منير الشامي
تعشقه وهو يعشقها.. وتحضنه وهو يحضنها.. وتستند إليه ويستند عليها.. فهما لا يفترقان طوال الوقت، ولا يمكن أن يهجرها لثانية واحدة، وهي أيضاً كذلك هي طوال الوقت ملاصقة له أينما ذهب حتى حينما يصلي فهي تتموضع بين يديه وتنتظره حتى يفرغ من صلاته، بينهما عشق وشبق ووله وقصة حب لا تنتهي.
يقضيان ساعات طويلة وعينه مستقرة في عينها وعينها مستقرة في عينه، تدور معه حيثما دار ويدور معها حيثما دارت ويده قابضة على معصمها وقد سلمت له نفسها ليأرجحها نحو الوجهة التي يريدها ومقلتاهما متطابقتان وفي اتجاه واحد في ليل أو نهار.
هو يرى من خلالها عالمه ويرصد بعينها فرائسة فهو الصياد وهي الصائد.. وهو الآمر وهي الطائعة لأمره.. المستجيبة لإرادته.. تنتظر إشارته فلا يكلمها إلا همسا.. فإذا ما رأى في عينها هدفه المنشود همس لها فوافته بهدفه المنشود وأردت طريدته في طرفة عين، ناسفة جمجمته أو ممزقة عضلة قلبه في لمحة بصر فيتجه باحثاً بمقلتها عن هدف تالٍ وفريسة أخرى وهكذا.
هي لا تكل منه ومن همسه، وهو لا يمل من هدوئها ولا يسأم طاعتها.
ذلك هو قناصنا وتلك هي قناصته وهذه في رجالها الأزلي ورفقتهما الدائمة في دروب سبيل الله بكل جبهة وموقع وكل ساحة ومترس وهذا موضع حديثنا اليوم.
تأسست وحدة القناصة كواحدة من أهم الخيارات الاستراتيجية التي تحدث عنها قائد المسيرة القرآنية السيد العلم عبدالملك بن بدر الدين الحوثي حفظه الله تعالى وأدام ظله الشريف، وبرزت هذه الوحدة ورجالها في ميادين المواجهات كثمرة من ثمار توجيهاته ومتابعته.
بدأت هذه الوحدة بتدريب أعداد قليلة من أفراد الجيش واللجان الشعبية، بعد شهور قليلة من بداية العدوان وبقناصات محدودة العدد والمدى والوفرة، ومع تزايد عدد الجبهات المشتعلة زادت الحاجة إلى أفراد مدربين من أبطال هذه الوحدة في مختلف الجبهات وظهرت الحاجة إلى تطوير أسلحتها النوعية لتلائم متطلبات المرحلة كماً وكيفاً ونوعاً، وهو ما استشعره السيد القائد فأولى هذه الوحدة جل اهتمامه ومتابعته مثلها مثل وحدة القوة الصاروخية ووحدة الطيران المسير وبقية الوحدات الأخرى.
وتنفيذاً لتوجيهاته فقد تم توسيع الإعداد والتدريب لأعداد متزايدة من أبطال الجيش واللجان الشعبية لرجل هذه الوحدة، بينما تحركت وحدة التصنيع الحربي وتحت إشراف مباشر من الرئيس صالح الصماد رضوان الله عليه نحو تطوير وإنتاج القناصات بمواصفات أعلى دقة وأشد وأبعد مسافة ومدى من مواصفات القناصات التي كانت متاحة وتلك التي غنمها أبطالنا من العدو في الجبهة الشمالية باعتبار هذه النوعية كانت مطلوبة ولازمة لسد العجز في مختلف الجبهات.
وبفضل من الله تبارك وتعالى وتوفيقه نجحت وحدة التصنيع الحربي في تعديل أنواع من الرشاشات والمعدلات وتحويلها إلى قناصات دقيقة وقوية وبمدى تجاوز الخمسة كيلومترات.
تم تفعيل مخرجات هذه الوحدة في مختلف الجبهات، ونجحت فعاليتها وتطورت إنجازاتها وارتفعت كفاءة أبطالها أمام وفرة الصيد وبراعة الأداء فحصدت خلال فترة العدوان عشرات الآلاف من قوات الأعداء في كل موقع وجبهة.
فلا يكاد يمر شهر واحد إلا ويقطف أبطال هذه الوحدة المئات من جنود الغزاة ومرتزقتهم مخلفة في نفوس بقيتهم الرعب والهلع من رميات الله بأيديهم حتى أضحت اليوم هذه الوحدة برجالها المنتشرين في كل جبهة وموقع كابوس الموت الجاثم على صدورهم الذي لا يفارقهم في ليل ونهار خصوصاً وهم يرون كل يوم جماجم تنسف وقلوباً تنفض وتأتيهم من حيث لا يحتسبون.
لقد رسم أبطال هذه الوحدة الخطوط العريضة للنصر في كل جبهة وزحف، فهم من قذفوا قلوب جحافل الأعداء بالهزيمة النفسية المسبقة من خلال آثار قنصهم التي يرونها رمية الموت السريع فلا ينجو من وقع تحت عدساتها أو على مرمى رجالها.
Prev Post
قد يعجبك ايضا