الثورة/تقرير خاص
إما دمار وإما دماء, يوغل الطغاة في جرمهم وما يمضي يوم دون غارات هيسترية وضحايا جديدة, ليلة مرعبة عاشتها العاصمة منتصف ليل أمس الأول, في مشهد دموي ينقشه تحالف آل سعود في ذاكرة اليمنيين, ويذهب ضحيته أكثر من 15 شهيداً وأربعة جرحى من عمال معمل الخياطة إثر استهدافه المباشر بغارة جوية غادرة, يروي أهالي مديرية شعوب “شيراتون” تفاصيلها المرعبة ووحشيتها المفرطة كجريمة إضافية وإرهاب آخر يضاف للجبروت والطغيان المتمادي الذي يمارسه حلف آل سعود بحق أبناء الشعب اليمني كل يوم.
مجزرة دامية وحريق هائل التهم معمل الخياطة ومخزناً مجاوراً له يحتوي على مواد كهربائية بلاستيكية سريعة الاشتعال, حاول عمال المعمل النجاة بأنفسهم لكن الموت ترصدهم بحقد, فمن لم يمت بالضربة الصاروخية مات حرقاً, حريق هائل استمر لأكثر من ساعة, وعجز الأهالي عن الاقتراب خوفاً من غارات ارتدادية وحقد أسود تسقطه الطائرات اللعينة على رؤوسهم بلا أدنى إنسانية.
عامل يمني في نوبة ليلية يرابط وينحت في الصخر ليعيش بكرامة, لكنه أدار ظهره لمن غدروا به وباعوا وطنهم وكانوا قبلها قد باعوا ضمائرهم وأنفسهم الرخيصة, الأم الذي غادرها ولدها أول المساء, عادوا إليها بجثة محروقة وأخبروها أن هذا ولدها, حاولت مراراً إقناعهم أنها ليست له, فولدها ألقى عليها الطاعة قبل ذهابه لمعمله, ووعدها أن يعود, ولازالت تنتظر عودته ليعطيها ألف ومائتان ريال كعادته, الأم لازمت الصمت قليلاً وحين انفجرت لم تنطق بشيء غير الخيانة, الخيانة التي أودت بالبلاد إلى هذه المهلكة, كنا نتأمل ملامحها, تجاعيدها التي تحكي قهراً عميقاً وجرحاً غائراً في جسد هذا الوطن, حدثت نفسي حينها عن طهر دموعها وكيف لو أنها كفيلة لتغسل عهر الساسة الذين يتقاضون في الخارج ثمن شبابنا وهم يسقطون في عمر الزهور, شبابنا الذين تخسرهم اليمن بفعل دنائتهم وقبحهم .
قصص ليلة أمس الأول تدمي القلب, يقول محمد سعيد أحد المسعفين ليس بالأمر الهين انتشال الجثث المتفحمة ،كنا قبلها نحاول أن نتمالك أنفسنا وشجاعتنا ومسؤوليتنا الإنسانية لنفعل ذلك, ويروي محمود الوصابي أحد الأهالي عن فقدان سبعة من أفراد منطقته في وصاب يعملون في هذا المعمل, كان يحكي وهو غير قادر على الإيمان بخسارتهم وتصديق ما حدث بهذه السهولة, كان يضع أمامنا أسئلة وعلامات استفهام طويلة, قال: إنهم عمال بسطاء عاديون لا شأن لهم بما يدور ويفكرون بالحياة وبمن يعولون ويكافحون لتأمين لقمة العيش لهم, بطريقة مفاجئة ختم حديثه :”بأي ذنب قتلت “, صاحب معمل الخياطة غادر رفاقه قبل الاستهداف وحين عاد إليهم بالعشاء كانت معالم الطريق قد تغيرت, وكان الحريق قد التهم رفاقه قبل أن يتناولوا معه وجبة العشاء التي يحملها إليهم ككل ليلة .
لا زالت الحرب على إصرار لأن تنقش خطاياها على أجسادنا وأيامنا, ولا زال الشعب اليمني صامداً كشموخ جبال نقم وعيبان وعطان التي لم ينتقص شموخها سنتاً واحداً وقد أسقطوا عليها ترسانة حرب عالمية.. “وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون”.
Prev Post
قد يعجبك ايضا