نفذها حزب الإصلاح بالوكالة على مدى سنوات مضت:
الدكتور السقاف:
– من يحرضون اليوم على تصحيح واقع المناهج هم الأشخاص الذين اعدوا سابقا المنهج المتطرف فكريا ومذهبيا وسياسيا ومناطقيا
– تمجيد الاحتلال العثماني وتعزيز ثقافة الكراهية والتعصب واعتبار الاحتفال بالمولد النبوي بدعة
الباحث مجلي:
– مراحل العداء السعودي لليمن بدأت بالغزو الفكري الوهابي وانتهت بالعدوان المباشر بعد ان فقدت اذرعها الاخوانية التي كانت تهيمن على القرار اليمني
تحقيق/ حاشد مزقر
بعد أن ثبت على السعودية ضلوعها في تعزيز نفوذها في اليمن من خلال نشر فكر الحركة الوهابية المتشددة في المناهج التعليمية وبشتى الأساليب والطرق من أجل تقوية قواعد الارهاب وتأسيس قواعد أخرى تعمل على خلق مشاكل اجتماعية وثقافية وسط المجتمع اليمني الواحد والموحد فإنه أصبح من الواجب على الدولة اتخاذ الاجراءات اللازمة لوقف العبث بعقول الشباب والأطفال وتصحيح مسار قطاع التعليم بحيث تكون المناهج التعليمية سيادية بعيدة عن الحزبية والمناطقية ونظيفة من كافة التدخلات الخارجية..
وفي الحلقة الثانية من التحقيق سنبحر في رحلة استكشافية داخل صفحات المناهج التعليمية النظامية لنطلع على أهم التعديلات والاسقاطات الوهابية التي استطاعت أن تقوم بها السعودية عبر بوابة حزب الإصلاح الذي وصل نفوذه إلى قطاع المناهج والتوجيه خلال السنوات الماضية.. ما يؤكد تباكيهم اليوم بعد أن بدأت عملية مراجعة تلك القنابل الموقوتة في المناهج السابقة لتنقيتها من افكار العنف والتطرف ومعاداة الآخر.
لطالما كانت الجماعات الدينية المتشددة (حزب الإصلاح نموذجا )في اليمن التي يقف خلفها النظام السعودي الذي تأسس دينيا على رافعة الحركة الوهابية تقف عائقا أمام العملية التعليمية في بلادنا وعملت على نفث سموم الكراهية والثقافة التكفيرية وسط المجتمع بعد أن سعت بشتى الوسائل الى ان تخل بالأهداف التربوية والتعليمية النظامية التي تنطلق منها فلسفة تربوية مخالفة لمجموعة المبادئ والأسس التي نصها القانون والتي تضمن الاسهام في خلق الانسان المتعلم المتصف بالوعي الاجتماعي والثقافي والمسالم تلبية لأهدافها الدينية والتي تتشارك مع اهداف الحركة الوهابية مباشرة.
إسقاطات إجبارية
هنالك العديد من المواضيع التي تم إسقاطها في المناهج الدراسية النظامية التابعة لوزارة التربية والتعليم ‘ويذكر الدكتور محمد السقاف وكيل وزارة التربية والتعليم لقطاع المناهج والتوجيه بعض من هذه الاسقاطات ويقول: من المعروف ان عمر المنهج 20 عاماً وكل عام تظهر التدخلات السعودية من خلال اضافة مواضيع جديدة مستقاة من فكر الحركة الوهابية من أجل تحقيق اهداف مذهبية وطائفية داخل الكيان اليمني المعتدل الذي ينتمي للمذهب الزيدي والمذهب الشافعي المعتدلين.
ويوضح الدكتور السقاف أمثلة ونماذج من ذلك التدخل: ” تمجيد الاحتلال العثماني لليمن وتخصيص مساحة كبيرة لهذا الموضوع بل ووصل بهم الأمر إلى اعتبار الدولة العثمانية على انها رمز من رموز التاريخ اليمني وانها طورت البلد وعملوا لها نصب تذكاري ومن المعروف ان حزب الإصلاح هو من اوجد هذا المنهج والذين يحرضون اليوم هم الأشخاص الذين اعدوا المنهج المتطرف فكريا ومذهبيا وسياسيا ومناطقيا وطبعا هنالك العديد من المواضيع في المنهج والتي تعمل على إسقاط الأشياء المذهبية كما ان هذا المنهج عمل على استهداف اَل رسول الله حيث تم حذف كلمة (وآله) من كل الكتب وهذا التعديل حصل في عهد الرئيس السابق وبدون موافقة اللجنة العليا للمناهج.
