•مواطنون: الارتفاع الجنوني للأسعار وغياب الكهرباء حول حياتنا إلى جحيم لا يطاق
• العدوان “والقاعدة” “وداعش”.. ثالوث بغيض حرمنا من ممارسة طقوسنا الرمضانية والحياتية
• المرتزقة قدمت عدن بطبق من ذهب للعدوان..وحدنا من يدفع الثمن
* عدن صارت مدينة أشباح كل ما فيها أزمات تباع في السوق السوداء!!
عدن/ عبدالعزيز شمسان
اختلفت مظاهر الاحتفال بشهر رمضان المبارك لدى أبناء عدن ، ولم يعد هذا الشهر بطقوسه وعاداته كما كان فالعدوان لم يبق شياً أو متسعاً لاستقبال شهر رمضان بالشكل المتعارف عليه.
معمعة الحرب، وتواصل الأحداث الدامية ارتفاع أسعار السلع الغذائية، غياب الأمن والاستقرار وما نتج عنها من أزمات كثيرة ، ألقت بظلالها القاتمة على الأوضاع المعيشية على المواطن المغلوب على أمره.
وللوقوف على حقيقة الأوضاع التي يعيشها أبناء عدن “الثورة” التقت مجموعة من الذين تحدثوا بأفواه متهدجة تصدح الشعور بالخوف وانعدام الشعور بالأمانة أو الاستقرار.. وكانت هذه هي المحصلة:
“أبو مصطفى” من أبناء دار سعد، تحدث إلينا عن الأحوال العامة في عدن خلال شهر رمضان قائلاً:
يعد شهر رمضان المبارك،من الشهور التي تزدهر فيها روح العطاء والتعاون بين الناس،حيث يحرص المسلمون في هذا الشهر على تدعيم أواصر صلة الرحم، يكثر فيه عمل البر والخير، كالإحسان إلى الفقراء والمحتاجين”.
طقوس رمضانية
لكن “أبو مصطفى” يؤكد تغير الحال واقعياً في سياق حديثه عن العادات والتقاليد التي يمارسها أبناء عدن في رمضان قائلاً: العادات والتقاليد التي كنا نمارسها في رمضان لم تتغير، وإنما الحياة وأنماطها ،وكذلك العدوان الغاشم على بلادنا عامة وعدن خاصة هي التي غيرت في هذه العادات والطقوس الرمضانية،فسيطرة العدوان على عدن، وانتشار عناصر القاعدة وتنظيم داعش الإرهابي في كل زقاق من شوارع المحافظة، وغيرها من المشكلات، كان لها الباع والذراع في حرماننا من ممارسة طقوسنا الرمضانية المتمثلة بالاجتماعات الأسرية، وتدارس القرآن، بالإضافة إلى حرماننا من وجبات غذائية كيثرة كانت تزين موائدنا في شهر رمضان منها على سبيل المثال الفراولي، العتر، السنبوسة، الباجية والشربة)وغيرها.. وللأسف أصبحنا اليوم نكتفي بوجبة أو وجبتين فقط بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي نعيشها.
وضع صعب
كذلك “سمير” ، من أبناء مديرية القلوعة، تحدث إلينا بلسان ينضح بالمرارة قائلاً: لأول مرة في حياتي وبسبب ظروفي المالية الصعبة لم أخرج للتسوق لشراء حاجيات رمضان من المأكولات التقليدية العدنية، واكتفيت فقط بإرسال ابني إلى السوق لشراء التمر والقهوة”.. وأردف : ” رمضان اليوم ليس نفسه قبل العدوان، خاصة هذا العام، أكثر من خمسة وعشرين يوماً مر من عمر هذا الشهر الفضيل من دون ان تشعر أنك في رمضان، غابت الأجواء الروحانية والبهجة من الشوارع، غاب الازدحام في الأسواق،لينوب عنها الخوف من دخول المساجد، تفشي ظاهرة العنصرية، وغيرها من الأعمال والتصرفات التي لا يقبل بها دين”.
يأخذ سمير نفساً عميقاً ويتابع: رمضان هذا العام جاء في ظل ظروف تعيشها عدن أقل ما يقال عنها بأنها مأساوية ويخيم فيها الحزن وتخيم الحاجة والعوز معظم بيوت المحافظة، هذا بالإضافة إلى العديد من المقومات الحياتية التي يفتقدها أبناء عدن من وانقطاع للنظافة وانتشار الأمراض وغياب التيار الكهربائي هذه الخدمة التي لا تزورنا أكثر من ثلاث ساعات في اليوم الواحد، وكانت كفيلة بأن تحول حياتنا إلى جحيم لا يطاق.. هذا حال عدن في شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار.. والله يجازي من كان السبب “.
مريع للغاية
بدوره تحدث الينا أبو نشوان، من أبناء المنصورة متحسراً:” لقد أتى رمضان، وها نحن نودعه اليوم وحال عدن مريع للغاية، كما لا يخفى على أحد، ورغم المأساة الشاملة، من قتل ودمار،إلا إنني أحب أن أركز قليلاً على غياب الكهرباء العذاب الذي نعانيه نتيجة غياب هذه الخدمة الهامة والضرورية غياب الكهرباء رسم عذاباً للكبير والصغير، فلا نلحق ان نفرح وأسرنا بعودتها حتى تنطفئ، وأصبحت همنا الشاغل وحديثنا الدائم في هذا العام وتحديدا في شهر رمضان الذي يجتمع مع موجة حر تشهدها المحافظة.
