الثورة /وكالات
بعد تجاهل السعودية لفترات طويلة لآليات الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان، تغير اليوم طريقة تعاطيها مع هذه الآليات للترويج لنظامها، عبر تلميع صورته وتبرير انتهاكاته.
وفي حين تهدف آليات الأمم المتحدة المختلفة كالتوصيات والتحاليل القانونية والزيارات لتحسين واقع حقوق الإنسان، تتفاعل السعودية مع هذه الآليات بشكلٍ واضحٍ للتلاعب، حيث يأتي هذا التفاعل بالتوازي مع ارتفاع في حدة القمع وزيادة حادة في وتيرة الانتهاكات.
واستعرضت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان في تقرير لها، كيفية استخدام السعودية هذه الآليات للتغطية على ملفها الحقوقي.
وغيَّرت السعودية في الأعوام الأخيرة طريقة تعاملها مع الرسائل الخاصة الموجهة من المقررين الخاصين، وهذه الرسائل هي شكواى فردية لضحايا انتهاكات حقوقية، ترسل عبر المقررين الخاصين للحكومة السعودية.
فبعد التجاهل المنتهج لأعوام عديدة، باتت الحكومة ترد على معظم هذه الرسائل التي تصلها خلال المدة المطلوبة.
وفي ردودها هذه تحاول السعودية إظهار التعاون مع هذه الآليات، من خلال الرد على ما يرد من انتهاكات. لكن قراءة الردود تظهر أن هذا التفاعل ليس إلا طريقة للتلاعب وتحسين الصورة، حيث تكتفي بنفي الانتهاكات وتلاوة القوانين التي تكرس حماية الأفراد في النصوص.
وتعتمد الحكومة السعودية سياسة نسخ ولصق ردودها على الشكاوى المقدمة إليها. هذه الشكاوى المقدمة من المقررين الخاصين تشير في كثير من الأحيان إلى سوء معاملة.
وتظهر عدم جدية الحكومة السعودية باكتفائها بنفي “الاتهامات” وعدم إجراء أي تحقيق في المعلومات الواردة، بالإضافة إلى وقوف آليات الحكومة عند هذا الحد دون اتخاذ أية إجراءات تحافظ على حياة الأشخاص وأي محاولة لوقف الانتهاكات أو محاسبة المسؤولين.
وفي بعض القضايا مثلًا، تعمد السعودية إلى إعدام أفراد تؤكد الفرق العاملة في مجلس حقوق الإنسان أن اعتقالهم بالأصل تعسفي وينتهك القوانين الدولية، – هذه الفرق هي مجموعة من الخبراء تصدر آراءًا قانونية فيما يتعلق بالاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري- كل ذلك يشير إلى عدم انعكاس الدور العلني الذي تلعبه ردود الحكومة على واقع الضحايا وطبيعة الانتهاكات.
وتضع المعاهدات الدولية الدول الموقعة عليها تحت رعاية الأمم المتحدة، وتجعلها ملزمة بتقديم تقارير منتظمة عن أنشطتها المتعلقة بإعمال الحقوق المنصوص عليها في المعاهدات الموقع عليها.
والسعودية رغم مصادقتها على سبع معاهدات دولية تتعلق بحقوق الإنسان العامة في مجالات مختلفة – تتحفظ على بعض مبادئها وتحاول تقنين بعض الحقوق التي تضمنها.
ورغم استخدام هذه المصادقة في المحافل الدولية للرد على آليات الأمم المتحدة ونفي المعلومات حول وجود انتهاكات، وادعاء الالتزام بكافة المواد وتماشي قوانينها المحلية معها، لم ينعكس كل ذلك في تعاملها مع قضايا حقوق الإنسان، ولم تتعدل القوانين والممارسات بما ينسجم مع هذه المعاهدات ويضمن الحقوق التي تنص عليها.
ففي السعودية يتم توثيق التعذيب على نطاق واسع رغم توقيعها على اتفاقية مناهضة التعذيب منذ عام 1997م، كما يلحظ غياب أي آليات حقيقية لمحاسبة المسؤولين.
وفي نطاق مشابه أعدمت السعودية خلال السنوات السبع الماضية 12 طفلًا على الأقل، رغم انضمامها لاتفاقية حقوق الطفل منذ العام 1996، واليوم لا تزال حياة ثماني أطفال مهددة بالإنهاء كونهم محكومين بالإعدام.
تجدر الإشارة إلى أن السعودية تتحفظ على بعض بنود الاتفاقية، حيث يمكن أن يتعرض الأطفال لنفس العقوبات التي تُفرض على البالغين، بما في ذلك عقوبة الإعدام، وفقًا لقوانينها المحلية.
رغم تقديم طلب زيارة لمقرر التعذيب منذ ستة عشر عامًا، والتذكير بهذا الطلب دائمًا، تتجاهل السعودية هذا الطلب. ويعتبر هذا سلوكًا ممنهجًا ومتكررًا، تقوم به بشكل عام.
وهذه الزيارات، ضمن الآليات الدولية، والتي يقوم بها خبراء مستقلون للدول تهدف إلى زيادة الوعي الوطني والدولي حول القضايا المتعلقة بحقوق الانسان وتقديم مساهمة لتدعيم وتوطيد عمل الفرق العاملة، وللفت انتباه وسائل الإعلام والمجتمع المدني إلى قضايا حقوق الإنسان في الدولة التي يقومون بزيارتها.
وتتجاهل السعودية أيضًا طلب الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي رغم التذكير به أكثر من مرة خلال هذا العام بسبب اتساع رقعة الاعتقالات.