الدكتور/مجدى ابو حسين
إن للعلم في نظر الإسلام مكانة عـظيمة ، ولا أدل على ذلك من أنه منذ لحظاته الأولى وكلماته المبكرة قـد أمر بالتعـليم حيث قال عـز وجل في أول ما نزل من آياته 🙁 اقرأ باسم ربك الذي خلق*خلق الإنسان من عـلق*اقرأ وربك الأكرم*الذي عـلم بالقلم*عـلم الإنسان ما لم يعـلم ) سورة العلق آية5:>1
ورفع شهادة أولي العلم وجعلها بعد شهادة الملائكة العاقبة لشهادته تعالى بوحدانيته قائلا (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هوالعزيز الحكيم) سورة آل عمران آية 18.
ونفى المساواة بين مَن يعلم ومَن لا يعلم فقال(قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب) سورة الزمر آية 9.
وبين أن العلماء هم أفضل وأكثرمَن يخشونه جل جلاله حق الخشية ؛ بل حصرها فيهم قائلا: ( إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ) سورة فاطر آية 28.
وارتقى بدرجات العلماء إلى أعظم مكانة وأرفع منزلة في قوله تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) سورة المجادلة آية 11 .
وقال ترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما: ( للعلم درجات فوق المؤمنين) بسبعمائة درجة ما بين الدرجتين مسيرة خمسمائة عام) والعلماء هم أولى بالأنبياء ؛ لأنهم ورثوا علمهم أعظم ميراث وأفضل كنز تركوه للدنيا كلها ولذا قال المعلم الأعظم صلى الله عليه وسلم: ( العلماء ورثة الأنبياء) رواه أبوداود.
وقد ترجم الإمام عليّ كرم الله وجهه نظرة الإسلام للعلم والعلماء بقوله:
ما الفخـر إلا لأهـل العـلم أنهم ***على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقدر كل امرئ ما كان يُحسنه *** والجاهـلون لأهـل العـلم أعداء
فـفـز بعـلم تعـش حـيّا به أبـدا *** الناس موتى وأهل العـلم أحـياء
ولمعرفة لقمان الحكيم بمنزلة العلم السامية أراد أن يفوز ابنه بها فحثه على تحصيل العلم ومجالسة العلماء قائلا : يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فإن الله سبحانه يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض بوابل السماء.
وقال الشاعـرـ في فـضل العـلم:
العلم في الصدر مثل الشمس في الفلك ***والعـقل للمرء مثـل التاج للملك
وقال الآخـر: إنما النفس كالزجاجة والعلــ ***ــم سراج وحكمة الله زيت
فإذا أشـرقـت فإنـك حـــــي ***وإذا أظـلـمت فإنـك مــــــيت
وقال الشاعـرـ عـن أهـل العلم ـ:
أخـو العـلـم حـيّ خالـد بعـد موتـــــه ***وأوصالــه تحـت الـتـراب رميــم
وذو الجهل ميت وهو ماش على الثرى *** يظـــن مـن الأحـياء وهـو عـديـم
ولذا فإن موت العالم ليس كموت أي إنسان مهما كان عِـظمه ؛ لأن موته يعـتبر مصحفا كان مقروءا قد أغـلق ، وسنة طيبة كانت مقامة قد طويت، وأمرا بمعروف ونهيا عن منكرا قد مضيا،وفتحَ باب التوبة العصاة قد ولى، ويدا حانية تصبّر المصابين بالبلايا والشدائد وتأخذ بأيدي شباب الأمة وتفتح لهم باب الأمل إلى مستقبل أفـضل في ظل طاعتهم لربهم عز وجل قد فقد ؛ إن موت عالم ما هو إلا عِلمٌ انتزع من الأمة.
*أستاذ البلاغة والنقد بالأزهر