البسطات.. فنتازيا رمضانية تشل الحركة المرورية

حين تتحول الشوارع الرئيسية والجسور المعلقة والأرصفة إلى موسم تجارة عشوائية

حملات للحد من انتشار وتوسع البسطات لتفادي مشاكلها التي تتفاقم في رمضان

البسطة هي مصدر دخلنا الوحيد ورمضان شهر الحصاد
لا ندعو إلى قطع الأرزاق لكننا نطالب بتنظيم البسطات لحل مشكلة السير

تحقيق/ طارق وهّاس

تنتشر البسطات بشكل كبير وملحوظ خصوصا في شهر رمضان، لتمتد إلى الشوارع الرئيسية.. وحديثاً ظَهَرَت بسطات من نوع جديد لم نكن نعهدها قبل العدوان هي بسطات المحروقات المتواجدة على جانبي الطريق هنا وهناك بشكل عشوائي مستغلين الأرصفة المخصصة للمشاة، بسطات كثيرة لا يمكن عدها من ألبسة وأحذية وأغذية وخضروات وبسطات ناتجة عن تمدد أصحاب المحال التجارية وعرض بضائعهم على الأرصفة خارج حدود متاجرهم.
في هذا التحقيق سنتتبع بعض مظاهر انتشار البسطات، وما تشكله من ازدحام ومضايقة للمارة وما تمثله أيضا من تشويه للمظهر العام، لكنه في نفس الوقت مصدر رزق عشرات الآلاف من الأسر.. كما سنعرج على دور أمانة العاصمة في ضرورة تنظيم البسطات..
ما إن يهل هلال شهر رمضان إلا وأخذت بسطات الباعة والتجار الأصغر دخلاً، عملية الزحف الموسمي على الشوارع والأرصفة والساحات العامة.. هي ظاهرة بحد ذاتها تنم عن حاجة البسطاء والفقراء إلى فرص ومصادر رزق تقيهم تكاليف نفقات رمضان وعيد الفطر المبارك كمناسبة موسمية.. لكن هذا الانتشار وبهذا الشكل من الفنتازيا.. تضحى الشوارع مغلقة أمام المارة وبيئة خصبة للصوص الجيوب وشفرات الانتشال، كما تشل انسياب الحركة المرورية بشكل فظيع..
هذا ما ألمحت إليه مواهب الصلوي- إحدى المارة- معتبرة البسطة وسيلة للحصول على الرزق والقوت اليومي في ظل هذه الظروف الصعبة التي نعيشها، لكنها في الوقت نفسه ظاهرة نشاز وغير حضارية تسيء للمظهر العام لشوارع المدينة.
أصوات تتعالى وأرجل تتشابك تدافع بين المشاة وهم يزاحمون أصحاب البسطات على الأرصفة، في الشوارع أزمة خانقة وعلى الأرصفة أزمة مشاة عالقة فتحتار أين تضع قدمك.
المواطن عارف عبده يقول: إن البسطة تشكل زحمة في حركة السير خصوصا في الشوارع الضيقة وعرقلة لسير السيارات والتي نشهد هذه الأيام كثرة البسطات في الشوارع.
أما حمود عادل يقول: يجب عمل حملات  تقوم بتنظيم انتشار البسطات المتواجدة في الحصبة وباب اليمن والتحرير وتسهل حركة  السير لأن انتشار البسطة بشكل كبير في شارع رئيسي يعد مشكلة كبيرة.

انتظار طويل
من جهته يقول فؤاد علي: إن البسطة تسبب الانتظار الطويل في الشوارع، وإنه ظل ما يقارب ساعة على الطريق بسبب الزحمة في الشارع الذي كانت البسطة هي السبب.. ويوافقه صالح الذي تأخر في الذهاب إلى عمله بسبب هذه البسطات.. مؤكداً أن هذا التأخر قد ينهي الأمر إما بحادث أو مشكلة شجار عنيفة.. وأحياناً أحرم من الوصول إلى المنزل بسيارتي بسبب البسطات المنتشرة في الشارع الذي أسكن فيه من كثرة البساطين المتواجدين فيه، وذلك لأن البسطات زاد توسعها في هذا الشهر فأصبح الشارع للمشاة والمتسوقين منه كان هذا ما قاله المواطن أحمد فاضل.

