الـعـدوان.. »ضـد« تـراث الـيـمـن

> 12 معلماٍ أثرياٍ بينها أربع مدن تاريخية تعرضت لقصف العدوان وصنعاء القديمة في طليعتها

> أستاذ تاريخ :العدوان ممنهج لأنه يستهدف تراث اليمنيين لطمس عراقتهم

تفجير نقم ..جريمة بشعة بكل المقاييس لم تقتصر على دمار طال المدنيين قتلا وإصابات وكذا المساكن القريبة من أماكن التفجير .. بل طالت تاريخ اليمن بعد أن تعرضت مباني صنعاء القديمة لأضرار بالغة جراء تفجير نقم الهائل بأسلحة محرمة دوليا طبقا لخبراء عسكريين ..
إذا نحن أمام اعتداء يعرض تاريخ وهوية اليمن لأضرار لا يمكن تداركها..أضرار يْمعنْ العدوان في تكريسها كل يوم لتشمل كل مناحي حياة الإنسان اليمني واقتصاده وتأريخه…وفي السياق تتبع للأضرار التي طالت مباني صنعاء القديمة:

أحمد النزيلي أحد ضحايا محرقة نقم لم تسلم أسرته ولا منزله في صنعاء القديمة من عدوان التحالف حيث دْمر منزله المكون من أربعة طوابق وتوفى ولداه وابنته وأصيب أفراد بقية أسرته بجروح بالغة ..
مأساة أحمد كبيرة وبالكاد يضيف :.. ماذا يريدون منا¿ لا يوجد في حينا لا معسكرات ولا مقرات أمنية .. فإذا كانوا يزعمون أن هناك أسلحة وصواريخ في نقم فليستهدفوا مواقعها..
وتساءل مجددا: ماذنب الأبرياء في الأحياء المجاورة لتلك المواقع يتعرضون للقصف . وتابع : وصلت الأضرار إلى بيوت صنعاء القديمة الهوية التراثية والتاريخية لهذا الشعب العريق وهذا دليل على بشاعة العدوان وسوء نواياه الهادفة إلى طمس كل المعالم التاريخية لأبناء سبأ ومعين وسام بن نوح.
وبحنق بالغ يقول النزيلي: هؤلاء ببساطة لا يملكون تاريخاٍ ولا حضارة ولا مرجعاٍ فكيف سيقدرون هذا التأريخ وهم لا أصول لهم ولا حضارة تذكر , سوى كونهم طفرة ظهرت مؤخراٍ كل عملها تمزيق ودمار البلدان العربية العريقة.

حاضنة السياحة
ليس النزيلي وحده من عايش الفاجعة بل آلاف المنازل تضررت بدءاٍ من نقم والمناطق المحيطة به من صنعاء القديمة والسد وشعوب حيث انهارت منازل على ساكنيها وسقطت أحجار وأبواب ونوافذ جراء الصواريخ المتساقطة من انفجار جبل نقم.
محمد عايش هو الآخر دْمر منزله الذي يقدر عمره التاريخي بــــــ 90 عاماٍ وهو ذو طابع تراثي جذب العديد من السياح المتوافدين إلى صنعاء القديمة واحتضن العديد منهم في ضيافته ..مبنى عكس تاريخ وكرم شعب الحضارة والإيمان وها هو اليوم حطام وأحجار متناثرة ..فمن سيعيده إلى حالته الأولى¿ .. بالتأكيد هذا محال.
ومن فوق أطلال ذلك الحطام يقول عايش: لا غرابة ..فالعدوان لم يدخر وقتا فهو ليل نهار يستهدف الإنسان اليمني ومقدراته وتراثه العريق دونما وازع من ضمير أو إنسانية .

المساجد التاريخية
لم تكن وحدها المنازل التاريخية في صنعاء القديمة هي المستهدفة بل حتى بيوت الله التاريخية لقيت نصيبها جراء هذا الاعتداء الغاشم فبعد أن فكرت كثير من الأسر باللجوء إلى مسجدي الرحمة والذكر ووضع النساء والأطفال بهما في حال تكرر تفجير عطان في نقم إذا بآثار التفجير المدمر تطال أحد المسجدين الذي تهدمت وتطايرت عدد من أعمدته في مشهد مروع ومرعب للغاية.

