تشونغ تشينغ.. “تجــــــري من تحتهـــــا الأنهــــــار”

mibrahim734777818@gmail.com

في بكين أيضاٍ حملتنا تباشير صباح آخر إلى يوم جديد ورحلة جوية على متن طائرة صينية عملاقة.. الكل حزم أمتعته وتأكد من تفاصيل اعتاد نسيانها في أسفار سابقة شاحن التلفون شاحن اللابتوب.. وكتاب ما وضعه على المنضدة في ساعات متأخرة من الليل وحلم عابر شع من وجوهُ حضرت صدفة لكي تفترق بترتيب طقوس تزينها الابتسامات والدعاء بلقاء آخر غير محتمل.. دخلنا مطعم الفندق الذي يعج بالعمالة المؤهلة من مختلف الجنسيات لكن وجهاٍ لفتاة تعمل مضيفة في المطعم اعتدناه خلال أيام بقائنا في بكين مبتسماٍ على الدوام وبابتسامة تشهر سيوفاٍ صقيلة من تاريخ غرناطة وقرطبة وشجناٍ جلياٍ من الأندلس.. سألها أحد أعضاء الوفد كان بجواري عن جنسيتها ردت مبتسمة: “إسبانية” وتحفظ قلة نادرة من الألفاظ العربية وكما لو أنها تعتز بذلك.. هكذا ظهرت أثناء الحديث الذي طرق على عجالة الجذور التاريخية للحضارة الإسلامية في الأندلس والعلاقات العربية الاسبانية..
إنه صباحنا الأشهر في بكين ربما لأننا قد أكملنا دائرة شجن برنامج وفد الشباب العرب الذي نظمه منتدى التعاون العربي الصيني في بكين وتيانجين وربما لأننا في وداعُ لأصدقاء وزملاء عشنا معهم لحظات وساعات عامرة بالتعارف والصدق والجدل الخفيف.. وفيه نستعد للطيران غرباٍ إلى حيث تتشابك الجسور على الأدوية وأبراج – لم نر مثل أطوالها- تتوثب أقدامها على أكتاف الجبال المطلة على أعالي جريان أطول نهر في الصين وثالث نهر في العالم يمنح الأرض والإنسان الاخضرار الدائم كوقودُ للحياة واستمرار النهوض تحت سماءُ تتسع بلا انتهاء لتفتح للصينيين آفاقاٍ لا يخذلها الإبداع.. إنها “تشونغ تشنغ” .. المدينة التي تجري من تحتها الأنهار..

كان الجو وداعاٍ لا يخلو من الألم لكن ذلك الصباح أزهر ابتسامة أشرقت من شفاة روحُ أكملت في خاطري قصيدة خذلها مكúرْ صنعاء:
(أسعد الله قلب سالي / شبِ في هاجسي نشيدهú
أكحل الطرف زين حالي / يصرع اللْب لين جيدهú
حسنه ما فرق خيالي / وبوح نثري مع القصيدهú
ولم يزل فتنة الليالي / وخطوة احزانها الوئيدهú
يا طل في فـاتش الورود
سلم على يافع النهود
وبلغه والملا شهـــود
حْبي. وأني على العهود)…
تناولنا الإفطار وانطلقنا نحو مطار بكين الجديد لتقلِنا رحلة جوية إلى وجهتنا الأخيرة في هذا السفر المثير إلى مقاطعات كْبرى في أهم بلدان الشرق- جمهورية الصين الشيوعية الشعبية.. الطائرة الصينية العملاقة تستعد للإقلاع فيما أكثر من 250 راكباٍ يشدون أحزمة الأمان لرحلة استثنائية.. كان جواري الإعلامي الكبير أنس المجالي من الفضائية الأردنية تحدثنا عن فرصة هذه الزيارة التي جمعت أكثر من 65 شاباٍ وشابة من كل الدول العربية ما عدا سوريا وليبيا كما تحدثنا عن العلاقات الصينية العربية وهموم الإعلام العربي وآفاق مستقبله انطلاقاٍ من معطيات الثورة التكنولوجية الهائلة.. أقلعنا في سماء بكين في ظهيرة عامرة بذروة حركة الطيران الجوي حيث تقف الطائرات طابوراٍ على مدارج الإقلاع لتقلع طائرتان أو أكثر في كل خمس دقائق.. كان المنظر مهيباٍ بعد أن اجتزنا حدود بكين مْطلين على جبال وغابات هائلة.. وأودية ذات اتساع لا محدود وما يميزها هو المخططات الزراعية التي نراها من الطائرة والتجمعات السكنية التي تتزاحم في صدور وبطون تلك الأودية.. كانت الطائرة قد استقامت في مسارها الجوي بعد ارتعاشات الصعود المخيفة..
