قلب الكهرباء انفطر
علي العماري
الناس يتساءلون بأسى وازدراء عن أسباب عودة ضرب خطوط وأبراج الكهرباء وهناك غالبية كبيرة مقتنعة بوجود ضوء أخضر للمخربين الذين يتقاضون الأجور ويتلقون المكافآت من جهات معروفة فهم مجرد آلة تعمل بالريموت كنترول ينفذون ما يطلب منهم كأدوات متحركة بلا إرادة أو ضمائر وعقول أو حتى عجول.
على أن هذا لا يعفيهم من السؤال لماذا تحرمون ملايين اليمنيين الغلابى من نعمة الضوء والنور ألا تعلمون أن المتضررين هم أبناء الشعب المساكين أما أسيادكم فلديهم مولدات خاصة للطاقة ليل نهار ومن يدري قد تكون أسركم وقبائلكم ومناطقكم وشوارعكم من أولى ضحايا الظلام القاتل المريع .. ثم أن ما تقومون به من أعمال تخريبية مخالف لتعاليم الدين الإسلامي السمحة وجميع الأديان ويتعارض تماما مع الأعراف والتقاليد القبلية الأصيلة ومن المؤكد أنكم تنتمون للمحيط القبلي ولكنكم من إنتاج مصانع تايوان وإلا كيف تقبلون أن تكونوا أدوات بيد مافيا المدينة الذين يعيشون خلف أسوار قصورهم المحصنة ويستقلون السيارات المصفحة المضادة للرصاص وجرائمكم لاتطالهم أو تمسهم لا من قريب ولا من بعيد والشعب هو الخاسر الوحيد وأنتم جزء منه.
التفسير الظاهري لمخربي الكهرباء يشي بأنهم إما قد فقدوا صوابهم وماتت ضمائرهم أو مشوشون ومبرمجون بعد أن خضعوا لعملية غسيل دماغ هذا إذا كان لديهم أدمغة أصلا .. ومن الواضح أنهم لا يعون جرم أفعالهم ولا يستبعد تعرضهم للتوبيخ والنبذ من قبل أسرهم وقبائلهم ومجتمعاتهم لأن ما يقومون به لا يقبله صغير أو كبير .. ولا مواطن أو غفير ولا عاقل أو مجنون والكل يلعن خفافيش الظلام ويمقتهم.
ومع كل عملية تخريبية يزداد غضب واستياء الشارع اليمني وترتفع حدة المطالب الشعبية بالقصاص وتتسارع وتيرة التساؤلات حول دور الدولة والحكومة والجيش وقوة مكافحة الإرهاب وهل عجز الجميع أمام غول العنف والقتل والتخريب شبه اليومي لا أحد يظن ذلك على الإطلاق ويعتقد أن هناك من يشجع ويمول ويحمي القتلة والإرهابيين والمخربين وإلا لما تجرأوا وتمادوا بأعمالهم الشريرة المضرة بأمن واستقرار الوطن والمواطن والمصالح العليا.
التسامح لدى الشعوب المتحضرة سمة إنسانية رائعة بيد أن هذه المسألة تتحول في الدول المتخلفة إلى ابتزاز وارتزاق وفوضى حيث أصحاب النفوس الضعيفة يستغلونها من أجل مصالحهم الأنانية ويتخذون منها فرصة العمر للانتقام وجمع المال الحرام حتى لو كان ذلك على حساب الأمة والوطن بأسره ما يدل على جهل هؤلاء وضعف انتمائهم لمجتمعاتهم الخيرة السوية.
الأمر هنا لا يتعلق فقط بحضور أو غياب الدولة وضعف أو قوة القانون بقدر ما هو مرهون بمدى مسؤولية الأفراد والجماعات تجاه بلدهم ولذلك نلاحظ أن الظواهر السيئة محصورة على بعض المحافظات بينما تعيش محافظات أخرى بهدوء وسكينة فالسكان يدينون العنف بشتى أشكاله ويميلون للحياة المدنية المسالمة ولا يلجأون للأساليب المستفزة لابتزاز الدولة لتحقيق مطالبهم المشروعة مهما بلغ حجم المعاناة ودرجة الاحباط إزاء الجهات المسؤولة.
وفي المقابل لا ينبغي للدولة الاعتماد على الوعي المجتمعي الخالص لحفظ النظام وحل المشاكل ولا بد أن تكون حاضرة بقوة في كل شبر وزاوية وذرة رمل غالية على قلوبنا في وطننا العزيز وهي مسئولة عن كل صغيرة وكبيرة.