مصدر دخلي
وللبساطين رأيهم في هذه المشكلة المشوشة للحركة المرورية والمشوهة للمظهر العام، ولكن من زاوية مصدر  الرزق.. فمن بين تلك البسطات المتناثرة على أرصفة الشوارع يقول ماجد مهيوب أحد الباعة على بسطة، كنت أملك محلاً ولكنه تدمر بسبب قصف العدوان فاضطررت بعدها لأنشر بضاعتي على هذه البسطة..
وقال أحد أصحاب البسطات المتواجدة في ميدان التحرير أنه يعمل على بسطته منذ عشرين عاماً وهي مصدر دخله الوحيد فليس لديه وظيفة أو عمل أو حتى حرفة يدوية يكسب منها المال سوى هذه البسطة التي تساعده في إعالة أسرته وكسب لقمة العيش في هذه الأيام الصعبة.
من جهته عبدالقادر يقول: أنا أعمل على بسطتي طوال أيام السنة ولكن في رمضان يزداد انتشار البسطات وتوسيعها عن الحد المفروض أما بالنسبة لي فلا أقوم بأي توسيع لبسطتي وتظل كما هي عليه من قبل.
يوافقه الرأي هاني ناصر الذي يعمل أيضا على بسطة ولا يقوم بتوسيعها مثل غيره وأكد أن أكثر أصحاب البسطات يقوم بتوسيع بسطته في شهر رمضان أو حتى استدعى أحد أقاربه للعمل إلى جانبه على بسطه أخرى وهكذا، وأشار في حديثه معنا إلى أن البلدية تقوم بأخذ المظلات على البسطات والحديد المستخدم لعرض البضاعة وأن من الضروري عمل سوق خاص بهم حيث لا يتعرض أحد إلى الأذية.
محمد البحري وعبدالله فارع أكدا أن عملهما على البسطة هو طلب الله وكسب لقمة العيش ولكل شيء ثمن  فيجب أن لا تتجاوز البسطة المتر ونصف فيجب الالتزام وعدم المخالفة حتى لا تحتجز البسطة ولكن البعض لا يلتزم ويقوم بالتوسيع خصوصا في هذا الشهر الفضيل.. فيما يرى شاكر المسوري أن من الضروري توسيع البسطة في شهر رمضان لأن العمل فيه يكون أكثر من باقي أيام السنة ويعتبر فرصة لعرض بضاعته وبيعها للناس.
أما مشير الدبعي فيرى أن على الجميع الالتزام والتنظيم وكذلك تحديد أماكن خاصة للبسطات حتى يسلم المشاة من الفوضى والازدحام ويسلم الشارع من أي مخلفات تتسبب فيها البسطة مثل الأوراق والكراتين أو ما شابه حتى لا تعم الفوضى في المكان.
عمل جماعي
وفي نزولنا إلى المكاتب الإدارية المختصة في أمانة العاصمة، التقينا مدير الأسواق والمرافق العامة بمكتب الأشغال العامة والطرق بأمانة العاصمة الأستاذ/ فرحات الأحمدي الذي قال أن مشكلة البسطات عمومية تعانيها جميع شوارع الأمانة حيث تم انتشارها في كل من باب اليمن والتحرير والحصبة والصافية وشارع جمال وهائل ومزاد وغيرها وهي من الشوارع الرئيسية وتشكل عرقلة في حركة السير والزحمة..
وأضاف الأحمدي  إن القانون يفرض عقوبات على أي مخالفة وذلك عبر الضبط والنزول الميداني ولكن بسبب ما تمر به البلاد والظروف القاسية والغلاء وما يعاني منه الناس وضعنا خطة لحل مشكله البسطات وذلك عن طريق التنظيم والتخفيف من الأضرار السلبية للبسطات، وواصل الحديث بقوله : نعمل على التخفيف من معاناة أصحاب البسطات بشرط أنه لا يسمح لأي بسطة من مضايقة التجار وتسبب في خسارتها مثل البيع بسعر أقل منه وبالتالي يلحق به الضرر والخسارة..

شهر طوارئ
كما اعتبر الأستاذ الأحمدي شهر رمضان، شهر طوارئ لأن البسطات تزداد فيه بشكل كبير والبعض يأتي من خارج العاصمة للعمل على البسطة في هذا الشهر لكسب المال لأنه شهر حصاد وموسم للعيد .
وعن الاستعدادات التي يقومون بها قال: يتم التواصل مع جميع أقسام الأسواق والمرافق العامة في كل المديريات ويكون العمل جماعياً ويتم التواجد الميداني سنويا ويستمر العمل حتى صباح يوم العيد وقد بدأ التنظيم في حملات وكذلك تحديد أماكن للبسطات بحيث لا تشكل مشكلة في حركة السير وعرقلة السيارات في الطرقات وانتشار الزحمة المعروف عليها في هذا الشهر المبارك.. نعمل بكل جهودنا على التخفيف من مشكلة البسطات والاختناق والزحمة مراعاة لظروف الناس في هذه السنة وما تمر به البلاد من حصار وغلاء على الجميع وكان هذا ختام حديثه معنا…

قد يعجبك ايضا