سور الصين العظيم
اعتدلتْ على المقعد قبل لحظات من مجيء طاقم المضيفات بوجبة الغداء سرحت متأملاٍ في قراءة بعض الصور والخرائط الجوية المرفقة بالمنشورات الخاصة بالشركة الصينية الناقل الجوي للرحلة.. لم يوقظني من دهشة التأمل سوى هبوط حاد ومفاجئُ للطائرة أعقبه صعود أكثر حدة ورعشة وكما لو أن الطائرة خرجت عن سيطرة طاقمها مفارقة -عنوةٍ – خطها الملاحي الجوي.. لقد فْجعت حين سمعت صراخ نساء صينيات كن من أمامي وخلفي وخالجني يقين الخوف من كارثة – لا سمح الله- لكن أحد الركاب يتحدث العربية كان في منتصف الطائرة على شمالنا رد على تساؤلات بعض الوفد العربي عن سبب ما حصل حيث أكد مبتسماٍ: نحن نمر –الآن- على أعظم جبال الصين وأكبرها وهي المساحة الجوية التي تشتهر بالمطبات الهوائية المخيفة.. استعدنا أنفاسنا ونظرت من النافذة نحو الأسفل.. إننا نمر على سلسلة من الجبال العظمى والتي تعرف بجبال الحدود المغولية حيث يظهر حزام من البناء الطويل ويخطْ جلياٍ في تضاريسُ من الشوامخ الجبلية والهضاب ليعكس لنا ونحن على ارتفاع (36) ألف قدم عراقة تاريخية مرت بعزيمة مذهلة لتضرب على هامات وبطون وأكتاف الجبال والأودية والآكام أكبر حزام أمني في تاريخ البشرية.. إنه سور الصين العظيم..
سماء ماطرة وأرض خضراء
لعل أروع ما في تلك الرحلة الجوية الداخلية والتي قطعت نحو ساعتين ونصف الساعة من الزمن فوق جزء من خارطة الصين هو التحليق على جبال يغطيها الثلج وتثبت في نفس الوقت على مشارف الغابات الخضراء رغم الشتاء الذي لم يزل يلف بثلجه مقاطعات واسعة من الصين.. اللافت للانتباه – أيضاٍ- هو التجمعات السكانية الحضرية التي تعمر تلك الغابات فقد شاهدت من الطائرة أثناء تحليقنا من مسافة بعيدة سدوداٍ وحواجز مائية زرقاء بل وبحيرات وخضرة تفتن العقل.. فكانت الرحلة بمثابة فرصة للاستطلاع الجوي لخارطة مدهشة من أرض جمهورية الصين الشيوعية الشعبية.. لكن المدهش في تلك الرحلة هو اجتياز السْحب الممطرة على قلب مطار تشونغ تشينغ والهبوط مع قطرات المطر الغزير في مدينة الأنهار والاخضرار والعمل التنموي المستدام..
تشونغ تشينغ.. عالم آخر
في بقاعُ تتسع اخضرار بين أحضان مجموعة من الهضاب والتلال والجبال الشاهقة التي تثبت أقدامها عند دفق ماء دائم الجريان بل وناقل ملاحي نهري يزدحم بحركة الإنسان والتجارة خرجت هذه الأنهار من روافد عديدة تصب في ملتقى ثلاثة أنهار عظمى في الصين هي (نهر جيالينغ ونهر تشانغجيانغ ونهر الـيانغتسي الآتي من هضبة تشينغهاي – التبت- الواقعة في شمال غربي الصين ليصل هذا الملتقى بحضور أعظم دفق مائي في العالم حيث يشارف على الاكتمال حاجز مائي عالمي يسمى بمشروع المضايق الثلاثة حيث أنشأت الصين سداٍ عملاقاٍ يبلغ ارتفاعه مئات الأمتار.. لتشكل المياه الغزيرة المتدفقة – وفق نظم عالية ونادرة الوجود- وسيلة مواصلات نهرية تربط بين شرق الصين وغربه..