ويضيف أبو نشوان: لا أتذكر في حياتي مرحلة حياتية اسوأ من التي تمر بها عدن اليوم، مرحلة جعلتنا جسداً بلا روح، ومواطنون بلا وطن، والحسرة تغص نفوسنا، وتجرح أفئدتنا، وتدمي قلوبنا… لكن
السؤال الذي يطرح نفسه، خاصة ونحن في خواتم شهر رمضان المبارك هو متى سيتم معالجة هذا الواقع الأليم؟ ومتى نعي بأننا شمال وجنوب إخوة ووحدة واحدة، ومتى نفهم أن هناك من يحاول أن يخترقنا من الداخل ليمزق شملنا.. أما آن الأوان لنعود إلى رشدنا ونعلم الصواب من الخطأ، فالوطن لنا جميعاً وخسارته خسارة لنا جميعاً؟!.
فرصة نادرة
في مديرية التواهي التقينا بالوالدة فاطمة، التي تحدثت إلينا عن أهم ما يميز رمضان بقولها: يا ابني أنا عمري الآن 67 سنة، وكل سنة من عمري كان لرمضان نكهة خاصة، إلا من يوم هذا العدوان الشيطاني الذي من يومه ما شفنا خير في عدن، وكمان التجار الجشعين الذين يستغلون هذا الشهر ويرفعون أسعار السلع الغذائية ،هذا الارتفاع الذي أرهقنا وأحبطنا.
وأضافت: كان رمضان زمان فرصة نادرة للم الشمل مع أفراد الأسرة حول مائدة افطار واحدة، كما كان فرصة لتبادل الأهل والجيران الزيارات والمأكولات، وكل واحد الثاني عنده، ويتصالح المتخاصمون في هذا الشهر وتسوى الخلافات بين الناس.
فاطمة اختتمت حديثها بأسٍ لا تخفيه: من يصدق أن عدن مدينة المحبة والسلام أصبحت مدينة للإرهاب، والواحدة مننا لا تستطيع الخروج بأمان وسلام خوفاً من أن يحصل أي تفجير أو اختطاف،الوضع هذا خلانا نشعر أننا في العراق..المشكلة اشتكي بمن أو لمن فكلهم لصوص ومرتزقة باعوا ضمائرهم لفلوس آل سلول، والناس البسطاء من أمثالنا ما ربحنا من تلك الصفقة إلا الذل والعار فلعن الله النظام السعودي الذي أوصلنا إلى هذا الحال”.
غياب القدرة
المواطن أبو احمد، من جهته شكا لنا انعدام الشعور بروحانية رمضان، قائلاً: أنا وغيري الكثير من أبناء عدن فقدنا القدرة على الإحساس بروحانيات شهر رمضان، سواء من الناحية النفسية أو الحالة الاقتصادية التي ما عادت تسمح لنا أن نحصل على السلع الغذائية التي تشبعنا وأسرنا،وأصبح الوضع بشكل عام مختلفاً عن رمضانات السابقة حيث صار الهم الأساسي للناس هو حصولهم على كفاف يومهم من المواد الغذائية.
مدينة أشباح
آخر المتحدثين إلينا عن أهالي عدن كان “العم طه” سائق تاكسي قال: رمضان لا يحتاج لمن يتحدث عنه ، الا يكفي انه الشهر الذي أنزل فيه القرآن ، لكن إذا تشتيني أتكلم فوضع عدن يستحق الكلام خاصة وانها تحولت إلى مدينة أشباح، كل شيء فيها عبارة عن أزمات تباع في السواق السوداء، ووالله لو كان الهواء أيضاً يباع لباعوه.
ويضيف العم طه بحنق ظاهر: قالوا أن عدن محررة، صح كلامهم محررة من وهم من أذلونا واستعبدونا وجعلونا لا نرى النور في عدن المدينة التي تحولت إلى قرية صغيرة مليئة بالمعاناة، فيها لا وجود للكهرباء وان وجدت فيها لا تتوفر إلا ساعة واحدة من كل أربع ساعات ،بالإضافة إلى غياب ابسط مقومات الحياة، فأزمة البترول لا نزال نعاني منها حتى اللحظة ولا زلنا نشتريه من السواق السوداء بأسعار فلكية، حتى اسطوانات الغاز هي الأخرى لا تباع إلا في السوق السوداء.
واختتم: تسألني عن رمضان ونحن محاربون في أكلنا وشربنا وسلامنا وراحتنا وتحول شبابنا من شباب مثقف وواعٍ واعي إلى عنصريين متطرفين يلهثون وراء عدوان أوهمهم انه سيبني لهم وطنا من خيوط العنكبوت.
كل ما ذكرته شيء بسيط عن واقع تدمي له القلوب وتدمع له العيون ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل.
عدن في رمضان/ خالد محمد عرهب ج9