طمس ممنهج
أستاذ الدراسات التاريخية الدكتور عبدالعزيز طارق الخليفي أوضح بأن استهداف العدوان المتكرر للمواقع الأثرية والتاريخية في اليمن دليل على مدى الهمجية والغطرسة التي يحملها هذا العدوان ضد موروث شعب اليمن وحضارته ظناٍ منه أن بإمكانه طمس تاريخ شعب اليمن العريق المشهود له عالمياٍ والذي هو ضمن قائمة التراث العالمي.
واضاف : هذا ما لمسناه عبر استهداف العدوان لتراث صنعاء القديمة الفني المعماري الأصيل وقلعة القاهرة في مدينة تعز ومسجد الإمام الهادي يحيى بن الحسين عليه السلام في صعدة وقصر غمدان بصنعاء وبحسب الهيئة العامة للآثار والمتاحف فإن العدوان السعودي ألحق أضراراٍ بالغة بـ12 معلماٍ أثرياٍ من بينها أربع مدن تاريخية.
العديد من المواقع التاريخية والآثارية طالها العدوان السعودي الأمريكي في صورة تدل على إفلاس هذا العدوان وعلى عدم اكتراثه بشيء اسمه تاريخ وحضارة لأنه لا يملك تاريخاٍ يجعله يفاخر به, ويرتدع ويتراجع عن تدمير الآثار اليمنية العريقة الضاربة في الأعماق.
وناشد الخليفي المنظمات الحقوقية المعنية بالثقافة والتراث رفع هذه الجرائم النكراء بحق عراقة الشعب الأصيل وتراثه وتاريخه الحضاري للمحكمة الدولية لتجريم الجناة وإعادة ترميم وإصلاح ما يمكن إصلاحه.

تنديد واستنكار
الى ذلك دعت المديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا إلى حماية التراث الثقافي الفريد في اليمن .. معربة عن قلقها من التقارير التي تؤكد تعرض البلدة القديمة في صنعاء للقصف.
وتلقت اليونسكو تقارير عن حدوث أضرار جسيمة في مواقع التراث الثقافي الهامة في اليمن ومنها البلدة القديمة في صنعا وتعرضها لقصف شديد خلال ليلة 11 مايو 2015م رغم تضمينها في قائمة التراث العالمي المؤقتة وهو ما تكرر بالموقع الأثري في مدينة براقش المْسورة والتي يرجع تاريخها إلى ما قبل الإسلام.
وأدانت بوكوفا “هذا الخراب” ودعت “جميع الأطراف إلى الحفاظ على التراث الثقافي للخروج من الصراع” وأعربت عن الأسى خاصة حيال الأخبار المتعلقة بغارات جوية على مناطق مكتظة بالسكان مثل مدينتي صنعاء وصعدة وقالت إنه “بالإضافة إلى التسبب في معاناة إنسانية رهيبة تدمر هذه الهجمات التراث الثقافي الفريد في اليمن والذي يعتبر مستودعا للهوية وتاريخ الشعب والذاكرة وشهادة استثنائية لمنجزات الحضارة الإسلامية “.
ومن المعلوم أنه تم ترميم البلدة القديمة في صنعاء عبر حملة كبيرة أطلقتها اليونسكو في أواخر 1980م وأوائل 1990م وذلك بفضل مساهمة العديد من البلدان والالتزامات المستمرة للشعب اليمني وحكومته.
ومن ناحية أخرى حذر تقرير اليونسكو بضرورة الاهتمام بموقعين آخرين من مواقع التراث العالمي الثقافي في اليمن وهما مدينة شبام القديمة المسورة (1982) ومدينة زِبيد التاريخية (1993) لانهما على لائحة التراث العالمي المهدد منذ عام 2000م.

قد يعجبك ايضا