العلاقات العربية ,الايرانية الى اين¿
*عباس غالب
في حقيقة الأمر لا يمكن لأحد إغفال الدور الإيراني المؤثر والفاعل في شؤون المنطقة العربية إذ أن من حقها – أسوة بأية دولة – أن تمتلك إمكانات التأثير لفرض أجنداتها ورسم طموحاتها الآنية والمستقبلية وفقا لمصالحها الوطنية والقومية وبناء على مشروعها الذي قد يتقاطع مع أخرى في المنطقة .
ووفقا للمرئيات من الشواهد الملموسة فإن تصاعد التمدد الإيراني لم يعد مجرد نكتة سمجة وإنما بات حقيقة ماثلة يمتد تأثيرها من لبنان مرورا بالتدخل في سوريا والعراق الى إحياء مشروعها القديم في اليمن فضلا عن محاولة تغيير خارطة الأوضاع داخل دولة البحرين الشقيق .. وغير ذلك من الوقائع التي تؤكد جدية الخيارات الإيرانية في هذا الصدد سواء في تعزيز نفوذها أو في تعميم استراتيجيتها الكبرى في المنطقة .
وبالتأكيد فإن طهران تفاوض الغرب وتحديدا ((واشنطن ))في مشروعية تلك الخيارات وذلك في إطار مساعيها من اجل الحصول على امتيازات السماح بأن تصبح دولة نووية أسوة بجارتيها الهند وباكستان وإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط .. وهي خطوة – إذا ما تحققت – سوف تضع إيران أمام استحقاقات ازدياد نهم نخب الحرس الثوري في اتجاه المزيد من التصعيد الأوضاع في المنطقة الأمر الذي سيدفع بالأطراف الأخرى – دون شك – إلى محاولة امتلاك السلاح النووي بما في ذلك المملكة العربية السعودية و مصر باعتبار أن ذلك جزء من منظومة التوازن النووي في هذه المنطقة الحيوية من العالم .
لذلك لا غرابة أن يقابل المسعى الإيراني ـ سواء في اتجاه مشروعية امتلاكها لهذا السلاح أو في توسيع دائرة نفوذها الخارجي ـ بالتحفظات الدولية التي لا تخلو أحيانا من دبلوماسية المرونة وبخاصة عند الحديث عن ازدياد خطر((داعش ))وامتداده في أجزاء عديدة من جغرافيا المنطقة .. وهو الأمر الذي يمكن طهران من النجاح في تنفيذ مشروعها المستقبلي رغم تلك التحفظات الدولية على امتلاكها لمثل هذه الطاقة.
وإزاء هذه التداعيات الخطيرة في المشهد الراهن على مستوى دول المنطقة لابد من أن تتحلى نخبها السياسية بقدر كبير من الحكمة وهي تتعامل مع ملف العلاقات مع ايران بكثير من الجدية والموضوعية إذ تتطلب هذه المستجدات الخطيرة فتح نوافذ الحوار والبحث جديا في المشترك لإقامة جسور التواصل بروح متحررة من عقد الماضي .. وبالتالي وضع المنطقة في سياقات إيجابية بديلة عوضا عن الإحتكام إلى رهانات التأزيم القائمة .. باعتبارالإحتكام إلى هذه الخيارات المريرة لن يكون في مصلحة أي طرف من أطراف الأزمة .. فهل يستوعب قادة دول المنطقة هذا المأزق الذي يركضون إليه والبحث عن حلول ممكنة للخروج منه بأقل التكاليف ¿ أم أن اجترار صراعات ثقافة الماضي سيكون طاغيا في مشهد السجال الراهن .. وعندها لن ينفع الندم .