ن …والقلم.. استأذن …وانصرف ؟؟!! (( 2 ))
عبد الرحمن بجاش
… هيكل الصحفي الكبير هل هو إنسان ؟ أنا أقول على الفور لا بد أن يكون كذلك ولم يقل هو أبدا بغير ذلك , لكن بعض قصيري النظر يحاولون تأليهه !!! , أم تحويله إلى احد الأنبياء !!! , أنا شخصيا ضد هؤلاء الذين هم جزء من رابطة صُنًاع الطغاة !! هل تتذكرون مقالة صلاح عيسى في صحيفة الأهالي المصرية ذات صباح , فقد تحدث عن الشلة التي تحول الرؤساء إلى زعماء رغما عنهم ومن ثم إلى طواغيت . حكى لي وفاء دعبول وهو صحفي لبناني , جاء إلى صنعاء من أجل عدد خاص لليقظة الكويتية وأنا مراسلها , فقد كان يومها قادما من الخرطوم , وهناك (( طلبت موعدا لإجراء حديث مع جعفر نميري )) يومها كانت رابطة صناع الطغاة قد أرتقت بالنميري إلى (( أمير المؤمنين )) , قال دعبول : جلست إلى مدير مكتبه أنتظر موعدي , فجأة فُتح الباب – والعهدة على الراوي – اثنين اندفعا يجريان , ظهرت على الممر , ومن كان بالخلف قد امسك الذي أمامه وراح يضربه , وأنا لا أجد تفسيرا لما يحدث أمامي , حتى سمعت أحدهم يهمس بأدب سوداني جم في أذني : (( لا تهتم فامير المؤمنين يربي أحد الوزراء , تفضل عد إلى مكانك حتى تدخل )) , لم يكذب دعبول خبرا فانتظر حتى انشغل مدير المكتب بما أمامه و((أمير المؤمنين)) قد عاد !!! , ((هربت بجلدي)) !! , وكان أحمد بهاء الدين قد وصف المشهد الآخر بدقة في مجلة (( المستقبل العربي )) التي كان يصدرها نبيل خوري من باريس , الصحفي الكبير قال : ((كنت كلما ضاقت بي الأرض بما رحبت في القاهرة اخطف رجلي وأذهب إلى الخرطوم حيث سماحة القوم , فمن يتنافسون ويختلفون ويصرخون في وجه بعضهم صباحا تجدهم ليلا يلعبون الورق ويشربون ويتوانسون في صالة فندق النيل , كنت أضع حملي هناك , وذات مساء أحد الأصدقاء من السياسيين الكبار (( نده لي )) وطلب مني مرافقته في جولة بالسيارة في شوارع الخرطوم , كنت مسترخيا عالآخر , لكني لاحظت انه يمر على أقسام الشرطة فلم أسأله , ومن أحد الأقسام عاد ومعه شاب مفتول العضلات لم أشغل نفسي بالسؤال عمن يكون , لكن صاحبي قدمه : (( جعفر نميري من الشباب الوطنيين )) , رابطة صناع الطغاة حولت نميري إلى أمير للمؤمنين , لا تدري أي مؤمنين كان أميرا لهم !! . ذات لحظة استأذن هيكل بالانصراف , كان ذلك في 30 سبتمبر 2003م, قرر أن الوقت قد حان (( للانصراف وليس الاختفاء )) , هل كان يهيئ الساحة لظهور هيكل آخر ؟؟ , بعدها بدأ يذيع حلقات الجزيرة (( 60 حلقه )) مع محمد كريشان , تابعناها بشغف , وان كانت الملاحظة المهنية أن هيكل خلق لما هُيئ له (( صحفي جريده )) , طالت الحلقات , أحسست كغيري ببعض الملل خاصة وهيكل ليس وجها تلفزيونيا !! , كتبت بتواضع هنا (( هيكل ..كفى )) , فسرتها رابطة صناع الطغاة فرع اليمن على إنها تعديا على الذات ….., كان هدفي انسنة هيكل رغما عن هؤلاء , لإنني متشيع لأسلوبه ومقدرته ومهنيته , وأتعلم منه , لكنه لم يكن ولا بد أن يظل كذلك فلم يكن سوبرمان ,هنا تحضرني عبارة رائعة للصديق محمد شاهر حسن وكيل الإعلام , فقد تهكم الزرقة ذات لحظة وهو الصحفي القدير وبطريقته التي تعودنا عليها : (( منتش هيكل )) رد شاهر : (( أي منا يمكن أن يكون هيكل آخر )) , كلام من ذهب , ولا عزاء لرابطة صناع الطغاة ….ولنا عوده أيضا .