مجد الدين عبدالله الكبسي
تأدب الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحرب، فقد روي عنه عليه السلام: (أنَّ رسول الله (ص)، كان إذا بعث جيشاً أو سرية، أوصى صاحبها بتقوى الله في خاصة نفسه، ومن معه من المسلمين خيراً، وقال: اغزوا بسم الله وفي سبيل الله ـ إلى أن قال ـ ولا تقتلوا وليداً، ولا شيخاً كبيراً، ولا امرأة ولا تمثلوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا ).
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أراد أن يبعث سرية دعاهم فأجلسهم بين يديه ثم يقول: سيروا بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله، لا تغلوا ولا تمثلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا شيخاً فانياً ولا صبياً ولا امرأة ولا تقطعوا شجرة إلا أن تضطروا إليها، وأيما رجل من أدنى المسلمين أو أفضلهم نظر إلى أحد من المشركين فهو جار حتى يسمع كلام الله، فإن تبعكم فأخوكم في الدين، وإن أبى فأبلغوه مأمنه، واستعينوا بالله ).
وعن الحسن بن عليّ بن شعبة أنَّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام كتب كتاباً إلى زياد بن النضر، حين أنفذه على مقدمة جيشه إلى صفين، قال فيه: (وإياك والعجلة إلاّ أن تمكنك فرصة، وإياك أن تقاتل إلاّ أن يبدؤوك أو يأتيك أمري، والسلام عليك ورحمة الله ).
وروي عن عبد الله بن جندب، عن أبيه: أنَّ علياً عليه السلام كان يأمر في كل موطن لقينا معه عدوّه يقول: (لا تقاتلوا القوم حتى يبدؤوكم، فإنكم بحمد الله على حجة، وترككم إياهم حتى يبدؤكم حجة أخرى لكم عليهم، فإذا قاتلتموهم فهزمتموهم، فلا تقتلوا مدبراً، ولا تجهزوا على جريح، ولا تكشفوا عورة، ولا تمثلوا بقتيل، فإذا وصلتم إلى رحال القوم، فلا تهتكوا الستر، ولا تدخلوا داراً إلا بإذني، ولا تأخذوا شيئاً من أموالهم إلا ما وجدتم في معسكرهم، ولا تهيجوا امرأة إلا بإذني، وإن شتمنّ أعراضكم وتناولنّ أمرائكم وصلحاءكم فإنهنّ ضعاف القوة والأنفس والعقول، لقد كنا وإنا نأمر بالكف عنهنّ وإنهنّ لمشركات، وإن كان الرجل ليتناول المرأة في الجاهلية بالهراوة أو الحديد، فيعير بها عقبه بعده).
وروي عن عليّ بن أبي طالب: أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: فيما عهد إليه وإياك والتسرع إلى سفك الدماء لغير حلها، فإنه ليس شيء أعظم من ذلك تبعة ).
وعن عقيل الخزاعي أنَّ علياً (ع) كان إذا حضر الحرب يوصي المسلمين بكلمات فيقول: (تعاهدوا الصلاة، وحافظوا عليها، واستكثروا منها، وتقربوا بها، فإنها كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً، وقد علم الكفار حين سُئلوا ما سلككم في سقر قالوا :لم نك من المصلين، وقد عرفها حقها من طرقها، وأكرم بها المؤمنين الذين لا يشغلهم عنها زين متاع، ولا قرة عين من مال ولا ولد ).