هذا الدفق الذي يتجه نحو جنوب غرب الصين يمر بمدينة تشونغ تشينغ التي تعد الأكبر من نوعها من المدن التي تشكلت عبر التاريخ على ضفاف المجاري العليا لنهر اليانغتسي الذي يعد أطول نهر في الصين ويبلغ طوله (6300) كيلومتر وثالث أطول نهر في العالم.. وتقع المدينة على بْعد أكثر من 600 كلم من سد المضايق الثلاثة الذي منح النهر حياة حافلة بالحركة الملاحية الكبرى لتصبح هذه المدينة مركز ملاحة إقليمي وأكبر ميناء على المجرى الأعلى للنهر بعد ميناء شانغهاي في الشرق وميناء تيانجين في الشمال وميناء داليان في الشمال الشرقي..
وتتربع “تشونغ تشينغ” في منطقة جغرافية مفتوحة التكوين التضاريسي لتتداخل بنيتها في تجاعيد عظيمة من الجبال والتلال والهضاب والأراضي الزراعية الواسعة والغابات التي تشهد جريان النهر.. وتبلغ مساحتها 82400 كيلومتر مربع ويسكنها ما يزيد عن 30 مليون نسمة.. إنها المدينة التي تضرب جذور وجودها إلى عمق ثلاثة آلاف عام من تاريخ عظمة الصين.. قام كيانها الحضاري وحداثتها على ثروةُ من التراكم البنيوي والتنوع المعماري والثقافي والإنساني وكذلك الاقتصادي وهو المجال الأهم في محورية نْهوضها المتسارع…
منطقة الأبراج العملاقة
لقد اتضحت لنا عراقة هذه المدينة من الوهلة الأولى لنزولنا في مطار تشونغ تشينغ جيانغي الدولي الذي يعد من ضمن أهم مطارات الصين حيث صنف في المرتبة التاسعة من حيث عدد الركاب فحسب بيانات الطيران المدني في الصين فقد شهد عام 2011م حركة مسافرين وصل عددهم نحو (19) مليوناٍ و(52 ألفاٍ) و(706) مسافرين وبلغ إجمالي حركة الطائرات القادمة والمغادرة نحو (166) ألفاٍ و(768) طائرة.. لكن الأهم أن دخولنا إلى عمق المدينة الفريدة تشونغ تشينغ متدرج المشاهد فقد استقبلتنا مداخل مناطقه المختلفة بإخضرار الطبيعة وحداثة النهوض فمررنا عبر طرق وجسور روضت أذهاننا تدريجياٍ حتى استفاقت عقولنا من الموات عند أسباب ومخاوف المستحيلات.. كان الوقت غروبياٍ وكما لو أنه يوم رمضاني الجو غائم والغروب أخضر بخضرة روح المدينة.. مررنا على جسرُ ضخمُ لنصل إلى باب نفقُ كان يتراءى من بعيد كأنه كهفُ تظله الخضرة ودموع المياه المنسابة من أعالي هضبة صخرية تحتضن عشرات الأبراج العملاقة إن لم نقل المئات عبرنا النفق الطويل ليستدير بنا قطار الرحلة علواٍ إلى أعلى الهضبة.. إنها منطقة الأبراج العملاقة والأسواق العالمية لأكثر الماركات شهرة في شتى قطاعات الإنتاج الاستهلاكي عالمياٍ.. كما توجد في تلك المنطقة كبريات الشركات الصينية الشهيرة في مجال التصنيع التقني الحديث ومن أهمها مجموعة جينشان للتكنولوجيا المحدودة التي زارها الوفد مطلعاٍ على أهم مصادر نهوض الصين كقوة تقنية حديثة.. فجينشان للتكنولوجيا المحدودة تعد من أحدث الشركات المختصة بصناعة مستلزمات التشخيص الطبي حيث سجلت آخر ابتكار لها في مجال التشخيص وهو صناعة الكبسولات الطبية “omom” الخاصة بفحص جسم الإنسان في عام 1998م وطورت الأبحاث العلمية الدقيقة ليبدأ الإنتاج في العام 2004م.. وشركات تقنية أخرى إضافة إلى شركة ليفان لصناعة السيارات التي تأسست عام 1992م والتي تنتج نحو 50 ألف سيارة في السنة وبمعدل سيارة في كل ست دقائق وتمتلك تقنية تصنيعية هائلة من أدق الأجهزة التي تعمل بالنظام الآلي ما عزز قدراتها الإنتاجية حيث تصدر السيارات إلى ثلاثة أسواق عالمية “روسيا وأميركا اللاتينية والدول العربية”..
