تحقيق/ زهور السعيدي
أكثر من 300 يوم من عمر العدوان وهم في سباق مع طائرات الموت والدمار من مكان إلى آخر بحثاً عن أبسط مقومات العيش من أمن وغذاء ومسكن بعد أن سلبته منهم طائرات العدوان الغاشم، أقصد هنا النازحون اليمنيون الذين فارقوا ديارهم ومدنهم وقراهم إلى مناطق أخرى والى مخيمات تفتقر إلى ابسط مقومات الحياة الإنسانية، وبرغم من كل تلك المعاناة والخسائر المادية والنفسية التي قدموها في سبيل الحصول على مكان يشعر فيه هؤلاء بالأمان إلا أن طائرات العدوان أبت إلا أن تلاحقهم وتقصفهم في مخيمات النزوح … معاناة النازحين اليمنيين ومدى الخسائر التي تكبدها من يقطن في مخيمات النزوح وغير ذلك من التفاصيل تجدونه في سياق التحقيق التالي:
بعد الاستهداف الممنهج لمخيمات النازحين وأماكن تجمعاتهم من قبل طائرات العدوان السعودي قامت الكثير من الأسر النازحة بالنزوح مجددا من مخيماتها للبحث عن الأمان في أماكن مجهولة فبعضهم اتجه للأرياف أو بعض المناطق المجاورة .
وقد كان أول استهداف لمخيمات النازحين في 30 من مارس 2015 في محافظة حجة حيث شن طيران العدوان غاراته على مخيم « المزرق « ونتج عنه 50 قتيلا و250 جريحاً ثم بعدها قام طيران العدوان السعودي باستهداف مخيم « نعم» بمديرية صرواح بمأرب مما أدى إلى احتراق المخيمات وقتل وإصابة العديد من الأسر النازحة بينها نساء وأطفال ثم تم استهداف المخيمات الصغيرة التي تضم نازحين في كثير من المدن والأرياف بكل محافظات الجمهورية مما جعل النازحين يعيشون وضعاً كارثياً غير أمن في ظل الاستعداد الدائم للنزوح من مكان إلى آخر بحثا عن الأمان .
(البحث عن الأمان)
بثينة العماري امرأة اربعينية تؤكد بأنها نزحت من حرض مع أطفالها الأربعة وبعض الأسر من جيرانها إلى منطقة المثلث ثم إلى مثلث عاهم ولكن بعد المجزرة الكبيرة التي ارتكبتها طائرات العدوان بحق المدنيين في تلك المنطقة عادت مرة أخرى إلى حرض و بعد قصف حرض بقنابل عنقودية وصواريخ محرمة نزحت من جديد وهي الآن تعيش في مخيم «المنجورة» التابع لمديرية عبس وما زالت بثينة تبحث عن الأمان المفقود بسبب العدوان والحصار.
هذا تماما ما اشتكى منه غالبية النازحين وأكده المواطن محمد علي في الثلاثين من عمره لاجئ في إحدى المخيمات وأضاف انه افترق عن عائلته أثناء هروبهم من القصف في منطقة صعده أثناء فراره من منطقته التي تعرضت للقصف العشوائي ولا يعلم أن كانت زوجته وطفله الوحيد ما زالا على قيد الحياة أم لا ..
أرقام مخيفة
أعداد النازحين الذين قامت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين لم تتضمن جميع النازحين من كل المحافظات فهناك أسر نزحت إلى القرى والى مناطق متفرقة من المدن وحسب الوحدة الإدارية فهناك حوالي 600 ألف أسرة نازحة تضم مليوني نازح ونازحة من مختلف محافظات الجمهورية .
وقد أشارت الوحدة التنفيذية بمحافظة حجة أن عدد النازحين بلغ 86258 « أسرة نازحة .
وحوالي مئة ألف أسرة نازحة داخل صعدة في الكهوف والجروف قد دمرت مساكنها بالكامل .
أما العاصمة صنعاء فقد استقبلت الكثير من الأسر النازحة من مختلف محافظات الجمهورية فقد بلغت حسب تقديرات المنظمات المدنية نحو 200 ألف أسرة نازحة من كل محافظات الجمهورية منها من توزع على المدارس وعلى مراكز الإيواء ومنها من بسط مخيمات عشوائية في مداخل العاصمة صنعاء كذلك شهدت العاصمة صنعاء نزوحاً داخلياً جراء استهداف العدوان لمطار صنعاء ونقم والحفا وعطان وبلغت عدد الأسر النازحة نحو 35 ألف أسرة نازحة معظمها من النساء والأطفال.
الوضع الإنساني
أفادت منظمة «اليونيسف» التابعة للأمم المتحدة أن وضع النازحين في اليمن كارثي ومأساوي وإنهم يعيشون حياة صعبة للغاية ويفتقرون إلى الغذاء والدواء وخاصة الأطفال منهم وأن هناك ما يقارب مليون طفل أصيبوا بسوء التغذية بفعل الحصار والعدوان وان 80% من اليمنيين تزداد حاجياتهم اليومية لتأمين الغذاء والدواء .
وتشير التقارير إلى أن العدوان تسبب كذلك في معاناة متعددة ومن أبرزها ازدياد حاجة النازحين للأمان والدعم النفسي وخاصة الصغار منهم ناهيك عن زيادة المخاوف المتعلقة بحماية الطفل ويؤكد تقرير اليونيسف بأن ما يزيد عن سبعة ملايين وثلاث مائة ألف طفل بحاجة لخدمات الحماية والدعم النفسي وأن العدوان المستمر منذ 10 أشهر تسبب في تدهور الوضع الصحي وانتشار الأمراض والأوبئة وعادت أمراض كانت اليمن قد تخلصت منها منذ زمن طويل و هناك أكثر من 216 مدرسة تستخدم مأوى مؤقت للنازحين وبحسب المنظمات الحقوقية فإن العدوان السعودي قد تسبب بجرائم بحق النازحين وخاصة من النساء والأطفال وألحق بهم القتل والتشريد والمجاعة والكثير من المآسي والكوارث وهناك الكثير من المشاهد المؤلمة لنازحين تركوا أهاليهم وأطفالهم مغمورين تحت أنقاض المباني وان ما يعيشه الأطفال في اليمن على ارض الواقع يفوق ما يتحدث عنه المعنيون بالطفولة وحقوقها على كافة الأصعدة الأمنية والمعيشية والتعليم والتغذية وغيرها من الحقوق الأساسية التي باتوا محرومين منها وبصورة جلية .