مخاطر استهداف المساجد تتجه بتداعياتها إلى إدخال اليمن في أتون فتنة طائفية مقيتة وإحداث خلل عميق في النسيج الاجتماعي الوطني .. ..هذا الملمح الواضح من تداعيات هذا الخطر.. لكن كيف يقرأ المختصون ذلك.. وهل هناك من معطيات قد تْدخل اليمنيين هذا الحقل الشائك¿..الى التفاصيل¿
يرى الدكتور خالد القيداني – أستاذ السياسة العامة المساعد بجامعة صنعاء – أن استهداف المساجد له خطورة كبيرة على النسيج الاجتماعي كونها باتت تستهدف شريحة معينة من اليمنيين الذين يفضلون بعض المساجد بحكم التنشئة الدينية.
ويستبعد القيداني خطورتها على التعايش المذهبي فيقول إن المساجد في اليمن لم يستطع ولن يستطيع أحد فرزها طائفيا أو مذهبيا كون طقوس أداء الصلاة للمذهبين السائدين في اليمن الشافعي والزيدي إضافة لباقي المذاهب الأخرى واحدة.
استهداف مبادئ وأخلاق
من جانبه يقول الدكتور عبدالرحمن عبدالله حميد – أستاذ الميكروبيولوجي المشارك بجامعة صنعاء : أتمنى ألا تجر البلاد من خلال استهداف المساجد إلى حروب أهلية وطائفية ومذهبية لأن ما حدث جرم كبير يضرب عمق النسيج الاجتماعي وبهذه الجرائم قد تنزلق اليمن إلى السيناريو الليبي والسوري لا سمح الله لأن استهداف المساجد سيجعل القلوب الضعيفة وغير الواعية تتمادى في هذا الجانب بل إن أغلبية من نقابلهم الآن لديهم مخاوف وحذر شديد من التواجد في المساجد وهذا فعلا توجه ينم عن أجندات خارجية بأيد يمنية حمقاء تْنفذ دون وعي.
وأضاف بالقول: المساجد تمثل للمسلمين دور العبادة واستهدافها يعتبر استهدافا للدين والقيم والمبادئ والأخلاق فهي جريمة بحق الإسلام والمسلمين كما سيولد هذا المنحى لدى الأطفال العنف والانتقام وسينشأ جيل يحمل الحقد والكراهية لبعضه البعض.
يقول حميد: إنني أجيب على هذا السؤال وقلبي يتمزق من الألم وأنا أرى وطني ينحدر للهاوية وأسأل الله العظيم أن يحقن دماءنا وأن يبدل اليمن أبناء يعطوها حباٍ وتضحية لأن من الواضح جليا أنه لايوجد بهذا الجيل من تكون اليمن أمه.
وتابع: لكن عندي بصيص أمل من أن العقول اليمنية لاتزال تكتنز مخزونا مما قاله عنا رسول الله صلى الله وسلم عليه: الإيمان يمان والحكمة يمانية.
تهديد النسيج الاجتماعي
الكاتب والمحلل السياسي حسين الكبسي يؤكد أن الجماعات الإرهابيه تستغل حالات عدم الاستقرار السياسي والصراع بين القوى السياسية على السلطة لضرب الوحدة الوطنية وتدمير النسيج الاجتماعي للمجتمع وتبتكر أساليب جديدة لتنفيذ أهدافها .
وقال: ما يجب الإشارة إليه هو أنه مهما كانت قدرات الجماعات الإرهابية فهي لا تستطيع تحقيق ذلك إلا بوجود تواطؤ من بعض الفئات الاجتماعية التي توفر لها الإيواء والحماية وهذا خلل كبير ينخر في عمق المجتمع .
وطالب الجميع بأن يستشعروا أننا أبناء وطن واحد وأن الكل مهزوم فلا أحد منتصر من هذا العنف والصراع ولابد من العودة إلى جادة الصواب قبل فوات الأوان.
ويعتقد الكبسي أن أهم وسيلة لمكافحة أعمال العنف والتطرف هي تحقيق ما يسمى بالأمن المجتمعي وهذا هو العنصر المفقود في واقعنا اليمني وإذا نظرنا – حسب قوله – إلى الأمن المجتمعي بمفهومه العام والشامل نجد أنه حصيلة تضافر ومساندة السياسة العامة للدولة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بحيث يتحقق مبدأ المواطنة العادلة والمتساوية لأن هذا هو خط الدفاع الأول.
مبينا أن الاصطفاف الوطني لا يتحقق إلا من خلال الشعور بقوة الانتماء للوطن وقوة الانتماء يترتب عليه قوة الولاء الوطني بمفهومه الحديث أي الولاء للوطن وليس للأشخاص والزعامات .
كما ذهب إلى القول: إن مكافحة أعمال العنف والإرهاب لا تتحقق من خلال الحلول الأمنية وحدها لكن يتم استخدامها متى يلزم وحيث يجب أن تستخدم فالإرهاب آفة عابرة للحدود ويصعب السيطرة عليه ما لم يكن هناك تضافر للجهود أيضا على المستوى الدولي والإقليمي وهذا يتطلب من الدول التي لديها خبرات في مكافحة الإرهاب وقدرات مادية أن تسهم في دعم الدول والشعوب الفقيرة بكل الوسائل ومنها الشعب اليمني الذي استغلت الجماعات الإرهابيه الأوضاع الحياتية الصعبة للناس من أجل تمرير أهدافها والتغلغل في العمق الجغرافي والبشري وبصورة جعلت اليمن ملاذا آمنا لهذه الجماعات.
الترابط في ظل النعرات
فيما يرى الدكتور محمود البكاري – أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة تعز- أن المجتمع اليمني لا يعاني من تعددية اجتماعية ودينية حادة بل هو مجتمع متجانس إلى حد كبير وهذا يعد من أهم عوامل قيام المجتمعات الديمقراطية.
ويضيف بالقول: إن الديمقراطية وجدت لغاية أساسية هي تحقيق التعايش بين المتناقضات فكيف إذا كانت لا توجد أساسا متناقضات في إطار المجتمع الواحد بالتأكيد أن ذلك يعد عامل قوة لنجاح العملية الديمقراطية وقد نجحت الديمقراطية تاريخيا في توحيد أمم وشعوب متعددة الهويات والقوميات والعرقيات والديانات كما هو الحال في المجتمعات الغربية.
ويتحدث البكاري عن استهداف المساجد بالقول: ما يحدث من استهداف للمساجد في اليمن لا يعد ولا يعبر من قريب ولا من بعيد عن وجود صراع مذهبي أو طائفي في اليمن بل على العكس المجتمع اليمني يعد مضرب الأمثال في التعايش المذهبي والدليل على ذلك هو وجود ترابط وتشابك اجتماعي بين مختلف الفئات الاجتماعية وهناك أعداد كبيرة من الأسر اليمنية التي تجمع في تكوينها بين الانتماء المذهبي (زيدي شافعي (وغيره من المذاهب ولا يوجد في ذلك أي مشكلة بل إنه لا أحد يشعر بوجود هذه التمايزات .
وتابع: كذلك الحال فيما يتعلق بتبادل المصالح والأعمال المشتركة بين كافة أفراد المجتمع دونما اعتبار لعامل المذهب ومن هذا المنطلق نؤكد على أن ما يحدث هي أعمال إجرامية فردية تهدف إلى إثارة النعرات الطائفية والمذهبية لكنها تصطدم بتماسك اجتماعي يرفض أي إساءة لخصوصية المجتمع اليمني.