خدعوهم فقالوا أن القات دواء
جمال شيبان
ليس بخاف على أحد التحذيرات التي تطلق من هنا وهناك عن القات وأضراره سواء على المستوى الشخصي أو القومي وعلى كافة المستويات الصحية والاقتصادية والاجتماعية حيث قد تتحول آثار القات السلبية على المدى البعيد إلى كارثة مدمرة والشواهد الحية كثيرة.. وتكتفي الإشارة هنا إلى أنه كلما أصيب اليمني بمرض عرضي أو عاهة مستديمة نجد أن أول ما يسأله الطبيب: هل تتعاطى القات¿ سواء أكان الطبيب في الداخل أو خارج اليمن.. بحكم ما يسمعه عن اليمن من أنه تحول إلى منتج للقات الذي استبدله بكل ما يملك من تاريخ وحضارة من بن وزراعة بالإضافة إلى مايسببه لليمنيين من ” بلاوي زرقاء” حسب قول إخواننا المصريين والذين ينظرون إلينا أننا شعب” يتحشش” ودليلهم على ذلك مايعكسه المسافرون لتلقي العلاج من مناظر لا تليق بشعب عريق كاليمن ولاتليق بهم أنفسهم كمسلمين شعارهم النظافة من الإيمان وأنا هنا لا أزدري أحدا بقدر ما أحاول لفت الانتباه لما يقوله الآخرون عنا فالسيئة تعم بطبيعة الحال.
لا يختلف اثنان على أن القات أضراره كثيرة ومع ذلك تجد أنصاره في تزايد تندهش حين أن تجد نخبة المجتمع مع تيار القات الكاسح وإن حاولت أن تتحدث معهم عن أضراره والإقلاع عنه فسرعان ما ستجد نفسك أنت محل سؤالهم واستغرابهم عن سبب مقاطعتك وعدم انضمامك إلى الطيف الأوسع والفريق الأقوى وهم” المخزنين” متعاطو القات حيث تجد نفسك وأنت في مجالسهم”عاكس خط” قد تتسبب بزحمة خانقة من النظرات الاستغرابية جراء عدم التزامك بقواعد حضور المقيل ومنها” ربط حزمة القات” وأخواتها…. السيجارة النعنع المفصص” الملاخيخ” وهي أعواد تستخدم لإزالة بقايا الأكل العالق بين الأسنان ويكثر استعمالها في اليمن ولعل البعض لايستخدم هذه الجوقة فلكل في تناوله للقات مذهب أحصيتها حتى لانتهم أو نلام من قبل أحد مكونات” المخزنين” بالتقصير أو تعمد إخفاء بعض الحقائق لذا لا تستغرب أن تعاطي القات صار هو القاعدة وأصبحنا نحن” فئة” وأقول غير المخزنين الاستثناء وأصبح الحديث معنا على غررا” ليش ماتخزنوا¿ كيف عايشين حياتكم بدون قات”¿ وعندما نبدأ بمحاولة يائسة لفك حصار الأسئلة والنظرات التي تصورنا كالأيتام في مآدب اللئام ونبرر سبب اقترافنا لجريمة الإقلاع عن تعاطي القات أو عدم تعاطيه بالمرة يبدأ سيل السخرية المتدفق.. وبعد وقوفنا لفترة حتى نتمالك أنفسنا نبدأ بطرح أسئلتنا المرتعشة والمغلفة بابتسامة خجولة ولماذا لا تقلعون أنتم عن ظاهرة مضغ القات ونقوم بسرد أضراره الصحية وغيرها فنجد صنفين من الإجابة أو نوعين من الناس الأول يرى أن القات هو سدرة المنتهى بالنسبة له وقد يصف نفسه بأنه في الجنة حيث الماء والخضرة المتمثلة بالقات ولا يستطيع أن يقوم بأى أعمال بونه فالقات يساعد على انجاز الأعمال مهما كثرت فإن كان طالبا فلن يستطيع المذاكرة بلا قات وكأنه قد أغلق عقله بالضبة والقات هو مفتاحها الوحيد والموظفون لن ينجزوا أعمالهم إلا بالقات وقد يتعمد البعض مراكمتها وتأخيرها عمدا وعدوانا علهم يحظون بعمل إضافي يضمن لهم الحصول على حق القات ولو باسم نثريات ومواصلات وإن أراد البعض التقرب من رؤسائهم جمعوا كل قواهم وعلاقاتهم للوصول إلى مجالسهم التي كما يصفونها بأن البساط فيها يكون «أحمدي» فلا رئيس ولا مرؤوس حيث تتجلى فيها العدالة الاجتماعية بأنصع صورها ولا فضل لأحدهم على الآخر إلا بما حوته «العلاقية» من أنواع القات يعني الكل في حضرة القات دفعة.
وهناك الطبيب الذي يمنع مرضاه من تعاطي القات ويقوم هو بأداء هذا الدور نيابة عنهم عن طيب خاطر فداء لهم وآخرين ينصحون مرضى السكري بتعاطي القات لأنه ينفعهم بدون أي دراسة أجراها وللعلم بأن الدراسات أثبتت عكس ذلك والجندي الذي يترك نقطة التفتيش خاوية على عروشها بعد أن قام بعمل فدائي وهو توقيف سيارة المقاومة «بائعي القات» وتجنيبها.. والبقية أنتم تعرفونها وعلى الطرف الآخر شرطي المرور الذي يفاجئك أحيانا بالصعود إلى سيارات الغير دون مبرر أو شبهة وبالمخالفة للقانون الذي لا يجيز هذا اللتصرف إلا في حالات محددة ومنها الاشتباه بما يهدد الأمن والسكينة العامة وبعدها نكتشف أن «حق القات» هي التي تسببت في تهديد الأمن والسكينة العامة أو قد تتفاجأ وأنت في عز الليل والظلام الدامس أن يطلب منك أحدهم الوقوف على جنب طالبا منك تصريح العاكس أو تطلع الإدارة في إشارة إلى إدارة المرور كما حصل مع كاتب المقال مع العلم أن سيارتي ليس بها أي عاكس كل ذلك من أجل سبب وحيد الكل يعلمه هذا غيض من فيض والصنف الآخر من الناس ليحكي عن فضائل القات التي لا تنتهي فلولاه لانتشرت ا