الثورة / متابعات
في موقف متقدم عبرت مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني عن إدانتها لقرار مجلس الأمن رقم 2803، وخلصت إلى أنه يهدف إلى إنشاء احتلال أمريكي–إسرائيلي غير قانوني مشترك لقطاع غزة.
وصوّت المجلس على القرار في 17 تشرين الثاني 2025، في خطوة وصفتها المنظمات بأنها استمرار لنهج يُكرس السيطرة الاستعمارية على الأرض الفلسطينية.
فرض قرار دون موافقة الفلسطينيين
وأكدت المنظمات -في بيان لها تلقى المركز الفلسطيني للإعلام نسخة منه – أن القرار فُرض على الشعب الفلسطيني دون موافقته، في تجاوز واضح لحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير.
واستخدمت الولايات المتحدة وحلفاؤها لغة التهديد لدفع القرار نحو التصويت، ولوّحت بوقف العملية السياسية الحالية واستئناف الإبادة في غزة، وهو ما دفع المنظمات للتأكيد أن هذا التهديد بنية استخدام القوة يبطل أي ادعاء بوجود موافقة فلسطينية.
خطة أميركية مفروضة على غزة
استند القرار إلى ما يسمى خطة ترامب لإنهاء صراع غزة ذات النقاط العشرين، التي أُعلنت في أيلول 2025 دون أي مشاركة فلسطينية.
ووفق البيان؛ منحت الفقرة الرابعة من القرار الإدارة الأميركية سلطة إنشاء “مجلس السلام”، الذي يملك تفويضاً واسعاً لإدارة الموارد المالية والهجرة وإعادة الإعمار وإدارة الشؤون المدنية في غزة، دون آليات رقابة أو مشاركة فلسطينية ذات شرعية.
ورأت المنظمات – وهي ائتلاف واسع يضم شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية ومجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية- أن أي وجود فلسطيني داخل هذا المجلس سيبقى شكلياً، ولن يُغيّر طبيعة الهيمنة المفروضة.
المساعدات كأداة سيطرة
المنظمات أشارت إلى مخاطر استخدام المساعدات الإنسانية كوسيلة ضغط، عبر ربطها بسلطة المجلس الجديد وتعاونه مع جهات متورطة في الإبادة مثل مؤسسة غزة الإنسانية.
وتكشف المعلومات المتاحة أن هذا المجلس يخطط لإدارة غزة بالتنسيق الكامل مع إسرائيل، ما يهدد بتكريس الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني واستمرار سياسات العقاب الجماعي، وفق البيان.
قوة دولية بمهام احتلالية
تحدّثت المنظمات عن نية المجلس إنشاء “قوة الاستقرار الدولية”، وهي قوة تتولى عملياً مهام الاحتلال على الأرض، ما يشمل نزع سلاح غزة.
وأكدت أن هذا التفويض لا يستند إلى أي أساس قانوني، ويتعارض مع البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف الذي يكفل حق الشعوب في مقاومة الاحتلال والهيمنة الأجنبية.
كما أشارت إلى خطط هذه القوة للتعاون مع ميليشيات محلية متطرفة سبق أن نسقت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال الإبادة في غزة، ما يزيد من تهديد السكان.
استمرار السيطرة الإسرائيلية
ونبهت المنظمات إلى أن إسرائيل ستواصل السيطرة على غزة عبر “المنطقة الأمنية” التي أنشأتها شرق القطاع، يشمل ذلك التحكم في المجالين الجوي والبحري، بما يرسخ الضم التدريجي ويُعيد إنتاج النكبة في شكل جديد.
ورأت المنظمات أن هذا التمركز ينتهك جوهر الخطة الأميركية نفسها، ويعيد فرض منظومة استعمارية على الفلسطينيين.
تواطؤ أممي مع الانتهاكات
واتهمت المنظمات الأمم المتحدة بأنها جعلت نفسها طرفاً متواطئاً في الانتهاكات الجسيمة عبر تمرير القرار دون وضع أي ضمانات للمساءلة أو التحقيق في الجرائم المرتكبة ضد السكان.
وأشارت إلى أن القرار تجاهل الجرائم الموثقة، بما فيها الأفعال ذات الطبيعة الإبادية، وكرس سياسة الإفلات من العقاب التي مكنت إسرائيل من توسيع مشروعها الاستعماري.
تفتيت الإقليم الفلسطيني
حذرت المنظمات من أن فرض إدارة أجنبية على غزة سيُعمّق التفتيت الجغرافي للشعب الفلسطيني ويعزل القطاع بشكل أقسى، وسيُقصي القرار الفلسطينيين من أي دور في إعادة الإعمار عبر تسليم العملية لمقاولين أجانب وجهات مانحة. كما يستبدل حق التعويض المشروع بديون جديدة تُفرض على غزة، رغم التجارب السلبية لهذا النمط من التمويل التابع في مناطق أخرى.
التحكم بالموارد الفلسطينية
قالت المنظمات إن القرار يسمح باستغلال واسع للموارد الفلسطينية في المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية قبالة غزة دون ضمانات للحماية، مشددة على أن هذا النهج يهدد الموارد الطبيعية غير المستغلة ويقوّض السيادة الاقتصادية للشعب الفلسطيني.
تعارض مع القانون الدولي وآراء محكمة العدل الدولية
أكدت المنظمات أن القرار يتعارض مع الآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية، التي شددت في تشرين الأول 2025 على ضمان دخول المساعدات الإنسانية دون قيود عبر وكالات الأمم المتحدة، وخاصة الأونروا.
ويقوّض القرار هذا الالتزام عبر منح “مجلس السلام” سلطات التحكم بالتوزيع، ما يبقي المساعدات أداة ضغط. كما تجاهل القرار حق اللاجئين في العودة رغم أن أغلبية سكان غزة من اللاجئين منذ عام 1948.
دعوة لتحرك دولي عاجل
طالبت المنظمات الدول الثالثة باتخاذ خطوات عملية تشمل رفض تنفيذ القرار 2803 وتبني مسار قانوني عادل يدعم الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني.
ودعت إلى إنهاء نظام الفصل العنصري، ووقف الضم، وإنشاء آلية دولية مستقلة للتحقيق في الجرائم، وإطلاق عملية إعادة إعمار تُدار بتفويض أممي وبموافقة واضحة من ممثلي الشعب الفلسطيني.
كما طالبت بفرض عقوبات شاملة على إسرائيل، والالتزام بآراء محكمة العدل الدولية، وحماية حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير باعتباره حقاً أعلى في القانون الدولي.