ويضيف وكيل وزارة التربية والتعليم لقطاع المناهج والتوجيه أمثلة أخرى بالقول: أيضا هنالك مواضيع تثير التعصب المذهبي وتمجد أعلاماً وأشخاصاً محددين من الصحابة وتم تخصيص وحدات دراسية كاملة لهم واقصاء بعض من آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبعض الصحابة مع انه كان بالإمكان ان يكون هناك تنوع بين طرح هذه الدروس بحيث يدرس الطالب سيرة الرسول كاملة وهذا الأمر جاء بشكل متعمد من أجل تعزيز عملية التعصب المذهبي كذلك لدينا نهج القراءة المبكرة في الصف الأول مادة اللغة العربية، حيث تم توظيف منظمة أمريكية بتجهيز هذا النهج وتم تفريغ خبراء منهم لإنجاز هذه المهمة وقاموا بإعداد منهج اسموه بـ(نهج القراءة المبكرة) وهذا النهج لا يذكر فيه اسم الله ولو حتى في صفحة واحدة بل تجد أسماء دخيلة على لغتنا وثقافتنا الإسلامية والعربية مثل :(مامي وبابي ) وهذه الفاظ تعمل على تمييع الناشئة ومعظم المدرسين ابدوا انزعاجهم من هذا النهج وافادوا بأنهم يجدون حرجاً كبيراً عند تدريس هذه الأسماء والألفاظ خصوصا وهذا المنهج يعتمد على الأصوات والإشارات وأيضا لم يتم تنزيل الحروف في هذا النهج بحسب الحروف الأبجدية المعروفة وإنما يبدأ بحرف الميم بدلا من حرف الهمزة .
وتابع الدكتور السقاف :أيضا معظم أولياء الأمور لا يستطيعون ان يراجعوا هذه الدروس لأبنائهم في المنزل لوجود صعوبة واضحة وابهام غير طبيعي رغم انه كتاب صف اول..
واستطرد :لهذا عندما قمنا بإيقاف منهج القراءة المبكرة ضجت السفارة الأمريكية وتم قطع المخصصات من امريكا ومن المانحين والمنظمات الدولية والتي كانت تقدر بمئات الآلاف من الدولارات لأنهم يريدون ان يشرفوا على تطوير المناهج بحسب ما تقتضيه مصالحهم ونحن نعرف جيدا كيف تسيطر السلطات السعودية على هذه المنظمات.
وبين الدكتور السقاف أن من ضمن التدخلات التي اقحمت في المنهج تمجيد الحروب كالحرب التي تسمى بحرب الردة والانفصال حيث هناك تمجيد لها وهي تسيء لـ 4 ملايين من أبناء المحافظات الجنوبية وهي لازالت موجودة في المنهج كذلك هناك تمجيد لحروب صعدة وهي مواضيع تجبر الطلاب وتحاول ان تقنعهم على ان استهداف صعدة والمناطق الأخرى كان مبررا ومثل هذه المواضيع ادخلت في المنهج بدون موافقة اللجنة العليا للمناهج وانما تم إسقاطها اسقاطات مباشرة.
أفكار دخيلة
وفيما يتعلق بالمواضيع الأخرى والتي تم إسقاطها في المنهج بدون موافقة اللجنة العليا للمناهج قال : المنهج كانت تدرج فيه مواضيع تتحدث عن زواج القاصرات وعن العلاقة الزوجية وعن حقوق الزوج وحقوق الزوجة لطلاب اعمارهم 12 سنة فعندما تأتي بدروس تعريفية للطالب عن مفهوم الزواج متضمنا لشرح عن العلاقات الزوجية وبالطبع طالب بهذا العمر لا يدرك طبيعة هذا الأمر كما انه ليس في السن الذي يسمح له بدراسة هذه المواضيع وهذه ثقافة دخيلة على مجتمعنا من الثقافة الغربية حيث تعتبر هذه الأمور في مجتمعاتهم أمراً طبيعياً بينما مجتمعاتنا ملتزمة لديها قيم لا يمكن تجاوزها .
وأشار أيضا الى وجود ما يعزز ثقافة الذبح في المناهج ويقول : حيث يعرض في صفحة أحد المناهج الدراسية صورة رجل يمسك بسكين وهو يذبح شاه كأضحية في العيد بينما كان بالإمكان تصوير الأضحية وهي معلقة بعد ان تم ذبحها وسلخها فمشهد الرجل الذي يذبح الاضحية من عنقها مشهد يدل على ثقافة الذبح التي تتناقلها جماعة القاعدة وداعش صاحبتا الفكر الوهابي أيضا عندما تتحدث مواضيع في المنهج بلهجة شديدة وفيها تكفير للآخرين، كإظهار أن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة والحركة الوهابية تكرس هذا الأمر وتعتبر ان من يقوم بالبدعة فهو يمارس الضلالة وهو في النار يعتبر هذا الفكر المتشدد بأن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة فهو اعتبار باطل وغير صحيح وبالتالي فإن البدعة بالمفهوم الوهابي تخضع لأهواء وتصنيفات اصحاب هذه الحركة حتى ولو كانت مخالفة ومغالطة لتعليمات الدين الاسلامي الحنيف وكل هذه المواضيع لم تضف إلى المنهج جزافا وإنما ادخلت بقصد ومن اجل تجهيل الناس وهذه من أكبر التعديلات التي حصلت في المنهج .
