جرائم العدوان تمتد إلى الوجدان

ذمار – صقر أبوحسن

“لا يعرف في هذا العالم غيري, ولا يمكن أن يلعب إلإ إذا كنت معه”, قالت, وزادت: “حرم من أشياء كثيرة وهو ما يزال طفلاً وأنا خائفة أن أفقده”. وعندما نظرت إلى طفلها الصغير وهو متشبث بثيابها, غطت عينيها بكفيها, وبدأت حالة من البكاء المتواصل.

“سامي”, الطفل ذو السبعة أعوام, استيقظ ذات مساء على أصوات الانفجارات قريباً من منزله في حي الجمارك بمدينة ذمار, تلبست تلك اللحظات المرعبة قلبه الغض حداً يصعب معه تجاوزها بغير عناية وعلاج نفسي طويل الأمد.
في سبيل علاج “سامي” تركت والدته عملها ورافقته في رحلة علاج قد تستمر طويلاً, تبدأ كل يوم منذ الساعة الثامنة صباحاً وحتى الثانية عشر ظهرا هي فترة بقائها في مركز “الملاذ” بمدنية ذمار لمحاولة إدماجه بأقرانه وتخفيف الاضطربات التي أصابته.
تقول عائشة الدمشي ـ رئيسة جمعية الملاذ: إن سامي يعاني من اضطربات نفسية وخوف من الناس ناتج عن خوفه الشديد من الغارات المتتالية التي تتعرض لها مدنية ذمار, وهو يخضع حالياً لعلاج نفسي وتأهيل من خلال محاولة دمجه مع أقرانه من الأطفال”.
“سامي” ضحية أخرى من ضحايا العدوان على اليمن, وبحسب “الدمشي” فإن جمعيتها «رصدت العشرات من حالات الاضطرابات النفسية الناتجة عن الخوف الشديد من غارات  طائرات العدوان على مناطق في مدنية ذمار, تزداد تلك الحالات بين الأسر الفقيرة وكذلك الأسر التي نزحت إلى ذمار».
رئيسة جمعية الملاذ تؤكد “وجود أربع حالات من الأطفال: الأولى شديدة الخوف, وحالتين علاج طبيعي, وحاله علاج وظيفي من ذمار وما جاورها, يتم علاجهم في الجمعية”.
يستمر العدوان, وفي سبيل ذلك تزهق أرواح وتدمر بلد, ويتسرب الخوف إلى نفوس الصغار, ليخلق لنا جيلاً مضطرباً نفسياً, ذلك ما أكده أستاذ علم النفس الجنائي في جامعة ذمار الدكتور- لطف محمد حريش, ومضى يقول:”الأطفال الأكثر عرضة للصدمات النفسية المرتبطة بالحروب والصراعات والأزمات”.
الدكتور حريش أوضح لـ (الثورة) “أن الأزمات والحروب تعود بالخطر الشديد على دماغ الطفل العاطفي وضمور جزء الدماغ الأيمن، الذي ينمو وفقاً لما يكتسب الطفل من حب وعطف وحنان، وأي احباط للجانب العاطفي يؤدي إلى ضمور في هذه المنطقة من الدماغ ،وبالتالي فان هذا الضمور يسبب شُحاً واضطرابا عاطفياً”.
الأخطر من هذا هو التبعات والتداعيات, بحسب أستاذ علم النفس الجنائي في جامعة ذمار، لطف حريش الذي ختم حديثه معنا بقوله: “الصراعات تربي الأطفال على عدوانية سلبية فتظهر العدوانية غير المبررة والأذية غير المبررة وبالتالي تؤثر على النمو الذهني والثقافي والتربوي والاجتماعي”.

قد يعجبك ايضا