عبدالفتاح علي البنوس
صوته العابق بآيات الله بتلكم الخامة الصوتية التي تأنس لسماعها الآذان وتطمئن بها القلوب والأفئدة وموشحاته وأناشيده وأدعيته الروحانية التي يصدح بها مخاطبا شغف القلوب جعلت منه فاكهة رمضان شهر القرآن فلا يكاد أي بيت يمني يخلو في رمضان من تسجيلات صوتية له فهو ورمضان صنوان متلازمان حيث كان رحمه الله وما يزال أحد رموز الإيمان والتقوى في هذا الشهر الفضيل, إنه الشيخ الحافظ المرحوم محمد حسين عامر طيب الله ثراه وأحسن الله مثواه وجعل الجنة سكناه.
ذلكم الأعمى الذي أنار الله بصيرته بالقرآن وشرح صدره بالإيمان , حيث كان أكثر الناس نشاطا ومثابرة والتزاما في رمضان من خلال مشاركته في تدريس القرآن الكريم بالجامع الكبير بصنعاء ومشاركته في تحكيم مسابقات القرآن وحضوره اليومي للجامع الكبير لقراءة القرآن قبل أذان الفجر والتي كان يختمها بالأدعية التي تخشع وتخفق لها القلوب فكان بلبل رمضان وكان صوته المؤشر على دخول هذا الشهر الفضيل فكان قلبه معلقاً بالمساجد وكان مثالا للزهد والتقى والنقاء إلى أن إلتحق بالرفيق الأعلى في مثل هذا اليوم من هذا الشهر الفضيل من العام 1419حيث صادف اليوم الذكرى الثامنة عشرة لوفاته، وهو الحدث الذي أدخل الحزن إلى داخل كل بيت يمني حيث خيم الحزن الشديد في عموم أرجاء اليمن وكان رحيله بمثابة الفاجعة ولم يستوعب الكثير من الناس هذا الخبر لأنهم لم يتخيلوا رمضان بدون محمد حسين عامر ولذلك لا غرابة أن تشهد العاصمة صنعاء تلكم الجنازة المهيبة لذلكم العلم اليمني البارز والتي شارك فيها مئات الآلاف من المشيعين من مختلف المحافظات اليمنية ,حيث شيعته الجموع الغفيرة وهم يذرفون الدموع حزنا على هذا المصاب الجلل والرحيل الفاجعة وظل الحزن مخيما على الجميع إلى ما بعد العيد وتحول قبره في مقبرة خزيمة إلى مزار لكل طلابه ومحبيه يقرأون له الفاتحة التي علمهم إياها ,ورغم مرور قرابة الـ18 عاما على وفاته إلا أن صوت تلاوته وموشحاته وأدعيته لايزال هو فاكهة شهر رمضان التي يتذوقها الصائمون بتلذذ حيث لا تزال محتفظة بنكهتها وعبقها الإيماني الآسر والساحر للقلوب .
واليوم وفي هذه الذكرى لا بأس بأن تكون هنالك مبادرات رسمية تنصف صاحب هذه الشخصية وتكرمه بما يليق بمقامه ومكانته ونتاجه كأن يخلد اسمه الخالد في القلوب بمآثره الخالدة وسيرته العطرة وتاريخه الزاخر بالعطاء خدمة لكتاب الله حفظا وتلاوة وتعليما وتدريسا بإطلاق اسمه على أحد الشوارع المؤدية إلى الجامع الكبير بصنعاء أو تأسيس مدرسة لتحفيظ وتدريس القرآن الكريم بالجامع الكبير بصنعاء تحمل اسمه وتوثيق حياته في كتاب أو مجلد يصدر عن وزارة الثقافة أو الأوقاف ومن ثم العمل على تجسيد شخصيته في مسلسل تاريخي يعرض في شهر رمضان يجسد فيه شخصية شيخنا الراحل كأقل واجب يمكن أن تقدمه الدولة لذلكم العلم البارز الذي نذر نفسه لله ولكتابه الكريم, مع التأكيد على ضرورة الاهتمام بأسرته ومنحها حقها من الرعاية والاهتمام والدعم تكريما لوالدهم الراحل الذي قدم لوطنه ودينه ما لم يقدمه الكثير من المبصرين ممن حولوا الوطن والدين إلى وسيلة لتحقيق مشاريعهم وأحلامهم الخاصة وتمرير مخططاتهم الشيطانية التي تعود بالشرور المستطيرة على الدين والوطن والمواطن على حد سواء والذين كان لهم النصيب الوافر من دعاء فقيدنا الراحل طيلة ليالي الشهر الفضيل ولأعوام عديدة في سياق محاربته للفساد والمفسدين بالدعاء عليهم باعتباره السلاح الذي يجيد استخدامه حتى وافاه الأجل .
رحم الله شيخنا الجليل الحافظ محمد حسين عامر فاكهة رمضان شهر القرآن وأسكنه فسيح جناته وطيب الله ثراه وجزاه الله عنا خير الجزاء وجعله من الفائزين السعداء وألحقنا به صالحين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
صوماً مقبولاً وذنباً مغفوراً وإفطاراً شهياً .