تفاصيل كثيرة عرفناها على مداخل المدينة وأثناء وصولنا إلى منطقة الأبراج العملاقة غير أن الصورة لم تكتمل بهذا الدخول إلى منطقة الأبراج المذكورة متحف مجسم المدينة الذي يعتلي إحد المرتفعات المطلة على المجرى الرئيس للنهر هو وحده من قدِم لنا مدينة تشونغ تشينغ في مجسمات هندسية وخرائط متناهية الدقة والإبداع قرِبت لنا مشهد المدينة التي تتربع على مناكب الهضاب والتلال فيما ذروة الحياة تتنفس الحركة والنشاط متدفقةٍ على (39) جسراٍ معلقاٍ فوق جريان الأنهار حسب إشارة الدليل الصيني وهو يشير بأشعة الليزر من بهو عالُ يطل على قاعة المجسم المضاءة تفاصليه الفنية.. تحدث عن أهمية الجسور وتنقل بإضاءته إلى حيث ينهض -أمام الناظر – بجهد كبير وعزيمة قوية بنيان (29) جسراٍ آخر في مناطق واتجاهات ومسارات تربط بين الجبال ومناطق التجمعات السكانية لتبدو المدينة أمام أعيننا جناناٍ “تجري من تحتها الأنهار” ..
مأدبة عشاء.. نافذة على الاستثمار
في تشونغ تشنيغ أقام رئيس جهاز الخارجية والمغتربين بالمدينة “تانغ وان” مأدبة عشاء على شرف وفد الشباب العرب لكن الاستثنائي في هذه المأدبة هو تقديم صورة كاملة برúوِزِها النقاش والأسئلة – التي أسهب الوفود والحضور فيها- بجلاء كبير حيث تطرق حديث “وان” الذي أتاح فرصة لكل مجموعة إن لم نقل لكل شخص إلى – تاريخ هذه المدينة عن حجم الاستثمارات في المدينة والتي بلغت (45) مليـار دولار.. منها عشرة مليارات استثمارات أجنبية. وأن 25% من المستثمرين يتمتعون بإعفاءات ضريبية للاستثمارات.. موضحاٍ أنه سيتم بذل كافة الجهود لتحسين السياسة الاستثمارية والاقتصادية والإصلاح الشامل والانفتاح على الاستثمار الخارجي مع التركيز حالياٍ على الصناعة التكنولوجية من أجهزة الكمبيوتر وصناعة السيارات والدراجات النارية حيث تم تصنيع نحو 50 مليون جهاز كمبيوتر محمول خلال العام 2013م وسيصل الإنتاج في 2015م إلى 100 مليون جهاز محمول.. الأغرب في تاريخ هذه المدينة الصناعي المعاصر أنها تنتج دراجات نارية تْغِطي احتياجات الصين فيما تصدر ثلث إنتاجها من الدراجات إلى العالم.. إضافة إلى مساعي المدينة الحثيثة للدخول في قطاع البتروكيماويات والغاز الطبيعي ومختلف الصناعات الأخرى..
بداية الطفرة الأحدث في تاريخ المدينة الصناعي والبنيوي والإنتاجي بدأت في العام 1984م عندما بدأت الصين برنامج التحديث والإصلاح الشامل لتحقق مقاطعة تشونغ تشينغ قفزاتُ نوعية لتصل نسبة إجمالي الناتج المحلي للمدينة في العام 2000م 10% من إجمالي الناتج الكلي للصين ويرتفع في العام 2010م إلى 15,3% وثبتت نسبة الزيادة خلال الأعوام الأخيرة حتى منتصف 2013م عند 4% عن كل عام تقريباٍ..
