النقد الأدبي في اليمن خافت وبعيد عن المنجز الإبداعي
لا قيمة للنقد إن جاء للنقد من ناقد بغير أمانة علمية ولا منهجية موضوعية
لا توجد مشاريع نقدية رغم الاعداد الكبيرة للمتخرجين في تخصصات النقد والأدب
حالة الصخب السياسي أفسدت مهمة النقد الأدبي
رغم الدور الكبير والهام الذي يلعبه النقد الأدبي في خدمة وازدهار الحركة الثقافية والإبداعية إلا أن النقد الأدبي في بلادنا توارى وتقاعس عن أداء ذلك الدور وتخلف عن مواكبة الإبداع وعطاءاته المتلاحقة وجعل الكثير يتساءل عن سبب ذلك الخمود والغياب المتواصل.
وعن المشهد النقدي الأدبي في اليمن نحاول أن نسلط الضوء حول واقعه وما يحيط به من إشكاليات متعددة ومناقشة كل قضاياه وذلك من خلال لقاءات متعددة مع نخبة من المهتمين بالنقد الأدبي في اليمن.
وفي السطور التالية كان لقاء مع الأديب والناقد فارس البيل أحد النقاد الجادين والذي أصدر مؤخرا دراسة نقدية حول الشهيد الزبيري والقصيدة السياسية وقد حصل على الماجستير في النقد من جامعة القاهرة.. وله العديد من الدراسات النقدية والثقافية بالإضافة إلى أنه من كتاب القصة المتميزين والمبدعين وقد حصل مؤخرا على جائزة الشارقة للإبداع وذلك على مجموعته القصصية الصادرة مؤخرا.
وفي هذا اللقاء طرح الناقد والأديب فارس البيل العديد من الرؤى الثاقبة وناقش الكثير من قضايا النقد الأدبي وتوقف أمام العديد من جوانب مشهدنا الثقافي وفيما يلي حصيلة اللقاء:
النقد قرين الإبداع
*هل لدينا نقد يواكب الإبداع في بلادنا ..¿
أختلف في أمر النقد هل يأتي بعد الإبداع أم قبله¿ ..وفي كلا الحالتين فإن النقد قرين للإبداع وملازم له ويكاد يكون النقد حاضرا في ذهن المبدع حين يصوغ إنتاجه بوصفه مساءلة دائمة تسبق وتصاحب وتلحق الإبداع يقود ذلك إلى تجويد العمل الإبداعي وإنضاجه واتساع آفاقه وزيادة منجزه ذلك بالعموم.. أما بخصوص اليمن فيكاد يكون النقد شأنا خافتا وبعيدا عن المنجز الإبداعي.. إذ رغم قلة الإنتاج الإبداعي فإن النقد الذي يجب أن يتجه إليه بغرض التقويم والإفادة معدوم أو فاقد لأدوات النقد الموضوعية وإذا ما كان هناك نقد فليس بطاقة النقد الكاملة وبشروطه الفنية فقد يكون للأسف نقدا لأجل النشر أو نقدا لأجل الإشهار أو نقدا بغرض الترويج للعمل وقليل من النقد ماهو متجه نحو عمق النص وبنيته وتشكيله بغض النظر عن ظروفه وقائلة واتجاهاته.
النقد صديق النص
*وكيف تقيم ما يقدم الآن من دراسات وكتابات تحت لافتة النقد.. سواء عبر الصحف والمجلات أو عبر الندوات والمهرجانات الثقافية¿
العديد من النقاد ودارسي الأدب يقومون بالنشر واختيار موضوعات إبداعية لمساءلتها نقديا وهذه ظاهرة عافية رغم كل شيء لكن القارئ لهذه التحليلات النصية للعمل الإبداعي عبر بنائه وخطابه يقع بين أمرين إما لايفيد من المقالة النقدية بشيء لسطحيتها وعدم جديتها وتقديم العمل كما قدم نفسه سوى بزيادة الشرح أو أن يتجه النقد للاستعلاء واستغلاق التحليل فتقوده مصطلحات صعبة ولغة كثيفة ومفاهيم بعيدة عن حدود النص حتى فإذا بالمتخصص لا يعي منها شيئا فكيف بالقارئ العادي¿ هذه أزمة النقد التي تجعل من مجرد اسمه يبعث على التذمر والتصلب.. النقد يجب أن يكون صديق النص ومرآته ودليل القارئ ومنهاجه النقد ملك القارئ عموما فإذا ما قدöم النقد بموضوعية ومهنية من غير تزويق ولا تعقيد سيأتي ثماره حتما فيفيد المبدع ويفيد النص ويفيد القارئ كذلك.
قدرات متواضعة
*الاتجاهات النقدية الحديثة هل لها حضورها الفاعل في النقد اليمني.. وإلى أي مدى استطاعت مقاربة النصوص الإبداعية المحلية..¿
في الحقيقة فإن المدارس النقدية والمذاهب المتعددة والنظريات ليس قواعد ثابتة هي مدارس تتطور وتتعرض للضعف أو للاندثار ولعل كثرة النظريات الأدبية تجعل منه علما بلا قواعد أساسية غير أنه بشروط وملامح ومعرفة علمية تصقلها التجربة وتؤثر فيها عملية التعمق في النصوص قد يقود النص والتجربة النقد إلى معالم جديدة وآفاق مختلفة ولذلك فإن البيئة الثقافية والعملية الإبداعية بانتماءاتها الثقافية وحمولاتها المعرفية تقدم للنقد مساحة قد لا تكون هي ذات المساحة التي ينبغي أن يعل فيها من الاتجاهات المختلفة والنظريات المشهورة لذلك لا يستطيع الناقد أن يكيف الاتجاهات النقدية المختلفة على نص من النصوص ويعتسف مراميه إلى شروط هذا الاتجاه النقدي أو غيره النص له دلالاته التي تجذب إليه النقد لفحصها وفقا لرؤاه من هنا يمكن القول أن الاتجاهات الأدبية الحديثة تحضر ولا تحضر في اليمن يستجلبها الناقد متى شاء ويفقدها متى ما أراد ليس هناك نقد منهجي أو مدارس نقدية في اليمن هناك نقد ما يزال في شروطه الأدنى وقدراته المتواضعة وتحركاته الخجولة.
لابد من حركة نقدية صاخبة