ثلاثة أمور هامة
واثق شاذلي
مقال
من بين كثير من الأمور الهامة في حياة شعبنا ووطننا هناك ثلاثة أمور أعتقد أنها تكتسب أهمية أكثر من غيرها فهي بمثابة المفاتيح للأبواب المغلقة صعبة الفتح, وبتمسكنا بها يمكن لنا حل القضايا المعقدة مهما كبر حجمها أو صغر
ولضيق الحيز سنحاول ضغط ماينبغي لنا قوله على أن نواصل في أعمدة قادمة ماضاق الحيز عنه هنا . نحن في حاجة ماسة للتمسك بعزم أكيد بهذه الأمور وعدم التراخي في تنفيذها خاصة واننا نواجه أحداثا قد نكون على علم ببعضها إلا أن أكثرها لم تكن في حسباننا الأمر الذي قد يدفع بنا للتقاعس أو التحول عن متابعة تنفيذ قضايانا الكبيرة , وإذا ماحدث ذلك ولجأنا إلى غيرها لاسمح الله أو ضعف تمسكنا بها واختل ميزانها في أيدينا فإننا نكون قد عملنا على هدم ماسبق لنا بناءه وعدنا لأول طريق التيه والضياع والخوف من المجهول ان لم نقل الوقوع بين أنيابه.
هذه الأمور هي:ـ
أولا :ـ التمسك بالحوار العام دون إقصاء من يستحق المشاركة لحل مايواجه شعبنا ووطننا من كوارث .
ثانيا: رفض اللجوء لأي أسلوب غير الحوار وبالذات الاحتكام إلى السلاح في حل أمورنا وإدانة كل من يلجأ اليه أو يعمل أو يدفع إلى اللجوء اليه أو يخطط لجعله أسلوب الحل السريع.
ثالثا: البدء عمليا وفعليا في تنفيذ القضايا المطروحة علينا أمر حلها في مختلف الأصعدة ولأن هذه القضايا كثيرة فعلينا البدء بإنجاز مايمكن تنفيذه وعدم الاعتذار أو التحجج بكثرة القضايا وتشعبها … القضايا التي يمكن لنا وضع الحلول لها أو تنفيذ الخطط المطروحة لحلها كثيرة فإذا نجحنا في إنجاز عدد منها فإنها ستمهد الطريق وتفتحه لحل غيرها ولن يزدحم طريق الحلول بالمعوقات التي تجعل التنفيذ صعبا أو بطيئا وتعطي الفرصة للمتخاذلين وأصحاب الخطط الخاصة للتخلي عن الالتزامات ونقض الاتفاقات وعرقلة الخطط العامة والتهرب من سلوك طريق الوصول إلى الأهداف العامة وإحلال تلك الخاصة بدلا منها.
ولنبدأ بالمسألة الأولى .. مسألة الحوار . يجب على الدوام التأكيد على أهمية وضرورة اعتماد الحوار وسيلة أساسية لحل مايواجه شعبنا ووطننا من معضلات وأن ينص على ذلك في دستور البلاد, وعدم القبول أو السكوت لتوجهات أو اراء أو أفكار تهدف إلى التقليل من أهميته . لقد عرفنا نوعين من الحوار .. الحوار الوطني الشامل الذي نجحنا به في وقف تدهور أوضاع الوطن وجر أبنائه إلى الاقتتال في ما بينهم بل ووضع الأسس والنظم لكافة أوجه العمل والنشاط لشعبنا ووضع أسس انتشال الوطن من واقعة المتردي والعمل على تنميته وتطوره , وعرفنا قبله بالطبع كثير من الحوارات ولم تعد لتلك الحوارات السابقة الآن أية قيمة يمكن الاستفادة منها فقد كانت غالبا ماتقتصر على الحكم والمعارضة ( الوجه والظهر , أو البطن والظهر) إما الحوار الشامل فقد فتح المجال لمشاركة كافة أطراف الجسم في هذا العمل الوطني الكبير .
عندما وصلت إلى صنعاء قادما من عدن للمشاركة في الحوار كان ذلك قبل يومين من بدء أعماله , كانت كثير من الأمور تبدو غريبة وغير مألوفة.. أولها … الحوار نفسه بتركيبته والمشاركين فيه والقضايا المطروحة أمامه واتخاده نظام وآلية عمل تحفظ حق الجميع في المشاركة بفعالية وإيجابية. كان الحوار المعروف في وسطنا السياسي هو مايتم عقده لمناقشة قضية رئيسية بين السلطة الحاكمة والمعارضة … سلطة قوية ومعارضة ضعيفة , كانت المعارضة غالبا ماتتخذ من هذا الحوار وسيلة للحصول على مزيد من المكاسب لها , أما القضية الأساس فالكل كان يعرف أن السلطة هي التي تضع تفاصيل سيناريو ذلك الحوار بل قل (الفيلم) التي ستقوم بإخراجه بالمشاركة بين السلطة والمعارضة مع أن المنتج والمخرج والموزع هم من السلطة إذن لم تكن تلك الحوارات سوى مجرد لافتات لتمرير مزيد من اتجاهات وتوجهات الحكم وتثبيت أقدامه في السلطة كانت تلك حواراتنا قديما ويتم بعد ذلك وضع نتائجها كخطط وبرامج عمل أما الحوارات التي دارت وطارت أحرفها وسطورها من أوراقها مباشرة بعد ترك المتحاورين لأماكن جلوسهم خلف طاولات الحوار فلا مجال للحديث عنها هنا
أما الحوار الوطني الشامل فقد نجح في جمع الإخوة الأعداء إلى طاولات نقاش دون سلاح أو تمترس ودون سيناريوهات ووجدت الكثير من قوى الوطن المجال أمامها مفتوحا لمشاركة حقيقية وفعالة بعد عزلة وإهمال لايرضاهما مقترض من مرابي , وماشاهدته وعشته من قصص تستحق التسجيل وفي مقدمتها إسهام المرأة والشباب والمهمشين وغيرهم في أعمال الحوار.
لقد وصل العمود إلى نهاية الحيز المسموح له , لهذا سنواصل الحديث في الأعمدة القادمة.
همسة..