كما تطرق النقاش إلى العلاقات العربية الصينية ومشاريع التوأمة التي وقعتها مقاطعة تشونغ تشنيغ مع بعض الدول العربية.. وفي هذا السياق أوضح “تانغ وان” أن المدينة أنجزت عدداٍ من اتفاقيات التوأمة بين قطاعات العمل التجاري والإنتاجي مع أهم المدن الصناعية في الشرق الأوسط خصوصاٍ المدن ذات الشهرة بالحركة التجارية والصناعية التجميعية كما عبر عن طموح المقاطعة إلى تحقيق مجموعة من مشاريع التوأمة مع المدن الكبرى والرئيسة في الدول العربية وخاصة المملكة العربية السعودية ولما يعزز ويوسع من دائرة التبادل التجاري والمصالح المشتركة.. حيث جرت وتجري الترتيبات والنقاشات بين الصين والمملكة العربية السعودية لإنجاز مشروع التوأمة بين مدينة تشونغ تشينغ ومدينة الجبيل ومنطقتها الصناعية شرق السعودية وما سيتمخض عن ذلك من تنفيذ أكبر مشروع للبتروكيميائيات..
في تشونغ تشينغ تتجلى ميزة التناغم بين الإنسان الذي أعمل عقله وفكره وحواسه في العمل والإنتاج وبين الأرض التي لا تعرف غير العطاء بل تجلت براعة الصينيين في ترويض ما قسا من الطبيعة ولو كان ذلك من المستحيل.. هكذا كنت أحدث نفسي والوفد يغادر منطقة الأبراج في تشونغ تشينغ باتجاه مطار المدينة لمغادرة الصين على متن القطرية إلى الدوحة.. وهذه هي خارطة الصين كمú في باطنها من ثروات.. ¿ وكمú على ظهرها من موارد.. ¿ لكن السؤال الأهم: ماذا لو لم يفعل الشعب الصيني عقله فمن سيعمر الأرض ويصنع العجائب فالإنسان في الصين قبل الثروات والعزيمة قبل العمل والرسالة قبل الخطاب..
كانت تثور بداخلي أعاصير من المقارنات.. والأهم في هذه المقارنات هو حصار السؤال المحوري حول من يملكون ويصنعون القرار السياسي والسيادي في بلدان الشرق النامية (الدول العربية) وهم يطوفون هذا البلد الذي لا يكل عن الحركة صعودا وأفقاٍ وإبحاراٍ في عمق العلم وتطوراته.. ألم يصب هؤلاء الزعماء بصدمة الحضارة لعلها تؤكد لهم أن الإنسان هو الثروة بعقله لا بعاطفته بعلمه لا بجهله بثورة البناء لا بثورات الدماء والدمار.. كلها أسئلة تتقاطع مع أحاديث جانبية وطرائف مع الوفد ومع المشاهد التي كانت تعصف بذهني المرشوق بمس النهضة..
أخيراٍ
أمران اثنان سيظلا مبعث الفخر والاعتزاز بزيارتي الأولى للصين الأول أن هذه الزيارة جاءت بدعوة كريمة من سعادة السفير الصيني بصنعاء السيد تشانغ هوا – الشخصية الدبلوماسية المثقفة والخبيرة بطبيعة وحياة وثقافة المجتمع اليمني- والأمر الثاني أن هذه الفرصة جاءت ضمن وفد الشباب العرب في زيارته الثانية لجمهورية الصين الشعبية وما حظي به الوفد من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة من قبل منتدى التعاون العربي الصيني ومسؤولي غربي آسيا وشمالي إفريقيا بوزارة الخارجية الصينية.. لقد زرنا ثلاث مدن رئيسة (بكين- تيانجين – تشونغ تشينغ) لتتبع مسارات النهضة الاقتصادية والتنموية ومعرفتها عن قرب وقراءة حاضر واستشراف مستقبل العلاقات الصينية العربية على الصْعْد السياسية والاقتصادية والثقافية من خلال جلسات حوار جمعتنا مع مسؤولي الجهات المعنية بشؤون غرب آسيا وشمال إفريقيا في وزارات الخارجية والتجارة والثقافة..

قد يعجبك ايضا