المعادلة الصفرية رهان الخاسرين

أحمد الزبيري


التسوية السياسية التي رأى فيها الشعب اليمني الطريق الأسلم التي تخرجه من عواصف الأزمات والصراعات والاحتراب وكل أشكال الإرهاب والعنف المسلح إلى واقع جديد وحياة جديدة يسودها الاستقرار بدلالته الأمنية والسياسية والاقتصادية وهو بكل تأكيد ما سينعكس على أوضاعه المعيشية والحياتية والخدمية إيجابيا.. هذه الرؤية الشاملة للتسوية لم تكن موجودة لدى بعض القوى والأطراف الفاعلة في مشهد التأزيم وكونها كذلك كان يفترض منها أن تكون أكثر فعالية في مشهد الحل وهو مالم يحصل وكلما تقدمت مسارات التسوية خطوة إلى الأمام حاول هؤلاء إرجاعها عشر خطوات إلى الخلف – وهذا ينطبق على مختلف المراحل التي مرت بها – فالعنف المسلح والإرهاب والتخريب والتقطعات والاغتيالات كانت تتجدد كسعي استباقي لأي نجاح تبرز ملامحه على صعيد تنفيذ المبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار الوطني واليوم نراها في عملية تنفيذ وثيقة هذا الحوار والهدف كما بات واضحا منع الوصول إلى الغايات التي يتطلع إليها وناضل من أجلها اليمنيين على مدى تاريخهم القريب والبعيد وهي أن يعيشوا في وطن آمن ومستقر يتسع لهم جميعا على قاعدة المواطنة المتساوية التي تنتهي معها كل أشكال الإقصاء والتهميش.. وطن جميع أبنائه شركاء في السلطة والثروة يعملون وينتجون ويبدعون لما فيه خير اليمن ونمائه وتطوره.
مما سبق لابد أن يكون مفهوما أن التسوية السياسية ليست كما يتعاطى معها البعض على أنها تأجيل للخلافات والصراعات أو التقاط أنفاس بانتظار اللحظة المناسبة لمواصلتها اعتقادا أو توهما أن الوقت والظروف ستكون أفضل لصالح غلبة قوى على قوى أو طرف على طرف بل هي وصول كافة الأطراف إلى قناعة ضرورة التفاهم والتوافق والتلاقي للاتفاق على قواسم مشتركة تستوعب فيها مصالح الوطن والشعب والقوى المشاركة فيها وترك ماهو خلافي لقادم الأيام التي بدون شك ستتكفل من خلال المتغيرات على إنتاج حلول يقتنع بها ويرتضيها الجميع.
لقد كانت الأمثلة حاضرة أمامنا مما يجري من أحداث في محيطنا الإقليمي والعربي أدت إلى الدمار والخراب والفوضى وهي اليوم أكثر حضورا في سوريا والعراق وليبيا وقبل هذا وبعده الصومال وأفغانستان فلا يكفي عندما ننظر إلى ويلات ومآسي وآلام غيرنا أن نحمد الله أننا أحسن حالا بل يتوجب التفكير والتأمل في كل ذلك لنستلهم منها العظة والدرس ونعمل بصدق ووعي للتسريع من حركة انجاز ما تحاورنا واتفقنا عليه بدلا من أن نضع العصي في دواليب عربة التسوية من خلال افتعال الأزمات وتجديد الصراعات التي لا طائل منها بعد أن كدنا أن نبلغ نهاية الطريق التي بها تتوج الحكمة اليمانية بصياغة الدستور وتقديمه ليستفتى الشعب عليه وإجراء الانتخابات والانتقال إلى بناء اليمن الجديد ودولته الاتحادية المدنية الحديثة وهكذا نكون كسرنا الحلقة المفرغة وقطعنا طريق العودة المتكررة إلى الماضي في إطار معادلة صفرية ثبت مما مر بنا ونمر به أن لا طائل من الاستمرار في التعاطي معها.. فهي نتاج لعقل سقيم ومنطق عقيم ومن يراهن عليها فهو خاسر.

قد يعجبك ايضا