سورية .. الصمود من أجل الأمة..

طه العامري

يحسب للجمهورية العربية صمودها أمام هجمة مؤامراتية داخلية وخارجية، هجمة محمولة بشعارات براقة عنوانها الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والاصلاحات، هذا ما حملته المؤامرة ظاهرياً، لكن في باطنها وحقيقتها لم يكن الأمر كذلك بقدر ما كان يهدف إلى جر سورية القيادة والدور والموقف إلى مربع الإرتهان والتبعية وإلحاقها بمنظومة أنظمة التبعية الحارسة والحامية للمشروعين الصهيوني والاستعماري ، وهذا الأمر سبق لوزير الخارجية الامريكي كولن باول أن طلبه رسميا من القيادة العربية السورية بعد الغزو الامريكي للعراق ، حيث زار الوزير الامريكي دمشق وطلب منها وبالأمر الرضوح للإرادة الامريكية والتوقف عن مناهضة المشر ع الصهيوني الامريكي في المنطقة ملوحا بأن قوات أمريكا أصبحت على حدود سورية ، كانت زيارة الوزير الامريكي – يومها -لدمشق بمثابة زيارة تهديد وتلويح ضد دمشق باستخدام القوة على غرار ما حدث في العراق وبالتالي فأن واشنطن التي غزت العراق قادرة أن تفعل في سورية ونظامها ما فعلته في العراق ونظامه ، غير أن دمشق لم تكترث لهذه التهديدات ومن يعلم فقد غادر الوزير الأمريكي دمشق مطرودا غير آسفين به و مكترثين لتهديداته التي أطلقها سرا ولوح بها علنا بعد ذلك في تصريحاته ،ليرحل باول وإدارته من البيت الأبيض كما رحل بعدهم آخرون وظلت سورية وقيادتها صامدين وعلى ذات النهج الممانع والمقاوم الذي عرفت به سورية الدولة والقيادة والنظام..
تطورت الأحداث في المنطقة وتعرضت سورية لسلسلة من المؤامرات السرية والعلنية والصغوطات السياسية ومع كل هذا صمدت سورية وتماسكت وتمسكت بمواقفها وثوابتها المبدئية الراسخة التي عنونت وشكلت هوية سورية ودورها الممانع والمقاوم وهو الدور الذي ﻻتعيش سورية إﻻ به ، وﻻتكون سورية إﻻ بهذا الدور الذي أعطى سورية مكانتها على الخارطتين القومية والدولية، طبعا ورغبة من المحاور الاستعمارية في إسقاط الدور العربي السوري وتجريد سورية من دورها ورسالتها الحضارية تم وصفها كواحدة من ( محور الشر) حسب التوصيف الأمريكي /الصهيوني وهو وصف تعتبره سورية وكل شرفاء وأحرار العالم بمثابة ( وسام شرف)إذ أن وصفاً كهذا يصدر من صناع الشر الحقيقين يمثل وبحق شهادة مثالية ودليل على أن سورية تسير في الطريق السليم والمسار الصحيح.. طبعا جاءت حرب صيف 2006م ضد المقاومة وكانت في حقيقتها حربا بين دمشق وواشنطن بدليل ما صدر من تصريحات لوزيرة الخارجية الامريكية (كونداليزا رآيس) التي تحدثت عن مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي سيولد من تلك الحرب التي شنت ضد المقاومة الإسلامية في لبنان ممثلة بحزب الله والتي وقفت خلالها أنظمة الانبطاح العربي ضد المقاومة وفي صف العدو الامريكي /الصهيوني لتنتهي الحرب بهزيمة منكرة للجيش الصهيوني وبهزيمة أنكر للمشروع والمخطط الامريكي للمنطقة ، لتأتي أحداث 2011م والتي أطلق عليها ( تندرا) مسمى ( الربيع العربي) تعبيرا عن حالة الاستخفاف الاستعماري/ الصهيوني بالعقل العربي والفعل العربي ، وإﻻ أي ( ربيع ) هذا يطلق على فعل تحكمه وتسيره وتتحكم له (الفوضى والخراب والدمار)..؟ بيد أن الصمود العربي السوري، وهو بالمناسبة الصمود الاسطوري الذي تدونه مراكز أبحاث العدوان ومختبراتهم كأهم الاحداث والتحديات التي انتصرت فيها الإرادة العربية المعبرة عن الوعي الجمعي العربي ،ﻷن الصمود العربي السوري لم يكن مطلقا صمودا سوريا عابرا ولكنه عكس حقيقة الوجود العربي وكان دفاعا عن هذا الوجود وحقائقه وقضاياه العادلة ، إذ أن سورية وجيشها وقيادتها وشعبها وخﻻل السنوات والعقود المنصرمة لم يكن كل هوﻻء يعيشون في حالة صراع من أجل سورية أو من أجل الرئيس بشار أو من أجل الديمقراطية والحرية والتعددية السياسية في سورية ، بل كانت سورية وبكل قدراتها تواجه المخططات والمشاريع الاستعماربة الصهيونية دفاعا عن الوجود القومي العربي وعن قضايا العرب العادلة ،بدليل أن بعض أدوات العدوان الاستعمارية أنظمة مرتهنة من أمثال أنظمة الخليج فهل أنظمة الخليج هذه التي أنفقت مئات المليارات من أجل إسقاط الدولة والنظام والقيادة القومية في سورية ، هل هذه الأنظمة صارت مرجعية للديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والتعددية السياسية..؟! إنها التبعية ، والإرتهان وتنفيذا ﻷوامر أعداء الأمة الذين فرضوا على أنظمة الإرتهان القيام بهذا الدور الاستﻻبي المثير للسخرية، حتى أن مثقفي أنظمة العهر العربي هذه كانوا وﻻيزالون يتحدثون عن ضرورة الديمقراطية في سورية وكأنهم ينتمون لدول ديمقراطية عريقة مع أنهم ينتمون ﻷنظمة (ثيوقراطية) متخلفة وعفنة محكومة بأنظمة مستبدة مؤغلة في التخلف ..؟
هذه المعطيات تجعل انتصار سورية وجيشها وحلفاءها فعلاً حتمياً ، وهذا الانتصار الذي لم يكن مفاجئا وﻻ غريبا بل متوقعا وبشرنا به منذ اللحظة الأولى للمؤامرة ،إيمانا منا بأن قدر سورية الانتصار لأن في إنكسارها لا قدر الله انكسارللأمة ، لذا حملت سورية كعادتها لواء الدفاع عن خيارات الأمة ووجودها وحقوقها الوجودية والسيادية ،وها نحن نعيش انتصارات سورية وتراجع أعدائها بعد سنوات من الفشل والهزائم لكن في الأخير لم يجد المتآمر ون إﻻ التسليم بحقيقة الردع العربي السوري وهذا ما سيتم قرأة تفاصيله في تناولة قادمة..

قد يعجبك ايضا