ويشير الدكتور السقاف الى أخطاء كبيرة جدا إملائية ولغوية كما أنها معتمدة منذ 20 سنة لم تتغير، ومن المعروف ان المنهج سيادي لكل المواطنين خال من التعصب والتطرف أيضا يجب ان يكون ملبيا للمستجدات المعرفية ومتطلبات وتطور العصر وإذا ما ابقينا على وضع المنهج بشكل كامل بدون تعديل فإننا نلبي رغبة الحركة الوهابية .
مراحل العداء السعودي
محمد المجلي، باحث أكاديمي، في الدراسات التاريخية اليمنية والعربية يتحدث من جانبه عن مراحل العداء التاريخي السعودي لليمن فيقول ” في الواقع لو أننا قمنا باستقراء العلاقة بين اليمن والسعودية منذ قيام أركان المملكة السعودية قبل حوالي قرن من الآن وحتى اللحظة التي تقوم فيها السعودية بحرب عدوانية على اليمن وشعبه لوجدنا أن ما يسمى بعاصفة الحزم ما هي إلا تطور تاريخي مر بعدة مراحل عدوانية على اليمن ويقع التدخل السعودي في خصوصيات اليمن في أكثر من اتجاه منها التدخل في صناعة القرار اليمني عبر نفوذها في الداخل والخارج وبالتالي التأثير سلبا على السياسة العامة للدولة .
كما يوضح مجلي أيضا التدخل السعودي عبر حزب الإصلاح والقبائل التي تدعمه وذلك للضغط على صناع القرار لوقف أي قرار يصب في مصلحة البلد ، وكذا دعمها للحروب الأهلية اليمنية سواء في شمال الوطن أو جنوبه ، وحتى الوحدة اليمنية المباركة حاولت السعودية إفشالها بأكثر من أسلوب ..وكل ما سبق لم يكن إلا نوعاً من أنواع فرض الوصاية على الدولة في اليمن وهذا ما حصل بالفعل حيث استطاعت السعودية ان تمرر مخططاتها الطائفية وبكل قوة سواء عبر إنشاء مئات المراكز الدينية في جميع المحافظات وبغطاء من الحكومات اليمنية المتعاقبة التي كانت تغض الطرف عنها رغم معرفتها الكاملة بخطر مخرجات هذه المراكز على السلم الاجتماعي في اليمن وتشكيلها لخطر قد يجر اليمن إلى صراع طائفي كبير، فمن المعروف ان منهج الوهابية التي كانت تدرسه هذه المراكز يدعو إلى إلغاء الزيدية ويكفرها بشكل واضح رغم ان الشعب اليمني بكامله يتبع المذهبين الزيدي والشافعي وبالتالي فإن زرع الوهابية داخل المجتمع اليمني يعتبر بمثابة زرع قنابل موقوتة قد تنفجر بشعب بأكمله وهو ما يحصل الآن بالفعل.
ويؤكد في حديثه عن التدخل السعودي أساليب الغزو الفكري الوهابي للمناهج النظامية في اليمن خلال السنوات الأخيرة الماضية حيث ادخلت نصوصاً وهابية اقحمتها أياديهم من حزب الإصلاح بل ووصل الأمر إلى سيطرة الاخوان على قطاع التعليم وعلى نقابة المعلمين ومن المعروف ان كل ذلك يأتي في سبيل اتمام المخطط الوهابي في اليمن وعندما فقدت السعودية اذرعها عام 2014م اضطرت إلى شن الحرب المباشرة على أبناء الشعب اليمني وقد لجأت السعودية أكثر من مرة إلى هذا النوع من الاستفزاز .
ويتابع بالقول :لقد كانت أول الحروب التي شنتها على اليمن في العقد الرابع من القرن الماضي وبسطت سيطرتها على الكثير من أراضي اليمن المحاددة لها وظلت باسطة عيلها حتى استطاعت أن تمرر مخططها الخبيث وأجبرت الحكومة اليمنية بأكثر من أسلوب همجي عام 2000م على ترسيم الحدود، وبالتالي سيطرت على ثلاث محافظات يمنية شمالية وهي نجران وعسير وجيزان كما بسطت نفوذها على الربع الخالي الواقع شمال محافظة حضرموت، ومنذ ذلك الحين والسعودية مستمرة في انتهاك سيادة القرار اليمني والتدخل في شؤونه الداخلية وكان آخر سيناريوهات العدوان والحرب الظالمة التي تدور رحاها حاليا والتي ابتدأتها قبل ثلاث سنوات ولم تتوقف حتى اللحظة .
وختم بالقول :ومما سبق يتضح جليا “أن التدخلات السعودية في اليمن تنطلق من أساس مذهبي وطائفي وأهم أهدافها بث التعصب المذهبي ومعاداة المذهب الزيدي والشافعي واختراق النسيج الفكري والثقافي لليمنيين.
قد يعجبك ايضا