أول يوم دوام.. انضباط خاطف يقضم ساعات العمل

* الصباح كعادته في شارع الزراعة فضاء مفتوح من الفراغ وسيارات فرادى تمر كأنها في مارش الخطوط الطويلة المحال التجارية تبدو على استحياء في عودة فتح أبوابها المشرعة بعد إجازة عيد الفطر المبارك وزارة الزراعة- كأبرز جهاز حكومي على هذا الشارع الحيوي المارق من بين أحياء مأهولة بالبشر والعمران- هي الأخرى تفتح بوابتها أمام موظفيها العائدين من إجازة عيد الفطر وفي حركة سريعة ومفعمة برائحة العيد فيما الساعة تشير إلى التاسعة صباحا.. دخلت إلى الوزارة بسرعة لاستجلاء المشهد الوظيفي في أول دوام خصوصا في وضع استثنائي لغياب الحكومة بمجلس وزرائها ورئاسة الدولة بفراغها المتعارف عليه منذ ما يقرب الخمسة الأشهر..

* كان المشهد في وزارة الزراعة صورة مصغرة من المشهد العام لما يعيشه رغم هذا الفراغ موحيا بأن الحياة مستمرة وأن الفراغ ونعاس ونوم العيد والغياب الحكومي مظاهر كلها لم تفت في حركة الجهاز الإداري والوظيفي لمئات الآلاف من منتسبي السلك الوظيفي المدني والعسكر والأمني في كل أجهزة الدولة فبعد تسعة أيام نوم وقليل من النزهة واللهو مع أسرهم يعود منتسبو الأجهزة الرسمية إلى وظائفهم بروح عالية من التفاؤل رغم فراغ بعض أجهزتهم من رؤسائها حيث يسعى أغلب الموظفين إلى أداء أعمالهم المنصوصة في لوائح التوصيف الوظيفي والمهام الوظيفية لكل موظف كما لو أن الدول والحكومة ومجودة وكما لو أن البلد تعيش في وضعها الطبيعي وهذه ميزة حضارية تحسب لكل منهمك في عمله وتحسب لليمنيين الذين يمرون بأصعب ظروف الحياة الاقتصادية والمعيشية والسياسية والاجتماعية جراء ديمومة الصراعات الداخلية والعدوان الخارجي..
* الوجوه المبتسمة والمصافحة وتبادل بعض جعالة العيد ولو بشكل شخصي وليس رسميا فلا جعالة رسمية في ظل الظروف الاقتصادية التي تعيشها أجهزة الدولة بمختلف توجهاتها إذ لم يبق من بنود النفقات سوى الباب الأول (باب الأجور) .. الكل يفتحون المكاتب لينفضوا غبار الإجازة العيدية ويستقبلون الموظفين الذين رغم قلتهم إلا أنهم يعبرون عن حضور الجميع في هكذا أوضاع لكن معظم الغائبين يصنفون تحت غياب بإجازة نظرا لسفرهم إلى القرى والأرياف وظروف عودتهم إلى العاصمة.. كل هذه المشاهد تكرر نفسها في وزارة الزراعة والخدمة المدنية والنفط والتربية والشباب والرياضة وفي كل الوزارات والهيئات والمؤسسات والاتحادات الرسمية وحتى في أجهزة القطاع الخاص والشركات.. لكن الأكثر انضباطا وحضورا وعملا هو وزارة الخدمة المدنية ربما لأنها المعني الأول بمتابعة حافظات الدوام وساعات الحضور والانصراف في كل أجهزة الدولة..
* يؤكد الكثير من الموظفين في أجهزة الدولة  أن الحضور في أول يوم دوام لا يعتبر على الصعيد العملي سوى يوم معايدة للسلام واستعادة أجواء الوئام الوظيفي والمهم فيه أساسا هو الحضور وليس الدوام عبر ساعات العمل.. فحسب أمير الأمين في الجهاز المركزي للإحصاء لم يداوم جميع الموظفين في الجهاز على مدى ساعات العمل المتعارف عليها والمحددة لدى كل دائرة رغم حضورهم الكبير من عند أعلى وظيفة متمثلة في رئيس الجهاز إلى أصغر موظف.. مؤكدا أن الانضباط كان في الحضور وليس في الدوام فمعظم بل جميع الموظفين انصرفوا في الساعات الأولى للدوام كما هو الحال في الوزارات والمؤسسات التابعة للحكومة.. ويوافقه في الرأي صالح الشقفي في وزارة النفط مضيفا: إن أبرز عوامل تراجع مؤشر الحضور في أول يوم رسمي وتراجع مؤشر ساعات الدوام يعود إلى طبيعة الظروف التي يعيشها الكادر والوظيفي وكذلك صعوبة النقل والمواصلات والعودة من المناطق النائية ومن القرى..
* الخدمة من جانبها نبهت في إعلانها عن أول يوم إجازة لعيد الفطر إلى ضرورة الالتزام والانضباط الوظيفي حسب اللوائح والقوانين المحددة لساعات الدوام الرسمي ومنذ صباح أمس الباكر واصلت متابعاتها لحافظات الدوام الرسمي لأجهزة الدولة كما قام  بعض من أعضاء اللجنة الثورية العليا وبعض قيادات وزارة الخدمة المدنية في العاصمة وفروعها في المحافظات وقيادات المجالس المحلية بزيارات ميدانية تفقدوا مستوى الانضباط الوظيفي وسير العمل في مختلف مكاتب العمل الإدارية والخدمية والتنموية في العاصمة والمحافظات مطلعين على سير أعمال هذه الأجهزة وخطط أعمالها في الوضع الراهن والتحديات التي تواجهها هذه الأجهزة.. مؤكدين على أهمية الانضباط الوظيفي ومواصلة العمل اليومي بمستوى عال من التفاؤل والإصرار على مواجهة الظروف الراهنة..

قد يعجبك ايضا