغم وقوف مشرعين أمريكيين ضد بيع أسلحة للسعودية والإمارات، فإن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، استخدم الفيتو ضد كل القرارات التي اتخذها مجلسا النواب والشيوخ الأمريكيان، ورفض اتهام الرياض وأبوظبي بارتكاب جرائم حرب في اليمن.
دعم المنظمات الإرهابية
وفي سوريا ما فعلته أمريكا ليس قليلاً إذ إنها اتخذت المنظمات الإرهابية مثل “بي كي كي” ووحدات الحماية الشعبية حلفاءً لها في إطار مواجهة داعش، حيث أن المتعارف عليه أنه “لا يمكن القضاء على الإرهاب بالإرهاب”، ولا يمكن أن ننسى ذكر جرائم الحرب التي ترتكبها أمريكا.
لنفرض أن وحدات الحماية الشعبية ليست منظمة إرهابية، وأنه ليس لها أي علاقة بـ “بي كي كي”، وأن هدفها الوحيد هو تطهير المنطقة من تنظيم داعش، حتى وإن كان الأمر كذلك فإنه لا يتستر على الجرائم التي ترتكبها أمريكا، كما أنها لا تغفر لواشنطن أفعالها، لأن كادر وحدات الحماية الشعبية يعجّ بالمقاتلين الأطفال الذين أعمارهم تحت سن الـ 18.
إن استخدام المقاتلين الأطفال في الحروب يعدّ إحدى الجرائم التي ترتكب بحق الإنسانية. الأمم المتحدة تنظر إلى استخدام الأطفال في الحروب على أنه الانتهاك الأكبر لحقوق الإنسان، بينما تقوم تقارير منظمة مراقبة حقوق الإنسان في كل فرصة بالتذكير بأن استخدام الأطفال في جبهات الحروب يعدّ جريمة حرب.
هل تبدي الولايات المتحدة الأمريكية أي اهتمام لهذا الأمر؟ لا.. بل إنها تقوم بدعم وتسليح هذا التنظيم الذي يستخدم الأطفال في معاركه.
وقام مركز القيادة الأمريكية بمشاركة صور هؤلاء الأطفال عبر مواقع التواصل الاجتماعي قائلاً: “إنهم مستعدون للقتال”.. جاءت بعدها ردود الأفعال ولكن بنسب ضئيلة، إذ تمثلت في عبارة “الحكومة الأمريكية تغض النظر عن استخدام المقاتلين الأطفال في الحروب”، بالإضافة إلى عبارات أخرى مشابهة لها.
في حين دافعت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” عن حكومتها من خلال هذا التصريح: “لم يكن هناك شرط يتعلق بوجود حد معين ضمن الشروط التي تم وضعها في سوريا حيال تقديم الدعم للجهات المقاتلة”. ولم تكتف بذلك، إذ قال أحد المسؤولين في البنتاغون خلال تصريحه: “بالطبع لا يمكن تقبّل تسليح المقاتلين الذين لا تبلغ أعمارهم الـ 18 وإرسالهم إلى ساحات المعركة، لكن عند النظر إلى أوضاع المنطقة والبيئة الثقافية فإن الأمر لا يثير الغرابة”.
إذ أنهم قاموا بالتستر على الجرائم المرتكبة بحق الإنسانية في سوريا بهذه الحجج والأعذار.
بطبيعة الحال، إن هذه الأعذار لا تحمل أي قيمة، لأن التصريحات التي صدرت عن البينتاغون لن تلغي وجود الجرائم المرتكبة، كما أنها لا تلغي الاتفاقيات التي توصلت إليها أمريكا في إطار العلاقات الدولية.. من هذه الاتفاقيات: “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948م، اتفاقية جنيف 1949م، الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان 1950م، الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان 1969م، اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأطفال 1989م، اتفاقية كيب تاون 1997م، القرار الأمريكي حيال الأطفال وحل النزاع المسلّح 2000م، مبادئ بارس 2007م والكثير من الاتفاقيات التي شاركت فيها أمريكا.
الحديث اليوم عن دولة قامت بتجهيز التقارير واتهام قائدها بانتهاك الاتفاقيات فيما مضى، واشنطن تنظر إلى أشياء كثيرة على أنها حقها الطبيعي، لكنها لا تسمح للآخرين بفعلها. إنهم لا يملكون أي مبادئ، “فالعدالة، حقوق الإنسان، الديمقراطية والحضارة”، ليست سوى مفاهيم تستخدمها أمريكا لإخفاء مطامعها الإمبريالية. إنهم يتحركون وفقاً لمصالحهم الشخصية، وليس استناداً إلى القوانين والقيم.. يقومون بإلغاء الاتفاقيات الدولية التي لا تخدم مصالحهم الشخصية، ولا يترددون في ارتكاب الجرائم بحق الإنسانية، والكل على دراية تامة بهذه الأمور.
ويرى الكثير من الخبراء أن أمريكا مضت بغطرستها في مسار جعل المنطقة قريبة جدا من حافة الهاوية..إن السياسات المتغطرسة للولايات المتحدة الأمريكية خلال فترة الرئاسة الحالية للرئيس دونالد ترامب جعلت واشنطن محط كراهية بين دول العالم.
إضافة إلى أن الأساليب التي يستخدمها ترامب تجاه الدول الأخرى تتعارض مع المبادئ والأعراف الدولية”, وأن ” فرض الحظر على الدول يعد مؤشراً على عجز في تنفيذ النهج الدبلوماسي”, موكدين أن “العقوبات باتت الأسلوب المتداول لدي قادة أمريكا خلال العقدين المنصرمين وأن واشنطن تفرض عقوبات ضد كل دولة تعارض سياساتها”.
وشدد الخبراء على “أهمية توحد دول العالم لمواجهة الغطرسة والقيود التي تفرضها الولايات المتحدة.
لقد ارتكب الأمريكيون كُلّ الموبقات والمحرمات بحُجَّة التحضر، ثم بادعائهم أنهم يريدون تصديرَ هذه الحضارة إلَـى العالم وخاصة العرب والمسلمين، . ومثلما فعل في العراق فعلوا في فلسطين والشيشان والبوسنة والهرسك وكشمير وفي غيرها من بلدان العالم الإسلامي والأقطار العربية.. ويَوماً بعد يوم.. تتكشف النوايا الشريرة للقوات الأمريكية وتحالف العدوان السعودي الأمريكي التي يحاول اخفاءها بأقنعة مزيّفة لطمس حقده الأسود الدفين الذي اعترى كيانه المسخ وتملك نوباته الهستيرية والسادية فكان دموياً وعنيفاً إلَـى أبعد الحدود.